مع بداية العام الدراسي الجديد؛ يتساءل الطلاب وأولياء الأمور على حدٍّ سواء: هل سيكون عاماً دراسياً جديداً خالياً من المشاكل التي صاحبت العام المنصرم، وذلك بتحسين العملية التعليمية والتربوية، وهل سيكون عاماً جديداً أم نسجّل في صفحات التاريخ التربوية كسابقه.. فبإعلان نتائج الامتحانات العامة للشهادتين الأساسية والثانوية يكون قد أسدل الستار على العام الدراسي المنصرم، والذي من المفترض أن يمثّل نقطة مهمّة للوقوف على ما تحقّق خلاله من خطوات باتجاه تصحيح أوضاع التعليم، وذلك من خلال مراجعة شاملة لمكوّنات العملية التعليمية والتربوية، والذي يجب فيه تحديد مكامن النجاح وجوانب القصور التي رافقت العملية التعليمية والتربوية طوال مسيرة العام الدراسي الماضي، فهل فعلاً سيكون عاماً مختلفاً..؟! هذا ما سنعرفه من خلال السطور التالية.. برامج مهمّّة كانت البداية مع وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالرزاق الأشول الذي أكد أن الوزارة ستبدأ بتطبيق برنامجين مهمّين جداً وهما برنامج «القراءة المبكرة» والذي يعتبر أهم مخرج ينبغي من خلاله أن نراه في أبنائنا، بأن يكونوا قادرين على التفكير والقراءة والإبداع والتحليل، وهذا لا يأتي إلا من خلال القراءة والاطلاع. مشيراً إلى أنه يتم تدريب أكثر من 7 آلاف مُدرّب، كما سيتم منتصف شهر سبتمبر تدريب ما يقارب 30 ألف معلّم على منهجية القراءة الجديدة القائمة على المدخل الصوتي في تعليم الحروف والكلمات والتعبير، أما البرنامج أو المشروع الثاني فهو «مدارس التطوير المدرسي» مشيراً إلى أن الوزارة ستبدأ ب 1200 مدرسة تطويراً وتحديثاً سواء كان في بيئتها بحيث تكون بيئة جاذبة وآمنة، أم كان في ممارساتها، حيث ستكون هذه المدارس على مستوى الأمانة، حتى يبدأ النظر إلى نماذج وعيّنات تمثّل الجودة والنوعية، كما سيتم بالتنسيق مع أمانة العاصمة ومكتب التربية في العاصمة بتطبيق نظام الجودة والاعتماد المدرسي لعيّنة من مدارس التعليم الأهلي، حتى يتم أخذ دروس مستفادة، ويُطبق بإلزام جميع المدارس، وأية مدرسة لا تمضي في عملية تطوير وتحديث وتوفير المواصفات بالنسبة للتعليم الأهلي يجب أن تُغلق؛ وقد تم فعلاً توجيه إنذارات لأكثر من 100 مدرسة ولفت نظر لأكثر من 200 مدرسة أهلية، داعياً أولياء الأمور إلى أن تتحوّل العلاقة بين الأسرة والتربية إلى علاقة شراكة وعلاقة استراتيجية. كما وجّه الوزير رسالة إلى الطلاب بقوله: رسالتي إلى الطلاب أن يلتزموا الجد والاجتهاد في التحصيل والاستذكار، فمن جد وجد ومن زرع حصد، أما رسالتي إلى المعلمين؛ فنشكرهم على جهودهم المتميّزة وما يبذلونه من وقت مع أبنائهم الطلاب، ونقول لهم مزيداً من الإبداع، مزيداً من الفعالية، فالوزارة تدرك حجم المسؤولية التي تقومون بها، ولذا فنحن معكم ومنكم وسنكون إلى جانبكم. أما رسالتي إلى المجتمع المحلّي فنوجّه له الشكر الجزيل، ونطلب منه مزيداً من الدعم، ومزيداً من المشاركة المجتمعية حتى يكونوا سنداً للمدرسة لتكون متميّزة في أدائها وفي مخرجاتها التعليمية والتربوية. جديد القراءة وأما نائب وزير التربية والتعليم الدكتور عبدالله الحامدي فيقول: التعليم قضية مجتمعية يجب أن تتشارك فيها كافة الجهود الرسمية والشعبية، كما أوضح أنه من واجبنا في وزارة التربية والتعليم إطلاع المجتمع على الجهود التي تُبذل من أجل تحسين التعليم وتجويده؛ غير أن الملاحظ وللأسف الشديد أن تلك الجهود تُقابل بنوع من اللا مسؤولية من قبل البعض؛ وهو ما بدا جلياً من خلال الاختلالات والتجاوزات التي رافقت عملية الامتحانات وتسريب الاختبارات والتي كانت مؤرقة بالفعل. وأشار الحامدي إلى أنه في العام الحالي سيكون هناك جديد يتمثّل في «نهج القراءة المبكّرة» والذي سيعمّم على