الخدمة المدنية تعلن غداً الأربعاء إجازة رسمية بمناسبة العيد الوطني 22 مايو    إصابة امرأه وطفلين بانفجار لغم زرعته المليشيات غرب تعز    تناقضات الإخواني "عبدالله النفيسي" تثير سخرية المغردين في الكويت    الحوثي للاخوان: "اي حرب ضدهم هي حرب ضد ابناء غزة"!!!!    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن حملة علاجية مجانية لمرضى القلب بمأرب    "وثيقة".. كيف برر مجلس النواب تجميد مناقشة تقرير اللجنة الخاصة بالمبيدات..؟    سياسيون ونشطاء: تراخي الأمم المتحدة شجع المليشيا لاستغلال ملف قحطان للابتزاز    المنتخب الوطني للشباب يواجه نظيره السعودي وديا منتصف يونيو استعدادا لبطولة غرب آسيا    أكاديمي اقتصادي: فكرة البنك المركزي للحد من تدهور الريال اليمني لن تنجح!    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    انهيار مرعب للريال اليمني.. ووصول أسعار صرف الدولار والريال السعودي إلى أعلى مستوى    المشاط يدافع عن المبيدات الإسرائيلية وينفي علاقتها بالسرطان ويشيد بموردها لليمن    ناشط إيراني بارز يكشف معلومات صادمة عن الرئيس الراحل "إبراهيم رئيسي"    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    شراكة الانتقالي وتفاقم الازمات الاقتصادية في الجنوب    ذكرى إعلان فك الارتباط.. جدار جنوبي راسخ لفظ الوحدة المشؤومة    خاصموا الانتقالي بود وأختلفوا معه بشرف    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    "يقظة أمن عدن تُفشل مخططًا إجراميًا... القبض على ثلاثه متهمين قاموا بهذا الأمر الخطير    شاهد : العجوز اليمنية التي دعوتها تحققت بسقوط طائرة رئيس إيران    لليوم الثالث...الحوثيون يفرضون حصاراً خانقاً على مديرية الخَلَق في الجوف    صراعات داخل مليشيا الحوثي: قنبلة موقوتة على وشك الانفجار    اللجنة الوطنية للمرأة تناقش أهمية التمكين والمشاركة السياسة للنساء مميز    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    إعلان هام من سفارة الجمهورية في العاصمة السعودية الرياض    لابورتا وتشافي سيجتمعان بعد نهاية مباراة اشبيلية في الليغا    رسميا.. كاف يحيل فوضى الكونفيدرالية للتحقيق    منظمة التعاون الإسلامي تعرب عن قلقها إزاء العنف ضد الأقلية المسلمة (الروهينغا) في ميانمار    منتخب الشباب يقيم معسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا    البرغوثي يرحب بقرار مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية مميز    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قال أن البرلمان متورط من رأسه حتى أخمص قدميه
الكاتب أحمد الصوفي ل(الديمقراطية): ما يحدث ليس من الأعراف الديمقراطية
نشر في الجمهورية يوم 26 - 04 - 2010

يتحدث الأمين العام للمعهد اليمني لتنمية الديمقراطية عن التراكم الديمقراطي منذ 93 حتى اللحظة، والتي كان نتيجتها ثلاثة دورات برلمانية ودروتين رئاسيتين ومثلهما محلية.. أحمد الصوفي الكاتب والمحلل السياسي في حوار متشعب مع الديمقراطية واصفاً دور البرلمان اليمني بمقيل القات الواسع ،، فإلى محريات الحوار..تراكم ديمقراطي
^.. سأبدأ معك مما تتهيأ له الدولة الآن وهو الاحتفاء ب27 إبريل يوم الديمقراطية.. كيف يقرأ أحمد الصوفي مستوى التراكم الديمقراطي على المستوى التحتي الشعب كأفراد وتكتلات.. وعلى المستوى الفوقي السلطة؟
اليمن في اعتقادي استطاعت أن تحقق تراكماً كمياً هائلاً فيما يتصل بوقائع العملية الديمقراطية، أي الحجم العددي لمشاركة الشعب في صناعة القطر، لكنها أيضاً استطاعت في الوقت ذاته أن تنشئ ما يمكن أن نسميه ذاكرة الديمقراطية في اليمن، هذه الذاكرة بدأت تبدو لزجة، وأيضاَ بطيئة.. وتتمدد بصعوبة على مستوى قنوات الحياة الثقافية والمعرفية. أقصد أننا نسرع في تكرار الأحداث سواءً أكان حدثاً انتحابياً برلمانياً أو محلي أو رئاسياً، لكننا لم نقدم التطور النوعي في كل حلقة، وأنا أعتقد أن الانتخابات البرلمانية الأولى كانت تدشين للتجربة الديمقراطية، ويفترض أن تكون الثانية نقلة نوعية، والثالثة تطويراً، والرابعة يفترض أن تكون ترسيخ لقواعد الحياة الديمقراطية التي لا يختلف عليها اثنان، وبالتالي نقول إن العملية الديمقراطية اليمنية استطاعت أن تحقق تراكماً كبيراً، ولكنها أخفقت في تحقيق النوعية. النوع دائماً هو المعيار في القياس الديمقراطي.
استدراج الديمقراطية
^.. وصفت الديمقراطية بالجثة..وقلت بأن المشترك انتصر على الديمقراطية..كيف انتصر عليها؟
الديمقراطية عندما تتحول إلى جثة يتقاسم أشلاؤها وأطرافها مكونات الحياة السياسية للأحزاب، تصبح أرضاً مستباحة، أرضاً خارج القيم، أرضاً خارج الأعراف والمعايير التي يفترض أن تتحكم بكل عملية ديمقراطية. بينما في التجارب الدولية، أو التجارب العالمية، الديمقراطية هي عبارة عن نسق ثقافي يؤثر على المكونات المحيطة به، ويتأثر أيضاً بالمكونات المحيطة، ولكنه في كل الأحوال يجبر جميع الأطراف على التكيف مع احتياجاته. بينما في اليمن هناك جثة يجري رسم معالم الشخوص الذين يلعبون على جثمان هذه الجثة. أما كيف انتصر المشترك على الديمقراطية.. فلقد استطاع أن يستدرجها عبر قناة البرلمان.. لينتزع عملية إيقاف مدروسة للدورات الانتخابية، وإعطاء الكيان المنتخب بأجل زمني محدد، وهو البرلمان، يعطيه تمديد لا مشروعاً، وبالتالي أنا أعتقد بأن المشترك تغلب على الحياة السياسية، وتغلب على العملية الديمقراطية. بل إنه استطاع أن يخلق حالة تعليق وتجميد للديمقراطية.. بسبب اتفاق فبراير.
