أخذت منافسات كأس العالم لكرة القدم في البرازيل الحيز الأكبر من اهتمام الناس بمختلف شرائحهم في معظم دول العالم، وباتت حديثهم اليومي وكل يغني على ليلاه في تباري مدني وحضاري لا يوصف، ورغم كل المشاكل والهموم المكدسة التي تعانيها بلاد يقطنها ثلاثون مليون نصفهم يعانون الفقر والجهل والأمية ومشاكل انقطاع الكهرباء والإرهاب وانعدام المشتقات النفطية، إلا أن كأس العالم كانت الوعاء الحاضن الآمن والمتنزه الوحيد للخروج من بوتقة متخمة بمشاكل وهموم لا تحصى، لمجتمع يعشق الرياضة إلى حد كبير.منغصات العمل ولطالما كانت مباريات كأس العالم سببًا في العديد من المشاكل بالنسبة إلى الحكومات، في ظل تصاعد طلبات الحصول على إجازة من جانب الموظفين من أجل السفر لمتابعة هذا المونديال. وطلب أحد مشجعي المنتخب الإيطالي الذي يلعب لاستعادة أمجاده وإضافة نجمة خامسة له في تاريخ كأس العالم، في ملاعب البرازيل، مشاهدة مباريات الازوري في بطولة كأس العالم أثناء ساعات العمل الرسمية. وهو ما تسبب في غضب وزير الخدمة المدنية الإيطالي ريناتو برونيتا وأصدر على إثر ذلك قراراً بأن من يرغب في مشاهدة مباريات كأس العالم عليه أن يحصل على إجازة ليفعل ذلك. وأكد الوزير الإيطالي في تصريحات صحافية له أن هناك ناساً لا تحب كرة القدم يجب أن نحترمها، ومشدّداً على أن العمل عمل والمتعة متعة، ومن أراد أن يشاهد مباريات كأس العالم عليه أن يحصل على إجازة. منغصات الامتحانات ومن المنغصات التي رافقت كأس العالم بالنسبة لشريحة عريضة من عشاق الساحرة المستديرة هي امتحانات الأساسية والثانوية العامة التي بدأت مع ابتداء البطولة الأشهر عالمياً. وبهذا الخصوص قالت الأستاذة أمل محمد مستشارة تربوية إن امتحانات الثانوية العامة دائماً ما يصاحبها عدد من “المنغصات”، وتعتبر مباريات كأس العالم هذا العام من أكبر الضغوط التي تقابل الطلاب، حيث يرتبط الشباب في مثل هذا السن بصورة أساسية بكرة القدم، مما سيزيد من حدة التوتر لديهم، فامتحانات الثانوية العامة تعتبر أزمة نفسية لدى كل أفراد المجتمع. وأكدت بأن كل هذه الأحداث ستزيد من حدة توتر الطلاب، فمباريات كرة القدم من أهم الأشياء التي يجتمع حولها أفراد المجتمع اليمني، مضيفة أن حرمانهم من مباريات كاس العالم يحرمهم من متعة أساسية، مما ستزيد من إمكانية تعرض الطلاب لفوبيا الامتحانات، والتي تأتى بالأساس من الضغوط الاجتماعية والنفسية المحيطة. فرح عارم وبدأت المنتديات الرياضية ومواقع التواصل الاجتماعي اليمنية والعربية على شبكة الإنترنت بتبادل الصور والعبارات وكل يعبر عن عشقه وهوسه بالمنتخب الكروي الذي يشجعه، بل ذهب البعض إلى أبعد الحدود والارتباط بهويات المنتخبات المشاركة في الدورة ال18 في إشارة إلى قصة حب تربطه باللاعب هذا أو ذاك، ويتذكر الكثيرون تاريخ المنتخبات وما قدمته للرياضة العالمية وما قدمته في تاريخ المونديالات منذ انطلاقتها في الأورجواي عام 1930، ومتناسين اهم المشاكل التي تعانيها البلاد في صورة تظهر مدى حالة الشغف المتسع التي أصابت الجميع مع بدء مباريات كأس العالم في البرازيل بمن فيهم الكبار قبل الصغار. ويقول الطالب عماد المطري طالب ثانوية انه يحرص على متابعة المباريات المهمة في البطولة ويصر على استكمال المونديال على هذا النحو, مؤكداً أن ذلك لن يضر بسير المذاكرة من اجل الامتحانات خاصة اذا تم ترتيب الوقت . وعبر عدد من المهتمين بمتابعة مباريات كأس العالم 2014م عن سعادتهم بالمناسبة مؤكدين