الإعلام والمسؤولية الوطنية    ناشطون جنوبيون يطلقون وسم #تريم_ترفض_الاحتلال_اليمني ويؤكدون وقوفهم الكامل مع أبناء تريم    الغيثي: العسكرية الأولى لا تخضع لوزير الدفاع مثلما السفراء لا يخضعون لوزير الخارجية    رئيسا مجلس القضاء وهيئة التفتيش القضائي يدشّنان خدمة استقبال الشكاوى إلكترونيًا    توزيع كمية من الاسمنت لدعم المبادرات المجتمعية في ملحان بالمحويت    الجزائر تدين المخططات الصهيونية التي تستهدف مستقبل غزة    مسيرة طلابية في الجراحي تضامنا مع غزة    مؤسسة وطن تكرم إدارة مدارس التقنية الحديثة نظير مبادرتهم تبني مقاعد مجانية لأبناء الشهداء    أمين عام الإصلاح يعزي الشيخ الحنق في استشهاد نجل شقيقه    الفريق الصبيحي ينعي رحيل الدكتور وائل مصطفى شكري: قامة علمية لا تُعوَّض وخسارة للوطن    وزير الثقافة والسياحة يؤكد على أهمية الدور التنويري للمثقفين والأدباء    امن ذمار ينظم فعالية خطابية احتفاء بذكرى المولد النبوي    مديرية معين تدشن فعاليات ذكرى المولد النبوي    تدشين دورات تدريب المتطوعين الصحيين في نوادي التوعية التثقيفية "التحصين حياة" بمديرية المسيمير محافظة لحج    الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية وهبوب رياح شديدة السرعة    رحلة في متاهات الوطن    مدير شرطة السير بعدن: تشغيل تجريبي لإشارات المرور في المنصوره    القيادة التنفيذية لالانتقالي تواصل الاستعداد لمؤتمر المانحين    قرعة دوري أبطال أفريقيا تسفر عن مواجهات نارية للفرق العربية    تعز.. حملة رقابية في مديرية القاهرة تكشف تلاعبا بالأوزان وتحيل المتهمين للنيابة    انتقالي حضرموت يشارك في ختام مهرجان خريف حجر السنوي ويطّلع على أبرز فعالياته    الزهري يقود حملة رقابية واسعة في خور مكسر لضبط الأسعار تسفر عن تحرير 64 مخالفة    القوات الجنوبية تكبد مليشيا الحوثي خسائر فادحة بالضالع    انتقالي الضالع يدشن المرحلة الثالثة من تمكين المرأة اقتصادياً    طارق ذياب ينضم إلى فريق برنامج "الثمانية" محللاً فنياً    تفشي موجة جديدة من الأمراض الوبائية في مناطق سيطرة المليشيا    تعز.. نقطة عسكرية تحتجز نائب مدير موانئ الحديدة وأسرته والمحور يرفض توجيهات المحافظ    استئناف أعمال الترميم والصيانة في قلعة القاهرة التاريخية بتعز    فؤاد الحميري، له من اسمه نصيب    "بعد الهاتريك".. رونالدو يؤكد أنه لا يزال في قمة لياقته البدنية    عشر سنوات من العش والغرام واليوم فجأة ورقة طلاق    هل هما شخص واحد.. الشبه الكبير بين البغدادي والشيباني    حكايتي مع الرئاسة التلالية الأولى (2-2)    إصلاح الكهرباء: الاقتصاد لا يبنى في الظلام    إيطاليا تعطي الضوء الأخضر لمشروع ب5،15 مليار دولار لبناء أطول جسر معلّق في العالم    يوليو 2025 يدخل قائمة الأشهر الأشد حرًا عالميًا    دراسة صادمة: "تشات جي بي تي" يوجه المراهقين إلى سلوكيات خطيرة وانتحارية    لهايات للبالغين تنتشر في الصين لتخفيف التوتر والإقلاع عن التدخين    مركزي عدن المحتلة يغرق السوق بعملة جديدة وسط اقترابه من الإفلاس    إذا يمنيو النزوح في عدن يصرون على محاكمة الشاعري فلنحاكم كل اليمنيين لنعصرية 30 عاما    "أكسيوس": اجتماع أوكراني أمريكي أوروبي يسبق قمة بوتين ترامب    بيت هائل.."نحن الدولة ونحن نقود البلد وهم يتبعونا!!"    المدرسة الديمقراطية تكرم الصحفي حسن الوريث    الترب يعزّي في وفاة الشاعر والأديب كريم الحنكي    تير شتيجن يستعيد شارة القيادة    مهرجان القاهرة السينمائي يطلق «CAIRO'S XR»    رسميا: بوتافوغو البرازيلي يضم الحارس المخضرم نيتو    وديا ... تشيلسي يتخطى ليفركوزن    السهام يكتسح النور بخماسية في بطولة بيسان    مستشفى الثورة… حين يتحوّل صرح العلاج إلى أنقاض    تفشي فيروس خطير في ألمانيا مسجلا 16 إصابة ووفاة ثلاثة    اكتشاف معبد عمره 6 قرون في تركيا بالصدفة    دراسة تحذّر من خطر شاشات الهواتف والتلفاز على صحة القلب والشرايين!    إنسانية عوراء    في تريم لم تُخلق النخلة لتموت    محافظ إب يدشن أعمال التوسعة في ساحة الرسول الأعظم بالمدينة    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة السياسية في مصر - الإتحاد الاماراتية - خالد الحروب
