الحوثيون والبحر الأحمر.. خطر جديد على كابلات الأعماق مميز    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    مصرع وجرح عدد من العناصر الإرهابية على يد القوات الجنوبية بوادي عومران    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    أول تحرك للرئيس العليمي بعد سقوط خسائر بشرية وتضرر البنية التحتية والأراضي الزراعية جراء المنخفض الجوي بحضرموت    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    لجنة الطوارئ بمأرب تباشر مهامها الميدانية لمواجهة مخاطر المنخفض الجوي    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    تأجيل مباريات الخميس في بطولة كرة السلة لأندية حضرموت    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    عن العلامة اليماني الذي أسس مدرسة الحديث النبوي في الأندلس - قصص رائعة وتفاصيل مدهشة    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    ترحيل آلاف اليمنيين من السعودية    أضرار مادية وخسائر بشرية بسبب الفيضانات شرقي اليمن وإغلاق مدينة بالكامل    نعيبُ جمهوريتنا والعيبُ فينا    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    ليلة للتاريخ من لونين.. وخيبة أمل كبيرة لهالاند    أهلي جدة: قرار رابطة الدوري السعودي تعسفي    الكشف عن استحواذ جماعة الحوثي على هذه الإيرادات المالية المخصصة لصرف رواتب الموظفين المنقطعة    حراس الجمهورية تجبر ميليشيا الحوثي التراجع عن استهداف مطار المخا    الحوثيون يضربون سمعة "القات" المحلي وإنهيار في اسعاره (تفاصيل)    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    فضيحة قناة الحدث: تستضيف محافظ حضرموت وتكتب تعريفه "أسامة الشرمي"    حضرموت تستعد للاحتفاء بذكرى نصرها المؤزر ضد تنظيم القاعدة    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    الجنوب ومحاذير التعامل مع العقلية اليمنية    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    "ليست صواريخ فرط صوتية"...مليشيات الحوثي تستعد لتدشين اقوى واخطر سلاح لديها    ثلاث مساوئ حوثية أكدتها عشرية الإنقلاب    دوري ابطال اوروبا ... ريال مدريد يطيح بمانشستر سيتي ويتأهل لنصف النهائي    مأساة إنسانية: صاعقة رعدية تُفجع عائلتين في تعز    اليمن: الكوارث الطبيعية تُصبح ظاهرة دورية في بعض المحافظات الساحلية، ووزير سابق يدعو لإنشاء صندوق طوارئ    على رأسهم مهدي المشاط ...ناشطة حوثية تدعو إلى كسر الصمت حول قضية السموم الزراعية في اليمن    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    انس جابر تعبر الى ثمن نهائي دورة شتوتغارت الالمانية    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    من هم الذين لا يدخلون النار؟.. انقذ نفسك قبل فوات الأوان    باريس سان جيرمان يرد ريمونتادا برشلونة التاريخية ويتأهل لنصف نهائى دورى الأبطال    نيابة استئناف الامانة تتهم 40 من تجار المبيدات والأسمدة بارتكاب جرائم بيئية وتعريض حياة الناس للمخاطر    الكشف عن آخر تطورات الحالة الصحية للفنان عبدالله الرويشد    ارنولد: انا مدين بكل شيء ل كلوب    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفاصيل الجريمة التي هزت المجتمع اليمني"مقتل المخرج الاذاعي عبدالرحمن عيسى وأبنيه"
نشر في البيضاء برس يوم 10 - 01 - 2011

كيف قتل حسام شقيقته الصغرى صفاء ثم شقيقه الأكبر محمد وألحق بهما والده.. وكيف أبلغ عن الجريمة.. وكيف نجت أمه من المذبحة بأعجوبة.. وكيف تصرف القاتل أمام المحققين واعترف بقتل أقرب الناس إليه دون أن يذرف دمعة واحدة؟؟


ما بين الساعة السادسة والتاسعة مساء يوم الأربعاء الماضي، تحول منزل الإعلامي اليمني والمخرج الإذاعي المعروف عبد الرحمن عبسي إلى بركة دم، سفكها ابن عاق أقدم على قتل والده وشقيقه الأكبر وشقيقته الصغرى ابنة ال14 ربيعاً بدم بارد وضمير ميت ودوافع غامضة ما زالت حبيسة نفسه الإجرامية.

