مُخيفة هي الأفعال التي تُرتكب على حين غفلة من التعقُّل وفقدان العقل والإدراك العقلي والذاتي لعواقب وفداحة هذا الفعل؛ وذاك الذي فيما بعد يصنّف كجريمة طالت الطرف الآخر وأنهت ربما حياته واستباحت دمه وأزهق مرتكب الفعل والجُرم روحاً خلقها الله وحرّم على عباده قتلها إلا بالحق وبيّن الإسلام ماهية الحق وكيف ومن يقوم بذلك الأمر.. فجريمة هذا الأسبوع على علاقة وارتباط وثيقة بالمقدّمة السريعة التي افتتحت من خلالها الكلام، فارتباطها يكمن في تفاصيلها وكل ما دار فيها وسجّلته فيما بعد الأجهزة الأمنية، وصنّفته بعد ذلك النيابة كممثّل رئيسي للقضاء اليمني وتشريعاته. الجريمة تحكي عن حياة شقيقين كغيرهما من الأشقاء والرجال والإخوة الذين ترعرعوا في بيت واحد وبين أسرة واحدة وأبوين وجيران وأقارب، سنوات تمرُّ وتأتي سنوات أخرى والناس في حياتهم العامة والخاصة، والشقيقان جزءٌ لا يتجزّأ من تلك الحياة وفيها يتواجد طيفهم ويعيشان مع أسرهم الخاصة بهما بعد أن صار لكلٍ منهما أولاد بنين وبنات. كبر الأولاد والبنات والشقيقان صارا في الخمسينيات من العمر، الفرق بينهما 3 سنوات فقط، وكانت مجرد شهور ويصبح الشقيق الأكبر جدّاً كون أحد أولاده على موعد من أن يُزف ويتزوّج بابنة خاله، وقبل ذلك الموعد ببعض الشهور اندلعت خلافات قوية بين الشقيقين بشأن قطعة أرض؛ كلٌ يدّعي أنها من نصيبه وملكه على غير العادة أن يحصل هذا بينهما قط..!!. تطوّر الأمر ووصل لمستوى خطير بل في غاية الخطورة إلى ما لم يكن أحد يتوقّعه ويظن أن الشقيقين وفي هذا العمر سيختلفان ويحصل بينهما هذا الشيء وعلى قطعة أرض يصل بهما الأمر إلى تهديد بعضهما البعض بالقتل وبالذات الشقيق الأصغر الذي قال إنه سيحرق قلب أخيه كما أحرق قلبه بأخذه عليه قطعة الأرض. استمر الوضع في حالة تأزم وخلافات حادّة؛ كل يوم تتجدّد ويطرأ عليها كل جديد دون أي حلول أو معالجات تُذكر، ولا حياة لمن تنادي، حتى الأهالي لم يتجرّأ أحد منهم على أخذ دور المصلح ويلم الشأن فيما بين الشقيقين. تواصلت المشاحنات والمناكفات؛ وزاد الأمر والخلافات ضراوة، ووصل الأمر إلى أن يقوم الشقيق الأصغر بأخذ سلاح آلي من نسبه بحجّة أن يحمي نفسه من شر أخيه وأولاد أخيه، وكان مبرّراً مقنعاً لنسبه كي يوافق على إعطائه السلاح. كان غريباً أمر هذه الأسرة؛ وبالأصح الشقيقان كيف لا يملكان سلاحاً والمنطقة التي يسكنان فيها منذ الصغر وأباً عن جد تشتهر كغيرها من مناطق المحافظة واليمن كافة بانتشار السلاح الناري وبكثافة مع الأسف الشديد هذا الأمر مثّل نوعاً من الغرابة إلا أنه زال بمجرد أن حصل الشقيق الأصغر على قطعة سلاح؛ وحينها برّر لنسبه أن شقيقه الأكبر قد اشترى له سلاحاً ولأولاده. مرّت أسابيع والشقيق الأصغر يُلاحظ عليه من قبل الأهالي والناس أنه أصبح يحمل السلاح على كتفه باستمرار، وهذا الأمر أزعج الشقيق الأكبر رغم تعقُّله ورزانة عقله إلا أن غرور أخيه الأصغر كان فاحشاً وكبيراً، وحاول أن يستدرج أخيه إلى الصلح والكف عن المشاكل والخلافات ولكن بعد فوات الأوان، فدعوته لشقيقه