كشفت الأحداث الدراماتيكية التي رافقت مباراة الموسم التي جرت السبت بين أهلي صنعاء وهلال الحديدة عن المستوى الهابط الذي وصلت إليه الرياضة اليمنية إدارياً وأخلاقياً، والناتج عن ظاهرة "مشيخة الرياضة" التي اجتاحت قطاع الشباب والرياضة خلال السنوات الأخيرة وما رافقها من تلاعب بمنظومة القيم الاخلاقية للرياضة.. مختصر احداث تلك المباراة هو ان حكم المباراة احتسب ضربة جزاء مشكوك فيها لصالح الهلال في الدقيقة 40 من الشوط الأول وسط اعتراض من لاعبي الأهلي دام لدقائق معدودة، ثم قبول بقرار الحكم ونفذت الضربة بنجاح ليبدأ بعد ذلك فاصل من الشغب الجماهيري امتد إلى ساحة الملعب ثم انتقل إلى المنصة الرئيسية بين اداريين أهلاويين ورئيس اتحاد الكرة أحمد العيسي. ملطام!! يقال بأن ادارياً معروفاً في النادي الأهلي قد وجه "ملطاماً" في وجه رئيس الاتحاد، وتردد ان مرافقي احد المشائخ الجدد الذين تم تنصيبهم في إدارة الأهلي قد أطلق النار في الهواء اثر مشادة كلامية بين الشيخ الاهلاوي وشيخ اتحاد الكرة "العيسي". محصلة طبيعية للتلاعب كتب عن هذه المباراة كلام كثير تارة عن تواطؤ الشيخ العيسي مع ناديه "الهلال"، وتارة عن الحكام العمانيين الذين تمت زحلقتهم بفعل فاعل في الاتحاد، وتارة عن نية مبيتة لتغيير حكم المباراة الأساسي "أحمد قائد" إلى حكم مساعد وتعيين الحكم خلف اللبني بدلاً عنه في آخر لحظة. وبغض النظر عما قيل أو كتب فإن الأحداث المأساوية التي رافقت هذه المباراة، كانت في كل الاحوال محصلة طبيعية لبطولة دوري مشكوك في سلامة معياره التنافسي ومطعون في نزاهته من "الطبخات" وبيع وشراء المباريات والحكام...الخ. التاريخ يعيد نفسه زمان عندما كان يدير الرياضة أبناؤها وعندما كان اتحاد الكرة بقيادة الأستاذ علي الاشول طيب الله ثراه، فرط أهلي صنعاء في مباريات هامة ووصل إلى آخر مباراة في الدوري وفي ملعبه وبين جماهيرية ولديه فرصتا التعادل أو الفوز في تلك المباراة لنيل لقب بطولة الدوري. ومن سوء حظ الأهلي يومها ان الفريق الذي سيواجهه هو فريق الشعلة عدن الذي يمثل له "عقدة تاريخية" وما حدث هو أن الأهلي يومها خسر بهدفين ملعوبين صحيحين 100% وليس من ضربتي جزاء مشكوك أو موثوق في صحتهما، وبالمقابل حقق الوحدة القطب المضاد للأهلي في صنعاء فوزاً عريضاً على طليعة تعز، في اليوم التالي ليخطف عن جدارة واستحقاق درع البطولة من أمام أعين الأهلي. مباراة الأهلي والشعلة يومذاك اكتملت حتى نهايتها.. وحدثت فيها بعض أحداث الشغب من قبل بعض اداريي الأهلي وصدرت بحقهم عقوبات تأديبية من لجنة المسابقات بالاتحاد الاهلي يزرع الشوك ورغم ان الاهلي هو وحده الملام على تفريطه في بطولة كانت في متناول يده إلا ان بعض المحسوبين على هذا النادي أصروا على ضرورة إزاحة الاشول من قيادة الاتحاد.. ووفقاً لمراقبين فقد