يروج العمل لمبدأ "القتل المحمود" لتطهير البلد من الفساد والديكتاتورية! وسام فتحي رغم الطابع الفكاهي الذي يغلب على المسرحية، والتنوع في الشخصيات الكوميدية المختلفة بين مطرب شعبي، وراقصة، ومجذوب، إلا أن العرض المسرحي "سلقط في ملقط" نجح في توصيل رسالة مهمة للجمهور، وهي أن قتل الفساد وسام على صدر القاتل وليس نقمة عليه، حيث يروج العمل لمبدأ "القتل المحمود" لتطهير البلد من الفساد والعنف والديكتاتورية! تدور أحداث مسرحية "سلقط في ملقط" -التي تعرض حاليا على مسرح الطليعة- داخل غرفة في بيت ريفي، وهو مكان الجريمة التي قتل فيها الفساد وتظهر فيه جثة ممددة للقتيل، لكن الديكور ليس على خشبة المسرح كما هو متعارف عليه؛ بل هو غرفة ريفية بكل تفاصيلها، أبدعها مهندس الديكور ناصر عبد الحافظ، ويجلس الجمهور مصطفا على جانبي الغرفة على أرائك ومصاطب خشبية كالتي في الصعيد والبيوت الريفية، وكأنهم جلوس داخل البيت يشاهدون المسرحية وهم جزء لا يتجزأ من تفاصيلها باعتبارهم أهل القرية، وكأن الأحداث التي تدور أمامهم حقيقة وليست عملا مسرحيا. تبدأ أحداث المسرحية -التي تتكون من فصل واحد فقط على مدار ساعة ونصف؛ لعدم إخراج الجمهور من أجواء القصة- بوصول المحقق الذي يقوم بدوره الفنان مجدي فكري إلى بيت ريفي؛ للتحقيق في حادث مقتل أحد أعيان البلدة من الفاسدين المستشري فسادهم، لنكتشف أن المحقق تنحدر أصوله من نفس البلدة، ولكنه لم يزرها منذ عشرات السنين، لذلك يتم اختياره لهذه المهمة. بعدها تدخل المتهمة الأولى -التي تقوم بدورها الفنانة عبير الطوخي- وتعترف بأنها هي التي قتلت القتيل -الذي ما زالت جثته ممددة داخل البيت- بسبب وقائع حدثت معها، وتبدأ في سردها لنعرف من خلالها كم كان القتيل نرجسيا ويتلذذ بآلام الآخرين. وبعد أن تنتهي من الاعتراف يدخل زوجها -الذي يقوم بشخصيته الفنان عبد الله الشرقاوي- ليعترف بجريمة القتل ومسئوليته عن الجثة الموجودة، ويلاحظ المحقق تضاربا في الأقوال والدلائل بين الزوج والزوجة، فيثور عليهما؛ ظنا منه أن الزوج يريد إنقاذ زوجته من حبل المشنقة، خاصة أنه اعترف بارتكابه للجريمة رغم أن الطريقة التي حكاها عن تفاصيل الجريمة تتعارض مع ما في جثة القتيل من علامات وإصابات! وتتصاعد الأحداث بدخول مقرئ البلدة والحانوتي -الذي يقوم بدوره الفنان ناجح نعيم- ليعلن أنه القاتل ويعترف بالجريمة، ويحكي هو الآخر عن الذل والهوان الذي لاقاه على يد القتيل قبل أن يُسقطه جثة هامدة، ويبرر قيامه بارتكاب الجريمة بفساد وجبروت القتيل، ليحتار المحقق في أقوال الحانوتي ويثور عليه المتهمان الآخران اللذان ما زالا داخل المنزل، ويصمم الزوج والزوجة بأنهما مرتكبا الجريمة. لكن السخونة والمفاجأة لا تتوقف عند هذا الحد، بل تتفاقم أكثر وأكثر مع توافد باقي أهل القرية الذين يعترف كل منهم بأنه هو الذي قتل القتيل، سواء أحد المجاذيب الذي تسبب القتيل في إصابته بالجنون، ليعترف عبر استعراض فكاهي مع الجمهور بأنه مرتكب الجريمة، ثم ألماظية راقصة البندر التي تدخل بوصلة رقص فلكلوري وتعترف بارتكابها الجريمة، وتبرر ذلك بأن القتيل كان سببا في انحرافها بسبب ألاعيبه الشيطانية، مؤكدة أنه هو الذي تسبب في التفريق بينها وبين حبيبها، الذي نعلم فيما بعد بأنه المحقق! ثم يدخل كل سكان القرية إلى البيت الريفي بعد أن اقتحموه عنوة وهم يحملون العصيّ، ليعلنوا على درجة صوت واحدة وفي وقت واحد وبأداء جماعي ساحر أنهم جميعا من قتلوا القتيل لظلمه وفساده وبطشه. عندها يجنّ المحقق ويصرخ فيهم بأنه هو الذي قتل القتيل بعد أن يتيقن أن جميع أهالي القرية يرغبون في أن ينالوا جميعا شرف قتل الفساد والبطش والاستبداد، ثم يحدث هرج ومرج داخل البيت لتختفي الجثة في ظروف غامضة، ويتحول التحقيق إلى تظاهرة وهتاف ضد الفساد، ويقول الجميع إن الفساد لم يمت، ولكنه احتضر لفترة بعد الثورة داخل كل شخص فينا، حتى ظننا أنه مات، ولكنه ما زال موجودا بيننا، ويجب أن نقتله ونتخلص منه من داخلنا أولا حتى ننال شرف قتل الفساد والاستبداد، ونحول الثورة من ثورة ضد نظام إلى ثورة داخلنا ضد أخطائنا. العمل بطولة مجدي فكري، وعبير الطوخي، ونهاد سعيد، ومراد فكري، وهاني النابلسي، وحسان العربي، وناجح نعيم، وسميحة عبد الهادي، وأحمد زايد، وأحمد ظريف، تأليف رأفت الدويري، وإخراج إيميل شوقي، وجدير بالمشاهدة في أقرب وقت على مسرح الطليعة، حيث ما زال هناك الأمل في المسرح المصري رغم احتضاره!