عضو مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يلتقي قيادات التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إيقاف رئيس هيئة الآثار وأمين عام المتحف بصنعاء على خلفية وليمة السرقة
مسلسل تهريب الآثار والمخطوطات اليمنية.. كارثة مستمرة!
نشر في الجمهورية يوم 13 - 11 - 2013

“الحديث عن تهريب الآثار والمخطوطات اليمنية حديث طويل ومأساوي، ما يتم تهريبه هذه الأيام يعد حاجة فظيعة جدا بالنسبة لتراث اليمن، كل شيء ممكن يتعوض لكن أن تعيد قطعة أثرية خرجت خارج البلاد فهذا مستحيل..” بهذه الكلمات بدأ أستاذ العمارة والآثار الإسلامية بجامعة صنعاء الدكتور محمد علي العروسي حديثه ل«الجمهورية» عن مسلسل تدمير وتهريب وتغريب الموروث الحضاري لليمن وما يرافقه من إهمال حكومي واضح..
ثروة ضخمة
تمتلك اليمن ثروة ضخمة من الآثار والمخطوطات والوثائق القيمة والنادرة، لا تمتلكها أي دولة في الجزيرة العربية والخليج، وهي شاهد حقيقي على إنجازات ومآثر اليمنيين منذ آلاف السنين.
ويقول الدكتور محمد علي العروسي: “اليمن تمتلك موروثاً حضارياً سيشكل إذا ما تم الحفاظ عليه وحمايته جزءاً من الموروث العالمي نظراً لأهميته وتنوعه وقدمه، إذ ترجع أقدم الآثار اليمنية في العصور التاريخية إلى ما قبل القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وهي آثار وصلت إلى مراحل كبيرة من التطور وهذا يعني بأن إمكانية العثور على آثار ترجع إلى ما قبل ذلك واردة..”.
بداية مسلسل التهريب
يؤكد علماء الآثار والتراث الحضاري في اليمن بأن جميع محافظات الجمهورية اليمنية تزخر بالمواقع الأثرية والمعالم التاريخية والمخطوطات والتحف النادرة الهامة لكنها تتعرض لهجمات شرسة من حفر وتدمير ونهب وتهريب.
والحديث مجدداً للدكتور محمد العروسي: “بدأ مسلسل تغريب التراث اليمني في بداية الثمانينيات من القرن الماضي لكنه توسع كثيراً وازداد شراسة في التسعينيات وفي العقد الأول من هذه الألفية.. وللأسف لم يقتصر الأمر على نهب الآثار من المواقع الأثرية وتدمير هذه المواقع، وإنما طالت أيادي هذه العصابات المنظمة (لصوص الآثار) التي تشكل شبكات متواجدة في جميع المحافظات وتشتغل الآن بطريقة منظمة طالت المتاحف ودور المخطوطات ومخازن الآثار..”.
أحدث صفقات التهريب
وفي أحدث صفقات التهريب قام مجهولون بسرقة آثار ومخطوطات يمنية نادرة من المتحف الوطني بصنعاء في أكتوبر الماضي «خلال إجازة عيد الأضحى»، حيث تمت سرقة أربعة رقوق تعد الأقدم والأندر على مستوى العالم العربي والإسلامي يعود تاريخها إلى ما بين القرنين الثاني والرابع الهجريين/السابع والثامن الميلاديين، إضافة إلى سبعة سيوف نادرة يعود تاريخها إلى فترات مختلفة من العصر الإسلامي.
وقد أثارت هذه الحادثة موجة غضب عارمة، وصدرت توجيهات رئاسية بالتحقيق الشفاف، وهي التحقيقات التي يتمنى كل يمني شريف ووطني مخلص ان تعصف بجميع الفاسدين العاملين في قطاع الآثار والمتاحف والمخطوطات والمدن التاريخية في البلاد.