قتل المخرج الإذاعي عبد الرحمن عبسي بيد نجله (حسام) وقتل حسام شقيقه الأكبر محمد (23 عاماً)، ثم قتل شقيقته (صفاء) ابنة ال14 ربيعاً ذبحاً بخنجر مسنون، واحداً تلو الآخر دون رحمة ولا شفقة، ولا وازع من أخلاق أو ضمير أو رادع من أوصر القربى وصلة الدم، ودون اكتراث بحق الأب على ابنه وحق الشقيق على أشقائه.. قتلهم غيلة وغدراً وحقداً، مستلاً خنجره ليذبح الأب والشقيق والشقيقة، حيث لم يكتف الابن القاتل بالذبح حين دفعه حقده الإجرامي إلى تأكيد جريمته ومجزرته المفزعة بعدة طعنات غرزها في أجساد أقرب الناس إليه وأعظمهم قربى وصلة دم ورحم.
هي جريمة ولا كل الجرائم في أول الخلق أقدم قابيل على قتل أخيه هابيل، كان الغراب أول مستنكر لجريمة قتل الشقيق لشقيقه، فأراه –بأمر الخالق عز وجل- كيف يواري سوأة أخيه تحت التراب، غير أن قابيل حين استيقظ من غفلته وأدرك بشاعة فعلته أصابه الجزع ومات بحسرته على أخيه، مسجلاً أول جريمة قتل في تاريخ البشرية.
وهنا نسأل: ما الذي فعله الابن القاتل (حسام) بأبيه وبشقيقيه مع سدول ظلام ليلة الأربعاء الماضي؟؟ وربما يكون السؤال هنا أكثر وجاهة حين نسأل الابن القاتل: ما الذي فعله أبوك لتمد إليه يدك وتقتله وتهرق دمه ذبحاً وطعناً بخنجر أسكنته شيطان جرمك؟ وما الذي ارتكبه شقيقك الأكبر ليلقى على يديك مصير أبيكما؟ وبأي ذنب قتلت بخنجرك شقيقتك صفاء؟.. أسئلة مهما كانت وأياً كانت الإجابات عنها فهي إنما تزيدنا ذهولاً وتجسم لنا بشاعة القتل وبشاعة ما ارتكبه ابن بحق أبيه وشقيقه، بل وبحق الإنسانية جمعاء.
ليتك يا حسام قتلت نفسك انتقاماً لسوادها وأفرغت غضب الشيطان من خنجرك على جسدك الأجوف الفارغ من عاطفة الابن وشفقة الشقيق وضمير الإنسان السوي.. ليتك استبدلت فعلتك التي فعلتها بأبيك وشقيقيك بقتل شيطان سكن نفسك وألهمها الفجور والعصيان والعدوان.. إنما سولت لك نفسك ارتكاب ما حرم الله ودفعت بك إلى خزي في الدنيا وعذاب أليم في الآخرة.
نسي حسام أمر الخالق عز وجل في محكم كتابه العزيز (ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة، وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيراً).. الآية.
نسي حسام ابن ال22 عاماً أوامر الخالق سبحانه لعباده بالعدل والإحسان، وإيتاء ذي القربي، والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي، فخالفها جميع، فقد قتل الأب والأخ والأخت وأحزن الأم حين رمّلها على حين غرة، وأثكلها حين قتل -وهو ابنها- فلذتي كبدها غدراً وحقداً وكفراً.. حسام فعل كل ما أمكنه الفعل القبيح بأبيه وشقيقيه الفاحشة والمنكر والبغي، فبأي وجه يلقى ربه، وبأي قلب سفك دماء الأقربين له رحماً وصلة دم، وبأي جريمة سيمثل أمام عدالة القضاء على الأرض، وإنها لكبيرة وأم الكبائر.
