تمتلك صنعاء القديمة ثروة هائلة في صنع بديع الشكل والمنظر. وتجسد واقع التراث اليمني والفن المعماري البديع في النقش على جدران الحضارة والتراث وزخرفة مزهرية اليمن، في تصور العالم المكتظ بالمناخ السياحي الخلاب كصنعاء القديمة التي تنقل الحياة القديمة لساكني صنعاءواليمن ككل. صنعاء القديمة تمتلك كثافة سكانية هائلة، وزوار بين حين وآخر، وازدحام شديد في أسواقها الشعبية.. ومداخلها الجميلة التي تمثل صورة فريدة من الفن القديم والحياة الجميلة التي كان يعيشها المواطنون آنذاك.فهي تعتبر بؤرة الحضارة، ومسكن التراث، ومعقل الأحرار، وحاضرة الجميع. فيها أسواق شعبية تجارية تحتوي العديد من الصناعات الحرفية واليدوية وبعض السلع مثل: المكسرات والحلويات والأحجار الثمينة. رغم عدم وجود إقبال كثيف من السياح الوافدين إلى مدينة صنعاء القديمة بسبب الظروف الحالية التي تعيشها البلاد، إلا أنها تتمثل بروح الحياة البسيطة، والعيش الروحي.. المليء بالأخوة والمودة والتعاون الإنساني الذي احتضن كل سكان البلاد في جو بديع ومدينة تعتبر معلم من معالم العالم في الجانب التراثي والفن المعماري الجميل الذي تجسده صنعاء القديمة من خلال ما تحتويه من مناظر خلابة وسياحية تنعش الروح.. وتسر الناظر.. صحيفة الجمهورية زارت صنعاء القديمة.. وأخذت بعض آراء سكانها ممن عايشوا المدينة وعن ما تحتويه صنعاء القديمة وما تعيشه في الوقت الحالي.. بالإضافة إلى آراء الباحثين والمختصين في ذلك الشأن وبعض المواطنين، وجسدت واقع المدينة بين الماضي الجميل والواقع المرير!! حياة بسيطة بداية التقينا أحد ساكني المدينة وهو كبير بالسن ويدعى الشيخ علي عياش الذي تحدث بالقول: كانت صنعاء القديمة تسير على النهج الديني بكافة معالم الدين الحنيف، كانت حياة بسيطة تغمرها الإخوة والألفة.. وتسكنها الروح الطيبة بين مختلف السكان دون وجود أدنى بذرة حقد أو حسد. ويضيف: أن صنعاء القديمة قد تم إعادة ترميمها أكثر من ثلاث مرات آخرها قبل أشهر.. وإن الحياة فيها في وقتنا الحاضر ليس كما كانت في العصر القديم وقت نحتها، لكنها تعتبر مدينة سياحية.. ولديها مقوماتها الحيوية والتراثية في ما تمتلكه من حس كبير لمدينة لها تاريخها العريق! مواطن آخر معاصر للمدينة يحدثنا قائلاً: أن صنعاء القديمة كانت معقلاً لكل اليمنيين.. وكانت تحتضن كل قبائل اليمن، وكانت في السابق تتمتع بالكرم والقناعة والتعاون بين بعضهم البعض في مختلف الجوانب. وعن واقعها اليوم يقول أحد المشايخ هناك: أن المدينة ليست كما كانت في السابق، فقد اختفت بعض المقومات التي كانت تمتلكها المدينة مثل الجانب الأخوي والتعاطف، ووجود الإهمال في التراث الحضاري والفن المعماري الجليل الذي تتميز بها المدينة. وعن الزائرين والسياح يقول أحد بائعي الذهب والفضة والأحجار الثمينة: أنه في ضل الأوضاع الراهنة تقلصت وفود السياح، وأصبحت المدينة تتعطش بعض الشيء لوجود سياح وزائرين.. مضيفاً أن الخلافات السياسية، والصراعات المختلفة أثرت سلباً على توافد السياح، ولن تعود الأمور إلى نصابها إلا باجتثاث الصراعات والخلافات، ونبذ العنف والمماحكات حتى لا تصبح اليمن غير معنية بالمجال السياحي والأمني والاقتصادي نتيجة الخلاف السياسي. الأصالة والحضارة الناشطة وعضو مؤتمر الحوار الوطني نادية عبدالله تقول: كانت صنعاء القديمة في السابق هي الأصالة والحضارة.. هي الجمال الطبيعي الحقيقي.. صنعاء عندما تتجول فيها لا تمل من التقاط الصور لها ولمناظرها الخلابة، وللحياة فيها وكل مرة تذهب إليها تشعر