على غرار حادثة وقعت مؤخراً في إحدى مديريات محافظة إب، وكانت تفاصيلها المؤلمة والموجعة كفيلة كي أخصّص جريمة هذا الأسبوع ونشرها في «إنسان الجمهورية» وهي الأخرى وقعت أحداثها في منطقة أخرى من مناطق محافظة إب، فطرفا الجريمة هما أيضاً شقيقان بل أخوان من أب واحد وأم واحدة، لم يكن هذا الشيء والأمر الجلل رادعاً لهما فيما اختلافا فيه وتنازعا عليه.. الأخوان تربّيا وترعرعا في بيت واحد وأسرة واحدة ووالدهما كان شيخ القبيلة الذي كان يُعتبر المرجعية والإنسان العاقل الذي يلجأ إليه الكثيرون في المنطقة كافة، وكان نجلاه الأكثر قرباً منه وإليه، أحبّهما حبّاً جماً، لكنه لم يدم لهما فدارت السنون وأعلن عن وفاة الأب والشيخ والعاقل والإنسان الكبير في المنطقة. كانت أول شرارة الاختلاف والخلاف فيما بين ولدي الشيخ المتوفّى ونجليه اللذين كانا في حياته هما كل شيء لديه وتمنّى أن يكونا أفضل منه، اختلافا على من يخلف والدهما في المشيخ والمكانة المرموقة في القبيلة والمنطقة كلها، وهذا يدل على أنهما لن يكونا كما أراد والدهما، وبالذات الابن الأصغر الذي يصغر أخاه بحوالي أشهر قليلة. استمرّ الرجلان في خلافاتهما الشديدة لمدة ليست بالقليلة، وتواصلت أكثر وأكثر خاصة فيما يخص الممتلكات العقارية وعلى رأسها الأراضي في المنطقة التي مثّلت الشرارة الأكبر والأخطر في مسلسل المشاكل بين الأخوين اللذين باتا أضحوكة الآخرين والناس أجمعين الذين كانوا كلما وصلت إلى مسامعهم خلافات الأخوين ترحّما على والدهما الشيخ الجليل صاحب الأخلاق والعقل والحكمة. وقد وصل بهما الأمر إلى الوصول للمحاكم والدولة وحتى المشايخ الآخرين الذين كانوا يحتكمون في خلافاتهم إلى والد الشقيقين واليوم ولداه يحتكمان لديهم؛ والسبب هو أن هذين الشقيقين لم يحافظا على مكانة والدهما المتوفّى بتصرفاتهم وعدم اتفاقهما وتفاقم خلافاتهما التي وصلت يومها إلى منحنى خطير جداً لم يكن يتوقّعه أحد من الناس. في ذلك اليوم الذي وُصف بغير العادي اتفقا الأخوان على أن يفتحا صفحة جديدة وأن يعالجا خلافاتهما ومشاكلهما مع بعض دون تدخل أحد من الأهل والأقارب والغرباء لاسيما أن هناك مجموعة أشخاص كان لهم مصلحة وفائدة من خلافات الشقيقين، وبالفعل التقى الأخوان ولكن في مكان بعيد عن القرية وعلى إحدى المزارع التابعة لوالدهما المتوفّى، أحد الأخوين قبل مجيئه لمقابلة أخيه حسب الاتفاق والوساطات التي قادها بعض رجال الخير من أصدقاء والدهما التقى بشخص من رفقاء السوء له وتحدّث إليه كأنه ناصح أمين، وأهم ما نصحه رفيق السوء هو أن ينتبه من غدر أخيه وعصابته؛ وأنه علم من أشخاص أن الهدف من هذه الدعوة هو استدراجه للغدر به، ولم يكمل كلامه حتى تركه الرجل وتحرّك إلى مكان اللقاء بأخيه الذي كان منتظراً له بحسب الموعد المتفق عليه، وبحضور أحد العقّال من رفقاء والدهما الذي كان هو من حدّد وسعى وخطّط لهذا اللقاء واشترط الأخوان حضوره معهما ويكون الله ثالثهما وهو رابعهم. التقى الأخوان وأحدهما كان نيّته طيّبة ويهدف إلى الخير، والآخر كان إلى ما قبل أن يلتقي برفيق السوء الذي غيّر بسبب كلامه نيّته ونواياه الحسنة إلى غير الحسنة، لحظات من اللقاء والحديث الشيّق بينهما الذي استمرّ لأكثر من نص ساعة والكلام يأخذ مجرى طيباً؛ ثم يتحوّل مجراه إلى العكس، توتّرت الأوضاع والكلمات، والنقاش خرج عن مساره وتأزّم لاسيما مع ذكر أحدهم لما قاله له رفيق السوء قبل مجيئه؛ ذلك الأمر أزعج الأخ الثاني كثيراً واعتبره مهزلة وقلّة أدب وتبلّياً وافتراءً، وكان المحكّم الحاضر بينهما يحاول أن ينهي التلاسن بين الأخوين؛ فلم يتمكن من فعل شيء وتطوّر الأمر إلى أن وصل إلى الاشتباك بالأيدي وكل منهما بعد ذلك أشهر سلاحه الآلي صوب الآخر، والأخطر في كل ذلك الأمر وفي لحظة ذهول وترقُّب من المحكّم والعاقل الموجود بينهما هو إطلاق النار من قبل الأخوين على الآخر..!!. طلقات نارية متبادلة وكثيفة كانت كفيلة بإنهاء حياتيهما على الفور، سقطا الاثنان صريعين على الأرض والدماء من حولهما مضرّجين بها، مخلّفين أبشع الصور الأخوية والاقتتال المؤسف بينهما، والأسباب معروفة وسبق للسطور السابقة أن أوضحتها وشرحت جانباً مهمّاً منها. تلك الجريمة المؤلمة أعادتها مجدّداً إلى الواجهة تفاصيل جريمة مماثلة شهدتها محافظة إب الأسبوع الماضي حينما لقي شقيقان مصرعيهما في إحدى مناطق مديرية جبلة جرّاء إطلاق النار من قبلهم كل على الآخر بسبب خلاف على ممر طريق لا يزيد عن 3 أمتار فقط، لكنها أبشع من السابقة وفق وجهة نظري، والجريمتان أبشع من بعضهما. فالأخوّة أكبر بكثير من المال والممتلكات، ولو وجد العقل والتزم الأخوة بحب الله ورسوله، ويمثّل الوازع الديني جسراً عظيماً في التحابب والأخوّة، فضعف الوازع الديني والابتعاد عن كتاب الله وسنّة رسوله الأكرم سبب بكل ما يحدث في مثل هذه الأيام وغيرها من جرائم موحشة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.