رحم الله الإعلامي القدير والمخرج الإذاعي المخضرم عبد الرحمن عبسي، ورحم الله ابنه محمد وابنته الطفلة صفاء، وأسكنهم جميعاً فسيح جناته، وألهم أهلهم وذويهم والناس جميعاً الصبر والسلوان، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
* وإلى تفاصيل أبشع جرائم العصر:
الأخ الأصغر للأب المقتول يروي تفاصيل الجريمة
يروي الأخ الأصغر والوحيد للمخرج المقتول تفاصيل الجريمة البشعة.. يقول عبد السلام عبسي أنه بعد أن عاد محمد الأخ الأكبر لحسام من الجامعة وأخته صفاء من المدرسة، ذهبوا إلى الأم لتناول طعام الغداء في منزل أسرتها الذي تسكنه بعد خلافها مع أخو عبد الرحمن، والذي يقع على مقربة من بيت أبيهم، بعد ذلك أخذ محمد أخته ورجع إلى بيتهم، لكنه تأخر مع أصدقائه أمام المنزل بينما سبقته صفاء، وبمجرد دخولها باشرها حسام بضربة بحديدة في وجهها فأصاب أنفها وطعنها أربع طعنات متفرقة في جسمها، وبعد أن قتلها سحبها إلى المطبخ.. وما هي إلا لحظات حتى دخل أخوه الأكبر محمد بينما كان حسام (القاتل) مختبئاً وراء الباب، وحين دخول محمد باشره بأربع طعنات، ثم سحب جثته إلى جوار جثة أخته في المطبخ، بعدها قام بالاتصال بأبيه الذي كان عند أحد زملائه المهندسين في الحصبة، وقال له أن الكمبيوتر الذي كان ضائعاً وجده في البيت، فعاد الأب إلى المنزل، وبمجرد وصوله باشره حسام بسبع طعنات متفرقة في جسده.
الأم تنجو بأعجوبة
بعد ذلك خرج حسام يستدعي أمه لتأتي إلى البيت، فقد كانت نيته سوداء حتى تجاه أمه، غير أن الأم رفضت المجيء إلى البيت فُكتب لها عمر جديد.
تصرفات حسام بعد ارتكابه الجريمة
وأوضح عبد السلام أن حسام بعد أن ارتكب جريمته قام بتغيير ثيابه وخبأ الخنجرين والحديدة (أدوات الجريمة) في مكان خلف المنزل، وذهب إلى صاحب البقالة وأخبره بأن والده وأخاه وأخته مذبوحون داخل البيت، ثم قام بالتبليغ عن نفسه.
وأضاف عبد السلام بأن التحقيق لم يأخذ وقتاً، لأن حسام اعترف في بدايته، فلم يجادل أو ينكر فعلته، بل أعطى التفاصيل كاملة لمحققي البحث الجنائي، وأخبرهم بمكان أدوات الجريمة دون أن يبدي ندماً أو اكتراثاً بما فعل.
القاتل لم يكن يتعاطى المخدرات
ونفى عبد السلام أن يكون حسام يتعاطى المخدرات أو الخمر أو غيرهما، حتى أن أباه قام بتسجيله مؤخراً في نادي ضباط الشرطة ليمارس رياضة كمال الأجسام.. مشيراً إلى أن حسام كان يتعاطى القات، وأن والده أودع لدى أحد أصدقائه يوم الحادثة مبلغاً من المال ليعطيها لولديه محمد، وحسام كما يفعل دائماً، على الرغم من أن الأب لا يتعاطى القات (لا يخزن) مطلقاً.. مضيفاً: لا أدري كيف تجرأ حسام على قتل أبيه الذي يكد ويتعب طوال عمره من أجله وإخوانه!!
كان القاتل في حالة نفسية طبيعية
ووصف شقيق المجني عليه "عبد السلام" الوضع النفسي لحسام بالطبيعي، وبأنه ليس منطوياً، بل كان بشوشاً يضحك مع الجميع.. وقال بان بعض المشاكل كانت تحدث بينه وبين والده فيترك البيت هارباً عند أصدقائه لأسبوع أو أسبوعين، لافتاً إلى أن أكثر خلافات حسام كانت مع والدته.
فادي (29 عاماً) الابن الأكبر للمخرج عبد الرحمن عبسي من زوجته الأولى -التي أنجبت له ولداً وبنتاً- والأخ غير الشقيق لحسام قال: لم أفق بعد من هول الصدمة المفجعة، ولا أستطيع أن أتحدث بأي معلومات جديدة أكثر مما قاله عمي "عبد السلام".. أما بالنسبة لعلاقة والدي بإخواني فلا أعرف طبيعتها، لأني أسكن في تعز، ولم أزرهم سوى مرة أو مرتين، حتى أني لم أجلس معهم في المنزل.. كما أن علاقتي بحسام منعدمة تماماً.
