افتقدنا للأحداث الإيجابية والمبهجة منذ زمن طويل، لكنها انهمرت علينا الأسبوع الفائت دفعة واحدة فأحيت فينا الكثير من الأمل، وأعادتنا إلى واجهة الحياة كشعب يبحث عن فرص حقيقية للنجاح.. وقد لاحت أمامه بعض منها فاقتنصها باقتدار.. في الرياض عاصمة الشقيقة المملكة العربية السعودية، رفعت الجماهير اليمنية الأعلام الوطنية بكبرياء وفخر، وغنّت نشيدها الوطني بأصوات دوى هديرها في كل الخليج. التفّ اليمنيون كما لم يفعلوا من قبل حول المنتخب الوطني، وربما لأول مرة ارتفع سقف طموحهم حدّ تشبثهم بأحقية الوصول إلى نصف نهائي بطولة خليجي 22.. ليتدخل الحظ العاثر هذه المرة في إيقافهم عند نقطتين وأداء مشرّف. وعلى غير العادة، خرجت اليمن من البطولة، وقد ربحت أشياء كثيرة كارتفاع معدل الثقة بالنفس، والتفاؤل بالمستقبل والبدء في التفكير بكيفية امتلاك أدواته.. ثم إن وطننا كان على شفا “الانهيار” عاد من جديد، في ظرف أسبوع واحد، قوياً، متماسكاً.. وتخلى الجميع، خاصة كبار السياسيين عن “مكايداتهم” وبزّاتهم الرسمية، وتحولوا إلى مشجعين يقفون في صفٍّ واحد مع “الوطن”، وتخفّف الجميع عن أثقال السياسة وأوزارها وارتدوا فانيلة المنتخب ولفوا أجسادهم بالعلم الوطني.. حتى الخطاب الإعلامي للفرقاء السياسيين، أصبح واحداً لدرجة عدم القدرة على التفريق بين قناة اليمن اليوم وسهيل أو المسيرة. انتصرت “اليمن” معنوياً، وهي في طريقها على ما يبدو إلى وضع أقدامها في الاتجاه الصحيح لجني المكاسب.. وماهو مؤكد أن الهدف الذي لم يحرزه لاعبو المنتخب الوطني في خليجي 22، سيكون أهدافاً في خليجي 23. ومن الرياض إلى مدينة ميلانو الايطالية، هناك كان الفنان التشكيلي مراد سبيع “27” عاماً نجم المؤتمر العالمي السادس للسلام.. سبيع الفنان الذي عمل على التأسيس لجاذبية الفن على المستوى الشعبي مستغلاً فراغات الجدران ومحملاً إياها مضامين أعماله الجمالية والإنسانية والوطنية، تسلَّم مساء الجمعة الفائتة جائزة الفن من أجل السلام للعام 2014 في حفل أقامته منظمة فيرونيزي بميلانو الايطالية. جائزة “الفن من أجل السلام” تُمنح للفنانين الذين يُبدون التزاماً بثقافة السلام في أنحاء العالم.. وقد أبدى مراد سبيع التزامه بثقافة السلام في بلاده اليمن وترجمها فعلاً على جدرانها وفي شوارعها التي تزينت بألوان ريشته الزاهية ودوّنت ذاكرةً وطنيةً لن تموت بعدما أحياها “سبيع”. الجمعة الفائته أيضاً، اتجهت أنظار اليمنيين صوب مدينة مراكش المغربية، حيث كُرِّمت الناشطة الحقوقية والإنسانية أمل الباشا بجائزة المرأة العربية للعام 2014 في حفل الإعلان عن أسماء الفائزين بجوائز الدورة الخامسة من مبادرة “تكريم” للإنجازات العربية. ذلك الحفل شكّل فرصة لتركيز الضوء على قصص نجاحات عربية، تزرع الأمل وسط الضباب الكثيف الذي يُخيِّم على الصورة القاتمة للخريطة العربية، متحدية أوضاع اليأس والإحباط التي تملأ النفوس. ولأن “الباشا” لم تفقد الأمل في إعلاء شأن حقوق الإنسان اليمني فقد ذهبت إليها الجائزة وأصبحت بجدارة امرأة الوطن العربي الأولى. ولأن أروى عبده عثمان وزيرة الثقافة في حكومة الكفاءات الوطنية تعتبر من الأصوات المنادية بالعدالة في بلادنا وتعمل بلا كلل من أجل حماية حقوق الآخرين وكرامتهم، فكان لابد من فوزها بجائزة “اليسون دي فورج” المرموقة للنشاط الحقوقي الاستثنائي في حفل كبير بمدينة ميونيخ يوم الثلاثاء قبل الفائت. من بين “4” أشخاص على مستوى العالم حصلت أروى الناشطة والأديبة التي واجهت الفساد بكتاباتها الساخرة ونضالها السلمي، على تلك الجائزة التي تمنحها سنوياً منظمة “هيومن رايتس ووتش” لنشطاء شجعان يدافعون عن حقوق الإنسان. أما بيروت الجميلة فمازالت تصفق بحرارة لوليد الجيلاني المتسابق اليمني في البرنامج المسابقاتي الغنائي الشهير “أرب أيدل” الذي تبثه قناة “ام بي سي”مساء الجمعة والسبت من كل أسبوع. يتقدم “الجيلاني” بثبات صوب “التتويج”، مدعوماً بجمهور وطني يتذوق “الفن” وبإمكانه تكرار ما فعله مع “فؤاد عبدالواحد” و”نجيب المقبلي” حين جعلهما نجمين للخليج. الفرح شحيح في حياة اليمنيين، وكثيرون منهم نسيهم الفرح.. ولطالما رفض المستقبل أن يمد يده لهم وكأنه أراد لهم أن يبقوا خلفه.. لكنهم الآن أصروا على السير معه في طريق متوازٍ مع النجاح حين خرجوا إلى شوارع مدينة الرياض السعودية ليعلنوا عن تمسكهم بوطنهم “الموحد” وكأنهم في استفتاء عفوي عبّروا فيه عن عزمهم على إخراجه من وسط ركام الصراعات وفوضى الانتقامات. ومثلما كان عجز اليمنيين صارخاً.. أصبح نجاحهم اليوم مشبعاً بروح وطنية متّقدة.. ضاجّة بالحياة ولامعة.
