سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خاضت مخاضاً عسراً في إصدار ديوانها الأول وتتطلع أن تكون صوتاً مسموعاً الشاعرة الفلسطينية «ابتسام أبو سعدة» في حوار خاص ل «الجمهورية»:القصيدة حضرت في استمرار الثورة .. ونصيبي منها كان إيجابياً
أن تحضر امرأة من الوطن المحتل«فلسطين» في المشهد الأدبي العربي ب “ابتسامات” لافتة، قادتها في المجمل إلى تسجيل إبداع استلفتت به اهتمام جمهور نخبوي، فتلك لعمري موهبة أجادتها الشاعرة الفلسطينية الأصل، والجزائرية النشأة، والمصرية الإقامة ابتسام أبو سعدة، قلّ أن يماثلها فيها نضير. ثمة جسارة وثقة تبديه أبو سعدة، وهي تحاول بأمل نفض غبار الإحباط عن كاهلها، وشق درب ليس سهلاً السير فيه، سلاحها القصيدة والكتابة كما تقول في الانتصار لقضايا ترى فيها من الأهمية ما يوجب التفاعل معها بصدق، في حين سبقها إليها كثيرون بإبداع حي إلى الآن. وحينما تسألها ما الذي يمكن أن تضيفه إلى ما سجله شعراء كبار في ذات المضمار، تجيبك بنت الانتفاضة والمقاومة “ لو لم يكن إلا تحقيق حلم نشأ وترعرع بداخلي لكفى “. مخاض شاق خاضته صاحبة ديوان “ ابتسامات تشرينية “ إلى أن وصلت إلى الاحتفاء بولادة أول مولود مطبوع لها الشهر الفائت في “ المحروسة “، حمل اسمها مرتين، قالت أنه عن تعمد، والسبب أنها لم تكتب الديوان، بل الديوان من كتبها إحساساً. في دردشة حوارية تطل الشاعرة والكاتبة ابتسام أبو سعدة على قراء صحيفة “ الجمهورية “ بعفوية خالية من استعراضات واستعلاءات اللغة، ودبلوماسية الرد، كما هو حال أجوبتها البسيطة والتلقائية، وجهاً جديداً ربما على أكثرهم، بينما هي في الحقيقة ليست كذلك بالنسبة لجمهور لا تزال تبهره - رغم حداثتها - تجربتها مع الحرف. إلى الحوار: أبدأ معك من الحدث المهم بالنسبة لك، من حيث انتهيتِ من إصدار أول مطبوع لك ديوان “ ابتسامات تشرينية “،قبل أكثر من شهر. والذي يأتي في ظل مشهد أدبي رتيب ومحبط، وضاج من ناحية أخرى بالعناوين، فما الذي حملكِ على خوض غمار التجربة في ظل واقع هذه معطياته؟ - الحقيقة أني كنت بصدد التفكير في الديوان، وأعطيت نفسي فترة لا تقل عن 6 أشهر لأنشر الديوان، وكان مشجعي الكبير هو اشتراكي في مسابقة لفريق القلم الحر الذي أنتمي إليه الآن، وفوزي معهم بالمركز الأول، ومن ثمّ كانت الجائزة هي نشر القصيدة الفائزة في كتاب خاص تمت طباعته بدار إبداع للنشر، وأثناء حضوري حفل توقيع طباعة الكتاب تعرفت على نشاط الدار من خلال فريق القلم الحر، ثم اتخذت حينها قراراً بلملمة قصائدي ونشرها في كتاب من ضمنها القصيدة الفائزة بجائزة الفريق، وتعاقدت مع مدير الدار، وكان هدفي الأساسي أن أحقق حلما نشأ وترعرع بداخلي منذ الصبا، ولو لم يكن إلا هذا لكفى، وهذا ما فكرت به كثيراً وكان هدفي، كان تصميمي على الحلم الصغير، وجعله واقعاً كبيرا أقوى من أية صعوبات ومعطيات واقعية موجودة. .. كيف كان المخاض لولادة أول إصدار لك؟ مخاض الولادة كان صعبا جداً، والخوف والقلق كانا سيدي الموقف، واستمرت حالة التوتر ترافقني إلى أن تمت طباعة الديوان، واستلامي أول نسخة منه، في حين كانت كل قصيدة تولد معي بالإحساس، بمجرد أن أجد نفسي في مواجهة قضية من القضايا الساخنة في الحياة اليومية. .. كيف وجدتين استقبال الآخرين لمولودك (المبتسم) على غير عادة وطبيعة المواليد الحقيقيين؟ كانت طيبة ومشجعة للاستمرار، وكان أجمل شيء صادفني قراءة نقدية مبكرة كتبها الأستاذ عاطف عز الدين للديوان بعد أيام من صدوره، وهو ناقد روائي ومسرحي، شبه فيها الديوان بابتسامة الموناليزا. .. في قراءتي لقصائد من الديوان، لاسيما القصيدة التي عُنون بها الغلاف، ثمة تعبير عن وجع طاغٍ، وجع المرأة، وجع القصيدة، وجع الوطن، وجع الحلم، وجع الفرح .... الخ، ، فأين هي الابتسامة في خضم الوجع المتخمة به قصائد في الديوان؟. عنوان الديوان ينقسم إلى شقين، ابتسامات تشرينية، وهو الفرح المُطعم بالحزن، فتشرين هنا هو فصل الخريف الباهت المائل للاصفرار والحزن، فالمزج بين الابتسامات وتشرين والخريف هو ما يحتويه الديوان، التناقض بين الوجع والأمل، هذا هو الإنسان، وهذه هي المرأة بكل تفاصيلها بين حزن وألم، وفرح وابتسام. .. بين ابتسام اسم الشاعرة و “ ابتسامات “ اسم الديوان، ثمة التقاء على ضفاف الابتسامة، هل هو متعمد بما يجعل من الديوان كتابة لسيرتك الذاتية شعراً؟ أم الأمر متعلق بحبكة فنية جمالية؟ في الحقيقة هو متعمد جداً، فالديوان يكتبني إحساساً لا تجربة شخصية، يكتبني ويكتب المرأة بكل إحساسها وحياتها، حزنها وفرحها، ألمها وأملها، طفولتها وشبابها، غربتها والحنين إلى وطنها، مؤكد أن هناك العديد من القصائد تحكيني وتمثلني جدا، ولكن ليست جميعها. .. ملاحظ صدور ديوانك بعد ما سمي ب “ ثورات الربيع العربي “ والتي تأتي مصر - بحكم إقامتك فيها - واحدة من البلدان الحاضنة لثورتين 25 يناير 2011م، و30 يونيو 2013م، فهل ديوانك نموذج لنتاج ما بعد ثورة مصر الشبابية الشعبية؟ أم ماذا؟ استمدت قوتي من الثورة، وأملي وإصراري بعد أن كاد ينعدم أي طموح عندي، لكن ثورة 25 يناير، أثرت في بشكل إيجابي جداً، وأنه بإمكاني طالما لدي هدف وإرادة وابذل جهد فانه من الممكن الوصول ومعانقة ذاك الحلم حقيقة، وهذا كان حافز كبير بالنسبة لي، فالأمور الحياتية الشخصية ووضع البلد الذي أعيش فيه ارتبطا ببعضهما البعض ارتباطاً وثيقاً في قصائدي، فلا انفصال بين الواقع العام وبين الحياة الشخصية. .. هل ثمة تغيير في المشهد الثقافي المصري فيما بعد ما تسمى” ثورات الربيع العربي؟ بالتأكيد هناك تغيير في جميع المشاهد في مصر، فكل المشاهد تتأثر بما يحدث في البلاد. .. وكيف كان ذاك التأثير سلبا أم إيجاباً؟ طبعاً التأثير كان سلبياً بدليل عدم الاستقرار الذي حدث بعد الثورة، وانعدام الأمان بشكل كبير منذ اليوم الأولى للثورة. .. وماذا كان نصيب ابتسام أبو سعدة الشاعرة والمواطنة من هذا التأثير والتغيير على المستوى الشخصي؟ أما عن ابتسام، فقد اكتسبت الكثير من الإيجابيات على المستوى الشخصي، واستعدت الأمل بعد كل التطورات والإرهاصات التي رافقت الثورة وما بعدها، فقد كانت دافعاً إيجابياً بالنسبة لي في اتخاذ العديد من المواقف والقرارات والتصميم الشديد على تنفيذها. .. كيف تقيمين دور المثقف، القصيدة، في ثورة مصر؟ كانت القصيدة الثورية والسياسية تلعب دورا هاما في الثورة، فقد كانت محفزاً أساسياً مساعداً على البقاء والاستمرار في ميدان الحرية والكرامة والعدالة، فقد كانت تحمس الشباب دائما على مواصلة الثورة حتى تحقيق أهدافها المنشودة، وبذل غالي التضحيات في سبيل ذلك. .. أين كانت ابتسام أبو سعدة تقف إبان أحداث ثورتي 25 يناير، و 30 يونيو؟ كنت متابعة بامتياز، لأني منعت من المشاركة في الثورة لأسباب شخصية طبعاً، لكني أحسب نفسي شاركت فيها من خلال المتابعة ليومياتها وتفاصيلها على شبكة الإنترنت، والمواقع الإخبارية وقنوات الفضائيات، ومواقع التواصل الاجتماعي، طبعاً هذا بعد عودة خدمة الإنترنت. .. ما الذي تتطلع إليه شاعرة بادئة النمو، وحديثة الانتقال من الظل إلى الأضواء؟ أتطلع إلى أن أكون صوتاً مسموعاً، يصل إلى الجميع، صوت بسيط ومفهوم، أستطيع أن أؤثر به وأصل به إلى القلوب، فإن تكتب شيئاً مؤلماً أو مفرحاً ويشعر به من يقرؤوه وكأنك تكتب لسان حاله، أمر مهم جداً. .. وما الذي تحتاجه لإنجاز تطلعاتها؟ أحتاج القراءة أكثر، وترتيب الوقت أكثر، والعمل بشكل منظم قليلاً، أحتاج إلى النقد المستمر، وتصحيح الأخطاء حتى أتعلم أكثر وأطور من نفسي أكثر. السيرة الذاتية .. ابتسام أبو سعدة.. مواليد 1982..فلسطينية الأب.. مصرية الأم.. جزائرية المولد والنشأة ..خريجة بكالوريوس تجارة من جامعة الجزائر.. أدرس دراسات عليا في التربية.. في معهد البحوث والدراسات العربية بالقاهرة، الشعر والكتابة هوايتي ..عملت في الصحافة قليلاً.. وأنا الآن نائب رئيس تحرير مجلة الناس الإلكترونية، لي بعض المقالات والقصائد المنشورة على مواقع الكترونية ..ولي مدونة على جوجل وصفحة أدبية على الفيس بوك.. أول ديوان لي هو ابتسامات تشرينية..عن دار إبداع للنشر بالقاهرة وحالياً أعمل على مجموعة قصصية قيد الكتابة.