حق للشعب
^.. لكن البرلمان مدد لنفسه عامين نتيجة توافق الأحزاب ذات الأغلبية؟
لا الأحزاب، ولا البرلمان يملك هذا الحق..هذا الحق وحده للشعب اليمني، الديمقراطية بجوهرها هو حكم الشعب من أجل الشعب وبالشعب، لا يجوز أن أعطيك عقداً لتمثلني أربع سنوات، لتتفق أنت ومن تتشارك معه التمثيل عن جناح آخر أو رقعة أخرى من المجتمع على التمديد لأنفسكم، هذا ليس من الأعراف الديمقراطية على الإطلاق. قد تكون هناك دواع لتأجيل العملية الانتخابية، لكن يفترض أن يكون التأجيل يمثل جزءاً من الحساسية والاحترام لإرادة الشعب، هذا التأجيل المطاطي والفضفاض الذي أوقف العملية الديمقراطية، وفي نفس الوقت لم يؤمن حق وصول المجتمع إلى دورة انتخابية بديلة.. هو الخطير.. الخطير أن السنتين التي مددت لا تقدم حلول، بل هي أساس تعطيل العملية الديمقراطية كلها.
تورط البرلمان
^.. مقاطعاً.. وهل يمكن اعتبار الشعب والبرلمان ضحية لتوافقات خارج الأطر التشريعية...؟
مقاطعاً..البرلمان ليس ضحية، البرلمان متورط من رأسه حتى أخمص قدميه بعملية تواطؤ خطيرة.. نفذها مع القوى السياسية التي لا تمتلك السلطة عليه أصلاً. ولأنه صاحب مصلحة من هذا التمديد باع الديمقراطية، وباع أصوت الشعب مقابل الحصول على سنتين.. البرلمان هنا هو المتهم الرئيسي لأنه هو أداة تنفيذ الجريمة.
سرقة واضحة
^.. وكيف تقرأ دوره؟
أرى أنه فشل في تقديم حياة ديمقراطية ومداولات معمقة للقضايا القانونية، كما أنه فشل في البرهنة على أنه برلمان يضم أناساً يتمتعون بالحس الوطني ويتمتعون بالحساسية السياسية إزاء القرارات الخطيرة كقرار التمديد لأنفسهم. هؤلاء لا يتمتعون بالحد الأدنى من الحساسية إزاء الشعب، وإزاء قضايا تتصل بمكوناتهم الشخصية ومكوناتهم الرسمية، وأنا لو كنت في مكان هذا البرلمان لاستقلت، لأنني أخجل أن أسرق من عمر الشعب عامين، وهذه سرقة واضحة..
بائس وموسمي
^.. مقاطعاً.. ولهذا البرلمان منذ 93 وهو يعيد إنتاج سلطة القبيلة من خلال أعرافها وتقاليدها.. فكثير من الأحداث التي وقعت تحت قبته وأشهرها ما حدث بين أحد أعضائه ورئيس حكومة سابق، لكنها انتهت بتهجير أمام بيته.. وهكذا هي الكثير من القضايا التي تحدث بين النواب أنفسهم لتنتهي بحل قبلي..أنت كمحلل سياسي ومراقب، كيف تجد البرلمان؟
مقاطعاً.. أشبه بمقيل، مقيل يضم عدداً من الزبائن المواظبين على الحضور بشكل متلكئ، وبتكاسل، وتجري المداولات وكأنها عملية استمزاج.. بمعنى، البرلمان لم يدرس حالة دراسة معمقة، لم يقدم البرهان على انه في كل عام يتطور في أدائه، وان مداولاته تتخذ بُعداً عميقاً، والأمر الآخر عدد الحضور في هذا البرلمان يكاد يكون ضئيلاً وموسمياً، إذ لا يحضرون إلا بدعوة خاصة من رئاسة المجلس ورئاسة الكتلة عندما يكون هناك أمر مهم، اغلب أعضاء البرلمان مشغولون بقضاياهم الشخصية، وبالتالي، الحصيلة المحصلة النهائية من إفراز قانوني، أو تشريعي، أو حتى سياسي.. بائس جداً. أنا لم أر في تاريخ اليمن برلماناً بائساً وفقير في بعده الثقافي كهذا البرلمان. إنه يعاني من شحوب، ويتحول إلى إطار خلفي. يبدو ديكورياً منظماً لأداء بعقلية قبلية، وليس بعقلية مدنية وحضارية، عقلية مؤسسة.. أنت عندما ترى كيفية التعامل مع الميكروفون تشعر باحتقار نفسي.. وكأن الميكروفون خصم آخر.
موسوعة غينيس
^.. ولعل ماحدث مؤخراً في البرلمان من مشادات...؟
عموماً.. نحن في التقييم النهائي نجد البرلمان الأول كان أفضل بكثير، والبرلمان الثاني كان أقل سوءاً. لكن هذا البرلمان هو السييء على الإطلاق.. وأنا أتحدى أي عقل في التاريخ السياسي.. حتى لو ذهبت إلى أي قبائل "الزولو" أو "التوتسي" أن يبتكروا برلمانا بهذا القدر من السوء.. لن يستطيعوا. لقد تخطى كل معدلات السوء، ويمكن أن يدخل في موسوعة "غينيس" في حجم المساوىء أو في تفوقه على نفسه في المساوىء.
استخدام الأغلبية
^.. لنعد ونكمل نقطة سابقة، قلت بأن تأجيل الانتخابات البرلمانية يؤثر على المسألة الديمقراطية التي اختارته بلادنا كنهج منذ مطلع التسعينيات.. هل كان الحاكم والمشترك موافقين تماماً، وموفقين حزبياً أيضاُ في الاتفاق على التأجيل؟
أنا أظن بأن الحاكم استدرج من حيث لا يحتسب، فالمشترك كان يمانع مبدأ الحوار، وفجأة يوافق على التأجيل. لقد كنت الوحيد الذي قال بأن هذا التأجيل مكيدة، وأن هذا استدراج، وفي الأخير يتأكد على لسان الرئيس أن هذا الاتفاق كان خطأ. لقد استدرج المؤتمر إلى منظفة مريحة تنزع منه الشرعية، وتنزع منه الأداء الأكثر فعالية كما يقال في الصراع حول ما يسمى بشرعية المنظومة السياسية كلها، وهي البرلمان. بعد أن انتزعوا البرلمان واستدرجوه إلى منطقة أخرى، حيث أصبحت الأقلية تملي شروطها على الأغلبية، بل والأنكأ أنها تستخدم الأغلبية لتحقيق هذا الشرط. وفي هذا الحالة لم يبقى حتى اللحظة إلا الرئيس كمصدر أوحد للمشروعية، أما بقية المؤسسات والهياكل تآكلت.
تكامل أركان الجريمة
^.. مقاطعاً.. بما فيها الحكومة؟
بما فيها الحكومة.. ولم يبقى إلا رئيس الجمهورية صاحب الشرعية الحقيقية. البرلمان فقد مشروعيته بمجرد أن مدد لنفسه، وهذا ما لم يحدث في أي كوكب، وحتى عند من يتعلم ألف باء الديمقراطية.. وهم الآن، بعدما وصلوا الآن إلى طريق مسدود فيما يتعلق بالترتيبات المتعلقة بتأجيل الانتخابات، أي أنهم لم يباشروا المهمة التي من أجلها أجلت الانتخابات، وتم التمديد، وبالتالي، هناك جريمة متكاملة الأركان نفذها المشترك وكتلة المؤتمر.