وقال مسؤولون في وزارة الثقافة في وقت سابق إن أدلة قوية تشير إلى أن عاملين في المتحف الوطني بصنعاء تواطأوا في حادثة السرقة بالمتحف، في حين قال أمين عام المتحف إبراهيم الهادي إن “اللص كسر قمرية الطابق الثالث ووجدنا عبثاً في محتويات الطابق، وسرقة الآثار”!.
وكان وزير الثقافة الدكتور عبدالله عوبل قد تعهد في وقت سابق بتقديم استقالته، وإقالة المكلف بعمل رئيس هيئة الآثار والمتاحف (مهند السياني) والأمين العام للمتحف الوطني (إبراهيم الهادي) إذا لم يتم إعادة المسروقات من المتحف وكشف الجناة وتقديمهم للمحاكمة.
ونقل موقع “26 سبتمبر” عن عوبل قوله: “ما حدث في المتحف الوطني يعد جريمة تمس البلد بأسره، ولن نتوارى في بذل الجهود لكشف الجناة وإعادة المسروقات”.
5 ملايين دولار القيمة المادية للرق
إلى ذلك قال وكيل وزارة الثقافة لقطاع الآثار والمتاحف والمدن التاريخية الدكتور مجاهد اليتيم، إن ما حدث في المتحف الوطني بصنعاء هي جريمة نكراء بكل المعايير والمقاييس وسرقة للشعب وللأمة وللإنسانية جمعاء.
وقال الدكتور مجاهد اليتيم ل”الجمهورية”: “ما تم سرقته هي أربعة رقوق تعود إلى القرنين الثاني والربع الهجريين القيمة المادية لأي رق من الأربعة الرقوق لا تقل عن 5 ملايين دولار كقيمة مادية أما القيمة المعنوية فلا تقدر بثمن، إضافة إلى سبعة سيوف تعود إلى القرون السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر”.
وأضاف اليتيم: “وزارة الثقافة جادة في كشف الجناة وإعادة المسروقات وهو الهدف الأساس, والرئيس والوزارة لم تتوان عن اتخاذ كل جهدها وقد تواصلت مع كافة الجهات المعنية وتم التعميم (صور المواد المسروقة) أيضاً على الإنتربول الدولي وكل المنافذ اليمنية من أجل ضبط هذه المسروقات.. الآن التحقيقات وجمع الاستدلالات جارية والنيابة توالي التحقيق الجنائي..”.
وتابع: “وزارة الثقافة شكلت لجنة تحقيق إداري لكشف القصور والإهمال الذي حصل في المتحف لا سيما بعد إقامة وليمة (عرس) داخل المتحف، وهذه الوليمة كانت سبباً رئيسياً من أسباب السرقة حتى خلطت الحابل بالنابل، وعلى إثرها تم توقيف رئيس الهيئة العامة للآثار وكذلك الأمين العام للمتحف الوطني بصنعاء”.
وبحسب مصادر موثوقة فإن المكلف بعمل رئيس الهيئة العامة للآثار وأمين عام المتحف حضرا الوليمة التي أقيمت داخل المتحف بمناسبة زفاف إخوة مدير المتحف الأربعة.
بادرة خطيرة
بدوره أستغرب الدكتور محمد علي العروسي وهو أيضاً رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف والمخطوطات سابقاً، من إقامة حفل غداء وعرس داخل المتحف في اليوم الذي سبق السرقة، يضيف: “هذه بادرة خطيرة جدا أن متاحفنا التي نحتفظ بداخلها بآثار أمتنا وتراثها الحضاري والثقافي تتحول إلى لوكندات أو مطاعم أو قاعات تقام فيها الحفلات الخاصة وفي اليوم الثاني يتم سرقة محتوياتها.. والمسؤولية تقع بدرجة رئيسية على المسئولين العاملين في كل من الهيئة العامة للآثار والمتاحف ودور المخطوطات..”.
