سلمان كاصد (أبوظبي) - يستعد الشاعر الدكتور طلال الجنيبي لإصدار مجموعته الشعرية بعنوان «أحدث عنك»، والتي تضم عدداً من قصائده التي كتبها على مراحل متعددة، وبذلك تلخص تجربته الشعرية طوال الفترة التي نظم بها الشعر منذ نهاية الثمانينيات. ومن أهم موضوعات القصائد التي يتضمنها ديوانه هي، الأغراض الوطنية والإنسانية والاجتماعية الهادفة، بما فيها الجانب الوجداني الذي رافق رحلة طلال الجنيبي فتغنى بالوجد والحب والآمال العريضة والمعاني السامية، كونه يرى أن الشعر الوجداني لا بد له من أن يكون هادفاً متسامياً بذائقة المتلقي. من جانب آخر يحفل ديوان الشاعر الجنيبي بقصائد كثيرة أهمها قصيدة «الإمارات في القلب»، و«في رحاب الحرم»، و«أحدث عنك» و«تفاصيل الأماني» وغيرها والتي نظمت على الطريقة الكلاسيكية «العمودي» إذ أن الشاعر يزاوج في شعره بين الكلاسيكيات التقليدية في الشكل واتباعه في بعض قصائده الشكل الحر وأسلوب التوقيع الصوتي الذي يتفرد به، حيث سبق له أن قدم هذا الأسلوب في محافل شعرية عديدة. وفي لقاء مع «الاتحاد» أوضح طلال الجنيبي سبب اتباعه أسلوب التوقيع الصوتي بعد أن عرف به، فقال «التوقيع الصوتي هو مركبة القصيدة الحاملة لمضامين بتوقيع يحمل صوت ناظم النص وأعني به الشاعر، حيث إنه جنس صوتي لا يشابه الغناء ولا الإنشاد، وإنما هو رداء القصيدة الرطب، إذ يتوخى فيه الشاعر المزاوجة ما بين مبنى النص ومعناه، والإيقاع الصوتي الذي يقدم الشاعر من خلاله قصيدته بأبهى صورة ممكنة، حيث يلتقي صنفان من الفنون على أرضية واحدة، الغاية منها تقديم النص بطريقة جاذبة تغاير السائد بما لا يخل بالمضمون». وأضاف "هناك من الشعراء من يقدم قصيدته بنبرته الصوتية التقليدية، وهناك من يقدم قصيدته بإمكانيات ذاتية مسرحية وهناك من يقدم قصيدته بإحساسه، فكيف إذا حملنا كل هذه الأدوات وأضفنا إليها بعداً آخر يخرج من ذات الشاعر ولا يستطيع غيره تقديمه وأعتقد أن شعرنا العربي الكلاسيكي حافل بطرائق شعرية مختلفة تبناها شعراء ووصفوا بها من مثل «الأعشى» الذي أطلق عليه «صناجة العرب» إذا كان يُوقع قصيدته على آلة هي «الصنج»، والآن قد نجد هذه الظاهرة في كثير من بيئتنا الشعرية العربية ومثالي على ذلك المنصف المزغني في تونس». وعن سبب تأخره في إصدار ديوانه الشعري قال الجنيبي «أعتقد أنني الملام الأول في هذا الموضوع إذ أنه قد مضى ما يقرب من ربع قرن على أمسيتي الشعرية الأولى، غير أن الاكتمال الفني كان هاجسي الأول، إذ ينتاب الشاعر إحساس بأهمية أن يقدم الأجمل دائماً، وفي ضوء ذلك تراه يخاف حقيقة من كل قصيدة ينظمها، إذ أن حساسية الشعر في استقباله». ويرى طلال الجنيبي أن هناك سبباً أو ما يمكن أن نقول فيه عائقاً مهماً يواجه الشاعر وهو طبيعة اختيار ما يريد أن يقدم من شعره، فيقول: «نعم هذا صحيح إذ أنني أمتلك مئات النصوص الشعرية غير أنني أحسب ألف حساب للمفاضلة بينها، ولهذا تراني قلقاً وكأي شاعر أتردد في اختياري للقصائد الفضلى التي تمثل بحق تجربتي الشعرية وإن لم أكن أفضل إحداها على غيرها». وأشار إلى مشاركته في المهرجان الثقافي في الدوحة بقطر وأخيراً في مهرجان «الشارقة للشعر العربي» في دورته الحادية عشرة، حيث قرأ في أمسيته مجموعة من قصائده الوطنية والوجدانية. وفي هذا الصدد يقول الجنيبي «أجد أن النص الشعري هو إحساس يمثل ما يعتري الشاعر من وجدان، وقد قدمت في المهرجان صورة بانورامية عن طبيعة شعري إذا انتقيت من كل شجرة غصناً يحمل ثماراً اعتنيت بها لسنوات طويلة وسقيتها من تجاربي وثقافتي الخاصة، وقد استقبلت استقبالاً حسناً أسوة بمن صاحبته في هذا المهرجان من شعراء إماراتيين وهما الشاعر عبدالكريم معتوق والشاعر إبراهيم محمد إبراهيم، وهما تجربتان مهمتان في ساحة الشعر الإماراتي والعربي، بالإضافة إلى وجود قامات شعرية عربية». ويرى أن الشعر قد حظي باهتمام واسع في فكرنا الثقافي في المنطقة إذ أصبح الشاعر يمثل ثقافة مجتمعية مهمة وأصبحت له مكانة اعتبارية في البنية الاجتماعية ذاتها إذ هو الصوت والصدى لمجتمعه وما كان لهذا أن يتأتى لولا الاهتمام الذي يحظى به من وطننا الرائع قيادة وشعباً.