وأشار فادي إلى أنه لا يعرف عن وضع أخيه حسام النفسي شيئاً، وإن كان هناك من خلل في نفسيته أو تغيير ما كنا عرفناه.. وقال: "أنا أبحث عن تفسيرات أو دوافع لفعلة حسام ولم أجد أي تفسير أو مبرر".. مضيفاً: "والدي كان أباً بكل ما تعنيه الكلمة، فلم يكن يفضل محمد على حسام، فكل أبنائه سواسية، حتى أن والدي رحمه الله من النوع الهادئ، لم يكن يمد يده أو يرفع صوته على أحد من أولاده، وكان يحسن إلى الكل كما هو الحال مع حسام، لكن لا أدري كيف طاوعته (حسام) نفسه لارتكاب جريمته!!
الشيخ يحيى الحباري –عضو مجلس الشورى وأحد أصدقاء الفقيد- يؤكد أنه شاهد جثة صديقه عبد الرحمن في ثلاجة الموتى وإحدى يديه معطوفة إلى مقابل وجهه، ما يوحي أنه كان مربوطاً.. مستبعداً أن يكون حسام قام بالجريمة منفرداً، بل لا بد له من شريك ساعده في ربط والده وتكتيفه من الخلف، وإلا لكانت يده ممدوة إلى جنبه.
وقال الحباري: جاءتني غيبوبة حينما رأيت الجثث، فلساني يعجز عن وصف ما رأيت، وما يسيطر على تفكيري هو كم عدد الذين اشتركوا في هذه الجريمة الشنعاء، لأنه من المستحيل أن يكون حسام بمفرده من ارتكب الجريمة.. وأضاف: طعنات القتلى كانت في نفس الأماكن وبذات الطريقة، وكلها في أماكن حساسة كما هي في الأب عبد الرحمن، ففيه طعنتان في أوردة الرقبة، وطعنة في القلب، وأخرى سطحية في الجبهة، وطعنة في البطن أخرجت أحشاءه.. مؤكداً بأن القاتل شخص متخصص أخذ "كورس" في معهد للقتل والذباحة.. فالطعنات دقيقة وفي نفس الأماكن، حتى أنها ذات العمق بحسب ما أكد لي الطبيب الشرعي.
كان أباً رائعاً
جمال الرميم –أحد زملاء المجني عليه الأب عبد الرحمن عبسي- يقول: كنا نلاحظ على زميلنا عبد الرحمن الحنية التي يتعامل بها مع أبنائه عند زيارتهم له في الإذاعة، خصوصاً مع حسام، كان ينظر إليه وكأنه طفل لا يزال يحبو على الأرض يريد احتضانه، إذ أن حسام كان يبدي شيئاً من الفكاهة، فكان يضحك له بارتياح ويحس بأن ابنه اللطيف أصبح رجلاً مكتملاً.. إضافة إلى أن الحنية كانت روح تعامله، في نظراته وطباعه وفي كل شيء.. كان عبد الرحمن يتفانى في إكرام أبنائه، يشتري لهم الغداء من المطعم ويذهب به إلى البيت عندما لا يكون فيه من يطبخ لهم، ولم يكن يترك شيئاً من حقوق أولاده إلا وأعطاهم، سواء المعنوية أو المادية، والمادة بالذات.. كان رجلاً رائعاً.
وأشار الرميم إلى أن البيوت أسرار، لكن مهما بلغت المشاكل الأسرية، ومهما كانت المبررات فهذا لا يعطي الدافع لحسام قتل أبيه وإخوانه.. وهذه الجريمة لا تأتي إلا من وحشية سكنت النفس أو خروج عن الإدراك في اعتقادي الخاص.
القاتل اعترف ولم يذرف دمعة!!
من جانبه أكد العميد الركن رزق الجوخي –مدير مباحث أمانة العاصمة- أن الجاني حسام لم يحاول الهرب، بل كان متخفياً نوعاً ما بأسلوب هادئ، معتقداً انه لن يتعرف عليه أحد. وقال: أخذته ودخلنا معاً لنتعرف على الجثث، إلا أنه لم يحاول مجرد محاولة أن ينزل دمعة واحدة من عينه، وإن كان الآن نادماً بعد أن تم التحقيق معه وسلمت القضية بشكل نهائي إلى النيابة العامة.