الجمهورية اليمنية بالكامل، مشيراً إلى أن تجربة «نهج القراءة المبكرة» تم تجربتها العام الماضي، ولوحظ أن الطلاب ذكوراً وإناثاً بعد مرور ثلاثة أشهر من بداية التجربة في المدارس التي تم فيها تجريب «نهج القراءة المبكرة» يقرأون بطلاقة بعد أن كانوا يقرأون في الدقيقة أربع كلمات وصلوا إلى أن يقرأوا في الدقيقة 28 كلمة. وقال الحامدي إن هذه ثورة، ويعتقد أن لها أثراً كبيراً في المستقبل، مشيراً إلى أن العام القادم سيكون للصف الثاني الأساسي، والعام الذي بعده سيكون للصف الثالث الأساسي، موضحاً أن المشكلة بتسرُّب الطلاب من المدارس تكمن في عدم استطاعتهم إجادة القراءة، معتقداً أن هذه خطوة متميّزة بالنسبة لهذه الأعوام، موجّهاً رسائل إلى المجتمع والطلاب وأولياء الأمور بأن ينظروا إلى أن التعليم هو أساس البناء وأساس التنمية، وأن الغش هو دمار المجتمع بكلّه. «الانترنت» في المدارس ويقول الأخ محمد الفضلي، مدير مكتب التربية والتعليم في أمانة العاصمة إنهم استعدّوا الاستعداد الجيّد للعام الدراسي الجديد، حيث سيتم ترتيب اجتماع موسّع للمجالس المحلية حتى يتم تحديد متطلبات العملية التعليمية كي نبدأ عاماً دراسياً متميزاً، كما نقوم بالاستعداد للعام الدراسي الجديد من خلال توفير المقاعد الدراسية والكتاب المدرسي والمعلم، مع الإشراف والتوجيه الفعّال، فنحن نمضي بخطوات جيدة على الرغم من أن الظروف التي يمر بها البلد إلا أننا ماضون في تحسين العملية التعليمية والتربوية، فهذا العام تم تعميم «نهج القراءة المبكرة» وهو من البرامج المميّزة والذي يعالج مشكلة قائمة في الميدان وهي ضعف المهارات الأساسية لدى الطلاب، حيث يصلون إلى الصف السادس والسابع والثامن وهم لا يجيدون المهارات الأساسية، ف«نهج القراءة المبكرة» يعتبر من أنجح البرامج التي أقيمت في اليمن. وأضاف الفضلي بأنهم سيقومون بإنزال تجهيزات حديثة ومتطورة منها 30 معملاً من أحدث المعامل في الجمهورية اليمنية إلى المدارس، كما سيتم الاهتمام بالتعليم الإ لكتروني، مشيراً إلى أن نائب رئيس الوزراء، وزير الاتصالات وعد بإدخال «الإنترنت» إلى المدارس، وفي الحقيقة التعليم هو مسؤولية مشتركة وكبيرة جداً، فهو مسؤولية الأسرة والقطاع الخاص وكل المجتمع، فإذا ما تكاثرت الجهود وتشابكت الأيادي في تحقيق هذا الهدف العظيم فنحن فعلاً نستطيع القول إننا بدأنا في الطريق الصحيح والسليم. مدارس جديدة وعن استعداد المناطق التعليمية للعام الدراسي الجديد التقينا الأستاذ عصام حسين العابد، مدير المنطقة التعليمية في مديرية شعوب، حيث تحدّث بأنهم سيقومون بافتتاح ثلاث مدارس جديدة على مستوى المنطقة لتخفيف الازدحام على الطلاب، لتكون عوناً في التخفيف على المدارس المجاورة من الضغط، وهو جانب مهم ليشعر الطالب أنه يدرس في مكان أكثر هدوءاً وأكثر انسجاماً، مضيفاً: الطلاب من سيصنعون النجاح من خلال استذكارهم واهتمامهم ومتابعتهم، وما نحن كتربويين إلا عون لهم ولأسرهم التي تعاني الكثير والكثير لتحقيق أهداف التعليم للطلاب خاصة ونحن في وضع صعب. كما التقينا بالأخ عبدالله الروني (مدير المنطقة التعليمية بمديرية بني الحارث) حيث قال بأنهم سيقومون بافتتاح أربع مدارس جديدة مدرستين للإناث ومدرستين للذكور لاستيعاب الطلاب الجدد، والتي من خلالها سيتم أيضاً معالجة الازدحام لدى بعض المدارس المجاورة. مشيراً إلى أنه سيتم تطبيق نهج القراءة المبكرة في جميع المدارس تحت شعار اقرأ وتعلم، وهو ما سيضيف نقلة نوعية لدى الطلاب في تمكنهم على القراءة في وقت مبكر، داعياً الجميع للعمل بروح الفريق الواحد لقهر كل الصعاب، في سبيل التعليم والتعلم لنعيد لبلدنا مجده ومكانته التي لا سبيل إليها إلا بسلاح العلم والجد والتفاني والإخلاص فبالعلم نستطيع