أن كأس العالم عبارة عن نزهة جميلة يتم عن طريقها التخلص من المكدرات والبعد عن المنغصات السياسية والاقتصادية التي تعيشها بلادنا. وقال الأستاذ محمد العبيدي وهو مدرس ثانوية عامة أنه أصبح يشاهد مباريات كأس العالم بشغف كبير رغم انشغالاته المتواصلة بالرقابة والإشراف على الامتحانات، إلا أنه اشترك في مشاهدة المباريات بما يقرب من 300 دولار “تسعيرة كرت الاشتراك”. وأكد أن العديد من الرياضيين حتى في الريف اليمني يطلبوا شراء كروت اشتراك لمشاهدة مباريات كأس العالم. وقال أيضاً «هذه الأيام نجد الكثير من الرياضيين والمهتمين بالرياضة يشاهدون المباريات بشغف كبير وكأنهم يشاهدون شيئاً لم يرونه من قبل، ما يدل على أهمية كرة القدم في نفوس العامة, حيث وجدنا الصغير والكبير يشاهد بتفحص كبير ومتتبعاً لنتائج المباريات، فهذا يشجع البرازيل وذاك الأرجنتين.. والبعض الآخر يشجع منتخبات أخرى». وأختتم “كاس العالم فسحة روحية تأتينا كل أربع سنوات وهي مهرجان كبير تجمع كل العالم للتعبير عن الفرح والمتعة، ولا يمكن أن نفوتها ما دامت كذلك”. ظلام دامس وحياة شبه غائبة ويستقبل اليمنيون اليوم كاس العالم وهو الحدث العالمي الأبرز, في ظلام دامس يعم أرجاء البلاد، وانقطاع شبه تام للتموينات النفطية. وقال محمد عطية صاحب محل لمشاهدة مباريات كاس العالم “ربما هو أسوأ مونديال أتابعه في حياتي منذ عام 1986, كل شيء غائب عن الحياة اليمنية, ولا يسعنا إلا الانتظار كي نرى انفراجاً للازمة الخانقة التي نعيشها”. وأضاف “كنت على أتم الاستعداد وابتعت بطاقة للقناة الناقلة لمباريات كاس العالم بقيمة سبعين ألف ريال, لكنني تفاجأت بالأزمة العاصفة.. المحل مغلق الآن لعدم توفر الكهرباء. فكرت باستخدام مولد كهربائي لكن مادة الديزل هي غائبة أيضاً”. واختتم بكل تأكيد سنتعرض لخسائر كبيرة جراء هذه الأزمة وكنت أمني نفسي بمكاسب طائلة. ما يحز في نفوسنا جميعاً افتقادنا لمتعة مشاهدة افتتاح المونديال خصوصاً أنه ينظم هذه المرة في البرازيل, البلد الذي يعشقه الكثير من العرب والممتع في الأداء الكروي والعروض الراقصة”. ووجهت الحكومة اليمنية وبعض الجهات بتوفير شاشات عملاقة في الميادين العامة والمتنزهات لكن ذلك لم يتم إلى الآن. ويتوافد آلاف اليمنيين أسبوعياً إلى محلات متابعة المباريات الرياضية لمشاهدة مباريات أوروبية, الأمر الذي ينبئ بمتابعة كبيرة لكأس العالم. وينقسم الجمهور اليمني بشكل عام بين مشجع للمنتخب البرازيلي والمنتخب الأرجنتيني وتحظى بعض المنتخبات بمتابعة ضعيفة مقارنة بعملاقي أميركا اللاتينية. وسيتبارى 32 منتخباً طيلة شهر كامل من أجل الوصول إلى المباراة النهائية التي ستحسم البطولة في مدينة ريو ديجانير يوم الأحد 13 يوليو / تموز. ويسود غضب شعبي بسبب عدم توفير الوقود وحماية أبراج وخطوط توصيل الكهرباء بالتزامن مع انقطاع الكهرباء عن كل محافظات البلاد أسابيع الأمر الذي قاد إلى تغيير خمسة من الوزراء. شاشات عملاقة ونتيجة للوضع المادي الذي تعانيه العائلات اليمنية قامت الحكومة بتدشين توزيع شاشات عملاقة لمشاركة الناس فرحتهم بكاس العالم، وبدأت الأعداد تتوافد إلى الساحات حيث توجد الشاشات لمتابعة مسابقة البطولة أولاً بأول. ودشنت الخميس قبل الماضي وزارة الشباب والرياضة وشركة تسويق في تشغيل شاشات عملاقة موزعة في كافة المدن بالبلاد لمتابعة مونديال كأس العالم، والتي بدأت مباراتها الافتتاحية بين البرازيل وكرواتيا. وقال وزير الشباب والرياضة معمر