دوافع حسام غير مقنعة
بحسب ما صرح به حسام لقناة السعيدة في برنامج صدى الأسبوع فقد قال: "من حين ما أعرف نفسي وتعاملهم في البيت معي وكأني بلا أسرة".. مشيراً إلى أن ظلم أسرته من دفعه إلى قتل والده وأخيه وأخته.. ناصحاً الشباب أن يواجهوا آباءهم بمشاكلهم، وحثهم على التمسك بالصلاة وعدم تركها.
القاتل في سطور
حسام الابن الرابع للمخرج عبد الرحمن عبسي.. قبله فادي وأمل من زوجته الأولى، ومحمد وصفاء من زوجته الثانية الإعلامية المعروفة زهور ناصر.
يصفه أحد زملائه بالفاشل دراسياً، حتى أن بعض أقرانه وصلوا إلى الجامعة وهو لم يتعد المرحلة الإعدادية إلا بصعوبة بعد سنوات من الإعادة.. مضيفاً أن والده كان يلومه كثيراً على رسوبه في الدراسة وعلى مرافقته لأصدقاء السوء بعد أن انتقلوا من حي الصافية إلى بيتهم الجديد في منطقة دارس، وحاول أبوه أن يمنعه من هذه الصدقات السيئة لكن دون جدوى.
وبحسب مصادر مقربة من سكنهم الأول أنه كان كثير الشكوى من تعنيف والده وأخيه محمد له، خصوصاً فيما يتعلق بالدراسة والمذاكرة، وأنه كان مولعاً باقتناء الخناجر إلى درجة أنه يستطيع التفريق بين الجيد من الرديء.. كما يحرص على اقتناء أحسن ماركة، منها الخنجر الفرنسي وآخر معروف ب"المسمم"- بحسب وصف أحد أصدقائه.
ظاهرة قتل الأقارب
برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة قتل الأقارب في اليمن، بعد حدوث أكثر من جريمة، لتشكل ظاهرة تستدعي الوقوف أمامها ودراسة الأسباب والمشاكل التي أدت إلى هذا التحول الخطير:- في ذمار أب يبلغ من العمر 67 عاماً، أقدم على قتل ابنه (30 عاماً) بإطلاق عدة أعيره نارية أردته قتيلاً إثر خلافات أسرية.- في إب شاب يبلغ من العمر 25 عاماً قتل شقيقه البالغ (16 عاماً) حين قام المجني عليه بتحذير أخيه الجاني من تهديد والدتهما بالسلاح، فباشره بطلقتين في رأسه أدت إلى وفاته.- وفي ذمار أيضاً أقدم شاب في العشرين من عمره على قتل والده (45 عاماً) على خلفية مشاكل أسرية، بعد عودته بأيام من الغربة في المملكة العربية السعودية.. إلا أنه تم العفو عنه من قبل أولياء دم الأب.
زوجة عبدالرحمن العبسي- المذيعة زهور ناصر تحكي القصة المئساوية



منزل شعبي صغير في منطقة دارس وفي حارة عمر بن عبدالعزيز، خال من كل مقومات الحياة العصرية، لا تكف النساء عن زيارته وذرف الدموع فيه، وعلى بعد أمتار منه يوجد منزل من دورين تبدو الرفاهية والعصرية عليه, وكلما اقتربت منه أكثر تملكتك مشاعر الخوف والرهبة وتسري في جسدك قشعريرة مرعبة، تبدو نوافذه وستائره مفتحة، تستطيع أن تطّلع على ديكور الغرفة وتتعرف على أناقته، وكلما هبّت الرياح وحركت معها الستائر تقفز إلى مخيلتك تفاصيل جريمة بشعة جعلت هذا المنزل خالياً موحشاً، صبغت جدرانه بدمائهم واحتوت صرخات ألمهم ولحظات خوفهم، فقط أربع سنوات هي مدة انتقال الأخ عبدالرحمن العبسي وعائلته إلى بيتهم الجديد هنا، حملوا معهم كثيراً من الأحلام وخطة لمستقبل آمن لأولادهم الثلاثة محمد وحسام وصفاء، أما الآن فقد صاروا أبطالاً ضمن قصة واحدة من أبشع الجرائم التي ستتذكرها الأيام..
أما من؟! فهو حسام الشاب المرح الحنون المتسامح..أما لماذا؟! فهذا ما لا يعرفه غير حسام وربما أحد آخر لا نعرفه.