صناعة مشروعية
^.. ولهذا تتزايد الآن الدعوات إلى الحوار الوطني..الحزب الحاكم ألغى الحوار الذي كان يعد له.. بينما المشترك مازال يمضي باتجاه حوار لجنته الوطنية.. والاثنان يتبادلان رسائل حول اتفاق فبراير الذي لم يعد الوقت في صالحه.. ما الذي يحدث بالضبط.. وهل الأوضاع القادمة ستكون أكثر تعقيداً؟
المشترك يعمل على أن يضع مصدراً جديداً لمشروعيه يوازي في هيمنته وقوته وفي العناصر المكونه له.. يوازي مشروعية الرئيس علي عبد الله صالح. وبالتالي، بعد أن قضى على التعددية السياسية، بات الآن يصنع ركناً جديداً للمشروعية توازي مشروعية رئيس الجمهورية. وبالتالي، المشترك يحضر لتجريب نوع من أنواع توتير الشارع، وتحريك وتنظيم الجسم الذي يتحالف معه بهدف التحرك في نقطة ما، أو لحظة ما، أو في توقيت ما نحو قرار خطير، قرار قد يجعل الفوضى واحدة من المداخل نحو الوصول إلى السلطة، بعيداً عن صندوق الاقتراع .. بعيداً عن الانتخاب وعن الشعب. هناك عملية تظليل حقيقي تجري فيما يتصل بالحوار، أو فيما يتصل بأسباب إخفاقاته، والتراجع الذي تبنى به المؤسسات السياسية.. إفراغ التعددية السياسة من محتواها.. عجز قوى المجتمع عن التشارك في إدارة الحوار، وتقسيم المجتمع أفقيا بين هيئات تتحاور هنا وهيئات تتحاور هناك، كل هذا السيناريو يهدف بالأخير إلى أن يصنع المشترك زعيماً له.. هو حميد الأحمر، الذي يجرؤ - حسب تقديراتهم- على مواجهة شرعية أو مشروعية الرئيس.
حوارات تجري اللحظة
^.. الرئيس أيضاً كان قد دعا في وقت سابق لحوار مع كل الأطراف.. لكن لاشيء من ذلك حدث.. والأوضاع في المحافظات الجنوبية تزداد حدتها يومياً.. هل مازالت برأيك الدعوة قائمة لهكذا حواراً؟
الدعوة قائمة، وأعتقد أن فلسفة الحوار هي فلسفة طبيعية لدى فخامة الرئيس، وأيضاً دعوته للحوار مع كل الأطراف تتكرر. ولكن، هناك مشكلات عديدة.. أنا أعتقد أن المشكلة الرئيسية في الحراك مع من يتحاور.. الحراك إلى الآن ليس موحداً، الحراك لا يمتلك قيادة، الحراك حتى الآن مسير من خارجه.. وبالتالي، في اللحظة التي يتملك فيها القدرة على التعبير على نفسه بهيئات قيادية متناسقة، وفي اللحظة التي يتملك فيها برنامج سياسي يمكن أن نعتبر برنامجاً يمكن التحاور حوله، أو حتى استيعابه، أو في الوقت الذي يتراجع خطوة واحدة عن العنف.. ستكون هذه اللحظة مناسبة للحوار.. وأنا أثق، بأنه وفي هذه اللحظة.. بينما أنت تحدثني، هناك حوارات تجري مع كل أطيافه، ومع كل تكويناته، وأيضاً من خلال قنوات شعبية وسياسية، لكن لا أحد في الحراك يمتلك القرار.. القرار مع الممول. وأينما وجدت الممول تجد القرار. وبالتالي، إلى أن تتوفر هذه الشروط.. سيكون أمام الحراك فرصة لكي ينخرط كجزء من مكونات الحياة السياسية. أنا أعتقد بعدم وجود حالة من الشفافية والوضوح والانفتاح عاشتها اليمن في تاريخها القريب والبعيد كما تعيشه الآن. فقط توفر الجماعات شروط الحوار.. وشرط الحوار أن تكون طرفاً.. لا أطرافاًً عديدة.
استرخاء القوى
^.. أنت تصف المعارضة بالأنانية.. لأنها لا يمكنها أن تغلب مصلحة اليمن على مصلحتها أو تنظر إلى أبعاد العملية الديمقراطية باحتياجاتها للتطور أهم من وزنها داخل السلطة وحساباتها الانتخابية القادمة.. لماذا تبدو قاسياً في تعاطيك مع دعوات هذه الأحزاب ونضالها من أجل ترسيخ الممارسة الديمقراطية؟
معك حق.. أنا قلت هذا الكلام بلغة قاسية. لأني أعتقد بأنا كنا نمتلك تصوراً منذ 1990 إلى 2006، كنا نمتلك تصوراً بأن هناك قوى اجتماعية وسياسية.. وأنها ستكون القاطرة التي تدفع عربات التاريخ إلى الأمام. وكنا نعول كثيراً على الأفكار والبرامج السياسية التي يفترض أنها ستدافع المجتمع اليمني نحو التقدم والتطور، لكننا بالتقييم، وجدنا أن هذه القوى لا تتكلم عن عيوب هذه التجربة إلا حين تكون خارج السلطة. وعندما تكون داخل السلطة لا نجد إلا الفساد، لا نجد إلا المعوقات في العملية الديمقراطية.. والكل يسترخي. اكتشفنا أن هذه القوى بدلاً من أن تعمل على خلق نسق من التطور الديمقراطي الآمن من خلال تشريعات مختبرة ومجربة، من خلال تأمين معايير أداء يومي في الحياة العامة.. وجدنا هذه القوى في كل دورة انتخابية تضع شروط.. ونصل في الأخير إلى أن هذه الشروط تحمي مصالحهم ولا تحمي جودة العملية الديمقراطية.. لا تحمي تطورها.. أنا اشتركت في صياغة معظم مشاريع القوانين الانتخابية التي نوقشت، وأيضاً دعيت عشرات المرات كوسيط للأحزاب والقوى السياسية للدخول في حوارات جادة.. وكنا نطرح مشاريع من تجارب دولية حول موضوع القانون لنحسمه نهائياً. لكننا نجد في الأخير.. وفي الظل يتفقون على حساب العملية الديمقراطية والتاريخية. والسبب في اعتقادي بسيط، برامج هذه القوى السياسية، لغة خطابها، نمط تفكيرها، بنية عقلها.. هي كلها آتية من مرحلة ما قبل الديمقراطية. وبالتالي، الدخيل عليها هي الديمقراطية.. وليست هي الدخيلة على الديمقراطية. وبالتالي، الأداء الديمقراطي يجعل منها دائماً أنانية، لأنها جميعاً نبتت كأحزاب في صالونات السلطة.. كل الأحزاب ولدت داخل السلطة. الناصري كان في السلطة، والإصلاح كان في السلطة، والاشتراكي كان في السلطة، وأيضاً المؤتمر.. وقد أدمنوا السلطة.. انتزعت السلطة عمقهم.. انتزعت العمق السياسي، والعمق الحضاري.. بل والتاريخي أيضاً، وبالتالي، أصبحوا الآن أخشاب أنانية لا تريد أن تحترق إلا لتدفئ نفسها .
