منذ 16 نوفمبر الماضي والجهود تُبذل لتلافي تداعيات المبيدات المدفونة في حي الجراف بأمانة العاصمة، لكن لم يسمع أحد عن تقديم الشخص المسئول عن هذه الكارثة للقضاء، الأمر الذي أبدى حياله وكيل وزارة الزراعة الدكتور محمد الغشم أسفه الشديد «لعدم محاكمة أي من المهربين الكبار رغم ما اقترفوه من جرم في حق البيئة والإنسان اليمني». وأضاف الغشم: «حقيقة هناك من التجار من يمتلكون النفوذ ولا يستطيع أحد أن يكلمهم أو يطالهم القضاء». وفي تصريح له في صحيفة «الوحدة» الأسبوعية كشف الغشم عن وجود ما وصفها بجهات نافذة «لم يسمها» تقف وراء صفقة المبيدات المنتهية الصلاحية والمهربة. وأكد أن هذه الجهات تعمل الآن على عرقلة سير التحقيقات التي تجريها النيابة في قضية مبيدات الجراف. وبحسب وصف رئيس هيئة مكافحة الفساد السابق فإن قضية المبيدات تعد ثاني أكبر بؤرة للفساد في اليمن. ورغم تنبه السلطات منذ نهاية العام 2011 لخطورة تهريب المبيدات التي كانت مهملة سابقاً، واتخاذ التدابير في محاولة لتطويق الموقف ، إلا أن تهريب المبيدات لا تزال «هي الأكثر من بين كل عمليات التهريب» بحسب بعض العاملين في ميناء المخا، والتي كان آخرها في الثاني من فبراير الجاري عندما ضبطت قوات خفر السواحل سفينتين محملتين ب«600» كرتون لأنواع مختلفة من المبيدات المحظورة في سواحل مديرية المخا بمحافظة تعز. الأحد الماضي عاد وزير الزراعة فريد مجور وعلى خلفية جريمة مبيدات الجراف ليؤكد أن قضية المبيدات من أصعب القضايا التي تشكل تحدياً حقيقياً أمام المجتمع. وكان تقرير صادر عن وزارة الزراعة في مارس الماضي قد أشار إلى «أن تهريب المبيدات من أبرز المشاكل والصعوبات التي تواجه اليمن». وبين التقرير أن «إجمالي الكميات المضبوطة من المبيدات المخالفة والمهربة خلال الفترة من مارس 2012 – مارس 2013م بلغت 61 ألفاً و221 كجم/لتر» تستخدم معظمها في زراعة القات.. من جهته اتهم الدكتور نجيب سعيد غانم، رئيس لجنة الصحة البرلمانية في ورقة عمل قدمها أمام فريق استقلال الهيئات بمؤتمر الحوار المبيدات الحشرية والسامة المستخدمة في زراعة القات بالتسبب «بجميع أنواع الأمراض السرطانية الموجودة في اليمن». علماً بأن اليمن تحتفظ بواحدة من أعلى نسب الإصابة بالسرطان على مستوى الشرق الأوسط بمعدل «22» ألف إصابة جديدة سنوياً.. رغم هذه المبيدات الكارثية والمحرمة دولياً، إلا أن الجراد تمكن خلال فترة وجيزة من القضاء على «90 % محاصيل اليمن في تهامة»، مما يخلق التساؤل.. هل هذه المبيدات لقتل الآفات الزراعية أم أنها لقتل الإنسان فقط؟!.