لا تزال السياحة عاملا مؤثرا من عوامل الاقتصاد الوطني للكثير من البلدان، وتعتبرها بعض البلدان منتجا وطنيا وتفخر بها أيما فخر؛ لكنها – أي السياحة – لا تعيش إلا في بيئة واحده، وإذا لم تتوفر هذه البيئة فإنها حتما تصبح جثة هامدة قابلة للدفن في أية لحظة، وهذه البيئة هي الأمن، فالأمن بالنسبة للسياحة مثل الماء بالنسبة للأسماك، والحديث عن السياحة في ظل انعدام الأمن لامعنى له.. يجب أن يدرك الجميع أن السياحة ثروة مثلها مثل النفط السعودي والغاز القطري والسمك المغربي والزيتون الإسباني، فقد بات الاهتمام بها أمرا ضروريا لدى الكثير من البلدان، وخصوصا تلك التي تعتبرها ثروتها الوطنية التي يقوم أساسها الوطني عليها. وتقديرا لهذه القيمة الاقتصادية والإنسانية الكبيرة فإن يوم السابع والعشرين من سبتمبر من كل عام يعد يوما عالميا، وتحتفل به كل البلدان بلاريب حتى تلك البلدان التي لا تحظى بالاستقرار الكامل أو أن عنصر الأمن فيها ضعيف، ونحن في اليمن نقدر قيمة السياحة بالطبع وندرك أهميتها ونحتفل كل عام بيومها العالمي حتى في ظل هذه الفوضى الأمنية التي أهلكت الزرع وجففت الضرع، واستحال الوطن في ظلها إلى مرتع خصب لتجار الموت المجاني أوغاد القتل والنهب واللاوطنية. السياحة كمفهوم متطور لم يعد مصطلح السياحة يقتصر على الرحلات السياحية التي يقوم بها العنصر البشري متخطيا حدود دولته، بل بات أعمق وأشمل من مجرد السفر والترحال، لاحظت ذلك ونحن نحتفل باليوم العالمي لها والذي جاء تحت شعار (السياحة والطاقة محرك التنمية المستدامة)، وهو شعار علمي وعملي يبحث عن التطور التكنولوجي في استخدام طاقة بديلة تخدم العمل السياحي ولا تضر به، فقد تجاوز العالم مفهومها التقليدي الذي لطالما اعتدنا عليه، وزارة السياحة تحتفل دوما باليوم العالمي للسياحة وتحت شعارها الدولي أيا كان هذا الشعار، وهو أمر طبيعي بالنسبة لوزارة لا تتعدى ميزانيتها السنوية المائة مليون، ناهيك عن ظروف عملها المحفوف دوما بالمخاطر، فوزارة السياحة – رغم ما تملكه من أمل – تعمل في ظروف أمنية بالغة السوء وهذا ما يجعل عملها السياحي وتقديمها للعمل السياحي في ظل هذه الظروف يشبه إلى حد كبير ما تقدمه إدارة حديقة حيوان تعز من طعام لحيواناتها المفترسة. طاقة متجددة وصديقة شعار هذا العام يحتفي بسياحة في ظل طاقة متجددة وصديقة، فقد أدرك العالم أن التوجه نحو الطاقة المتجددة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الجيوحرارية المتولدة من المياه. والبخار هو الأنسب رغم تكلفته الباهظة، ويسعى العالم نحو إحلال هذه الطاقة في محاولة لإيجاد بدائل أكثر أمنا على عالمنا، خاصة بعدما سببت الطاقة الحالية المستخدمة تأثيرا بالغا بالإنسان والبيئة، ناهيك عن إدراك العالم بأن الطاقة المستخدمة هي طاقة ناضبة وقد لا يكون ذلك في المدى البعيد. إن استخدام الوقود المتجدد في الطيران والبواخر السياحية والحلول التكنولوجية للطاقة في الفنادق كلها أمور تضع السياحة في طليعة التحول نحو طاقة نظيفة وآمنة كما جاء في رسالة المنظمة الدولية للسياحة. لكن التساؤل أين نحن في اليمن من هذا، وهل يعني احتفاؤنا بالسياحة تحت هذا الشعار أننا ماضون نحو تطبيق سياسة الطاقة البديلة، لا أظن ذلك فالمسافة التي تفصلنا عن حلول