مفردة 'مواطنة' تصعد بقوة في زوايا صناعة القرار الأردنية وتجدد الدعوات لإلغاء المتابعة والتفتيشعمان 'القدس العربي': فاجأ عضو البرلمان الأردني الجديد الدكتور محمد عشا الدوايمه وزير الداخلية الدكتور عوض خليفات بردة فعله عندما جمعهما قبل يومين حديث مشترك وجانبي لملف 'الجنسيات والأرقام الوطنية'. الدوايمه الصاعد كالصاروخ في إطار حركة دؤوبة للبرلمان المستجد أجاب بطريقة لافتة على ملاحظة تقدم بها الوزير على شكل سؤال عن سبب تركيزه الشديد على إغلاق وإلغاء دائرة المتابعة والتفتيش التابعة للوزارة والمعنية بسحب جنسيات الأردنيين من أصل فلسطيني. جواب النائب كان سريعا وخاطفا: معالي الوزير أنا لا أطالب فقط بإلغائها أو إغلاقها بل بعملية نسف بيروقراطية لهذا الجهاز من أساساته وبمحاكمة ومحاسبة كل المسؤولين فيه عن زرع الفتنة في صفوف الشعب الأردني الواحد متعهدا بأن يعمل على محاسبة هؤلاء. شروحات الدوايمه تضمنت كما فهمت 'القدس العربي' مباشرة منه إتهام مباشر لبعض مسؤولي جهاز المتابعة والتفتيش في السابق بالمسؤولية عن تقسيم الأردنيين والمساس بمبادىء الحقوق والمواطنة مشيرا إلى أن بعض المسؤولين في هذه الإدارة تحديدا في الماضي تخصصوا في تعذيب المواطنين وشوهوا سمعة البلاد وعملوا على إفساد الوحدة الوطنية خلافا للحق والقانون والدستور ولقيم الشعب الأردني الأصيل ولخطاب الإصلاح الملكي. موقف النائب الدوايمه من إدارة المتابعة والتفتيش التي أنيطت بها مهمة تنظيم وإصدار بطاقات الجسور الخضراء والصفراء أكثر غلاظة وصراحة من مواقف لنواب في البرلمان السابق دعت إلى إغلاق هذه الإدارة التي يقول موظفوها أنهم يتحملون العبء الأكبر في إدارة ملف بغاية الحساسية رغم أنهم ينفذون تعليمات وتوجيهات المستوى السياسي ووزراء الداخلية. لكن تصاعد الحديث خصوصا في أوساط البرلمان الأردني الجديد عن 'ثقافة جديدة' للمواطنة يبنغي أن تسود أروقة المؤسسات البيروقراطية لم يقتصر على ملاحظات الدوايمه وآخرين من زملائه في المجلس البرلماني بل إنتهت بتبني مذكرة برلمانية جماعية هي الأولى من نوعها تبناها حزب الوسط الإسلامي تطالب بوقف سحب الأرقام الوطنية ووقف هذه المهزلة على حد تعبير الدوايمه. قبل ذلك دخلت مسألة المواطنة في تطور لافت لمسار النقاش العام لهذا الملف مساحات حوار ضيقة بين مؤسسة البرلمان ومؤسسة الحكم حيث إعتبرت كتلة وطن التي تشكل الكتلة الأضخم في البرلمان الإلتزام الحرفي بمبدأ المواطنة والعدالة والمساواة 'مواصفة' أساسية ينبغي توافرها في الحكومة المقبلة التي يجري القصر الملكي مشاورات بشأنها حاليا. هذا الموقف أبلغته الكتلة الإثنين لرئيس الديوان الملكي الدكتور فايز الطراونة الذي شارك بدوره قبل أكثر من عام في لجنة مشاورات أهلية نخبوية ضمن شخصيات سياسية بارزة وضعت وثيقة وسلمتها للقصر الملكي بعنوان إصلاح وتصويب أخطاء تطبيقات فك الإرتباط وهي وثيقة لا أحد يعرف مصيرها الأن ويعتقد أن الطراونة نفسه لا يهتم بنفض الغبار عنها. كتل أخرى من بينها الوسط الإسلامي في طريقها لخطاب مماثل يعزز منهجية المواطنة ويدخل هذه المفردة التي بقيت دوما من محرمات النقاش ولأول مرة في عمق سجالات مربع القرار السياسية خلف الستارة وأمامها فقد بدأت نخبة من كبار المسؤولين في أجهزة الدولة تستمع لخطابات بلهجة جديدة في هذا السياق. مسألة سحب الجنسيات في الأردن قفزت للواجهة مجددا مع تشكل البرلمان الجديد ووصول العديد من الشكاوى لأعضاء مجلس النواب حيث يتصور بعض الخبراء بان توسع السلطات المعنية بالأمر قليلا في الأونة الأخيرة في سحب الأرقام الوطنية إستفز البرلمان الجديد ووضع بين يدي الأعضاء 'ذخيرة' مناسبة للضغط على حلقات الحكم والحكومة. لذلك يقول عضو البرلمان محمد حجوج بان مسألة المواطنة لم تعد مجرد عبارة إنشائية فقد أصبحت شرطا لمنح الحكومة المقبلة الثقة البرلمانية، فيما يوضح نواب آخرون بينهم محمد ظهراوي بأن بعض التجاوزات المؤلمة في هذا السياق لم يعد من المحتمل السكوت عنها.