أكد تقرير اقتصادي صادر عن مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية أن معدّلات البطالة تقترب من 50 %، وأن هناك تفاوتاً كبيراً في تقديرات حجم بطالة الشباب في اليمن، وأن كل التقديرات تتجاوز 50 % من حجم قوة العمل اليمنية.. ونبّه التقرير أن شباب اليمن يعانون من حرمان وانفلات وتشرُّد ومعاناة تدفعهم إلى انحرافات شتّى أخطرها الانخراط في صفوف الجماعات الإرهابية، فهذه الجماعات تنتشر بصورة مخيفة في مناطق اليمن وتسبّبت في تدهور بيئة الاستثمار وتعطيل الأعمال وإنهاك اليمن اقتصادياً، وإفساح المجال لمزيد من التدخُّل الخارجي، وتعتبر اليمن إحدى الساحات الملتهبة التي تعاني بصورة حادة من الإرهاب واتساع رقعة البطالة بين الشباب تغذّي هذه الظاهرة. ورصد التقرير مؤشرات البطالة خلال الأعوام 1990 - 2014م كما يلي: حيث قُدِّرت البطالة في عام 1990 بنسبة 9.1 % من حجم قوة العمل اليمنية، وفي عام 1994م أظهرت نتائج التعداد السكاني العام أن نسبة البطالة تقدّر بنحو 9.8 % من إجمالي قوة العمل، وفي عام 1999م أظهرت نتائج مسح للقوى العاملة أن نسبة البطالة تقدّر بحوالي 13.7 % من إجمالي قوة العمل، وفي عام 2004م أظهرت نتائج التعداد السكاني العام أن نسبة البطالة تقدّر بحوالي 16.2 %، وتشير معطيات الخطة الخمسية الثالثة للفترة 2006 - 2010م أن نسبة البطالة تقدّر بحوالي 35 %، ويتضح أن نسبة البطالة الشبابية في تزايد مستمر منذ ثورة فبراير 2011م في ضوء ما تشهده البلاد من أحداث تلقي بظلالها على بيئة الاستثمار لتقدّر معدّلاتها حالياً 46 %. وأشار التقرير إلى أن هناك عدّة أسباب لانتشار البطالة؛ منها تراجع دور الدولة في النشاط الاقتصادي وسوء مناخ الاستثمار والفساد الذي أصاب مؤسسات الدولة، وعودة المغتربين اليمنيين من السعودية بسبب حرب الخليج الثانية، وضعف أدائها وضعف مستوى التأهيل والتدريب للقوى الشابة، وارتفاع نسبة الفقر وتدهور المستوى المعيشي للأسرة وغياب التخطيط للتنمية السكانية، وغياب العمل بآليات التنمية المستدامة وصراعات سياسية وحروب داخلية وغياب العمل بأسس الحكم الرشيد. وخرج التقرير بعدد من التوصيات لمواجهة ظاهرة البطالة أبرزها: الإسراع في إعادة هيكلة الدولة طبقاً لمخرجات الحوار الوطني على أساس الدولة الاتحادية وتقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، وهو الأمر الذي سيولّد قدراً كبيراً من المنافسة بين الأقاليم واستغلالاً للموارد الاقتصادية المتاحة وترسيخ دعائم الأمن والاستقرار، وبالتالي إنعاش الاقتصاد وتوفير فرص العمل للشباب بصورة واسعة، وتفعيل دور الدولة في الحياة الاقتصادية من خلال التدخُّل غير المباشر في توجيه الدورة الاقتصادية؛ إذ أن الحريّة الاقتصادية وإبعاد الدولة عن التدخُّل الاقتصادي أثبت فشله بفعل تفاقم الأزمات المالية والاقتصادية والتي لاتزال آثارها تجتاح العالم حالياً، والعمل بمبادئ الحرية الاقتصادية التي تكفل تدخُّل الدولة للحفاظ على التوازن الاقتصادي ومواجهة الأزمات، وانتهاج العمل بآليات التنمية المستدامة والتخطيط بالمشاركة بما يضمن مشاركة المجتمعات المحلية وشركاء التنمية «الحكومة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني» في التخطيط والتنفيذ، واتباع سياسات تنموية واقعية وفعّالة تنهض بالنشاط الاقتصادي على مستوى الأرياف والمدن من خلال دعم المشروعات الزراعية وتربية الحيوانات والنحل وصناعة الجبن والاهتمام بالحرف التقليدية والمشروعات الصغيرة، وإنشاء بنك ريفي متخصّص لدعم المشروعات الصغيرة في الريف، وتحديث أجهزة تحصيل الزكاة وإعادة توظيف موارد صناديق الرعاية الاجتماعية من خلال آلية جديدة تؤدّي إلى خلق فرص عمل للأُسر الفقيرة، وإصلاح المنظومة الضريبية، وتوظيف ضريبة القات في التنمية الريفية، وتوظيف موارد التأمين الاجتماعي في مشروعات كثيفة العمالة تلعب دوراً فاعلاً في الرعاية الاجتماعية مثل مشروعات الإسكان والتعليم والصحة وغيرها من المشروعات وعلى مستوى كل أقاليم ومحافظات الدولة، وإعادة هيكلة الجامعات الحكومية وبما يؤدّي إلى مواكبة مخرجات الجامعات مع سوق العمل اليمني والخليجي، وتكفل الدولة حق العمل والحماية من البطالة، وأن يتضمّن دستور الدولة الاتحادية نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان خصوصاً فيما يتعلّق بحق التعليم والعمل والحماية من البطالة والرعاية الاجتماعية الكاملة.