تخطو شركات الطاقة الصينية خطوات عملاقة في مد نشاطها على ربوع المناطق المعروفة بثرواتها النفطية والغازية في الولاياتالمتحدةوأمريكا الشمالية عموما من خلال توفير خبرات في عمليات تكرير النفط والغاز وتوزيعه وإنشاء محطات توزيع خاصة، وهي ستستفيد من المهارات والتقنيات العالية المتوفرة في الغرب، وستعمل على توفير العمالة الرخيصة للعمل على إقامة مرافق التكرير، فضلاً عن مشروعات خاصة باستغلال ثاني أكسيد الكربون المجمع من الجو لتحويله إلى طاقة رخيصة ونظيفة . لم يعد مرجحاً أن يتم إنشاء المرحلة المقبلة المتطورة في سوق الطاقة الأمريكية في بلدة ميديسين باو في ولاية ويومنغ . لكن شركة "سينوبك غروب"الذراع الهندسية التي تسيطر عليها الحكومة الصينية تخطط لبناء مرفق متطور هناك يهدف إلى تحويل الفحم إلى غازولين من خلال جمع ثاني أكسيد الكربون المتوفر في الجو . الجدير أن سكان ميديسين باو لا يتجاوزون ال 300 نسمة . واللافت أن شركة "سينوبك"نقلت إلى البلدة معدات ومواد أرخص من تلك التي كان الأمريكيون ينوون استخدامها لتنفيذ المشروع . وقد يفتح المشروع الأبواب أمام المزيد من رؤوس الأموال الصينية لتنفيذ المزيد من المشاريع . وقال بوب كيلي رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركة "دي كيه آر دبليو"للوقود المتطور في مقر المؤسسة في هيوستن أن "المهم على نحو واضح هو قدرة الصينيين على نقل مكونات دولية إلى الموقع . والجدير أن كيلي هو الشخصية التي وقعت عقودا مع "سينوبك"وينوي امتلاك وتشغيل مصنع وقود ثاني أكسيد الكربون من خلال وحدة خاصة . وأوضح أيضاً: "أن الشركة الصينية لديها أهم المعدات المنافسة، طبقا لما أعتقد، في العالم". ورفضت الشركة الكشف عن شروط الصفقة مع "سينوبك«، لكنها كانت ذكرت سابقا أن المشروع سيكلف نحو ملياري دولار . ورداً على سلسلة من التساؤلات، قالت "سينوبك"إن المستويات العالية للاستثمار في قطاع التكرير والصناعات البتروكيماوية سيعد من أقوى الفرص الاستثمارية في مجال الأعمال في السنوات المقبلة لأنها تسعى إلى بناء علامة تجارية خاصة بالهندسة الصينية الفريدة من نوعها . وقالت الشركة: "نتوقع أن نقدم لسوق الطاقة الأمريكية تقنيات أرفع قيمة وخدمات هندسية ذات جودة عالية لإنجاز فرص ربحية للطرفين". ويشار إلى أن "سينوبك"شاركت خلال الفترة الماضية في تطوير تكرير الطاقة والنقل وأصول التخزين بدءا من السعودية وانتهاء بإندونيسيا . ولكنها تبدي اهتماماً كبيراً بالسوق الأمريكية . وهي تخطط لبناء منشآت بتروكيماوية أمريكية حديثة بسبب تخمة الغاز في الولاياتالمتحدة . ويعتقد كيلي أن شركته "دي كيه آر دبليو"هي في مقدمة نشاط هندسي عملاق ستقوده شركات صينية . والجدير أن شركات الطاقة الصينية بدأت نشاطها في وقت سابق في عمليات استكشاف آبار الغاز والنفط في أمريكا الشمالية . ففي شهر يناير/ كانون الثاني الماضي وافقت شركة "سينوبك"على دفع 5 .2 مليار دولار لمؤسسة ديفون للطاقة في أوكلاهوما سيتي للحصول على حصة في عمليات الحفر في ممتلكات الشركة في ميتشيغان وفي أوهايو وفي مناطق أخرى . وتوصلت شركة "سينوبك"المنافسة إلى إبرام عقد بقيمة 1 .15 مليار دولار في يوليو/ تموز الماضي لشراء شركة "نيكسين"الكندية التي تمتلك أصولاً ضخمة لإنتاج الغاز والنفط في كندا وخليج المكسيك في الولاياتالمتحدة . لكن احتمالات نموها في المنطقة محدود حاليا لأن الشركات الصينية تفتقر إلى مهارات استخراج الغاز والنفط المتطورة في حين أن الأمريكيين ينتابهم قلق سياسي يفضي إلى الحد من حصول الصينيين على حصص أكبر . ويقول الخبراء إن تلك الشركات لديها الكثير الذي يمكن عرضه في قطاع صناعة الطاقة المعروفة بعمليات التكرير والمعالجة وتوزيع الوقود . وقال تريفور هاوزر، الشريك في مؤسسة "روديوم غروب"الاستشارية في