حنون ومسالم
.. من هو حسام؟.
.. من مواليد 19 أغسطس 1889م،كان يميزه قلبه الرحيم، وروح الفكاهة والمرح، والتسامح والتعاون، كان كلما حدث خلاف معه وإخوته كان هو من يبدأ بالتنازل، إن غضبنا أنا أو أبوه كان سريعاً ما يعود ليقبل رؤوسنا وركبنا، وكان أبوه دائماً يمنعه من تكرار عادة تقبيل الركب، ويقول له هذه عادة العبيد، ولكنه لم يكن لينتهي، وكان حسام حساساً سريع التأذي والشعور بالظلم، كانت أبسط الأمور والتصرفات والكلمات تؤذي مشاعره، كما كان يحب الصلاة في الجامع ويحافظ عليها، بعكس أخيه محمد الذي كان لا يصلي في الجامع إلا أيام الجمع، كما كان حسام متعاوناً مع أهل الحارة؛ يحمل عن الكبير إن وجده يحمل ثقلاً، وفي كل مرة كان أطفال الحارة يتشاجرون بسبب الكرة؛ كان يهديهم كرة من كراته التي تمتلئ بها غرفته.
.. أكثر ما كان يحبه حسام؟.
. منذ طفولته كان مولعاً بالسيارات والحيوانات وروحه في كرة القدم، في طفولته حين كان أبوه يشتري له ولأخيه محمد لعبهم المفضلة السيارات والحيوانات، كان يأخذ من لعب أخيه محمد رغبة منه في امتلاك المزيد، وكبر وكبر معه حبه لهذا الثلاثي «سيارات - حيوانات - وكرة القدم» صارت كرة القدم معشوقته، لدرجة أنه يحفظ عن ظهر قلب أسماء كل اللاعبين والمنتخبات العالمية، حتى إن ملابسه كلها رياضية، وأحذيته كلها “بوتي” وظل يعشق السيارات..كنا حين نكمل الأكل يجمع حسام البقايا ويأخذها للكلاب والقطط الموجودة في الحارة، ويقول لي حرام إنها جائعة، حتى صارت تتعرف عليه وتتمسح بين قدميه وتجري إليه كلما رأته في الحارة.
هل كان اقتناء الخناجر ضمن هواياته المفضلة كما ذكرت كثير من الصحف؟.
. لا لا.. هذا غير صحيح، حسام كان مولعاً بالسيارات ويعشق كرة القدم.. هذا كذب لم يقتن خنجراً في حياته.
كسر الملل
.. عندما حدثت الجريمة كنت تقضين وقتك في بيتك الخاص، لماذا؟!.
.. قبل زواجي بعبدالرحمن اشتريت هذا البيت الشعبي هنا في دارس بمبلغ عشرين ألف، ولم أغير فيه أو أعيد إصلاحه، ولم أكن أحتاجه، كان لدينا بيت أبي في شارع هائل وهو بيت كبير وواسع، كنت أذهب إليه كلما شعرت برغبة في التغيير، وبعد وفاة أبي وأمي تم تقاسم البيت وأخذ كل واحد نصيبه، ولم يتبق مكان أذهب إليه في حال شعوري برغبة في التغيير إلا بيتي، وكان هذا اتفاقاً بيني وبين زوجي أن أخرج من البيت متى رغبت في ذلك ومتى شعرت بحاجتي للخروج.
.. الأسباب التي تدفعك لترك بيتك رغم حداثتها وأثاثها وترك أسرتك والمجيء للعيش في هذا البيت الذي لا يمتلك أي مواصفات تجعله ملجأ للتغيير؟!.
.. بيتنا المجاور لهذا البيت بيت عصري يمتلئ بكل الأجهزة والتكنولوجيا؛ تلفزيونات وكمبيوترات وما إلى ذلك، لا أستطيع مع وجودها التفرغ للمطالعة والصلاة وقراءة القرآن والاستغفار، لذا اتفقت مع عبدالرحمن على أن أقضي فترات هنا أتفرغ للاطلاع والصلاة وقراءة القرآن، خلال هذه الفترات يحضر عبدالرحمن كل المستلزمات إلى هنا بدلاً من بيتنا وأقوم بإعداد الطعام هنا، ويعود عبدالرحمن من عمله والأولاد من مدارسهم وجامعاتهم إلى هنا ويتغدون ثم يذهبون إلى البيت.
