انشغل الأمريكيون معظم فترات العام الماضى بأمور السياسة التى صاحبت الاستعداد للانتخابات الرئاسية التى جرت بالفعل فى نوفمبر الماضى، وفاز بها الرئيس الحالى باراك أوباما بولاية ثانية، وتداعياتها. وتعكس الأفلام المرشحة للأوسكار هذا العام هذا التوجه، حيث تتناول أربعة أفلام من بين تسعة مرشحة لاوسكار أفضل فيلم، وأيضا أحد الأفلام الأجنبية المرشحة للجائزة، موضوعات سياسية. ومن أبرز الأفلام السياسية المرشحة لنيل جائزة الأوسكار فيلم "لينكولن"، حيث يقدم ستيفن سبيلبرج نظرة مفصلة لنضال الرئيس الأمريكى الأسطورى إبراهام لينكولن من أجل استئصال تجارة الرقيق. ورغم أن محبى سبيبلبرج ربما توقعوا أن يركز الفيلم على دراما اشتباكات الحرب الأهلية، إلا أن الفيلم خال تقريبا من مشاهد الحرب والمعارك، وبدلا من ذلك يظهر الفيلم كدراما دستورية تركز على المناورات السياسية الصعبة التى كان يقوم بها لينكولن لإقناع الكونجرس بتمرير تعديل دستورى يلغى به تجارة الرقيق. ويتناول فيلم "جانجو انتشيند" (جانجو بلا قيود) الإرث السياسى للرق، وقد تعرض للانتقاد من قبل بعض الأمريكيين من أصول أفريقية، لعدم احترامه للملايين الذين عانوا من النظام الاقتصادى العنصرى الذى قامت عليه معظم أمريكا. وكان ينظر إلى فيلم لينكولن على أنه الأقرب للفوز بجائزة أوسكار، حتى لحق به فيلم "آرجو" وهو فيلم سياسى يزخر بالإثارة، ويركز على إحدى وسائل الخداع لوكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية (سى اى ايه) من أجل إخراج رهائن أمريكيين من إيران. ويلقى الفيلم نظرة فاحصة على سياسات الثورة الإسلامية الإيرانية، بالإضافة إلى الصراع السياسى داخل "سى اى ايه" والبيت الأبيض أثناء محاولة مسئولين بارزين التعامل مع هذا الموقف الحرج. والفيلم السياسى الآخر هو "زيرو دارك ثيرتى" الذى أثار منذ لحظة الإعلان عنه عواصف سياسية، ودفع الجمهوريين لاتهام البيت الأبيض بتسريب معلومات سرية بشأن مطاردة زعيم القاعدة أسامة بن لادن، لصناع الفيلم. كما انتقد عدد كبير من الساسة، بينهم المرشح الرئاسى الجمهورى الأسبق جون ماكين، الفيلم لتصويره للتعذيب قائلا إن الفيلم يعطى انطباعا خاطئا بأن استخدام التعذيب كان العامل الأساسى فى الحصول على المعلومات التى أدت إلى رصد موقع اختباء بن لادن. هذه المسحة السياسية امتدت أيضا إلى قسم الأفلام الأجنبية حيث يثير الفيلم التشيلى "نو" (لا) جدلا بشأن قصته التى تدور حول مسئول تنفيذى مكسيكى فى مجال الإعلانات، يلعب دورا محوريا فى استفتاء عام 1988 الذى كان إيذانا بانتهاء حكم الديكتاتور اوجوستو بينوشيه الذى استمر 15 عاما. وأربكت شعبية الأفلام السياسية الكثيرين من متابعى السينما، ومنهم المذيعة كريس جانسينج التى تقدم برنامجا إخباريا على قناة "إم اس أن بى سى" الإخبارية التى تبث برامجها على مدار الساعة بنظام الاشتراك. وقالت مؤخرا "كان عاما سياسيا للغاية فى دور العرض الأمريكية.. إنه أمر مثير بالنسبة لى لأن الساسة غير محبوبين بالمرة". ولكن روبرت توماسون أستاذ الثقافة الشعبية بجامعة سيراكيوز ليس مندهشا من ظاهرة هيمنة السياسة على أفلام هذا العام، حيث قال لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) "هذه ليست صدفة.. هناك خليط واحد من نتاج دورة أخبار على مدار ال24 ساعة، وجميع المعلومات السياسية صارت جزءا من الثقافة السياسية".