من جهته أكد الدكتور مجاهد اليتيم أن اللجنة الوزارية ما زالت توالي تحقيقاتها وسيتم اتخاذ إجراءات إدارية صارمة، “الأمور مبشرة بخير وهنالك دلائل وقرائن قوية سوف تقودنا إلى كشف الحقيقة والقبض عن الجناة واسترداد المسروقات، لا نستطيع أن نفصح عنها حتى لا تؤثر على سير التحقيقات”.
سرقة متحف عدن منظمة
ويرى مراقبون ومتخصصون أن حادثة سرقة المتحف الوطني بصنعاء لن تكون الأخيرة في بلد تعرض تراثه، الذي يمثل هويته، على مدى عقود لعمليات سرقة وتهريب منظمة، آخرها بواسطة تجار محليين.
وفي السياق يقول الدكتور محمد علي العروسي: “السرقة التي حدثت في متحف عدن العام الماضي كانت منظمة تؤكد كل القرائن حصول من قاموا بالسرقة على مساعدة ودعم من عاملين وموظفين في هيئة ومكتب الآثار وفي متحف عدن، والدليل على ذلك أنه قبل تنفيذ السرقة تم إخفاء السجلات التي كانت تحتوي على أرقام وأوصاف وصور القطع الأثرية وخاصة العملات (عملات ذهبية رومانية)، من هيئة الآثار ومتحف عدن ومن مكتب الآثار والثقافة في محافظة عدن..”، ويضيف الدكتور العروسي أن رد فعل السلطات والجهات المختصة حيال هذه العملية الخطيرة كان بارداً مخيباً للآمال، واذا كان هناك ثمة تحقيقات وإجراءات تمت بهذا الشأن فإنها لم تعد حتى قطعة واحدة من عشرات بل مئات القطع التي تمت سرقتها، كما أنه لم تتخذ أي إجراءات عقابية ضد مسئولي الآثار والمتحف في عدن، وقد حدثت ردود فعل مماثلة بعد سرقات سابقة حدثت خلال السنوات القليلة الماضية لعشرات بل والمئات من القطع الأثرية والمخطوطات في صنعاء وإب والحوطة وعدن والمكلا وتعز وغيرها”.
سرقة متحف المكلا
وفي مارس الماضي تمكن مجهولون من سرقة عدد كبير من القطع الأثرية الثمينة والهامة من متحف المكلا الواقع في قصر القعيطي بمدينة المكلا، ومن بين المسروقات كرسي العرش السلطاني الذي يمثل أحد الرموز المهمة للدولة القعيطية.
وإلى جانب سرقة متحف الآثار بشكل كامل في مدينة زنجبار محافظة أبين ، اقدم مسلحون في وقت سابق على نهب مخزون الآثار بحوطة لحج، وبالمثل تم نهب محتويات متحف السدة بمحافظة إب وسط اليمن.
60 ألف مخطوطة في بريطانيا
وكان المستشرق الألماني (أريوان) الذي عمل ثلاث سنوات خبيراً متطوعاً بالهيئة العامة للآثار، قدر نهاية ثمانينيات القرن الماضي عدد المخطوطات في اليمن بحوالي مليون مخطوط، غير أن تضارباً واضحاً حول حجم هذه الثروة، فبينما يشير البعض إلى أن عددها يصل إلى ثلاثمائة ألف مخطوط، يرى آخرون أنها تتجاوز هذا الرقم بكثير، وستظل الأرقام التقريبية سيدة الموقف حتى إجراء مسح ميداني شامل لهذا التراث المتبقي في البلاد، الذي يتوزع حالياً بين ثلاث جهات (المكتبات الخاصة، المساجد، ودور المخطوطات الحكومية).
ويقول متخصصون في التراث إن “ما هو موجود في المكتبات والمتاحف العالمية اليوم من مخطوطات يمنية قد يكون أكثر من الذي لا زال باقياً في اليمن”.