اعتياش من الأزمات
^.. هل عملت المعارضة على تأزيم الواقع، أم أنها تعمل على حلحلة هذه الأوضاع المأزومة أصلاً.. لماذا أنت تقرأ دور هذه الأحزاب ذات الثقل الشعبي بشكل عكسي ومتحامل؟
في اليمن ظاهرة غربية جداً تخالف كل ظواهر الكون باعتقادي، فالجميع يعتاش من الأزمات. لا أحد لديه كبرياء ليعتاش من النجاحات، من الأوضاع أو المناخات الطبيعية. وبالتالي، المعارضة تسعد جداً كلما تأزمت الأوضاع، وكلما بدأت تتحلحل الأوضاع.. ودخل الناس في حوارات كحوارات الدولة مع الحوثيين، حينها تقوم الدنيا ولا تقعد، ما الذي يحدث؟ ولماذا حدث؟ وكيف يطالبون بتحقيقات بينما حروب ستة تستمر.. وهؤلاء يعتبرون أن الدولة والخارج عن الدولة كلاهما في مستوى واحد.. عيب المعارضة أنها تخطئ أخطاء إستراتيجية حين تشجع العنف وحمل السلاح في وجه الدولة، وحين تحرض على استغلال الأزمة الاقتصادية لتعميق الأزمة الاقتصادية ذاتها، وكأن تأزيم هذه الحكومة سيمكنها من أن تكون هي الحاكمة غداً، وحتى إن غدت هي الحاكمة غداً.. ستحكم على أطلال أو ركام من الخرائب التي صنعتها سياساتها السابقة. اليمن سواء بيد الرئيس علي عبد الله صالح أو المشترك أو المعارضة لن يتغير كثيراً.. وهذا هو حاله.. داخله معروف، نفقاته معروفة، احتياجاته معروفة، والبطالة فيه معروفة. وبالتالي، لماذا المعارضة تحرض على تشكيل العنف، وحمل السلاح في وجه الدولة، وأيضاً تبرر الخروج عن القانون.. هذا توجه خاطئ وخطير. وبالتالي، نتوصل إلى أن فلسفتها هي استغلال الأزمات وليس حلها. لأنها تعتقد بأن هذه الأزمات تكسبها زخم ومشروعية أكبر مما هي عليه الآن.
اكتشاف صعدة
^.. دعوت في فترة سابقة إلى "التجييش الشعبي لإنهاء تمرد صعدة".. لينتهي التمرد بدون حسم حقيقي للمعركة الرئيسية.. هل أنت ضد هذه الطرق من الحسم في التعامل مع حركات التمرد الوطنية؟
أنا مواطن يلتزم بالبقاء ما أمكن تحت مظلة القانون والنظام. وبالتالي، أبرر للدولة ممارسة كل وسائل المواجهة إزاء أي كائن يرفع السلاح في وجهها.. ما حدث في صعدة تجاوز التمرد، بات هناك ميليشيات منظمة مسلحة، تتدرب بشكل جيد، وتعمل على زعزعة الاستقرار. تحمل مشروع بديل لمشروع المجتمع المدني هو إعادة الإمامة. الدولة التي واجهت هذا التمرد، وهذا الخروج عن القانون.. لم يكن لديها الحسابات الكافية والدقيقة والأمينة لتوقع الخطر وطبيعته وحجمه، وبالتالي، ظلت الحروب الستة هي حروب استقرائية تحاول أن تستشرف مكونات وملكات هذا الخطر. ولكن، في حقيقة الأمر اكتشفنا أن صعدة، سلمها وحربها.. لا يعنيان شيئاً واحداً يعنيان بالحقيقة أننا لم نصل بعد40عاماً من الثورة إلى صعده، النظام الجمهوري بمكوناته الثقافية والقانونية والفكرية، وجهازه الإداري لم يصل بعد إلى صعدة، وآن الأوان للوصول ليس إلى السلام، وإنما لإيصال الجمهورية إلى صعدة، إيصال قيمها، تنميتها، ثقافتها.. فصعدة هي المنطقة أو الحرب التي نسيها ثوار سبتمبر، أو الحرب المنسية كما أحب أن أطلق عليها. ثوار سبتمبر أقاموا لنا جمهورية بدون صعدة.. والآن تم استعادة صعدة بعد أكثر من أربعين عاماً..
فقدان الشهية
^.. هل هذا يعني أن الحرب هناك ما تزال مهيأة للعودة مجدداً.. حيث ونحن نقرأ يومياً تبادل اتهامات بين الطرفين حول خروقات تقوم بها بعض العناصر الحوثية كما يقول المصدر الرسمي.. بينما مصدر الحوثيين ينكر.. ومتحدث باسمهم بالأمس تحدث عن تعثر للجنة تنفيذ النقاط الست.. ألا ينبئ كل هذا عن بوادر حرب سابعة قادمة؟
أعتقد أن مشكلة صعدة ليست في النقاط الست وطرق تنفيذها..صعدة مشكلتها الحقيقية هي التنمية ودخول الدولة ببرنامج تنمية متكامل كحاجة ملحة لأبناء هذه المحافظة، وأيضاً حتى لا نعطي مبرراً لاستمرار هذه الحروب الستة. لماذا كانت هذه الحروب الستة؟ هؤلاء كانوا يقولون بأنهم يدافعون عن حاجة أبناء منطقتهم.. والدولة وعدت أن تقدم لهم الموارد الكافية للتنمية، وبالتالي، هم الآن مستعدون لترك السلاح مقابل استلام الميزانيات التي رصدت لصعدة.. وإذا أخذت صعدة هذه الموارد فذلك يعني توقف التنمية في عشرات المحافظات، وبالتالي، يبقى لدينا إشكال فيما يتعلق بالموارد اللازمة لجعل فكرة السلام تقوم على التنمية. وأنا اعتقد أن الحكومة الآن تواجه أخطر مما هو حرب.. باعتقادي الحرب أسهل جزءاً في مشكلة صعدة، ما بعد الحرب هو السؤال الخطير.. ما بعد احتياجات هذه المنطقة، وكيفية عودة الحوثيين إلى الأطر السياسية ودمجهم من جديد. إخراج سيناريو ما بعد الحرب هو الجزء الصعب، ويحتاج إلى تفكير. نحن في هذا البلد أقل الكائنات قدرة على التفكير في هذه الأمور قبل حدوثها.. الحرب قد تجبرنا على التفكير، ولكن إذا انتصرنا لا نعرف كيف نصنع بهذا النصر، والحوثي يحاول الآن أن يحول انكساراته الخطيرة، وأيضاً وحتى انقساماته الداخلية.. وتلك الخروقات التي تفضلت بالإشارة إليها مؤشر على انقسامات، والأمر الخطر أن شهية الدولة الإقليمية التي كانت تراهن على الحوثي باتت الآن أضعف من ذي قبل، وكبار حلفاء الحوثيين قد تخلو عنهم.. إذاً.. لديهم انقسامات داخلية بسبب إيقاف الحرب.. وبعض عناصرهم تحاول ترهن تنفيذ البنود الست بالتنمية.. والعمل التنموي لا يحدث بين ليلة وأخرى، إنه يحتاج إلى مصادر تمويل خاصة، إعادة إعمار صعدة يعني مليارات الدولارات. ومن أين ستأتي هذه الموارد؟
ملاحقة باستحياء
^.. تحدثت في إحدى الندوات المقامة مؤخراً عن تفوق الإعلام الرسمي على كل صور الإعلام المعارض في مسائل رئيسة تكمن في أن حركة الحوثيين هي حركة خارجة عن القانون والدستور وهي تمرد عنصري ترفض فكرة الانصهار داخل المجتمع اليمني والذي لم يستطع الإعلام الآخر أن يبرئ نفسه من هذه التهمة.. هل قصدت من حديثك إلى أن الإعلام الحزبي كان منحازاً للحوثيين في حربهم ضد الدولة؟
كان متعاطفاً، وأحياناً متنفساً لأصوات تنتمي إلى الحوثيين والتي كانت تجد في هذه المنابر لسان حالها، أو مكان التعبير. ولكن هذه الصحف فشلت في أن تلمع أو تجمل وجه هذه الحركة، بينما الإعلام الحكومي استطاع أن يعبئ الشارع العام في تصنيفه للحوثيين، واستطاع أن يخرجهم من المعادلة الإعلامية، حد أن صحف المعارضة التي تلاحق الأعلام الحكومي باستحياء لم تجرؤ أن تجاريها أو ننافسها، بينما الإعلام الحكومي هيمن بأقواله وخطابه العام.. حتى تصنيفاته سواءً عن الحراك أو الحوثيين. وحتى الآن لا زال الإعلام الحكومي يهيمن في رؤاه ومقولاته وتعبيراته على الإعلام الحزبي.
