اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، يوم أمس، 28 مواطناً إثر اقتحامها مناطق مختلفة في الضفة والقدس المحتلتين، حيث تركزت هذه الاعتقالات في القدسورام الله. وأفادت مصادر حقوقية في القدس لوكالة فلسطين الآن، بأن قوات الاحتلال الاسرائيلي اعتقلت 11 مواطناً مقدسياً بينهم سيدة، وفي رام الله، داهمت قوات الاحتلال قرية عبوين شمال المدينة، واعتقلت 13 مواطناً.. كما سلّمت أكثر من 14 آخرين بلاغات لمراجعة مخابراتها، و وزعت منشوراً يتضمن تهديدًا لأهالي القرية. وفي جنين شمالي الضفة المحتلة، اعتقلت قوات الاحتلال شابا بعد مداهمة منزل ذويه في حي خروبة. فيما أصيب شابا آخر أثناء مطاردته من قبل قوات الاحتلال في مدينة رهط داخل الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1948. وفي ذات السياق اعتقلت قوات الاحتلال أحد الأسرى المحررين جنوب شرق نابلس، كما اعتقلت مواطنين في مدينة الخليل. وقد داهمت قوات الاحتلال الاسرائيلي عدة أحياء في مدينة الخليل، ونصبت حواجزها المفاجئة على مداخل بلدات المدينة. على صعيد آخر، قررت لجنة التخطيط والبناء التابعة لبلدية الاحتلال في القدس، أمس الاثنين، بناء 142 وحدة استيطانية جديدة، في مستوطنة ‘هارحوما' المقامة على أراضي جبل أبو غنيم التابعة لمدينة بيت لحم. وذكرت وكالة وفا الفلسطينية استناد لموقع«واللاه» العبري أنه بناء على هذا القرار ستتم المباشرة في عمليات البناء لهذه الوحدات الاستيطانية الجديدة قريبا . يذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان أصدر تعليماته قبل أسبوع، بوقف البناء الاستيطاني في مستوطنة «هارحوما» المقامة على أراضي جبل أبو غنيم. في غضون ذلك أصيب عدد من المواطنين أمس بحالات اختناق إثر إطلاق جنود الاحتلال الإسرائيلي قنابل الغاز المسيل للدموع صوب المشاركين في فعالية يوم الأرض على أراضي بلدة حوارة جنوب نابلس. ونقلت وكالة وفا الفلسطينية عن شهود عيان بأن قوات الاحتلال هاجمت المشاركين في إحياء الذكرى التاسعة والثلاثين ليوم الأرض، والذين كانوا سيزرعون الأشجار في أراض مهددة بالاستيلاء عليها، وقد أصيب نحو 15 مواطناً بالاختناق من بينهم عضو المجلس التشريعي وزير الزراعة السابق وليد عساف، وقد نقلوا جميعا إلى المستشفى لتلقي العلاج. وأضاف الشهود أن جنود الاحتلال حاولوا الاعتداء على الصحفيين أيضاً، وأجبرت أصحاب المحال التجارية على إغلاق محالهم. وفي سياق متصل أصيب العشرات من الشبان وطلبة جامعة خضوري في طولكرم أمس، بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، أطلقه جنود الاحتلال بكثافة على المشاركين في مسيرة سليمة إحياءً لذكرى يوم الأرض. إلى ذلك جددت الحكومة الفلسطينية أمس لمناسبة يوم الأرض، تمسكها المطلق بالثوابت الفلسطينية وعلى رأسها الدفاع عن الارض الفلسطينية في وجه الاحتلال الاستيطاني ومحاولات اقتلاع المواطنين عن أرضهم، ودعم صمود المواطنين وثباتهم في جميع أماكن تواجدهم، وبشكل خاص في قطاع غزةوالقدس. ودعت الحكومة بحسب وكالة وفا الفلسطينية كافة شرائح المجتمع إلى الالتفاف حول القيادة الفلسطينية لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشريف، ودعت فصائل العمل الوطني إلى دعم حكومة الوفاق وجهودها في إزالة آثار الانقسام، وتعزيز الوحدة الفلسطينية في وجه سياسة إسرائيل في العقاب والتنكيل الجماعي والمخططات الإسرائيلية الاستيطانية. وأكدت أن حكومة الوفاق، تسعى بشكل حثيث لاسترداد الحقوق الفلسطينية من خلال المحافل الدولية، ووفق المواثيق والمعاهدات الدولية، وخاصة حقها في الأرض والحدود والسيادة مشددة على مواصلة عملها على ترسيخ مؤسسات الدولة الفلسطينية على أرض فلسطين، بما يليق بتضحيات ابناء شعبنا ونضالاتهم. هذا وقد أحيا الشعب الفلسطيني أمس الذكرى التاسعة والثلاثين ليوم الأرض، المناسبة التي أصبحت عيدا للأرض والدفاع عنها منذ العام 1976 وذلك تحت شعار «إنا باقون، ما بقي الزعتر والزيتون» .. وجاء