نيويورك، الذي عمل مستشارا سابقا للحكومة الأمريكية لشؤون الطاقة، "ليس لدينا الخبرة في حقل النفط غير التقليدي، وليس لدينا بالتأكيد ميزة التكلفة فضلا عن المخاطر السياسية . ومن جهة أخرى، تأتي شركة "سينوبك"ولديها قدرات مثل ميزة التكلفة عندما ترغب العمل في عمليات التكرير والمعالجة وتوزيع الوقود". وأما بالنسبة لمشروعات ويومنغ، فإن بعض المواد المحتملة تتضمن أشياء مثل الصلب الذي يمكن الحصول عليه من الصين بهدف الحفاظ على انخفاض التكاليف . وفي هذا الإطار يقول كيلي: "للتنافس في سوق عالمية مترامية الأطراف بالنسبة لهذا النوع من المشاريع ينبغي أن تتوفر لديك القدرة لتعهيد المشروع بأدنى التكاليف". وتقول الشركة أيضا إن مشروع بلدة "ميديسين بو"سيفيد في تطوير الاقتصاد المحلي وسيفتح المجال لتوظيف نحو 2300 عامل بناء و400 وظيفة ثابتة عندما يبدأ المرفق عملياته التشغيلية . ولكن يمكن لمرافق "الفحم الحجري النظيف أن ينحدر إلى التعقيد في حال ارتفاع تكاليف المشروع خاصة أن هناك احتمال استخدام تقنيات غير مجربة من قبل". وتتابع "سينوبك"أن هناك منذ فترة أعمالاً مشابهة في صناعة الطاقة الأمريكية . ففي سبتمبر/ أيلول الماضي قالت شركة "إل إل سي غروب«، وموقعها سياتل، إن "سينوبك"ستدير عمليات البناء من خلال حيازة حصة مهمة في مشروع الطاقة النظيفة في تكساس، وهو مرفق منظم يخص توليد الطاقة بالقرب من أوديسا . وسيتم تمويل المرفق عن طريق مصرف الاستيراد والتصدير الصيني وهو المصرف المناسب الذي يمكن أن يتلقى تمويلاً فيدرالياً أمريكياً قدره 450 مليون دولار . وتعتقد مكونات التعاون الصينيةالأمريكية الخاصة بالطاقة ومشروعات الطاقة أن بعض المكونات سيتم تعهيدها دوليا فبدلا من العمال الأمريكيين يمكن جلب عمال بتكاليف أدنى لبناء المنشآت ويمكن أن تتحول مثل هذه المشروعات إلى كهرباء رخيصة وإلى مشروعات إنتاجية أخرى تمثل أهمية كبيرة بالنسبة للمستهلكين . لكن من غير الواضح بعد ما إذا كان أحد البنوك الصينية سيساعد على توفير الدعم المالي لمشروع ويومنغ . وفي هذا السياق قال كيلي إنه يأمل وضع اللمسات الأخيرة على عمليات التمويل في نهاية العام الحالي، كما سيتم وضع اللبنات الأولى لمشروع بلدة ميديسين باو في أوائل العام 2013 . وأوضح كيلي قائلاً: "من المهم بالنسبة لنا أن ندرك أن العلاقات المصرفية والاستثمارية التي تستحوذ على رأس مال لا بد أن تتقدم لمد يد العون لتطوير تعهيدات هنا وأعمال صناعية أيضاً . ويشكل ذلك أهمية بالنسبة للصين التي تسعى للنمو في الأسواق الخارجية". أهمية الأسواق الخارجية تساعد عمليات مجموعة "سينوبك"الهندسية على تلبية أحد متطلبات الحكومة الصينية بتطوير أسواق خارجية جديدة لدعم المواد المحلية ومكونات الإنتاج . ولا شك في أن ازدهار الاقتصاد الصيني وارتفاع مستويات الإنفاق الحكومية خلال العقود الماضية دعم الإنتاج الصناعي، ولكن بكين تشعر بالقلق من أن تلك الشركات يمكن أن تعاني تفعيل اقتصاد ذي نمو متواضع . يشار إلى أن الصين التي تمكنت من إقامة صرح صناعة وعززت إنتاجها الوطني في السنوات الأخيرة سوف تحتاج إلى سوق لتوظيف قدراتها الصناعية . طبقاً للين بوكيانغ، الذي يدير المركز الصيني لأبحاث الطاقة الاقتصادية في جامعة شيامين الصينية . وتحتاج الحكومة الصينية إلى استشارات لين في رسم سياساتها الهندسية . وقال لين إن فوز شركة "سينوبك"بمشاريع في الولاياتالمتحدة، كانت خطوة متقدمة لتعزيز قدراتها باعتبارها شركة عالمية . وقال لين إن التحرك باتجاه الولاياتالمتحدة سيستمر ويعتقد أن شركات النفط الصينية الكبرى مثل "سينوبك"يمكن أن تنشئ محطات تجزئة لتوزيع الغاز في الولاياتالمتحدة في السنوات القليلة المقبلة . وتابع لين قائلاً: "عندما تصبح أكثر تنافسية تنتقل إلى أماكن تتميز بتنافسية أكبر".