نشر في الجنوب ميديا يوم 24 - 02 - 2012


مواضيع ذات صلة
خالد الحروب
إعادة البناء أسهل ألف مرة من التفكيك، وإقامة نظام سياسي ديمقراطي فاعل وناجز أصعب ألف مرة من إزالة نظام سياسي ديكتاتوري. ما بعد الديكتاتورية حقبة بالغة الصعوبة كونها تحديات كبيرة كل منهما أصعب من الآخر، وتتصدرها ثلاثة أسباب أساسية. الأول هو التخلص من الإرث القديم الذي تكون الديكتاتورية قد رسخته وجذرته في السياسة والمجتمع والثقافة والأنظمة السائدة ونمط العلاقات الناظم لكل شيء في البلد المعني. والثاني هو تحقيق سقف التوقعات المرتفع للشعب والأفراد والشرائح المجتمعية بعد تخلصها من إرث الاستبداد، وانسياقها وراء طموحات متسرعة وغير واقعية في حدوث التغيير. والتحدي الثالث هو ضمور الخبرة السياسية عند الطبقة السياسية الصاعدة سواء من وصل منها إلى الحكم، أو من احتل مقاعد المعارضة. وتتداخل هذه التحديات وغيرها وتشتغل بقوة لتثير الإحباط والمرارة في دول «الربيع العربي»: في مصر، وتونس، وليبيا، واليمن، وتجعل كثيراً من الناس يتحسر على الأنظمة الزائلة لأنها كانت توفر في نظرهم وعلى أقل تقدير استقراراً صار مفقوداً وعزيزاً هذه الأيام.
وما نراه في مصر هذه الأيام من فوضى سياسية وتخبط في الطبقة السياسية الصاعدة، سواء من هم في الحكم أم من هم في المعارضة، يؤشر بقوة وإدهاش إلى التحدي الثالث. ولكن قبل مناقشته ببعض التوسع من المهم تفنيد بعض الإحباطات ونقض فكرة التحسر على الأنظمة الزائلة واستبدادها الذي أقام لعقود طويلة، وأنهك البلاد وثرواتها وناسها. الاستقرار المُتحسر عليه استقرار موهوم ومؤقت وإن وفر على السطح الخارجي مظهراً مستقراً وآمناً. وفي هذا النمط من الاستقرار تتم إزاحة كل المشكلات التي يواجهها أي مجتمع تحت السطح لأنه لا أحد يجرؤ على مناقشتها. وهناك تحت السطح تعتمل وتتقرح تلك المشكلات وتتراكم فوق بعضها بعضاً حتى تصل إلى درجة الانفجار الذي لا بديل عنه فتندلع في وجه المُستبد دفعة واحدة. وهذه سيرورة ما حدث في بلدان «الربيع العربي»: فتراكم المعضلات وتفاقمها والتغاضي عنها قاد إلى حراك في أوساط الناس. والاستقرار البديل والحقيقي والمستديم هو استقرار الحرية، ويقوم طوعاً واختياراً ومشاركة وليس بالقمع والحديد والنار. استقرار الحرية يقوم على أساس احترام كرامة الناس وشعورهم بالمسؤولية وعلى أساس كونهم شركاء في وطنهم وسياسته واقتصاده وصناعة مستقبله.
والانتقال من مرحلة استقرار الاستبداد إلى استبداد الحرية مخاض صعب ومعقد تواجهه معيقات وتحديات كثيرة، منها التحديات الثلاثة المذكورة هنا، ونموذج الانتقال المصري بالغ الدلالة على هذه الصعوبات وتعقيداتها. ولكن هذه الصعوبات والمخاطر والمرارات ينبغي أن تُرى من منظور تاريخي وليس من زاوية الحدث اليومي فحسب. يقول لنا المنظور التاريخي إن التحولات الكبرى تحتاج إلى وقت طويل كي تستقر، وإن أكثرها احتياجاً للوقت ذاك الذي يخط مساراً جديداً بالكلية ويقطع مع المسار القديم. وعلى ذلك فإن ما يحدث في مصر وغيرها لا يخرج عن طبيعة الأمور مع ما يثيره من إحباط وخوف، وعلى رغم أن هذا الكلام ونسبته إلى المنظور التاريخي قد لا تقنع ولا تفيد المواطن المسكين الذي ينتظر تغييراً مباشراً، ولا يقدم وظيفة لباحث عن عمل، ولا أمناً مطلوباً للجميع.