إلى ذلك توصل أستاذ العمارة والآثار الإسلامية الدكتور محمد العروسي في دراسة أكاديمية له بعنوان “الإنتاج المعرفي لعلماء اليمن في القرنين السابع والثامن الهجريين” ، ودراسة بحثية قام بها في منتصف العقد الماضي تمكن خلالها من حصر وتحديد أعداد المخطوطات اليمنية التي تقتنيها المتاحف ودور المخطوطات ومعاهد الأبحاث وكثير من المكتبات الخاصة في عدد من الدول الغربية وتركيا، فمثلاً يذكر بأن عدد المخطوطات اليمنية الموجودة في بريطانيا وحدها يصل إلى نحو 60 ألف مخطوطة، غالبيتها نقلت أثناء الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن عن طريق البيع والتهريب والرحالين والمستشرقين.
وفوق ذلك يقول متخصصون أن ما تبقى من مخطوطات يمنية في دور المخطوطات وغيرها هي الأخرى معرضة للتهريب والتمزيق والاندثار وحشرة الأرضة التي أكلت الكثير، فضلاً عن أن الآلاف من القطع الأثرية داخل المتاحف اليمنية تعاني من الانقراض والتآكل والفطريات جراء الإهمال وعدم رعايتها..
عدم توفر وسائل الأمن
ولم تسهم الحكومات اليمنية المتعاقبة ولو بالقليل من الدور من اجل الحفاظ على هذا الموروث، إذ تفتقر المتاحف ودور المخطوطات إلى كثير من التجهيزات والإمكانات أبرزها أجهزة الإنذار وكاميرات المراقبة وغيرها من الحماية والحراسة التقنية بالإضافة إلى قصور الحراسة الأمنية البشرية.
يقول مدير إدارة الترميم في المتحف الوطني بصنعاء وأستاذ ترميم الأثار، فهمي العريقي: “سرقة المواقع الأثرية والمتاحف هي لعدم تأمينها (عدم توفر وسائل الأمن) من تسوير وشرطة أمنية وشرطة سياحية وأجهزة إنذار ومراقبة وتصوير واتصالات وغيرها، للحد من السرقات والتهريب أهم نقطة يجب تأمين هذه المباني والمواقع داخلياً وخارجياً (أي داخل المتحف وخارجه)..” وأشار العريقي إلى ضرورة توفير الإمكانيات التقنية والمالية المطلوبة والكادر البشري المؤهل والكفوء في جميع المنافذ البرية والبحرية والجوية، لافتاً إلى أهمية تدريب وتأهيل الكوادر العاملة في هذا القطاع.
تورط نافذين
لكن الأسوأ كما يقول الدكتور محمد العروسي هو وجود أيادٍ قوية ونافذة لشبكات وعصابات تهريب الآثار والمخطوطات اليمنية في المؤسسات الحكومية: “خلال ال10 سنوات الماضية حصلت عدة سرقات وتهريب وكان تعامل السلطات لا يذكر، لم نسمع عن محاكمة أي عنصر من العناصر التي اشتركت في سرقة الآثار أو مسئولي وموظفي وأمن الآثار والمتاحف والمخطوطات المتورطين والمتواطئين والمهملين.. والعملية فيها شك كبير وتبعث على التساؤل هناك كثير من الاستفسارات التي يمكن أن نضعها لكن على الجهات المختصة أن تبحث داخل هيئة الآثار..” وأضاف العروسي: “شبكات تهريب الآثار وتغريب التراث اليمني لها أيادٍ داخل هيئة الآثار وداخل المتاحف اليمنية وهذا للأسف معروف عند الجميع والسلطات تتصرف ببرود كامل، لم يحدث أن حاكموا أحداً أو قبضوا على مهرب آثار رغم أن مهربي الآثار الأن موجودون في السوق بشكل كبير..” وطبقا للدكتور محمد العروسي فقد أصبحت الآثار اليمنية في الوقت الراهن أكثر رواجاً وارخص سعراً نظراً لكثرة عمليات التهريب التي تحدث في المطارات والموانئ البحرية والبرية..
