اعتاد اليمنيون تكرار مطالبهم للجهات الرسمية بإعادة الاعتبار للشاعر اليمني الكبير عبد الله البردوني في الذكرى ال 15 لرحيله التي صادفت 30 آب/أغسطس، بالإفراج عن مؤلفاته الخمسة قيد الطبع، وتسمية شارع باسمه ونصب تمثال له في ميدان عام. ويأتي جواب الجهة الرسمية عهوداً لا تفي، وأفعالاً تراكم تجاهلها لتذهب أبعد من ذلك، إلى عدم تكليف نفسها عناء تنظيم ندوة أو فعالية أو مهرجان يحيي ذكراه. واجب أسقطته وزارة الثقافة بقصد أو بدونه، فأخذت المنظمات المُستقلة زمام المُبادرة بتنظيم فعاليات ليست بحجم ذكرى أهم شعراء الكلاسيكية العربية وآخرهم، لكنها مساهمة لتعويض ما نقص. حيث نظمت “الجبهة الشعبية لإنقاذ الثورة” في بيت الثقافة بصنعاء مطلع هذا الأسبوع فعالية فنية قيلت فيها قصائد البردوني غناء بصوت الفنان الشاب عبدالفتاح القباطي، وعُرضت صوره في مراحل مختلفة من حياته بعدسة المصور عبد الرحمن الغابري. قدم الفنان القباطي سبعة ألحان مختلفة من قصائد البردوني، وقال ل”إرم” :” وجدت صعوبة في تلحينها، لما تملكه القصائد من لغة مكثفة وجزيلة عُرف بها الشاعر البردوني، وساعدني في تلحينها تعمقي في عالم الشاعر الكبير”. ويعد الفنان القباطي ثاني فنان لحَّن للبردوني محليا بعد الفنان جابر علي أحمد “ إلا أنا وبلادي”، كما لحن له الفنان المصري مصطفى سعيد قصيدة “أبو تمام وعروبة اليوم”، لكن حضور القباطي فنيا بات مرتبطا بالبردوني وقصائده التي لحن أولها في العام 2011م. يضيف: “أكثر من يعبر عن الضمير الجمعي لليمنيين كشعب يتوق للحرية والإبداع”. جديد الفعالية هو الاحتفاء فنياً بذكرى الشاعر، فإلى جانب قصائده المغناة التي تفاعل معها الحضور، جاء معرض الصور يرصد مراحل مختلفة من حياة الشاعر الكبير، وتعكس علاقة المصور اليمني المشهور عبدالرحمن الغابري به يقول :”بدأت في الستينيات، أفادتني المصادفات التي جعلتنا نسكن في حارة واحدة وأواصل زيارات خرجت بها بعشرات الصور التي تنقل تفاصيل حياته في المنزل”. قد لا يحتاج الشاعر البردوني لاحتفاءات رسمية فصوته دائما كان مزعجا الحكام بمواقفه النزيهة التي لم تتلوث بسلطة، لأن ما كان يعوَّل عليه في حياته ومن خلال تجربته الشعرية والفكرية هو اهتمامه بالناس والتعبير عن آمالهم، ليصل إلى أبعد من كونه شاعرا وكاتبا فيصبح ضمير شعبه. ولشعبية “جوَّاب العصور” تحتفي به الأعوام والأيام.