الضرورات الخمس
^.. من وجهة نظرك ما هول الحل للخروج مما تعيشه اليمن اللحظة من أزمات؟
أعتقد أن اليمن بحاجه إلى خمس ضرورات، أولا اليمنيين جميعاً يحتاجون الآن وبإلحاح شديد إلى الدولة..الدولة التي هي ملك الشعب وتنظر إلى كل فرد نظرة واحدة.
حكومة تغلب الملكات والكفاءات والمواهب والقدرات على الانتماءات سواءً كانت قبلية أو حزبية أو جهوية.. دولة تعلي من شأن القانون والنظام .. حكومة نستطيع أن تفرض هيمنتها وإرادتها على كل المكونات الاجتماعية والسياسية، وتعطي الموطن المثال الدليل على أنه ضميرها ومحركها. الضرورة الثانية هي إدراك حاجة المحافظات الجنوبية إلى فلسفة اقتصادية للتنمية لا يمكن معالجة ما يحدث سواء على المدى القريب أو البعيد، دون الحاجة إلى فلسفة اقتصادية، تأخذ بعين الاعتبار، أن المحافظات الجنوبية لازال يتشكل من مادة الحزب الاشتراكي اليمني، أي في بعده الاقتصادي الذي كان يقوم على فلسفة رعاية الدولة لكل الاحتياجات التي يطالب بها المجتمع، حتى تلك المتعلقة بالزواج، والسكن، والصحة، والتعليم، والوظيفة، والغداء.. وبالتالي، الأفراد في هذا المجتمع لا يمتلكون الفرص التي تجعلهم في المستقبل القريب قادرين على الاندماج وبالتالي، مطلوب فلسفة اقتصادية توقف تدفق رأس المال لمدة 30 عاماً إلى المحافظات الجنوبية.
جعل عدن منطقة حرة بالكامل وإعطاؤها قوانيين خاصة. هناك ضرورة لتشجيع المشاركة الاقتصادية الرأسمالية بين الأغنياء أو المستثمرين وبين المواطنين هناك، حتى يمتلكوا القدرة على رفع مستوى الدخل للمواطن هناك إلى حد يجعله قادر على تملك شيء من المستقبل الاقتصادي.. والضرورة الثالثة هي الأمل، نحن نعيش في نظام سياسي ديمقراطي، ولكن منذ النظام السياسي معجون من طينة ثقافة ما قبل الديمقراطية، معجون من قيم وبرامج سياسية ما قبل الديمقراطية، وجميعاً سواء كانت لدى المؤتمر أو الاشتراكي أو الإصلاح.. كلها لا تقدم الأمل للناس، حد أننا لا نعرف الإجابة عن سؤال بسيط جداً.. هل بالإمكان في يوم من الأيام أن يكون لدينا وزير قائم على الكفاءات والملكية والموهبة؟ هل بالإمكان أن يمتلك البرلمان القدرة على محاسبة هذه الحكومة أو تلك؟ هل بالإمكان أن نكشف عن هذه الهوة بين الواجبات وبين الحقوق. كل هذه المسائل تحتاج إلى أن نعالجها من خلال صناعة الأمل. نحن بحاجة نظام ديمقراطي نستطيع أن نورثه للأجيال القادمة، هذا الأمر منعدم الناس الآن تتحدث بقلق عن النظام الدولي، تتحدث عن الفوضى، عن النفق المظلم... قاموس من العتمة والسوداوية، سببه المباشر عدم اتساق الجوانب التشريعية والقانونية.. وهذا لن يحدث ما لم تبادر القوة الحية في هذا المجتمع لتبني إصلاحات سياسية ذات طبيعة إستراتيجية، تستطيع أن توفر للنظام السياسي القدرة على الصمود، وكذلك الاحتفاظ بحيوية وتجدده كلما اعتراه التقادم أو التآكل الأمر الرابع يحتاج اليمن إلى أن يحسم أمره تجاه مسألة واحدة هي المسألة الاجتماعية، هل نحن نريد أن نتقدم إلى الإمام أم نعود للخلف؟ هل نحن نحاول أن نعيد إحياء العناصر القيمية والفلسفة الاجتماعية للدولة السبئية أو الحميرية السابقة؟ أم إننا نبني نظام اجتماعي جديداً، هل نحن نتجه نحو المدنية أم نحو القبلية ؟ هل المجتمع اليمني مجتمع تطور وتقدم وعلم وازدهار وثقافة، أم هو مجتمع القبيلة والأعراف والتقاليد. لابد أن نحسم، سواء بفلسفة التعليم، أو بفلسفة الثقافة.. أو بفلسفة الإعلام.. وأيضا حتى بكل أشكال المعرفة التي نحاول نستجلبها.. لابد أن نحسم.. هذا المجتمع إلى أين يسير؟ إلى الغد والمستقبل أم يتراجع إلى الماضي؟ ما لم نحسم هذه المسألة ستبقى قضية المرأة معلقة؟ ستبقى قضية التكوينات القبلية.. وقبيلة بني ضبيان ستظل تمارس الاختطاف حتى يوم الدين. ستظل حاشد وبكيل مهيمنة بطريقة تتجاوز إمكانياتها العصرية، الناس الآن تتعامل مع التكنولوجيا ونحن لا نزال نتعامل مع حاشد وبكيل.. وبالتالي إذا لم نحسم هذه المسألة حتى نقول أن مواردنا تسير هنا.. أنا ليس لدي مانع أن يقولوا بأننا نريد أن نكون قبائل، ولكن لابد أن نحسمها. الضرورة الخامسة هي حاجة اليمن إلى معالجة الهوية الثقافية، فإذا لم نستطيع خلال أربعون عاماً إن نبرز المعالم أو العناصر التي تكون هويتنا الوطنية.. لازلنا نتمسك بالأهداف الستة لسبتمبر وأكتوبر. ما هي هذه الأهداف إذا لم تكن مشروعاً ثقافياً؟ ما لم تكن شخصيتنا الوطنية تمتلك من عناصر الالتقاء، وواحدية النظرة إلى المستقبل، وواحدية القراءة للماضي؟ وبالتالي، هويتنا إحدى أعقد التحديات إمامنا. أنا أعتقد أن هذه الخمس المهمات هي التي ستمهد لنا المواطنة المتساوية.. وحكومة جيدة، وستبني لنا اقتصاد متين يخلق أفرادا قادرين أن يجدوا أنفسهم خارج نطاق الفساد، خارج نطاق الإحباطات، خارج نطاق هذا الاتكاء المعيب في كل صغيرة وكبيرة على الدولة، أي ستخلق مجتمع قادر أن يصنع مستقبل أفضل.
