أصبحت الموسيقى التصويرية فناً قائماً بذاته , تخّلق عن تزاوج الدراما – والسينما خاصة – مع الموسيقى الخالصة لينتج هذا الفن الذي يمثل أيضاً الامتداد الطبيعي للسيمفونية الكلاسيكية وأعمال الأوركسترا , لكن الموسيقى التصويرية تختلف عن الموسيقى الخالصة بمظاهر عدة منها أنها ذات بعد درامي بسبب طبيعتها التي فرضت عليها أن تكون مصاحبة أو خلفية لأحداث درامية سينمائية كانت أم تلفزيونية وهي عموماً منفصلة عن الأغاني التي قد يعرضها الفيلم . عادة تقسم موسيقى الفيلم السينمائي إلى عدد من المقطوعات تبعاً لأحداث ومجريات الفيلم , أهمها : مقطع (الثيمة ) themeأو الموضوع وهو المقطع الرئيسي الذي يمثل موسيقى بداية الفيلم ويقدم الرؤية والموضوع الأساسي لموسيقى الفيلم وهو عادة يتكرر داخل مشاهد الفيلم سواء بنفس صورته أو كتنويعة بآلات أخرى قد تظهر أحياناً كعزف منفرد (صولو) أو كونشرتو, وهناك مقطع النهاية ويخصص هذا المقطع عند عرض كاست الفيلم , أو مع اقتراب نهاية الفيلم . كما تعد مقاطع موسيقية خاصة للأحداث أو المشاهد الرئيسية داخل الفيلم كمشاهد المعارك الحربية أو مشاهد “ الميتامورفيسيس” أو التحولات ( في أفلام الرعب تحديداً) أو تغير سير الأحداث وهي كلها عادة متفرعة من مقطوعة الثيمة. ضمن ابرز موسيقيي الأفلام السينمائية وأكثرهم تألقا هو الموسيقار الألماني هانس زيمر الذي تميزت أعماله بدمج الموسيقى الإلكترونية بالموسيقى الاوركسترالية التقليدية ، ولد في فرانكفورات عام 1967 وانتقل إلى لندن وبدأ مسيرته الموسيقية عازفاً على لوحة المفاتيح ومؤلفات الأنغام synthesizers. في عام 1980 ، عمل مع فرقة “ نيو ويف” وباجيلز”. في الثمانينات اشترك مع المؤلف الموسيقي ستانلي مايرز في إنشاء أستوديو تسجيلات “ ليلي يارد ومقره في لندن , وعملا معاً في مزج الصوت الأوركسترا إلى التقليدي بالموسيقى الإلكترونية الحديثة. أما في عام 1986 اشترك مع الموسيقار الأمريكي ديفيد بايرن والموسيقار الياباني ريوتيشي ساماكوتو في الفوز بأوسكار عن موسيقى فيلم “ الإمبراطور الأخير “ بعد هذا الفيلم بدأ زيمر بالعمل في مشاريعه الفردية والتي جرب و ركب فيها بين استخدام التكنولوجيا الموسيقية الجديدة و القديمة , وكانت نقطة التحول بالنسبة له في فيلم “ رجل المطر” (1988) ،حيث استخدم مؤلفات النغمات مع الطبول المعدنية , ويقول زيمر عن الفيلم أنه فيلم عن الطريق لذا كانت الموسيقى مليئة بأوتار الجيتار. بعد عام واحد من العمل, أنجز زيمر موسيقى فيلم “ قيادة الآنسة دايزي” (1989) وتضمنت الموسيقى قوالب ومؤلفات وضعها زيمر الكترونياً . حصل زيمر على أوسكار مرة واحدة لكنه رشح لها 6 مرات, كما حصل على جائزة جولدن جلوب مرتين وترشح لها 7 مرات كما منح جائزة جرامي مرتين ورشح لها 5 مرات . في عام 1994 حصل زيمر على اكبر نجاح تجاري عن موسيقى فيلم “الأسد الملك “ (1994) والذي أنتجته شركة والت ديزني وحينها أراد زيمر السفر إلى جنوب إفريقيا لتسجيل المقاطع الصوتية للفيلم لكنه لم يستطع لأن لديه سجلاً بوليسياً لإنجازه “ أفلاما هدامة “ , وقد استخدم زيمر كورالا إفريقيا داخل موسيقى الفيلم و التي فازت بجوائز هي الأوسكار و جولدن جلوب و جائزتين من جرامي . بعد نجاح “ الأسد الملك “ وضع زيمر موسيقى عدد من الأفلام منها فيلم “ المد القرمزي” (1995) وحصل بها على جائزة جرامي , وفيلم “ الإعصار “ (1989) وفيلم “ أمير مصر” (1999) كما عمل مع الفنانة اليمنية اليهودية الراحلة عفراء هزاع . كانت الألفية الجديدة علامة كبرى في مسيرة زيمر حيث وضع ألحانا أكثر من رائعة لأفلام مكتسحة جماهيرياً مثل : فيلم “ المصارع” (2000) من بطولة راسل كراو وإخراج ريدلي سكوت ، وحصل على جائزة جولدن جلوب لأفضل موسيقى فيلم , وفيلم “ هانيبال “ (2001) , وفيلم “ بيرل هاربور” (2002) و فيلم “ الساموراي الأخير “ (2003) بطولة النجم توم كروز وهو الفيلم رقم 100 في سجل زيمر و قد فاز عنه بجائزتي جولدن جلوب و جائزة ترشيح النقاد للفيلم المعروض عام 2004. وفي 2004 قدم موسيقى فيلم “ الملك آرثر” وفيلمي “ مدغشقر “”وباتمان يبدأ” في (2005)، أما في 2006 فقدم موسيقى فيلم “ قراصنة الكاريبي : صندوق الرجل الميت” من بطولة جوني ديب وأورلاندو بلوم وفي نفس العام قدم أيضاً موسيقى الفيلم الذائع الصيت “ شفرة دافنشي “ عن قصة دان براون و بطولة توم هانكس، و عمل في 2008 موسيقى “ فارس الظلام “قدم فيلم “ ملائكة وشياطين “ (2009) لتوم هانكس. ولا يزال حتى الآن المبدع الأول في فن المزج بين الموسيقى الإلكترونية مع الأوركسترا التقليدية .