بالإحساس بأنك تزورها لأول مرة رغم تفاقم السلبيات جراء الإهمال لمدينة عريقة كصنعاء القديمة. وعن واقع المدينة في الوقت الحاضر قالت نادية: اشعر بالحزن الشديد وأنا أرى منازلها معرضة للانهيار والدمار. وعندما أتجول فيها أشاهد الشعارات السياسية على جدرانها القديمة الجميلة.. وأضافت: لم تعد صنعاء جميلة كما كانت، فقد تغيرت كثيراً.. فلازلت أبحث عن جمالها الذي عهدناه في السابق. واختتمت نادية: أرجو أن تعود صنعاء القديمة كما كانت، وإن تعود لها مكانتها العظيمة التي تجسد واقع اليمن المعاصر! مدينة الأساطير الكاتب والصحفي خالد الشامي : صنعاء مدينة التاريخ، مدينة الأساطير، مدينة الشعر والحلم الذي يراود اليمنيين. حين تغيرت معالم الأرض بعد الطوفان ولم يتبق من الحياة سوى نماذج محدودة لكائنات، كانت صنعاء من أوائل العمران الذي بشر بعودة الحياة. تناوبت على صنعاء بذور النماء، وأشباح الفناء واستطاعت مدينة الروح، وعاصمة التراث الحضاري أن تحافظ على قدر متزن من الوجود والاستقرار. كل انبعاث تشهده صنعاء يجدد فيها جذوة البقاء والخلود، لكن صنعاء لا يمكن لها أن تتكئ على تاريخها كمرتكز للانطلاق الواثق نحو مستقبلها ما لم يكن أبناؤها هم مريدوها وحواريوها. صنعاء لا ينقصها شيء لتنافس أرقى العواصم، لكنها تعيش قلقها على أبنائها وتلهفها لرؤيتهم وهم يمنحون أنفسهم ويمنحونها بساط السلم وأوسمة النضال في ميادين البناء. صنعاء التي نعنيها هي صنعاء التاريخ.. لا صنعاء العشوائيات، وغابات الإسمنت، صنعاء عبق الذكريات وميدان الحكايات.. إنها صنعاء القديمة التي تعيش هواجس خوفها من الغزو التكنولوجي المشوه الذي يسلبها تفردها وسحرها وتميزها! فوارق كبيرة الإعلامية مايا العبسي: صنعاء.. حاضرة اليمن، وعاصمة البلاد السعيدة وحضارة صنعاء القديمة تحديداً تنعكس في معمارها الذي يعود في أصوله إلى عصور ما قبل الإسلام والذي يعطيك نكهة خاصة عند دخولك من بوابتها. وأردفت: بين الماضي والحاضر فوارق كبيرة.. تحتاج لوقفة اهتمام ومتابعة من قبل الجهات المعنية ، كما أن الاستحداثات طغت على ملامح البناء القديم، والفن المعماري البديع.. صنعاء القديمة تظل عاصمة الروح، والعشق الأزلي.. رغم الإهمال، والسياسة التي طغت على ملامحها. صنعاء قبل مائة عام الكاتب والباحث ثابت الأحمدي يقول: قد لا يعرف الكثيرون أن صنعاء قبل مائة عام من اليوم كانت مدينة بكل ما تعني المدينة قياساً إلى ذلك الوقت.. بفعل تخطيطها العمراني وحدائقها المخططة تخطيطاً علمياً.. ولأنها من أوائل المدن على ظهر البسيطة فقد اكتسبت طابعاً عمرانياً متميزاً على كل العمران.. وذكر ذلك الريحاني في كاتبه ملوك العرب ونيبور في كتابه من كوبنهاجن إلى صنعاء. اليوم نحن في أمس الحاجة لإعادة الاعتبار لصنعاء القديمة وقد أصبحت قرية كبيرة تتناوشها الأشباح، وتسيل فيها الدماء أي أنها تريفت ولم تعد حاوية كل فن كما كانت. اختصار.. أماني الحيمي (طالبة آثار في جامعة صنعاء) تحدثت بالقول: صنعاء القديمة تحتضر.. وتلفظ أنفاسها الأخيرة.. كانت صنعاء القديمة المعلم الرئيسي لآثار وتاريخ اليمن، أما الآن أصبحت وللأسف الشديد مقزمة بما تحتويه، وتحولت أبوابها التراثية إلى متارس للصراعات.. وقمرياتها الملونة بفن معماري بديع إلى “مزاغل” للقنص.. وشوارعها ساحات لقرع طبول الموت البطيء لأهلها.. ونأمل أن يتم النظر إلى ذلك من قبل الجهات المعنية، ونبذ التقزم الذي لا يليق بمدينة تاريخية لها عمرها ومكانتها لا أن تهمل وتقزم وتهمش إلى هذا الحد الرديء..!! [email protected]