توزيع السلطات
هل الاتجاه إلى الحكم المحلي واسع الصلاحيات جزء من الحل.. وهل يعني ذلك الاتجاه إلى الفيدرالية في ضل ضعف واضح للمركز؟
♣ عندما نتحدث عن دولة يجب أن نحدد أي نوع من الدول تلائم اليمن .. اليمن في تاريخه يقوم على تكوينات فيفسائية. النزعة المحلية في اليمن لا تزال حتى اللحظة أكثر طغياناً من النزعة الوطنية الشاملة.. البعد الجهوي لا يزال محرك للكثير من الحوافز السياسية. وبالتالي، إذا لم تشبعها هذه الحوافز بطريقة مدروسة وطبيعية، كأن توزع السلطات أفقيا ورأسيا.. رأسياً تخلق هيكل ديمقراطي وإداري.. رأسياً بمعنى توزيع السلطات بشكل مدروس بين السلطات الثلاث أو حتى الأربع .. والرابعة هي الصحافة.. وأفقيا تمنح الناس القدرة على صناعة القرارات اليومية المتصلة بحياتهم.. اليمن ازدهر عندما كانا الكيانات تتمتع بسلطات كبيرة.. بنى حضارات.. معين، وقتبان، وأوسان، وسبأ، وحمير.. وبنى عشرات من التجليات التي تؤكد أننا لا ننجح إلا عندما نحترم بعض.. نحترم حقك في المساحة الضرورية من إرادة اتخاذ القرار. حقك في أن تحصل على موارد كافية وعادلة أسوة بالمكونات الوطنية الأخرى، لكي تنمي نفسك. لكن، قبل هذا وذاك، قبل الحكم المحلي.. وقبل كل شيء.. أنا أعتقد بأن الرئيس علي عبد الله صالح معني بأن يكتب صفحتين للشعب اليمني.. صفحة يقول فيها أنا عازم على بناء دولة أستطيع أن أورثها من بعدي لكل الأجيال، هذه الدولة فلسفتها تقوم على واحد اثنين ثلاثة أربعة هو يحددها.. ويلزم ايضاً في الصفحة كل فرد بتنفيذ هذه الأسس والمنطلقات.. وكل من يتمرد أو يخل هناك هيئات رقابة يمكنها أن تبلغ عن هذه الخروقات، حينها فقط، سيكون للحكم المحلي جدوى، سيكون للصحافة قيمة.. حينها سيكون للحكومة معنى وللبرلمان دور.. وستعود الروح للتعددية السياسية..
بلورة الاتجاهات
أيمكن للقوى السياسية الأخرى أن تتعاطى مع هذا الطرح؟
♣ أعتقد بانه سينقذها وينقذنا جميعاً.. بمعنى إذا كانوا يمتلكوا خيار آخر فليجربوه، وأنا متأكد جداً بأن القوى السياسية كالشباب الطائش، يغلب عليها العناد أكثر من الحكمة، وبالتالي، أعتقد بأنه إذا كتبت هاتين الصفحتين بحكمة وعمق.. وإيمان أيضاً.. فلا أحد سيتردد عن السير خلف الرئيس وقد أوجد مخارج موضوعية لمشاكل اليمن.. وهو زعيم موضوعي وليس زعيم بالرغبة... ويمتلك القوة.. يستطيع أن يبلور الاتجاهات. لكننا الآن بدلاً من أن نستفيد من فترة حكمه الطويل.. نشتت طاقته بقصد أو بدون قصد، وفي أكثر من جبهة. وبالتالي، سلبنا حق أن يكون هو من يركز أو يوجه نسق التطور العام.. فهو كل يوم يخوض في ألف جبهة، وبالتالي، الجبهة الأساسية هي جبهة التاريخ الآن.. ونتمنى أن يعد العدة لهذه الجبهة الخطيرة والتي ستبقى هي محور الرئيس أمام كل الزعماء في التاريخ الإنساني.. التاريخ هو المرآة الحقيقية للزعماء..
لايفهمون
توصف بكونك منظر الحزب الحاكم.. وكل تنظيراتك تذهب أدراج الرياح.. لماذا برأيك؟
♣ ربما لأنهم لا يفهمون اللغة التي أتحدث بها، أو أنهم يحتاجون إلى مترجم لما أعنيه.. أو أن ما أتحدث به لا يعنيهم.. .. وقد يكونوا مسكونين بالوظيفة أو أي شيء آخر. وهذا أخطر.
حدثتني الآن عن مشاركتك في صياغة بعض قوانين الانتخابات والصحافة.. هل شاركت كممثل للحزب الحاكم...؟
مقاطعا.. لا. أنا شاركت كأمين عام للمعهد اليمني لتنمية الديمقراطية..
لا تقوم بوظائفها
قلت في واحد من تصريحاتك الصحفية واصفاً محاضرة للسيد الرئيس إلى أنه قرأ العقل السياسي كيف يفكر من ناحية أحزاب المشترك الذين وصفهم بأنهم يبنون استراتيجيهم على أساس أن كل ما يضر الدولة هم يباركونه وكل ما ينغص عليها أوضاعها وحياتها وأفرادها هم معه، وكل ما يجعل الدولة في استقرار وأيضا تقوم بواجباتها المناطة به انتخابيا أو ممارسة عملها كدولة هم لا يوافقون وبالتالي كل ما انفجرت الأوضاع سواء على يد القاعدة آو على يد الحوثي..وهم يتوقعون أن هذه الدولة تتآكل وكلما تآكلت ستتاح لهم فرصة أكبر للوصول إلى السلطة..هل الدولة اليمنية مازالت قوية رغم كل ما تمر به؟
♣ الدولة اليمنية ليست قوية بالقدر الذي يجعلها نموذجا للتماسك والاستقرار.. أو للقدرة على مواجهة التحديات، لكنها دولة.. سواء كانت قوية أو أقل قوة. اليمن لا تزال دولة، ودولة بكل ما للكلمة من معنى، لقد استطاعت أن تخوض أربع حروب في ذات الوقت وذات الحين، وهذا لا يجعل منها دولة ضعيفة بل هي دولة.. لكن هذه الدولة يستمرء البعض ليصفها بأنها آيلة للسقوط أو الانهيار.. هي دولة تقصر فقط بالقيام بواجباتها ووظائفها، هي مثلاُ لا تصل بنفوذها إلى كل المناطق، لا تستطيع أن تتعامل مع بني ضبيان بالحزم الكافي الذي تستطيع أن تتعامل فيه مع أي جماعة داخل مدينة من المدن، لكنها في الأخير هي دولة تستطيع احتمال ضربة أو ضربتين على رأسها أحيانا ممن يختطفون، ممن يحاولون القيام بأعمال إرهابية، ولكنها في كل الأحوال تستطيع أن تصمد لعشرين سنة جديدة قادمة في مواجهة الحوثي وأيضاً الحراك.