بالمجيء إليه في منزل والدهما الذي شهد أحلى سنوات حياتهما وطفولتهما وشبابهما، كان الشقيق الأكبر في انتظار رد وموافقة شقيقه الأصغر؛ إلا أن الرد كان بمثابة الطامة والمصيبة الكبرى، حينما رجع رسول الشقيق الأكبر بخبر الفاجعة ليس أن شقيقه رفض طلبه ودعوته ومبادرته؛ ولكن ثمّة مصيبة وأمراً جللاً لم يكن يدركه الشقيق الأكبر، فظاعة ما سيحمله إليه الناس عن مصير رسوله ويبلغوه فيه كإدراكه وثقته بعدم قيام شقيقه الأصغر بالقيام بأي شيء يوجعه ويؤلمه مهما كانت خلافاتهما ومشاكلهما؛ كانت كبيرة أو صغيرة، ولن تكون قطعة أرض هي السبب في أن يخسر هو فلذة كبده. تذكّر الشقيق الأكبر تهديد شقيقه له بأنه سيحرق له قلبه كما أحرق قلبه بشأن قطعة الأرض، وفعلاً أدرك أن شقيقه نفّذ تهديده ووعده ووعيده وتوعّده له؛ فما حمله إليه الناس عن رسوله مثّلت تفاصيل الخبر تطبيقاً وتنفيذاً للتهديد وأحرق قلبه فعلاً وذلك بقتله لابنه الأكبر، ولم يتمالك نفسه، وقع أرضاً مغشياً عليه، ففاجعته بمقتل نجله وفداحة القاتل أخيه كلاهما أعزّ ما يملك وأفضل وأقرب الناس إلى قلبه ونفسه وحياته وحاله. فعلها الشقيق الأصغر وبدمٍ بارد في حق رسول أخيه وبابن أخيه الأكبر، ولم يتوان في إزهاق روحه وقتله؛ بل نفّذ ذلك الجرم والفعل والعمل المؤلم بحق أخيه أولاً ونجل شقيقه الأكبر وبحق الأسرة والعائلة كلّها، لم يحب الشقيق الأصغر أن يسمع ما يحمله رسول شقيقه الأكبر عبر نجله رغم أنه كان أعزل السلاح ولم يأتِ بالشر؛ ولكنه كان يحمل رسالة فيها الخير والمحبّة ولملمة الشمل والشتات. كانت عدّة طلقات نارية من سلاح نسب الشقيق الأصغر هي ما استقبل به الرجل نجل شقيقه ورسوله حينما أطلق النار علية قبل أن يسمع ما يحمله إليه، اعتبرها فرصة لتحقيق هدفه وأن يحرق قلب أخيه وينتقم منه عبر نجله الأكبر..!!. الأعيرة النارية كانت كفيلة بأن تزهق روح ابن أخيه؛ حيث أرداه مقتولاً مضرّجاً بدمائه ومن ثم فرّ هارباً، فعلها وفرّ هارباً إلى وجهة غير معروفة، وحينما عرف بسبب قدوم القتيل إليه ودافع مجيئه وأنه كان رسول أخيه وليس مجرّد نجله وابنه الأكبر ليضرب أخماساً في أسداس، وماذا ينفع وما الذي سيفيد ذلك الندم بعد أن وقع الفأس على الرأس..؟!. فقد لاقت جريمته استنكاراً واسعاً، وإدانة شديدة وبأقصى العبارات والكلمات لقتله رسولاً أعزل ومن أخيه الأكبر، وقتله لنجل شقيقه الذي يُعد بمقام ابنه وهو كوالده؛ وبسبب ماذا..؟! نتيجة خلاف ومطامع الحياة التي أرهقت قلوب الناس وجعلتهم يتخلّون عن القيم والمبادئ والأخلاق ويتنازلون عن الإخاء والدم والقرابة والمحبّة..!!. يا لها من طامة ومصيبة حلّت بالكثيرين من أبناء اليمن كافة، فكثيرة هي الأفعال والجرائم المماثلة لجريمة هذا الأسبوع التي وقعت تفاصيلها في إحدى مديريات محافظة إب، وتحدث هنا وهناك مع الأسف الشديد ولا تقلُّ جُرماً وفظاعة عن جرائم أخرى تُزهق فيها أرواح اليمنيين، الذي يجب على الجميع التحاور والقبول بالرأي والرأي الآخر وتقديم التنازلات والتسهيلات اللازمة من أجل أن تُصان أرواح ودماء أبناء اليمن الواحد.