في هذا السياق، أي سياق الرؤية التاريخية، يمكن مناقشة التحدي الثالث الخاص بضمور التسيّس وشبه انعدام الخبرة الممارسة السياسية في الحقبة الجديدة في مصر. وما نراه في مصر وفي وسط طبقتها الحاكمة ونخبتها المسيرة مراهقة سياسية لم تتلمس طريق النضج بعد. ومحاولة تقليب جوانب وأسباب هذه المراهقة قد تقودنا إلى فهم أعمق لسيرورتها. في المقام الأول هناك خلفية العقود الطويلة التي اشتغلت فيها النخبة السياسية الحالية، أو عاشت فيها، وهي عقود كانت بعيدة عن التسيس الصحي والاشتغال في السياسة بحرية. الأحزاب والمجموعات والشرائح النشطة في مصر الآن، وخاصة التقليدية وقادة الأحزاب والنخب التي هي في الخمسينات من عمرها وأكبر، تنحصر خبرتها في السياسة تحت سقف الاستبداد، وعلاقتها بفكرة الدولة والحكم علاقة عدائية موروثة -وتكاد تكون في الجينات. ومن هم في الحكم ومن هم في المعارضة كانوا معارضين في ظل نظام ديكتاتوري، وكانت معارضتهم محدودة ولا يسمح إلا لقليلها بالتعبير عن نفسه. وعقود المعارضة الطويلة أنتجت أجيالًا وأفراداً معارضين أكثر منهم صُناع سياسة حتى لو وصلوا إلى الحكم. والأجيال الأقل عمراً والتي كانت قد قادت الحراك بالفعل تنقصها الخبرة أيضاً. صحيح أن الشباب امتلكوا قدرات عظيمة في الحشد والتجميع والمناورة كما شهدت على ذلك عبقرية «ميدان التحرير» إلا أن تلك القدرات تقف عند حدود إسقاط النظام، وليس بناء نظام جديد. وهذه الشرائح العريضة التي رفعت سقف توقعاتها وتوقعات الناس العاديين إلى مستويات لا يمكن تحقيقها بسرعة تلجأ إلى المهارة شبه الوحيدة التي تتقنها، وهي الحشد والتجميع والخروج إلى الشارع. ولأنها تتفوق على غيرها وعلى جيل السياسيين التقليديين في هذه المهارة فإن ذلك الجيل يتبعها ويلحق بها على اعتبار أنها تمثل الحراك الشعبي. وعوض أن يلعب الجيل الأكبر من السياسيين دور العقل في هذه المرحلة نراه يلهث وراء حركة الشارع ويريد أن يشارك في لعب دور العضلات. وعلى ذلك فإن بدت ممارسات حكم «الإخوان المسلمين» في مصر مراهقات سياسية بامتياز، خاصة لجهة الاستئثار بالحكم، وخلع الوعود ثم نقضها، وتنفير أقرب الحلفاء السياسيين، فإن ممارسات المعارضة لا تقل مراهقة عن ذلك أيضاً. فالمعارضة، شيباً وشباناً، تنساق وراء نوستالجيا ميدان التحرير و«إسقاط النظام». والغريب أن يصبح إسقاط النظام مطلباً للمعارضين وهو نظام مُنتخب أياً كانت درجات الامتعاض منه أو المعارضة له. وعندما أحس عدد من قادة تلك المعارضة بأن مطلباً كهذا يعني نقضاً لمسار التحول الديمقراطي، الذي يتيح إسقاط أي نظام بطرق ديمقراطية انتخابية وحسب، تحول المطلب إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، وهو مطلب أكثر معقولية. ولكن حتى هذا المطلب تُبنى عليه توقعات وآفاق كبيرة وكأن المعضلات البنيوية الكبرى التي لا يتيح الساسة المصريون لأنفسهم أي فسحة زمنية لمواجهتها وهم محمومون في صراعاتهم الحزبية ستحل لو تغير وزير هنا أو هناك في الحكومة. ليست هناك من طريقة لحرق مرحلة المراهقة والبلوغ إلى النضوج سريعاً، ولكن كل الطرق مفتوحة لعقلانية سياسية تجعل تلك المرحلة قصيرة وسريعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.