تاريخ النشر : 2013-02-21 آدم يعود إلى الجنة عبده حقي الإهداء إلى كاتبة مفترضة إسمها فوزية يوسف أسلم جناحيه لخفقة نسائم المساء الدجنبري التي حملته على بساطها السندبادي المنسوج خلسة بأنامل بينالوبي وهي تضفرخيوط قماشها في الشرفة المطلة على الأفق لعل آدم يأتي في الموعد المأمول . تدجج بخجله المخفوروبعض من جنون قديم وحكايات كان خبأها ذات ليال بعيدة في ثنايا المهجة حتى لاتمسسها مكائد النسيان ... كان يستعجل الشمس التي غطست تلابيبها خلف أسوارالمدينة العتيقة حتى تترك للمساء المنسدل بتوأدة أن تترصع سهرته بنجمات العيد الذي إستعارمن وميض بسمتها ألق اللقيا .. وهويسافرإلى أرخبيل حكيها البابلي كان آدم يشحذ كلماته المرصعة بالقلادة الدمشقية القديمة .. ببروق حروفها البهية الملتمعة على أكتاف الأصص الخزفية المرصوصة على ربوة رأس الأفعى .. وخلخالا من أصداف ومحارات ونجمات الشط لخطوها الواثق .. أقراطا صاغتها بحذق أنامل صائغ في زقاق أبوالذهب .. وخاتما لأنمل يراعها الحرون .. عنقودا من قرنفل فواح ليعلقه على ضفيرتها العسجدية التي حيرت بلونها خصلات الشفق الغجرية . إعترته فرحة أسطورية كما لوأنه آدم يعود إلى الجنة بعد عمرمن الإغتراب المديد .. كانت الفرحة تتراقص في عينيه نيسانية المعنى .. فارهة المبنى لتطل مثل فراش دوخه أريج عطرها العبق. كان يحس وهويفترع شوارع مدينة الزيتون كأنه فاتح أعزل إلا من رماح الصدق الشفيف وقراطيس من دفق الإفضاء المضرج في إفتتانه بسرالحكي الدفين بين مكامن الظلال وقيعان الخلجان في أرقيانوسها الأطلسي. على أولى العتبات في المدينة القديمة إرتشف كأسه الأولى والأخيرة .. كأسه تلك كانت بين زمنين .. كان يرنومن شرفة طفولته البعيدة إلى مهرجان الشارع المتلاطم في ذلك المساء الدجنبري أكثرمما عهده منذ عقود خلت .. ألفاه شارعا يرفل في رقصة "عيطة مرساوية " بديعة. كل المرئيات والموجودات توحي أنه سوف يعود من جديد إلى هذا العالم من رحم السهرة الدافئة .. في هذا الركن العدني من مدينة محفورة كالوشم اليانع على إيهابه وفي أبهاء هذا القصرالبلوري المحمول على هودج العراجين التي ماتزال تشهد على تاريخ منقوع في دم التحريروأسوارمتلفعة في بارود الفيالق الشقراء التي طمست حرف الهوية بطعنة إسمه المغدور. بدا زمنه الجواني كأنه قطعة من زمن أسطورة أزلية .. لم يصدق حين خطت قدماه الوجلة بوابة المقصورة .. أنه يعود إلى الجنة .. أجل لقد عاد إليها بكل يقين .. لم تكن عودته هذيانا أوتهيؤات ذهنية .. لقد كان حتما في الجنة .. في الفردوس المفقود جسدا وروحا .. في كل المرئيات المزنرة بسحر حواء .. في زقزقة العصافيرالمختبئة بين أكمام النخل.. في الساقية العليلة المسافرة خلسة بخريرها الأبدي تحت المقصورة المشعة المتلفعة في الفستان الباريسي القديم .. في الأكواب والأباريق المبثوثة على شراشف الموائد الحمراء .. في حكاياها المتشحات بعناد الموت المتربص بالحكاءات الساحرات ... ألفى نفسه أمامها عاريا بلون حبة قهوة لفحتها شمس الجنوب .. وكان لوحه موشوما بإزميل حروفها الحرونة التي أخرست لسان السيف الشهرياري من قبل أن يجزضفيرة الجارية البئيسة في الليلة الألف والآخيرة .. ألفاها قد أغدقت على طابورالنساء المحتميات خلفها من فائض زمنها الحكائي الذي لن يشيخ حتما ومن فيض كلامها المباح الطافح بالنضارة والحياة .. كان يصعد السلالم إلى مقامها العالي .. إلى عرشها المحمول على أكتاف النخل السامق وهويعدد ماتبقى له من الخطوالمرتبك والهمس المتلعثم ليلقي بصفائح ولائه القديم بين يديها ... كان يصعد إلى مقامها ويتصاعد خفقان قلبه .. وحين تملى إلى محياها هناك وهي منتشية في مقامها العظيم ومحفوفة كأمبراطورة بحاشية من أقمارالليالي الألف المشرقات كانت تترآى له هناك جثث نساء حكاءات خانهن الكلام المباح قبل إصطفاق أجنحة الديك الزاهد على قلعة بوابة المدينة العتيقة . مكث مشدوها .. كان عليه بداية أن يلملم أشلاء ذهنه في لحظة الدهشة والدوخة اللذيذة .. كان المقام أكبرمنه وأبعد مما تصوره وأدهش من كل توقعات الخيال واحتمالات المجازومن كل الصدف الجميلات المعدودات التي قد يجود بها العمر.. كانت الوجوه الآخرى غارقة في إنخطافها ببهجة السهرة .. هي إذن لحظة العمرالتي إرتقبها آدم في سفره الضليل منذ اعوام .. وهومنتصب أمام مقامها المهيب في إندهاش ، لم يدروقتئذ هل إبتدأت حكاية ألف ليلة وليلتين معها وفي حضرتها ؟ متصفحك لا يدعم الجافاسكربت أو أنها غير مفعلة ، لذا لن تتمكن من استخدام التعليقات وبعض الخيارات الأخرى ما لم تقم بتفعيله. ما هذا ؟ Bookmarks هي طريقة لتخزين وتنظيم وادارة مفضلتك الشخصية من مواقع الانترنت .. هذه بعض اشهر المواقع التي تقدم لك هذه الخدمة ، والتي تمكنك من حفظ مفضلتك الشخصية والوصول اليها في اي وقت ومن اي مكان يتصل بالانترنت للمزيد من المعلومات مفضلة اجتماعية