يوم الأرض بعد هبة الجماهير العربية في أراضي 48 عام 1976، معلنة صرخة احتجاجية في وجه سياسات المصادرة والاقتلاع والتهويد التي انتهجتها إسرائيل، وتمخض عن هذه الهبة ذكرى تاريخية سميت ب«يوم الأرض». وشارك الفلسطينيون في الداخل والضفة الغربية وقطاع غزة والشتات، والمتضامنون من أنحاء العالم لإحياء هذه الذكرى، كما شهدت الضفة الغربية وقطاع غزة عدة فعاليات ومسيرات على نقاط التماس وباتجاه الجدار العازل والمعابر المحيطة بمدينة القدسالمحتلة. يشار إلى أن الشرارة التي أشعلت الجماهير العربية ليوم الأرض، كانت بإقدام السلطات الإسرائيلية على مصادرة نحو21 ألف دونم من أراضي عدد من القرى العربية في الجليل ومنها عرابة، سخنين، دير حنا وعرب السواعد وغيرها في العام 1976؛ وذلك لتخصيصها لإقامة المزيد من المستوطنات في نطاق خطة تهويد الجليل وتفريغه من سكانه العرب. وهو ما أدى إلى إعلان الفلسطينيين في الداخل وخصوصا المتضررين المباشرين عن الإضراب العام في يوم الثلاثين من مارس . وفي هذا اليوم أضربت مدن وقرى الجليل والمثلث إضراباً عاماً، وحاولت السلطات الإسرائيلية كسر الإضراب بالقوة، فأدى ذلك إلى صدام بين المواطنين والقوات الإسرائيلية، كانت أعنفها في قرى سخنين وعرابة ودير حنا. وأفادت معطيات لجنة المتابعة العليا - الهيئة القيادية العليا لفلسطينيي 48- طبقا لتقرير بثته وكالة الانباء الفلسطينية « وفا » بأن إسرائيل صادرت منهم نحو مليون ونصف المليون دونم منذ احتلالها لفلسطين حتى العام 1976، ولم يبق بحوزتهم سوى نحو نصف مليون دونم، عدا ملايين الدونمات من أملاك اللاجئين وأراضي المشاع العامة. وقد بذلت إسرائيل جهوداً كبيرة لكسر إرادة القيادات الفلسطينية ومنع انطلاق فعاليات نضالية، لكن رؤساء المجالس البلدية العربية أعلنوا الإضراب العام في اجتماع يوم 25 مارس 1976 في مدينة شفا عمرو. وجاء قرار «لجنة الدفاع عن الأراضي العربية» التي انبثقت عن لجان محلية في إطار اجتماع عام أجري في مدينة الناصرة في 18 أكتوبر 1975. إعلان الإضراب الشامل، رداً مباشراً على مصادرة أراضي (المل) (منطقة رقم 9) ومنع السكان العرب من دخول المنطقة في تاريخ 13-2-1976. ويشير باحثون إلى أن مصادرات الأراضي بهدف التهويد بلغت ذروتها في مطلع 1976 بذرائع مختلفة تجد لها مسوغات في القانون وخدمة الصالح العام، أو في تفعيل ما يعرف ب«قوانين الطوارئ»الانتدابية. وكانت أرض «المل» التي تبلغ مساحتها 60 ألف دونم، تستخدم في السنوات 1942-1944 كمنطقة تدريبات عسكرية للجيش البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية، مقابل دفع بدل استئجار لأصحاب الأرض. وبعد عام 1948 أبقت إسرائيل على نفس الوضع الذي كان سائدًا في عهد الانتداب البريطاني إذ كان يسمح للمواطنين بالوصول إلى أراضيهم لفلاحتها بتصاريح خاصة. في عام 1956 قامت السلطات الإسرائيلية بإغلاق المنطقة بهدف إقامة مخططات بناء مستوطنات يهودية ضمن مشروع تهويد الجليل. كما كان صدور وثيقة (كيننغ) في 1976/3/1 من قبل متصرف لواء الشمال في وزارة الداخلية الإسرائيلية (يسرائيل كيننغ) وثيقة سرية، سمّيت فيما بعد باسمه، والتي تستهدف إفراغ الجليل من أهله الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم وتهويدها، واحدة من مسببات الاتجاه نحو الإضراب. ودعت وثيقة (كيننغ) في طياتها إلى تقليل نسبة الفلسطينيين في منطقتي الجليل والنقب، وذلك بالاستيلاء على ما تبقى لديهم من أراض زراعية وبمحاصرتهم اقتصادياً واجتماعياً، وبتوجيه المهاجرين اليهود الجدد للاستيطان في منطقتي الجليل والنقب. وركزت على تكثيف الاستيطان اليهودي في شمال الجليل، وإقامة حزب عربي يعتبر «أخاًَ» لحزب العمل ويركز على المساواة والسلام، ورفع التنسيق بين الجهات الحكومية في معالجة الأمور العربية، وإيجاد إجماع قومي يهودي داخل الأحزاب الصهيونية حول موضوع العرب في إسرائيل. وشددت الوثيقة على ضرورة التضييق الاقتصادي على العائلات العربية عبر ملاحقتها