لماذا؟!
.. لماذا لا يبقى الأولاد معك هنا؟!.
.. صفاء (البالغة من العمر ثلاث عشرة سنة وأربعة أشهر، والتي تدرس في الصف السابع) كانت تبقى معي، أما محمد ثلاث وعشرون سنة وحسام إحدى وعشرون سنة كانوا يبقون مع أبيهم في بيتنا المجاور.
.. وكيف تواجدت صفاء في بيت أبيها يوم الحادث رغم وجودك هنا؟!.
.. كانت صفاء خلال فترة بقائي هنا تذهب بعد الغداء مع أخيها إلى البيت لتغسل ملابس أبيها وإخوتها وقد يطلب منها أخوها محمد أن تكوي له ملابسه خاصة أنه طالب جامعي، كما تقوم بتنظيف البيت أولاً فأولاً، ثم تعود إلى هنا بعد أن تكمل عملها.
خلافات أسرية
.. ما نوع الخلافات بينكم وبين حسام؟.
.. لم يكن ثمة خلاف غير اعتيادي بيننا وبين حسام، كما جميع الأسر وكما جميع الإخوة، ولكنه كما ذكرت سابقاً كان شديد الحساسية لأبسط الكلمات والتصرفات.
بدأ خلافنا مع حسام وأخيه محمد حين تراجع مستواهما الدراسي، فجلسنا إليهما، أخدنا منهما تعهداً أن تعود مستوياتهما إلى ما كانت عليه، فقد كان حسام الأول على فصله وكذلك محمد، كانا يدرسان في مدرسة المناهل الخاصة، وكان مدير المدرسة والمعلمون فيها يتعاملون معهما معاملة خاصة بسبب تميزهما، وبالذات حسام الذي كان له حضور خاص ويمتلك روح الفكاهة وروح مرحة، وأخبرناهما في حال ظل مستواهما يتراجع سنحرمهما من المصروف، وفي أبسط الأحوال سيتقلص، وبالفعل تحسن مستوى محمد وصار في السنة الثالثة قسم علوم الحاسوب، وظل مستوى حسام يتراجع وهو إلى الآن مازال طالباً في الصف الثالث الثانوي، وشيء طبيعي أن يكون هناك عقاب وهو تقليص المصروف، فقد كان محمد يخزّن يومياً، أما حسام فقط الخميس والجمعة.. وكانت تحدث بينهما خلافات تحدث بين كل الإخوة في كل الأسر، حتى إنني حين كنت أحكي ذلك لزميلاتي في العمل، كان ردهن لي: “أنت لا تعرفي أيش يحصل في بيوتنا، تعالي شوفي المشاكل الحقيقية، هذا اللي يحصل عندك ولا شيء”.
غياب.. ووجع رأس
خلال هذه الفترة هل حدثت تغيرات ملحوظة في حياة حسام؟!.
- تخلُّفه في الدراسة هو أكبر تغير في حياة حسام الذي كما ذكرت كان الأول على زملائه، كما بدأ يتغيب عن البيت ليومين أو ثلاث أو أكثر ويغلق جواله، ولا ندري أين يذهب ولا مع من، وحين يعود واسأله عن سبب تغيبه، كان أبوه يعترض ويقول لي لا تضيقي على الولد، فقد صار كبيراً ويعرف مصلحته ويجب أن نثق في أخلاق ابننا.
في الفترة الأخيرة بدأ حسام يتناول البارمول والأمول بشكل هستيري، كنت أشتري الباكت وسرعان ما يكمله، كان يبحث عنها ويجمعها من كل مكان طوال اليوم ويظل يتعاطها، وحين كنا نسأله عن السبب يخبرنا أنه كان يشعر بوجع شديد في رأسه، لذا أخذه والده إلى الطبيب وأخبرهم أن نفسية حسام متعبة، ووجههم لعمل فحص دم وأكد ذلك، ولكن بسبب الإهمال والتسويف لم يجر الفحص، كما بدأ في الفترة الأخيرة يصر على لبسي وأخته الخمار الإسلامي.
الجريمة
.. ماذا عن يوم الحادث؟.