بدأ الاهلاويون أولاً باستقطاب "مشائخ" إلى النادي ثم نصبوا محمد عبداللاه القاضي رئيساً للنادي وهيأوه للدخول في انتخابات اتحاد الكرة، وعندما حان وقت الانتخابات قام الاهلي بتجييش المشائخ في المحافظات وتم شراء اصوات مندوبي الأندية بعد ان اجرى عملية تلاعب كبيرة في انتحال صفة اندية أخرى من قبل اشخاص محسوبين على الأهلي، حتى يتمكنوا من دخول الانتخابات كمصوتين ومرشحين لمجلس إدارة الاتحاد. وبناء على ذلك ظفر الأهلي بقيادة اتحاد الكرة عن طريق التلاعب ونفوذ المشائخ، وواصل الاهلي نفس اللعبة السابقة بتنصيب شيخ جديد لرئاسة النادي وهو الشيخ حسين الأحمر وسط دعم مشائخي من عدد من المشائخ يتقدمهم الشيخ احمد العيسي والشيخ حسين الشريف وما ان تنحى القاضي عن رئاسة الاتحاد حتى كان الشيخ البديل حسين الأحمر جاهزاً.. وحتى هذا الأخير عندما دخل في مشاكل مع وزارة الشباب والرياضة تسببت في أزمة تجميد الكرة اليمنية المعروفة كان الأهلي جاهزاً ببديل آخر من أحد حلفائه وهو الشيخ احمد العيسي الذي ترأس لجنة مؤقتة قبل ان يفوز باكتساح في انتخابات الاتحاد التي أجريت لاحقاً. مشيخة الوزارة مشيخة الرياضة من قبل الأهلي لم تتوقف عند حدود اتحاد الكرة بل وصلت إلى مقاعد القيادة في وزارة الشباب، حيث يرى عدد من المحللين والمهتمين بشؤون الرياضة في بلادنا بأن الأهلي نجح بطريقة غير مباشرة في ايصال الشيخ حاشد الأحمر – شقيق الشيخ حسين الأحمر- إلى منصب نائب وزير الشباب، وانه ايضاً صاحب الفضل في تعيين الشيخ حسين الشريف وكيلاً لوزارة الشباب للشؤون المالية. فيد خاطف!! أموال صندوق رعاية النشء والموازانات الضخمة لاتحاد الكرة هي في منظور الدخلاء على الرياضة من المشائخ "فيد خاطف" ومصالح تستحق عناء القرصنة على المنظومة الأخلاقية للرياضة ومبادئها القائمة على التنافس الشريف. النار تأكل بعضها ولأن النار تأكل بعضها إذا لم تجد ما تأكله، فإن من الطبيعي ان تظهر على السطح اليوم صراعات المصالح بين مشائخ الفيد.. ومن الطبيعي أيضاً ان الأهلي الذي بدأ باشعال نار التلاعب وتجييش المشائخ يكون أول من يكتوي بتلك النار.. رحم الله الاشول على الاقل فان الأستاذ علي الاشول طيب الله ثراه لم يُلطم أو تهان كرامته، ولم تكن في أيامه "طبخات" أو بيع وشراء للذمم أو تلاعب في نتائج المباريات.. منتخباتنا الوطنية أيام الأشول كانت في أوج تألقها، ودورينا كان في أعلى درجات مستوياته، ومدرجات ملاعبنا كانت تكتظ بالمشجعين.. أما اليوم فلم يعد لدينا دوري ولا أندية ولا اتحاد ولا منتخبات ولا يحزنون!!. ارحموا رياضتنا والى كل من يهمه الأمر نقول" ارحموا رياضتنا من "المشائخ" ومن غواة "التلاعب" واعطوا الخبز لخبازه.. ودعوا أبناء الرياضة يديرونها وابعدوا عنها الدخلاء والمتفيدين الذين لن يزيدوا مستواها الهابط إلا بلاءً ووبالاً.