بالضرائب وإعطاء الأولوية لليهود في فرص العمل، وكذلك تخفيض نسبة العرب في التحصيل العلمي وتشجيع التوجهات المهنية لدى التلاميذ، وتسهيل هجرة الشباب والطلاب العرب إلى خارج البلاد ومنع عودتهم إليها. وكان الرد الإسرائيلي عسكرياً شديداً على هبة «يوم الأرض»، باعتبارها أول تحد ولأول مرة بعد احتلال الأرض الفلسطينية عام 1948، حيث دخلت قوات معززة من الجيش الإسرائيلي مدعومة بالدبابات والمجنزرات إلى القرى الفلسطينية وأعادت احتلالها، موقعة شهداء وجرحى بين صفوف المدنيين العزل، فكانت حصيلة الصدامات استشهاد 6 أشخاص 4 منهم قتلوا برصاص الجيش واثنان برصاص الشرطة. ورغم مطالبة فلسطينيي48 إسرائيل إقامة لجنة للتحقيق في قيام الجيش والشرطة بقتل مواطنين عُزَّل يحملون الجنسية الإسرائيلية إلا أن مطالبهم قوبلت بالرفض التام بادعاء أن الجيش واجه قوى معادية. وسعت إسرائيل إلى إفشال الإضراب لما يحمل من دلالات تتعلق بسلوك الأقلية العربية كأقلية قومية حيال قضية وطنية ومدنية من الدرجة الأولى، ألا وهي قضية الأرض. حيث عقدت الحكومة اجتماعا استمر لأربع ساعات، تقرر فيه تعزيز قوات الشرطة في القرى والمدن العربية للرد على الإضراب والمظاهرات. كما قامت قيادة اتحاد العمال الإسرائيلي «الهستدروت» بتحذير العمال وتهديدهم باتخاذ إجراءات انتقامية ضدهم، وقرر أرباب العمل في اجتماع لهم في حيفا طرد العمال العرب من عملهم إذا ما شاركوا في الإضراب العام في يوم الأرض. كذلك بعث المدير العام لوزارة المعارف تهديدا إلى المدارس العربية لمنعها من المشاركة في الإضراب. ورغم مرور( 39 عاماً) على هذه الذكرى، لم يمل فلسطينيو أراضي 48 الذين أصبح عددهم نحو 1.3 مليون نسمة بعدما كانوا 150 ألف نسمة فقط عام 1948، من الاحتفال بيوم الأرض، الذي يجمعون على أنه أبرز أيامهم النضالية، وأنه انعطافة تاريخية في مسيرة بقائهم وانتمائهم وهويتهم منذ نكبة 1948، تأكيدا على تشبثهم بوطنهم وأرضهم. وتعتبر الأرض الفلسطينية الركيزة الأولى لإنجاح «المشروع الصهيوني» وفق الأدبيات الصهيونية وخاصة الصادرة عن المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل بسويسرا عام 1897م، ومنذ نشوئه دأب الكيان على ممارسة سياسة تهويد الأرض العربية واقتلاع الفلسطينيين من أرضهم عبر ارتكاب المجازر المروّعة بحق الفلسطينيين، ولم تكتف السلطات بمصادرة أراضي الفلسطينيين الذين أُبعدوا عن أرضهم، بل عملت تباعاً على مصادرة ما تبقى من الأرض التي بقيت بحوزة من ظلوا في أرضهم. ويذكر أن إسرائيل صادرت خلال الأعوام ما بين عام 1948 1972 أكثر من مليون دونم من أراضي القرى العربية في الجليل والمثلث، إضافة إلى ملايين الدونمات الأخرى من الأراضي التي استولت عليها بعد سلسلة المجازر المروّعة وعمليات الإبعاد القسّري التي مورست بحق الفلسطينيين عام 1948. ويعتبر يوم الأرض نقطة تحول بالعلاقة بين (السلطة الإسرائيلية) وفلسطينيي 48، إذ إن إسرائيل أرادت بردها أن تثبت للجماهير الساخطة من هم «أسياد الأرض». وكان هذا التحدي العلني الجماهيري الأول للكيان المحتل من قبل الجماهير الساخطة، باعتقاد العديد أن يوم الأرض ساهم بشكل مباشر بتوحيد وتكاثف وحدة الصف الفلسطيني بالداخل على المستوى الجماهيري بعد أن كان في العديد من الأحيان السابقة نضال فردي لأشخاص فرادى أو لمجموعات محدودة. كما كان هذا الرد بمثابة صفعة وجرس إيقاظ لكل فلسطيني قبل بالاحتلال الإسرائيلي عام 1948. ويعتقد الفلسطينيون أن إحياء ذكرى يوم الأرض ليس مجرد سرد أحداث تاريخية، بل هو معركة جديدة في حرب متصلة لاستعادة الحقوق الفلسطينية. ومنذ العام 1976 أصبح يوم الأرض يوماً وطنياً في حياة الشعب الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، وفي هذه المناسبة تشهد تحركات شعبية فلسطينية عديدة تؤكد وحدة الشعب الفلسطيني وحقه في أرضه رغم شراسة الهجمة الاستعمارية الإسرائيلية التي نالت من أرض أجداده التي تحول جزء منها إلى جزر استيطانية كثيفة.