.. في ذلك اليوم كان حسام مختفياً عن البيت منذ أكثر من يومين وجواله مغلقاً، وكنت كالعادة أقضي وقتاً في بيتي..رجع محمد واخته من دراستهم لتناول الغداء معي، أما عبدالرحمن فلم يعد ولم يتغد معنا، أكملنا الغداء وتوجهنا إلى بيتنا للمذاكرة، في كل يوم بعد عودتهم إلى بيتهم كان يحضر محمد ثلاجة للشاي له ولأخته وأخرى للقهوة لأبيه؛ ولكن في ذلك اليوم على غير العادة لم يرجع محمد ولم يحضر الثلاجات، فقد أخذ الثلاجة وذهب إلى سوق دارس لشراء قاته وشاي أيضاً، ترك أخته صفاء وحدها في البيت، اتصلت من أجل أن يحضر الثلاجات ولكن لم يرد أحد على التلفونات، شعرت بالقلق؛ لبست عباءتي، ولكني ما أن فتحت باب بيتي حتى شعرت أني أبالغ في قلقي، خاصة أني في الفترة الأخيرة كان يحاصرني قلق غير مبرر، كنت أهرب منه للاستغفار والصلاة وقراءة القرآن، وعدت أكرر الاتصال ولكن لا رد، لبست عباءتي مرتين وثلاثاً ولكني كنت أعود كلما فتحت الباب وأقول: “سأصبر قليلاً ربما يكون في الطريق، ربما لم يسمعوا صوت التلفونات” في هذه اللحظات كانت الجريمة قائمة.
أخبروني أن صفاء هي أول ضحية، ثم عبدالرحمن ثم محمد
.. ما سبب عودة الأستاذ عبدالرحمن إلى البيت فجأة؟!.
.. لا أعرف لماذا عاد عبدالرحمن إلى البيت على غير عادته، دائماً كنت أسمع صوت سيارته في الحارة وأعرف أنه رجع، ولكن في ذلك اليوم لم أسمع، ربما حسام من يعرف لماذا وكيف عاد أبوه إلى البيت، فقد سمعت أنه اتصل به ليخبره أنه وجد قطعة خاصة بالكمبيوتر كانت قد فقدت من البيت.
.. وهل فعلاً كانت هناك أشياء تختفي من البيت في الفترة الأخيرة؟!.
.. نعم كانت هناك أشياء تختفي من البيت في الفترة الأخيرة، ولم نكن نعلم سبب اختفائها.
لحظات قاتلة
.. كيف عرفت بالجريمة؟.
.. حين لم أجد رداً على اتصالاتي، اتصلت بتلفون حسام؛ كان قد فتح بعد أكثر من يومين على الإغلاق، أخبرته أن إخوته لا يردّون على اتصالاتي، وأن محمداً لم يأتِ لأخذ الشاي والقهوة، وطلبت منه أن يذهب إلى البيت ويطمئني عليهم، وبعد صلاة المغرب سمعت صوت الباب، وحين فتحته وجدت حسام واقفاً أمامي، وقال لي: إنه عاد إلى البيت ووجد أخته صفاء مقتولة في حضن أبيها وهو أيضاً مقتول ومحمد أيضاً مقتول إلى جانبهم، وحيث إن عادته المزح فقد اعتقدت أنه يمزح، قلت له: لا أحد يمزح بهذه الطريقة وهذه الأمور، لكنه أخذ يضرب على رأسه بيديه ويصرخ ويحلف أنهم مقتولون.
.. كيف تلقيت الخبر؟.
.. لم تحملني قدماي، شعرت أن ركبي ربطت، أخذت أردد: أستغفر الله العظيم، حسبي الله ونعمل الوكيل، لا حول ولا قوة إلا بالله، وانسحبت إلى الداخل وحملت إبريق الماء وأخذت أصب الماء على صدري ورأسي وأشرب، ثم خرجت وأعطيته لحسام وأخذ يشرب ويصب الماء على رأسه، طلبت منه أن يذهب إلى عاقل الحارة وكبار الحارة ويخبرهم الخبر حتى ينقلوهم إلى المستشفى إن كانوا أحياء، ثم عرفت أنهم ماتوا، وفي الساعة الحادية عشرة ليلاً عرفت أن الفاعل هو حسام حسب اعترافه، ولكني الآن أشعر أن هذا خارج حدود العقل والمنطق والتصديق، هذا ليس حسام، ابني حسام الذي ربيته، حسام الحنون والمرح والمتسامح، لا أستطيع التصديق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.