خطط بديلة
الإرهاب قلت بأنه ليس صناعة دولة ووصفت “الناشطين في مجال الإرهاب هم معارضة” باعتبارهم “ ضد النظام”، وأشرت إلى وجود نوعين من المعارضة، أطلقت على إحداها صفة “ الناعمة” وأخرى “ ذات مخالب.. ما الذي كنت تقصده في حديثك؟
♣ أقصد بأن لكل كيان سياسي معارض وجهين، وجه ناعم، لدن، أنيق.. حتى أنه ليغريك أحياناً بالزواج منه... معارض ناعم إلى أقصى حد، لكن وراء هذا جهاز آخر.. جهاز بمخالب طارئة، بعقلية تآمرية، برغبة في التنفيس لتشتيت طاقة الدولة من خلال التشجيع أو التحريض على العنف، أو في بعض الأحيان مباركته. وبالتالي، الحراك الجنوبي بدء حراكا سلميا، وبدء من صنع بامسدوس وغيره.. ولكنه الآن غدا أفراده يقطعون الطرق، وينتزعون الناس من عرباتهم.. يحاكموهم.. وينفذوا الحكم عليهم بالتشويه والبتر. هذه القسوة وهذه الضراوة من أين جاءت..؟ الجميع تبرأ من هذه الأفعال، لكن، كل من يفعل هذا الأمر هم محسوبين على الحراك. وبالتالي، هناك دائماً خطة.. وخطة بديلة، والخطة الأساسية للمعارضة هي النعومة، والخطة البديلة العنف.
شرايين جديدة
في حديث لك ببرنامج الاتجاه المعاكس في قناة الجزيرة، قلت “الدستور لا بد وأن يعدل عندما تكون هناك ضرورات لتعديله. صحيح نحن الآن نمر بمرحلة تكاد تكون قضية تأسيس الدولة واستقرارها وتنمية تقاليد للنظام السياسي إحدى الاحتياجات ولكن الدول لا تعيش فقط بالديمقراطية الدول تعيش من خلال سلطة تستطيع أن توفر الأمن والأمان والاستقرار طويل الأجل..”.. هل بالدستور فقط تتوفر السلطة القادرة على توفير الأمن والأمان..وهل هناك ضرورات الآن لتعديل الدستور؟
أعتقد أن دستور الجمهورية اليمنية قد عدل من المرات ما يجعله صالح لأن يعدل حتى غداً، لكن العيب في هذه التعديلات السابقة أنها لم تستطع أن تشخص احتياجات التطور العام، وبالتالي، الدستور تحول إلى كتاب ضخم جداً وكأنه لائحة من لوائح الوزارات. الدستور يجب أن يكون محدد لنسق النظام السياسي، الناظم، الذي يجمع بإيجاز كل فلسفة الحياة، ويحدد معالم التطور وخطواته، ويمسك السلطة ويوزعها وينثرها بطريقة أنيقة، وموضوعية لمكونات الحياة العامة. الدستور الراهن دستور فصل على حقب أو أحدث وقعت، وبحجم هذه الأحداث جرى تصميم الدستور.. الدستور يجب أن يعدل لكي يستوعب احتياجات اليمن خلال العشرين سنة أو الثلاثين القادمة، الدستور يجب أن يصمد على أقل تقدير خمسين سنة قادمة، وذلك لن يكون إلا بأخذ الاحتياجات الإستراتيجية لتطور اليمن في عين الاعتبار، أما الدستور الراهن فهو حصيلة توازن القوى، ودستور الوحدة هو حصيلة توازنات. نحن نريد أن نتخطى مرحلة 90 و94 التي لم نتخطاها، والسبب أن الدستور أوقف الحياة السياسية، وترجم الوقائع والأحداث الكبرى في صيغة مواد وقواعد إجرائية أو مواد دستورية أو مبادئ. نحن بحاجة إلى مبادئ جديدة تنقلنا من 94 إلى فضاء الوحدة الوطنية في عيدها العشرين. نحن نريد أن يعدل الدستور ضمن الإصلاحات الدستورية لكي يستشرف مستقبل هذا الوطن، يعطي للنظام السياسي والاجتماعي شريانات قادرة على احتمال تدفق القوى الحية أمثالك. القوى التي عليها أن تصعد من الأدنى إلى الأعلى، وأخرى تنحدر من الأعلى للأدنى، نحن الآن لدينا دستور متصلب الشريان، لا يستطيع استيعاب الموجودات، ولا يستطيع احتمال الآتي. وبالتالي، لابد من دستور يعبر عن حيوية المتغيرات التي حدثت في هذا البلد..
شعارات صحيحة
وهذه المبادئ التي تحدثت عنها هي كل ضرورات تعديل الدستور الآن ؟
♣ نحن نتحدث عن منظومة إصلاحات.. وإحدى مكوناتها الدستور. لكن ليس بالدستور وحده تقوم الدول.
نعود لنكمل حوارنا في المسألة الحزبية.. هل الحزب الاشتراكي الشريك الرئيس في قيام الوحدة “ماكر” كما وصفته في مقالة كتبتها بعد بث مقابلة العطاس على قناة الجزيرة؟
♣ أنا أعتقد بأن لدى الحزب الاشتراكي قضية نبيلة جداُ، ولازالت شعاراته صحيحة إلى اليوم، فهو دعا إلى واحدية الثورة اليمنية، ودعا إلى مهمة خطيرة جداُ.. هي تحقيق الوحدة اليمنية، دعا أيضاً إلى تنمية وطنية شاملة، لكن تديره قيادات ماكرة.. كانت تستجدي من الاتحاد السوفيتي القوت، ولكنها تضع الشعب اليمني في مهمات معقدة في خارج الإقليم الذي كانت تديره. وبالتالي، الحزب الاشتراكي في اعتقادي استطاع أن يوفق بين طموحات هي الحد الأقصى لتطلعات اليمنيين، وبين أن يكون لديه قيادة ماكرة لا تستطيع أن تأتمنه حتى على نفسها.
منقسمون أفقيا
كل الخلافات السياسية يتم تجاوزها بالتوافق الوطني الذي وصفته بالخطأ بالنسبة للعمل الديمقراطي..والجميع كما يبدو شريك في ارتكاب هذا الخطأ....؟
♣ مقاطعاً.. التوافق الوطني ممكن يكون في مجتمع طائفي انقسامي أفقياً، مثل لبنان.. أو أي بلد آخر فيه انقسامات خطيرة، لكن في بلد يعتقد أنه منقسم أفقيا على مستوى التعددية.. جميل كأحزاب وقوى سياسية التوافق هنا على حساب صندوق الاقتراع، على حساب الديمقراطية.. على حساب إرادة الشعب على حساب التطور العام. أي أن نجعل قادة الأحزاب فوق رؤوس الشعب اليمني وهذا أمر خطير وخاطئ..
