مواضيع ذات صلة بيروت حقق رئيس تيار "المستقبل" الرئيس سعد الحريري في حديثه الاخير لبرنامج "كلام الناس" الذي تبثه المؤسسة اللبنانية للارسال جملة من الأهداف بضربة واحدة فقلب الطاولة في وجه الخصوم في "8 آذار", وأعاد الإمساك بزمام قيادة تحالف "14 آذار", كما نجح بإعادة تصويب النقاش الداخلي نحو التمسك بالدستور والتأكيد على أولوية الوحدة الوطنية. وعرض مصدر قيادي في "14 آذار" أبرز مضامين حديث الحريري الخميس الماضي على النحو الآتي: أولاً: واجه رئيس "المستقبل" برحابة صدر وتفهم موقف حلفائه المسيحيين (القوات اللبنانية والكتائب) الذين حشروا في زاوية المزايدات, ووجدوا أنفسهم مدفوعين للقبول باقتراح نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي, وقدم عرضاً أفضل بكثير يعالج هواجس المسيحيين, من خلال اقتراح إنشاء مجلس شيوخ يكون لهم فيه حق نقض أي من القرارات المصيرية, بالإضافة إلى الحفاظ موقتاً على التقسيم الطائفي لمجلس النواب. وهذان الاقتراحان يعززان الدور المسيحي أفضل بكثير مما هو قائم الآن, ولا يمكن لمسيحيي "14 آذار" إلا أن يرحبوا بهذا الطرح في حين أن العماد ميشال عون سيصاب بالإحراج الشديد. ثانياً: يعلم الحريري أن قوى "8 آذار" وعلى رأسها "حزب الله" وحلفاؤه سترفض بشراسة هذه المبادرة ولكنه يعلم أيضاً أنها ستنجح في تحقيق أحد أهم أهدافها, أي إعادة الاصطفاف السياسي على أساس وطني لا طائفي, كما كان قبل اقتراح الفرزلي, بين القوى التي تريد سيادة لبنان ووحدته, وبين القوى التي تعمل وفقاً لأجندة خارجية, أخطر بنودها حالياً, تفتيت المجتمع اللبناني عبر مشروع انتخاب كل طائفة لنوابها. ثالثاً: استطاع الحريري أن يوجه "ضربة معلم" في ما خص النائب وليد جنبلاط, ومن خلفه الطائفة الدرزية, فأكد الثبات معه ضد ما يسمى "اقتراح اللقاء الأرثوذكسي" والمطالبة بالدوائر الصغرى, وأضاف اقتراح مجلس الشيوخ الذي سيكون برئاسة درزي. وفي وقت يعتبر الكثير من المراقبين أن التحالف الانتخابي بين الطرفين مؤكد, ذهب الحريري في الاتجاه نفسه, وهو العارف أن جنبلاط سيبقى على تموضعه الوسطي, الذي يعطيه قوة الترجيح لإقرار أي قانون انتخابي. رابعاً: أسهب الحريري في الدفاع عن الدستور, وعلى أولوية الحفاظ على دولة موحدة وطنياً, بدلاً من فيدرالية الطوائف والمذاهب التي سيؤدي إليها اقتراح "الفرزلي", وبذلك سيتمكن من إعادة شد عصب "14 آذار", وحشر الفريق الخصم في زاوية يصعب الخروج منها, والأهم من كل ذلك سيكسب تعاطف غالبية اللبنانيين. خامساً: لم يدافع الحريري عن موقف رئيس الجمهورية ميشال سليمان من موقع شخصي, وكذلك الأمر عندما أشاد بالدور الحالي لرئيس مجلس النواب نبيه بري, فالرئيسان سليمان وبري, ساهما في صناعة مشروع الحكومة على أساس النسبية, وإنما توجه إليهما إيجابياً لعلمه أنهما يحاولان تدوير الزوايا, منعاً لانزلاق البلد نهائياً إلى الانقسام الطائفي. سادساً: أعاد الحريري تصويب النقاش الوطني ووجهه صوب سؤال تجاهله كثيرون في السجال المحموم حول قانون الانتخاب, وهو هل نريد الطائف أم لا? فهذا الاتفاق هو الميثاق الوطني الذي يريده المسلمون ويحفظ حقوق المسيحيين من خلال المناصفة, وهو القاسم المشترك الذي يحفظ مشروع الدولة, ومن اليوم فصاعداً سينشأ اصطفاف جديد, أو متجدد, بين من يريد إسقاط الميثاق الوطني, وبين من يريده ضمانة للجميع, في مواجهة مشروعات التفتيت المقبلة من خلف الحدود.