لابد أنك روحٌ خلقت لي، خُلقت كي أذوب فيها وأتماهى في أحداقها وتيجان أوردتها، هكذا أشعر بك، هكذا أراك غيثاً يروي الظمأ وينير الدروب، وأنا كذلك أراك ذلك الحلم البعيد القريب الذي يشعل جذوات القداسة في الروح، أراك طيراً يتهاوى بجمال ليقع في أعماقي فيحلّق وسط زرقة السماء، وعلى صهوات الغيوم وفي تلألؤ النجوم هناك في المعارج الروحية في معالي الاحتضان. هاتي يديك لنحلّق سويّاً ونفتّش عن عالم الوجود وسط هذا السحر اللا مسبوق. ألا ترين الربيع في حقول القلوب..؟! ما أعذب ثمارك العالية تهتز فتزيدني ألقاً. النجوم بين نهديك تبهر ابتهاجي وتزيدني تعلّقاً وسحراً وتيهاً مجنوناً. لا تقل هذا، فأنا ميتة دون هذه الروح، لا عالم لي إلا أنت، كم هذا الكون ضيق دون حروف روحك..!!. أنت تحطم العادي واللا معقول، تقدّمه إلى روحي فأحلّق في سماك فراشة جمال.. تعال.. هيا تقدّم إليّ، لأني كل ما سأقدّمه لك سأشعر بالتقصير، وإن مملكة قلبك فوق الحدود وفوق الجمال وفوق الفصول والغيوث، لذا لن تمحى من تاريخي. تعال كي أهبك عباءة العشق وعباءة الخلود وعباءة الانتصار، وأكلّل بقلبي.. يقاطعها وهو ينظر إلى حركات أصابعه.. لا أسرفت كثيراً في المديح. غرقت بالشطآن والجزر البعيدة المرسومة خيالاً، فكيف لا أفتح لك الدنيا، كيف بوابات حضارات القرب والاتصال، كيف سبقني المحبون والعاشقون..؟!. لأني أعرق من المجنون، وأنبل من نقاء الولهين. تعالي.. يا قدّيسة القلب اقتربي من زخات المطر كي نطهر العالم من اللا حب كي تتلامس الأرواح وتتآلف. انظري إلى القطرات وهي تسيح في تخوم المشاعر وفي زوايا الاحتراق. ما أعذبها إنها تذيبني بالموت التصاقاً، وتندفن فيّ في لحظات مجنونة من العناق. يغيب وتغيب.. يسأل: أين أنت، أين غرقت، لماذا تستغلّين الجنون وتتركين محترقاً..؟!. وكانت هناك في الوهم تقول أبهى العبارات لطرف آخر من اللوحة. سمعتها تقول له: “أنت بشارتي الكبرى” وأمّحت حروف المفاتيح..!!.