عبدالله احمد السياري لم اقابل الفنان النادر الصنف الراقي العطاء محمد مرشد ناجي ابدا في حياتي ومع هذا طالما شعرت انه جزء من حياتي وجزء من هويتي ومن ارثي الثقافي والفني بل حتى انني دائما احسست انه فرد من عائلتي او من اعز اصدقائي وكأن حياتينا –هو وانا-ارتبطتا بحبل من المودة والمعرفة مبنيه على فنه وعطائه الثري والى جانب اعجابي المطلق به كنت أكن له في قلبي احتراما ومودة لم يحظى بها الا قله من غيره من الفنانين فهو لم يكن فنانا فقط-بالنسبة لي-بل وطناً وهويه انصهرتا في انسان منذ نعومه اظفاري وهذا الفنان المبدع كان يمثل جزء مني ومن هويتي ومن حياتي فلذا اجزم انه كانت لي قصتي الخاصة بي معه طيلة حياتي. قصه كان فيها هو المعطاء بفنه وانا المستمتع المستقبل لذلك. المرشدي فنان أبدع طيلة حياته ولم يؤثر في عطائه مرور الوقت الا ايجابا وزيادة في العطاء والتجديد. بل انه مع مرور الوقت اضاف عناوين جديده لشخصه الكريم ولمواهبه المتعددة عبر اسهاماته في كتابه تاريخ الفن العدني وتوثيق مراحله وفلسفه تطوره وتبنيه له ككائن حي سرمدي. انفطر قلبي حزنا على وفاه الفنان العظيم محمد مرشد ناجي ومنذ ان سمعت بوفا ته أجد نفسي مستمعا لأغانيه باستمرار ووجدت في ذلك عزاء لنفسي وتخفيف لمحنتي وكلما سمعت اغنيه او مقطع من اغنيه له الا وعادت بي الذكريات الى مواقف ومواقع معينه من طفولتي وشبابي ذلك ان اغانيه ارتبطت في ذاكرتي بوقائع واحداث في حياتي لا زالت معلقه في ذاكرتي. فتلك اعنيه تذكرني بالشاي العدني الملٌبن المهُيل وتلك تذكريني بيوم زواجي واخرى بتخرجي كطبيب من جامعه لندن واخريات برحلاتي على طرق بريطانيا اذ ان شريطا لأغنياته لم يبرح مكانه قريبا من المسجل في سيارتي (ولا زال الامر على حاله الى الان) ومن حبه لوطنه بكل اجزائه لحن الاغاني واداء التراث الذي يلامس كل محافظه فغنى اللحن اليافعي واللحجي والحضرمي والابيني وطبعا العدني – فن مدينته التي ولد وترعرع ومات فيها (وتحديدا في الشيخ عثمان). بل كان المرشدي فنان الجزيرة العربية المتألق دون منازع فغناء اغان بالفن الحجازي والكويتي والصنعاني والتعزي ومن حبه الدامغ لوطنه لم يغادره واجزم انه كان باستطاعته ان يفعل ذلك ويستوطن بلدا اخراً ويأخذ جنسيته كما فعل غيره من الفنانين بل بقي في عدنه وتحديدا في شيخ عثمان. في ذات اللحظة التي تلامس انامله العود يهز المرشدي مشاعري طربا وحزنا وفرحا وانفعالا وتحليقا في اجواء رائعة بل لا اخفيكم ان عزفه وادائه الفني يرفع من كينونتي كشخص واجد نفسي وانا اسمعه اعلى احساسا واقوى عزيمه وارق فؤادا وأسمى اخلاقا. والمقدرة في ابراز كل هذه المشاعر –لعمري-هي العلامة والمؤشر الواضح للعبقرية في الفن ولا يملك ناصيتها الا القلة من الفنانين في العالم العربي واحدهم وأبرزهم المرشدي يرحمه الله تعالى ميزه اخرى يمتاز بها الفنان محمد مرشد ناجي دون غيره في نظري هي انه كلما غنى أحد اغانيه القديمة او ان انت سمعت احد اغانيه القديمة للمرة الالف لم نمل منها وحسيت انك تسمعها لأول مره اذ ان كل الحانه تحمل في طياتها التجديد الذاتي المتأصل فيها وتلك لعمري صفه اخرى للعبقرية في الفن لا يملك ناصيتها الا القلة من الفناين في العالم العربي واحدهم وابرزهم المرشدي يرحمه الله تعالى. توفى الفنان في سن الثالثة والثمانين بعد رحله في عالم الفن استمرت لأكثر من ثلاثة وستين سنه ان سألتني ما هي أقرب اغانيه الى قلبي لقلت له ان ذلك يعتمد على مشاعري وعواطفي وقتها فقد كان المرشدي من الابداع والتنوع الواسع مما جعله يغني لكل عاطفه تنتابني احزناً كان ذلك او طربًا أحماسا كان ذلك او استرخاء اغضبا كان ذلك او تسامحا وصلحا اعشقا كان ذلك او نفورا ولعل أقربها الى قلبي في هذه اللحظة تحديدا هي "ضناني الشوق" فاهديها اليكم (الرابط) "ضناني الشوق وازدادت شجوني وكثر الدمع قد حرق جفوني يرحم الله الكريم عبده محمد مرشد ناجي ويقبله قبولا حسنا ويعفو عن خطاياه ويرفع قدره عنده انه سميع عليم