صدم الوسط الرياضي بإعلان وفاة الأخ والصديق الوفي محمد عبداللاه القاضي الذي ترأس اتحاد الكرة وأوصل ناشئة بلادنا إلى العالمية في فنلندا. والحديث عن رجل بحجم محمد عبداللاه المحب لوطنه والغيور حد السخط والمعاناة لأي مصاب للوطن قبل المنتخبات. رجل مؤهل علمياً وصل إلى مجلس النواب بأفضلية جارفة من واقع التصويت ليس لمكانته ونفوذه، ولكن لبساطته وتحسسه لآمال المستضعفين.. جمعني أول لقاء به عندما سافرت مرافقاً إعلامياً مع أهلي صنعاء إلى السودان ليلعب أهلي صنعاء مواجهته مع الهلال حينها. كان يقترب من لاعبي الأهلي ويخالطهم دون أن يحافظ الرجل على برستيجه كرئيس نادٍ كغيره، رغم عدم بلوغهم مكانته الاجتماعية أو يملكون مايميزه عن غيره حتى من الذين هم أكثر شهرة ومالاً ونفوذاً من محمد عبداللاه القاضي. وأذكر عند سفرنا مع أهلي صنعاء إلى السودان كانت إدارة أهلي صنعاء تعد لانتخابات اتحاد الكرة والإطاحة بالمرحوم علي الأشول رئيس الاتحاد العام لكرة القدم والذي كان الأهلاويون يعدوه خصماً غير محايد في ترأسه لاتحاد الكرة وانحيازه لنادي وحدة صنعاء من وجهة نظر الأهلاويين.. وبعد عودتنا من السودان جرت انتخابات اتحاد الكرة ورغم سفري مع أهلي صنعاء، إلا أنني انحزت لترشح علي الأشول والذي ارتأيت- وقتها أنه الأفضل من وجهة نظري ليواصل مشوار ترأسه لاتحاد الكرة.. وبعد فوز المرحوم بإذن الله جمعت الإعلاميين جلسة مقيل مع القاضي وكنت قريباً منه فأراد رئيس تحرير صحيفة الحرية كمال صبرة أحد مناصري القاضي حينها إحراجي، وقال للقاضي: هذا المتوكل الذي كان يناصر علي الأشول فنهره القاضي محمد بقوله: (انتهى الحديث عن الانتخابات وماسبقها ولا وقت للمكايدات ونحن لانصفي حسابات ولن نفتح خصومة مع أحد سواءً كان معنا أو كان يقف إلى جوار علي الأشول الذي يظل له مكانته وخدم الرياضة واجتهد وأخطأ وأصاب كما هي عادة البشر أن من يعملون هم من يخطئون). حدث هذا بوجود كافة الإعلاميين الذين حضروا الانتخابات والذين حضروا جلسة المقيل في بيت معياد حينها.. منذ تلك اللحظة عرفت أننا نتعامل مع انسان نبيل يقبل بالرأي الآخر ويمتلك رؤى وتوالت المواقف التي رغم قلتها إلا أنني عرفت أن محمد عبداللاه القاضي يمتلك قلباً رقيقاً وصاحب واجب إنساني مع كافة من يتعامل معه أو حتى مع من لايعرفه ويصله خبر أن فلان بحاجة إلى مد يد العون في هذا المرفق أو ذاك أو مريض وبحاجة إلى مساعدة كان يسارع إلى خدمة هذا وذاك ويمد يد العون ويتابع حتى يشعرك أن علاقته مع الشخص ذاته قديمة وضاربة الجذور. وهناك سجل حافل بالعطاء ليس الإداري والرصيد الوطني وفعل الخير أو مناصرة ثورة الشباب وانحيازه للشعب وإجماعه وقتها رغم صلة القرابة مع من كانوا في السلطة في الماضي. محمد عبداللاه القاضي.. رجل بسيط ،متواضع، محب للخير، متسامح، يتخلّق بفضائل الفرسان، إذ خاصم لم يفجر .. عفوي في حديثه ومواقفه وخجول عند مدحه لايحب الإطراء لأي فعل إنساني قام به وعند التقائك به يشعرك أنه من بحاجتك وليس أنت.. وشمائله كثيرة ومناقبه أكثر.. ولا أود الحديث ومواصلة الكتابة التي ضيّعت لغتي وتاهت حروفي وتشتت أفكاري لأنني أود أن أوفي الرجل حقه فأجد الكلمات عاجزة ومتواضعة لإيفائه حقه أو رصد مايميزه عن غيره.. (فحسبنا الله ونعم الوكيل). ونعزي أنفسنا قبل أسرته وذويه وكل من عرفه.. مع تسليمنا بإرادة الله وقدره الذي لامناص منه. فاعذروني لعدم تمكني من الكتابة المسهبة عنه واعترف أن الرجل أكبر من إمكاناتي المتواضعة.. (إنا لله وإنا إليه راجعون). فرحيل القاضي فاجعة وذكرى مؤلمة ستظل خالدة في الذاكرة ومنحوتة في القلب فنسأل الله أن يدخله فسيح جناته ويتقبله مع الخيرين إن شاء الله.