الحلقة الثالثة : لقد أوضح مؤلف كتاب “أشواق الحرية” في الحلقة الماضية بأن الأمة أكثر التزاماً بخيار تطبيق الشريعة من الحكام المتفردين. ولهذا فإن الأولى أن نرهن تطبيق الشريعة ب (قرار الأمة) بدلاً من أن نرهنه-كما في طوال التاريخ الإسلامي-بقرار حاكم متغلب ومستبد. فليس هناك تجربة تاريخية واحدة تم فيها تخيير شعب مسلم في أي بلد كان-قديماً أو حديثاً- وكان اختيار هذا الشعب تنحية الشريعة. ونحن رأينا شعوباً كاملة كانت رابضة تحت الاستعمار السياسي والثقافي والفكري، سواء كان استعماراً غربياً كما في الجزائر التي بقيت أزيد من 130 عاماً تحت الحكم الفرنسي. أو استعماراً شرقياً كما في الجمهوريات الإسلامية الأسيوية التي رزحت أكثر من 180 عاماً تحت الحكم القيصري الروسي ثم البلشفي السوفيتي.. وكل هذه الشعوب اختارت الإسلام بمجرد أن صار القرار بيدها بعد زوال الحكم العسكري الاستعماري عنها. وإن تم-وبكل أسف- اغتصاب قرار هذه الشعوب بالعنف والانقلاب العسكري المحلي. ثم تحدث الكاتب عن الخيارات العملية-والمقصود الإجراء العملي لا الحكم الشرعي- عند السلفيين إذا ما قام (حاكم متفرد ومتغلب) بنقض أصول شرعية ثابتة أو قام بتغيير الشريعة. وأنها لا تتجاوز أمرين: الأول: البقاء والخضوع كلياً لهذا الحاكم (وإن اعتبر حاكماً غير شرعي) تحت مبرر خشية الفتنة وخطورة الخروج، والاكتفاء إما بالنصيحة السرية فقط، أو بالإنكار العلني. الثاني: هو خيار الخروج المسلح مع كل ما يحمله من دمار وفوضى ودماء، والتجارب الدامية للجماعات الجهادية معروفة للجميع. لذا ترفض الغالبية الساحقة انتهاج هذا المسلك. مزيداً من التفاصيل.. الصفحات اكروبات