الإرياني وشركة جولدن للتسويق والإعلان إنهما دشنا تشغيل 60 شاشة عملاقة من أجل منح اليمنيين فرصة لمشاهدة هذا الحدث الكروي الذي يلفت أنظار العالم على مدى شهر كامل. وقالا إن الشاشات وُفرت بالتنسيق مع الشركات الراعية ومزودة بأدوات تقنية، منها عارض بروجكتر وكمبيوتر محمول، وصوتيات. وقال الإرياني «تلك الشاشات سيتم تسليمها إلى الجهات الرياضية المعنية بالمحافظات بهدف بقائها في تلك الملاعب والصالات على مدى العام، بحيث تعود ملكيتها لتلك الجهات الرياضية في المحافظات». وشدد على أهمية الحفاظ على تلك الشاشات، وعدم التفريط بها باعتبارها ملكا للشباب والرياضيين، وأعرب عن تقديره للجهات الراعية لهذا المشروع الذي يعود نفعه للشباب والجمهور الرياضي. وكان الوزير قد دعا الأجهزة الأمنية إلى تذليل الصعاب لمنظمي المشروع، وتأمين أماكن تواجد تلك الشاشات، لضمان أمن وسلامة الجمهور. الإنترنت وسيلة أخرى إلى ذلك يعتمد الجمهور اليمني على الإنترنت في متابعة بعض المباريات للتغلب على مشكلة تسعيرة الاشتراك للقنوات الناقلة من خلال المواقع العربية والعالمية التي تبث جميع المباريات عبر روابط مباشرة، الأمر الذي دفع ببعض المواقع اليمنية إلى تقليدها خدمة لقرائها ومتابيعها مثل الموقع الإخباري مصادر نت, حيث اعلن المهندس قائد الجماعي مدير مصادر نت عن إطلاق خدمة البث المباشر لجميع مباريات كرة القدم ل كاس العالم 2014، وأفاد الجماعي أن إطلاق خدمة البث المباشر يأتي في إطار حرص إدارة مصادر نت على تقديم خدماتها النوعية وكل ما يلبي تطلعات متصفحي الموقع. نبذة عن البطولة العالمية و كأس العالم لكرة القدم هي أهم مسابقة لرياضة كرة القدم تقام تحت إشراف الاتحاد الدولي لكرة القدم، وتقام بطولة كأس العالم لكرة القدم كل أربع سنوات منذ عام 1930م، ما عدا بطولتي عام 1942 و1946 اللتين ألغيتا بسبب الحرب العالمية الثانية. يشارك في النظام الحالي للبطولة 32 منتخباً وطنياً، منذ 1998، مقسمين على ثماني مجموعات، يتنافسون للظفر بلقب البطولة لشهر كامل على ملاعب البلد المستضيف، وتتأهل هذه المنتخبات إلى البطولة عن طريق نظام للتصفيات يقام على مدى ثلاث سنوات. شهدت النسخ التسعة عشر السابقة من بطولات كأس العالم فوز ثمانية منتخبات مختلفة باللقب، كما يسجل للمنتخب البرازيلي حضوره في كل البطولات، فهو لم يغب أبداً عن أي بطولة كأس عالم حتى الآن، وهو الأكثر تتويجا بالكأس، حيث فاز بها خمس مرات أعوام: 1958، و1962، و1970، و1994 و2002، يليه المنتخب الإيطالي الذي أحرزها أربع مرات في أعوام: 1934، و1938، و1982 و2006، ثم المنتخب الألماني الذي أحرزها ثلاث مرات في أعوام: 1954، 1974، و1990، وفاز كل من المنتخب الأرجنتيني والمنتخب الأوروغوياني باللقب مرتين، بينما فازت منتخبات إنجلترا وإسبانيا وفرنسا بلقب البطولة مرة واحدة. أستطاع منتخبان فقط إحراز لقب البطولة مرتين متتاليتين، حيث كان المنتخب الإيطالي أول منتخب يحرز البطولة مرتين متتاليتين في نسختي عام 1934 و1938، ثم البرازيل بطل أعوام: 1958، 1962. بطولة كأس العالم من أكثر الأحداث الرياضية مشاهدة على مستوى العالم، ففي نهائي كأس العالم لكرة القدم 2006، الذي أقيم في ألمانيا، قدر عدد من تابع المباراة النهائية ب 715 مليون شخص وحامل اللقب الحالي هو منتخب أسبانيا لكرة القدم، والذي فاز بالنسخة الأخيرة في 2010، و التي أقيمت في جنوب إفريقيا، وخرج مبكراً من هذه البطولة التي تقام حالياً في البرازيل.