البناء. عجز في المدرسين وعن استعداد المدارس تقول الأخت فاطمة فاخر مديرة مدرسة ميمونة بنت الحارث بمديرية الثورة بأن استعدادهم داخل المدرسة يتمثل بالقيام بتوفير الكتب المدرسية، والعمل على توفير المدرسين لكافة المناهج، مع توزيع النصاب للحصص الدراسية.. مشيرة إلى أن هناك عجزاً في مدرسي مادة الرياضيات والأحياء والفيزياء والكيمياء كذلك نقص للمربين. كما أكدت أن الكتاب المدرسي لهذا العام تم توفيره بنسبة 95 % وكذلك بالنسبة للمعمل المدرسي حيث قالت بأن المعمل متوفر وجاهز وجيد إلا أن المواد المخبرية والمواد الكيميائية مواد تالفة، ولدينا مشكلة بالنسبة لإتلافها، مطالبة بضرورة إتلافها كونها مواد خطيرة، وبالتالي توفير مواد جديدة.. مشيرة إلى أن عدم توفير مثل هذه المواد تعيق النشاط المعملي للطلاب، كما حدث العام الماضي، حيث تم توفير حواسيب لكنهم لم يستطيعوا تفعيلها واستخدامها لعدم وجود مدرسين مختصين، لكن هذا العام نحن حريصون على توفير الكادر المتخصص، ولو كان على حساب مجلس الآباء حسب قولها. كما أشارت إلى نهج القراءة المبكر بأنه تم تطبيقه من العام الماضي في المدرسة كونها احدى المدارس المستهدفة لتجربة هذا البرنامج، قائلة بأن له إيجابيات وله سلبيات فإيجابيات هذا البرنامج أن الطالب استطاع الفهم سريعاً، واستطاع قراءة عدد من الكلمات في الدقيقة ولكن هذا البرنامج بحاجة إلى فصل أوسع وعدد طلاب أقل، مع استخدام وسائل تعليمية أكثر ومدرس متمكن.. مشيرة إلى أنه يتم تدريب المدرسين فترة قصيرة وهذا ما يجعله ينعكس سلباً على تعليم نهج القراءة، وبالتالي يمثل صعوبة لعدم استطاعة المدرسة أو المدرس توصيل المعلومة بشكل أوضح أو تطبيق التدريب بشكل كاف، ومن سلبياته أنه إذا غابت المدرسة أو المدرس وتم إدخال مدرس بديل لا يستطيع عمل شيء. الأنشطة المدرسية وأما عن الأنشطة المدرسية فيقول الأخ محمد باهي عامر - رئيس قسم الأنشطة والصحة المدرسية بمديرية صنعاء القديمة - بأنه لا يمكن لأي طالب أن يكتسب مهارات إضافية وخبرات علمية دون تنمية مهاراته عن طريق الأنشطة المدرسية المتنوعة، والتي نستطيع من خلالها أن نُكسب أبناءنا الطلاب أصول المواطنة الصالحة، وإكسابهم أصول التربية الأخلاقية، وتشخيص جوانب القوة والضعف عندهم، بالإضافة إلى أن الأنشطة هي الوسيلة الوحيدة للكشف عن مواهب التلاميذ وميولهم والتنبؤ بمستقبلهم ومدى انتمائهم الوطني والوعي بالواجبات تجاه الوطن وبالعادات والتقاليد والأنظمة والتسامح فكراً وسلوكاً والثقة بالنفس. ويضيف عامر قائلاً: من ينظر إلى الأنشطة المدرسية بأنها عبارة عن مضيعة للوقت أو إهدار للمال فهو جاهل ويريد قتل المخزون الإبداعي لدى الشباب، ومن لا يهتم بالأنشطة فإنه يعمل على إيجاد فراغ بين الشباب ويتحول ذلك الفراغ إلى فكر متطرف يؤثر على الدين والأخلاق ويقتل الإبداع. مشيراً إلى أن غياب الأنشطة المدرسية يرجع إلى افتقار أدنى المخصصات والاعتمادات سواءً لبناء منشآت رياضية أو فنية أو تجهيزات مدرسية وغيرها. و أما الجديد للأنشطة المدرسية لهذا العام يقول عامر بأنه إذا تم التعاون من قبل بعض الجهات المسؤولة بتوفير الملابس الرياضية وأدوات الرياضة لمختلف الألعاب سيتم تشكيل فرق رياضية سواء فرق كرة قدم أو فرق كرة طائرة وغيرها من الفرق على مستوى مدارس مديرية صنعاء القديمة والتنافس فيما بينها للحصول على المراكز الأولى.. إلى جانب ذلك النشاط الثقافي وإجراء المسابقات الثقافية والدراسية بين المدارس كما حدث العام الماضي بين مدارس مديريات الأمانة، ومن ثم الانتقال للتنافس عبر محافظات الجمهورية للحصول على المركز الأول وهذا ما يعزز الترابط المجتمعي، إلى جانب ذلك إعادة تنشيط أعمال الفرق الكشفية وذلك من خلال إنشاء فرق كشفية في كل مدرسة.