مطلوب عقوبات رادعة
وفي الشارع اليمني يستنكر كثيرون هذه الظاهرة ويطالبون بمعاقبة مرتكبيها بأقصى العقوبات الرادعة، كما يقول الشاب جمال محمد مذكور: “تهريب المخطوطات جريمة جنائية كبرى ويجب محاكمة من يقومون بها وتشديد العقوبة ضدهم”.
يوافقه الرأي صدام السلامي، وهو طالب في قسم الآثار بجامعة صنعاء، يضيف: “أصحاب النفوذ في السلطة والمتمركزين في مواقع حكومية معينة هم من يهربون هذا الموروث..”.
من جهته يرى خليل السماوي، وهو خريج جامعي، أنها ظاهرة خطيرة جدا وتحدث شرخاً في الحضارة الإنسانية والحضارة اليمنية خصوصا التي سطرها اليمنيون الأوائل ومعروفة في العالم أجمع. وأضاف السماوي: “أي بلد لا يكون له مستقبل زاهر إلا بحضارة عريقة، لذلك نحن نتألم عندما نسمع أنه تم سرقة أو تهريب آثار ومخطوطات يمنية، ويجب على الحكومة أن تقوم بأعمال حازمة لوقف هذا العبث..”.
إنذار وخطة عاجلة
ولا تخفي السلطات الحكومية ما تعرضت له الثروات التاريخية لليمن خلال السنوات الماضية، لكنها غالباً ترجع أسباب القصور إلى عدم توفر الإمكانيات المالية.
يقول وكيل وزارة الثقافة الدكتور مجاهد اليتيم: “صحيح أن اليمن تمتلك ثروة هائلة من التراث الحضاري الكبير لكنها لا تمتلك المال لكي تحافظ على هذه التحف، بالتالي تتعمد مافيا متخصصة لتهريب وبيع موروثنا وتراثنا وحضارتنا عبر التاريخ ومنذ فترات طويلة..”.
ومع ذلك يعتقد الدكتور اليتيم أن حادثة سرقة المتحف الوطني بصنعاء أتت على شكل جرس إنذار، “جرس إنذار لنضع اللمسات ونكون في يقظة تامة بحيث نحافظ على ما تبقى من تراثنا وحضارتنا..” بحسب اليتيم.
وتابع: “هذه القضية قد تكشف لنا أشكالاً كثيرة من أنواع التهريب والتغريب والمافيا التي تتعمد إلى الإساءة وإلى نهب وسرقة وتهريب وبيع موروثنا الحضاري، والأمور تسير على قدم وساق للكشف عن هذه المنظومة غير الشرعية والتي تنهب وتسرق الأمة بأجمعها، وهناك متابعة يومية لهذه القضية من الرئاسة ووزير الثقافة وكل المعنيين.. وهذا حق لكل مواطن عليه أن يتابع حقه فهو ليس مسؤولية وزارة الثقافة فقط وإنما مسؤولية مجتمعية وشعبية”.
وكشف وكيل الثقافة أنهم سيعقدون مؤتمراً صحفياً كما وعد وزير الثقافة لكشف الحقيقة وتناول القضية بكافة أبعادها السياسية والثقافية والاجتماعية، بالإضافة إلى خطر تهريب وتغريب الآثار، ومن ثم ستتخذ الإجراءات الاحترازية وتكثيف الحماية الأمنية بحسب التوجيهات الرئاسية.
وأعلن الدكتور مجاهد اليتيم أن وزارة الثقافة لديها خطة عاجلة للحماية الإلكترونية سيتبناها الصندوق الاجتماعي للتنمية، وستنفذ في سبعة متاحف على مستوى الجمهورية.. ولفت إلى أن الخطة ستتضمن تعزيز المتاحف السبعة بمنظومة للمراقبة والإنذار وإعادة تأهيل شبكة الكهرباء وتركيب بوابات إلكترونية وغيرها.
وختم حديثه قائلا: “قد نُهب في هذا الوطن كل شيء إلا التاريخ يجب أن نحافظ عليه ولا نسمح بسرقته وتهريبه”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.