الطاقة البديلة المتجددة هي ذاتها المسافة بين الأرض والقمر، وإذا ظلت الأوضاع في وطننا تمضي على هذا النحو دون تغيير أو تحسن فالأفضل لنا أن نشتغل في أمور أخرى ونترك السياحة جانبا حتى لا يأتي يوم يعد فيه الانفلات الأمني والسيارات المفخخة أبرز مقومات السياحة في اليمن فيبرز ما يسمى بسياحة الانتحار وتكون اليمن هي مركز السياحة الانتحارية في العالم. وزارة السياحة تحتفي باليوم العالمي للسياحة هذا العام احتفت وزارة السياحة باليوم العالمي للسياحة في حفل أقامته في فندق شهران بالعاصمة صنعاء، وكان الحفل الذي أقيم بالتنسيق مع أمانة العاصمة يمثل فرصة لالتقاط النفس السياحي بعد أن غاب عن الوعي فترة لا بأس بها، وفي الحفل الذي حضره مطهر تقي وكيل وزارة السياحة ممثلا عن وزير السياحة المتواجد في العاصمة الفرنسية باريس، ونائب أمين العاصمة الأستاذ أمين جمعان وسفراء وممثلون عن القطاع الفندقي والوكالات السياحية والصحفيين، شعرت ومعي الكثير أن السياحة قيمة مثلى وضرورية كالماء والهواء بغض النظر عن قيمتها الاقتصادية الوطنية، فقد أدركنا ما معنى أن يجد المئات من العاملين والموظفين في المنشآت الفندقية أنفسهم على قارعة الطريق ، بعد ما أفسدت عليهم الفوضى الأمنية – التي مرت بها بلادنا – حياتهم وراحتهم، وما أصعب أن يجد موظف انيق في فندق فاخر نفسه عاطلا ومبرطعا من جديد.. في الحفل ألقى الأستاذ أحمد البيل رسالة الأمين العام للمنظمة العالمية للسياحة، وقد جاء في الرسالة أن احصائية السياح الدوليين قد بلغ المليار سائح في العام 2012 وكم هو مؤلم أن تحظى اليمن بالرقم صفر من هذا العدد الكبير، وقد ركزت رسالة الأمين العام على مشروع الطاقة البديلة التي تخدم العمل السياحي وتطوره حيث دعا المقاصد والشركات السياحية لسرعة التحول نحو تكنولوجيا الانبعاثات المنخفضة والاستفادة من الفرص المتاحة لتجاوز الخيارات التقليدية باتجاه حلول أكثر فعالية للطاقة. شلل تام وكيل الوزارة مطهر تقي تحدث نيابة عن وزير السياحة، وأهم ما التقطته من كلمته هو تأوهه الواضح لما أصاب السياحة خلال العامين الماضيين، حين أوشك اليمن أن يدخل في خضم مرحلة دموية قاسية من شلل تام في كل قطاعاته، وقد ذكر في كلمته أن اليمن كان قد اختير في العام 2011 من قبل المنظمة العالمية للسياحة لاستضافة الاحتفال العالمي بهذا اليوم؛ ولكن نظرا لسوء الأوضاع التي مرت بها اليمن فقد تأجل موعد الاستضافة إلى أجل غير محدد، لتنتقل الاستضافة إلى مصر . امين جمعان نائب امين العاصمة من جانبه ألقى كلمة ركز فيها على المنشآت الفندقية في أمانة العاصمة ووكالات السياحة ودورها في النهوض بالعمل السياحي بما يحقق النجاح لهذا القطاع. تناول الحفل ثلاث أوراق عمل جاءت الأولى بعنوان الأثر الاقتصادي لمصادر الطاقة البديلة، والورقة أعدتها إدارة الطاقة المتجددة بوزارة الكهرباء. أما الورقة الثانية فكانت للاتحاد اليمني للفنادق وقد جاءت بعنوان التوجه نحو إحلال مصادر الطاقة المتجددة، وجاءت الورقة الثالثة التي أعدها الأستاذ حسين السكاب مدير عام السياحة البيئية بوزارة السياحة بعنوان السياسات السياحية تجاه استخدام تكنولوجيا الطاقة المتجددة، والأوراق جميعها ركزت على مسألة الطاقة المتجددة وأثرها الاقتصادي والبيئي على الوطن.