الخضوع للابتزازات
تعتقد بأن الجميع شريك في هذا الخطأ بما في ذلك الحزب الحاكم...؟
♣ أنا اعتقد أن الحزب الحاكم يتحمل المسؤولية الأكبر، لأنه لا يتصرف بذكاء كافي، وكونه المسئول الرئيس عن إدارة التحولات.. وأيضا حجم الوزن الشعبي والقوة السياسية، وأيضا حجمه في تقرير أي مسألة. وبالتالي، هو المسئول الرئيسي عن الانزلاقات. لا يمكن لأي حزب بهذا الوزن الشعبي الكبير أن يخضع لابتزازات أو لتنازلات من هذا النوع، إلا إذا كان هو أو لديه نخبة تخاف الشارع.. تخاف مسألة المحاسبة وقضايا الفساد.أنا أعتقد أن المؤتمر الشعبي العام هو المسئول الرئيسي عن معظم الأخطاء التي حدثت، بل يغري الآخرين إلى استدراجه إلى منطقه يكون فيها أكثر ضعف وهشاشة..
مشكلة الآخرين
منظمات المجتمع المدني ومعهدك جزء منها.. تحولت إلى مؤسسات وراثية وشخصية.. فأنت في معهدك الأمين العام والرئيس كما قرأت في حوارات معك.. أنت كل شيء....؟
♣ مقاطعاً.. أنا كل شي فيما يتعلق بأعمالي وواجباتي.. أنا كل شيء في فكرة المعهد.. ولكن النعوت والصفات التي تطلق علي هي مشكلة الآخرين.. أنا أتمنى ممن يجرون معي الحوارات إتقان ترديد اسم المعهد بشكل صحيح. حتى اللحظة، لم أجد صحيفة، ولا قناة تلفزيونية، ولا مؤسسة.. استطاعت أن تردد اسم المعهد بشكل صحيح. أما صفاتي فهم ينعتوني أحيانا مديراُ، وأحيانا رئيساً.. وأحيانا بالأمين العام.. لأنهم أما يتجاهلون حقهم في المعرفة.. أو يتجاهلون حقي في التساؤل..
بشارة الميلاد
^.. وفي المنظمات الأخرى هناك الرئيس.. وهناك المدير التنفيذي الذي يكون في الأغلب قريبا للرئيس.. لماذا هذه المنظمات لم تقدم سلوكاً ديمقراطياً حقيقياً في الوقت الذي تتمحور أنشطتها حول ثنائية الديمقراطية وحقوق الإنسان؟
♣ بعض المؤسسات نشأت في زمن تخلق الديمقراطية.. وكانوا أشخاص وأفراد بعينهم هم الحاملين لهذه الفكرة في إطار مؤسسات المجتمع المدني، استطاعوا أن يتجاوزوا عسر المخاض وأوجدوا منظمات، لكن، ظلت هذه المنظمات تحتفظ ببشارة الميلاد وحرارتها الأولى، وبالتالي.. ضلت هذه المنظمات تتكون من فرد واحد أو أفراد.. بينما نحن في المعهد اليمني لتنمية الديمقراطية تكونا من 69 شخص، وجميعهم أتيحت لهم دورات انتخابية غير عادية، إلى درجة أننا كنا نطلب منهم أن يأتوا ويتبوؤا هذا المركز وهذا الدور.. وأنا في آخر انتخاب، و كان في فندق رمادة حدة، انسحبت من الاجتماع.. ولكنهم كتبوا محضرا اعتبروني فيه المؤسس والأمين العام الممتلك حق تأسيس الفكرة. أنا أسست الفكرة ليس على مستوى المعهد بل على مستوى اليمن، ومع ذلك ادعوا هؤلاء ال69 ليأخذوا حصتهم من المعهد لأنني ما عدت أريده.
احتياجات ملحة
^.. لا تطيقه لأنك قلت في 2006 بأنك تستعد لتنفيذ خطة لتحويل المعهد إلى أكاديمية عليا لتدريس العلوم السياسية وآليات العمل الديمقراطي.. بعد أربع سنوات لم يتحول المعهد حتى إلى مدرسة.. ما الذي حدث؟
♣ أنت دقيق جداُ في سؤالك. في ذلك العام كان عندي جنون وشطح فكري، وأيضا توفرت بعض الموارد التي أستطيع أن أعتمد عليها لتحويل جهاز أو مكون المبنى والبرنامج إلى هذه الفكرة التي تفضلت بالإشارة إليها.. وانأ أكاد أكون بعد أربع سنوات قد نسيتها بسبب الهموم. في هذا العام بدأت تبرز أولويات أخرى.. بدأنا نشهد ليس حروب فحسب.. وإنما تآكل الكثير من شروط أو بيئات التنمية.. بيئات تعزيز الملكات والقدرات الوطنية. بدأنا نتكلم عن إيقاف هدر وطن في صعدة أو الجنوب.. بدأنا نتحسس خطر آخر كبير.. شبح، انحرف اهتمامي لبرهة قد يكون عمرها كبير.. انحرف إلى تلبيات احتياجات ملحة، لكن لازال الحلم في تحوله إلى حاجة وطنية.. وليس الأمر مرهون بإرادتي. ولكن الأمر يحتاج إلى أن نتشارك مع الآخرين. وأعتقد أن وجود مؤسسة من هذا النوع بعد عشرين عاما من الديمقراطية بات ملحا أكثر من ذي قبل، خاصة في بلد يزعم أنه ديمقراطي وهو لم يصدر حتى مجلة ديمقراطية..
القبول بالديمقراطية
^.. الحركة الشعبية للدفاع عن الوحدة ومكافحة الفساد..منظمة اليمن أولاً..وسابقاً المعهد اليمني لتنمية الديمقراطية.. وتيار المستقبل.. والمنتدى الديمقراطي.. ومركز المساعدات القانونية.. الهيئة الوطنية للمساعدة الشعبية.. الهيئة الوطنية للشفافية.. وربما هناك كثير من المنظمات القادمة.. ما قصتك مع هذه المنظمات وغيرها؟
♣ إنها كأبنائي.. عملت على تأسيسها جميعاً.. باستثناء اليمن أولاً التي ما زلت ضيفاً عليهم.. غير أنني انسحبت من العديد من المنظمات لأني لم أجد نفسي.. وعندما لا أجد نفسي أنسحب.. وكان بودي أن يستمروا بدوني.. ولكن معظمها لم تستطع الاستمرار.. غير أنني لا زلت عضواً في المنظمات التي تقبل بأن تكون ديمقراطية.. تقبل بمعيار الانجاز.. أنا ما زلت ضيفا على الأخوة في منظمة اليمن أولاً كرئيس دائرة سياسية كما اختاروني.. وما زلت الأمين العام للمعهد اليمني لتنمية الديمقراطية..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.