أكد مشاركون بفعاليات المؤتمر الثالث لإصلاح التعليم أن مفهوم التعلم الدائم أو التعلم مدى الحياة يرتبط بأصحاب المهن الراقية، ممن يكتسبون مهاراتهم ومعارفهم من خلال إعداد جامعي متخصص ويمارسون ما تعلموه في مواقف معقدة لا تنطبق فيها الأساليب الروتينية. وانتقد المشاركون بعض برامج التنمية المهنية التي تخلو من التصميم القائم على التحديد الدقيق للاحتياجات التدريبية ولفتوا إلى استمرار طرح بعض البرامج كأنشطة منفصلة عن خطة تطوير المدرسة. وكانت فعاليات المؤتمر الثالث لإصلاح التعليم في كلية التربية بجامعة قطر قد انطلقت أمس وتختتم اليوم تحت شعار «المعلم الناجح متعلم دائم»، وبحضور نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية الدكتور مازن حسنة والسفير الياباني لدى الدولة سعادة كنجيرو مونتي وعميدة كلية التربية الدكتورة حصة صادق، وعدد كبير من الخبراء والمختصين بالمجلس الأعلى للتعليم وكلية التربية والمؤسسات التعليمية المختلفة بالدولة. ويأتي تنظيم المؤتمر السنوي الثالث لإصلاح التعليم تحت شعار «المعلم الناجح متعلم دائم» من منطلق الشراكة المجتمعية التي تؤكد عليها رؤية ورسالة كلية التربية وجامعة قطر وسعيا نحو مواكبة المجتمع احتياجاته وتطلعاته. إلى ذلك قالت الدكتورة حصة محمد صادق- عميدة كلية التربية بجامعة قطر: «إن مفهوم التعلم الدائم أو التعلم مدى الحياة يرتبط بأصحاب المهن الراقية، ممن يكتسبون مهاراتهم ومعارفهم من خلال إعداد جامعي متخصص ويمارسون ما تعلموه في مواقف معقدة لا تنطبق فيها الأساليب الروتينية، وعادة ما تتطور المهن من خلال الإضافات المعرفية والمهارية القيمة التي يضيفها أصحاب المهنة، ويستدعي ذلك انغماس أصحابها في عملية تعلم تستمر طوال فترة حياتهم المهنية. كما يتطلب الأمر أن يعمل أصحاب المهنة وفق معايير مهنية واضحة، وأن يقدموا ما يشير إلى تحقيقهم لهذه المعايير ومواصلتهم للنمو والتطور لكي يسمح لهم بمزاولة المهنة والاستمرار فيها، وفي هذا الإطار يأتي أهمية مفهوم التعلم مدى الحياة لأصحاب المهن المختلفة بما فيها مهنة التعليم ويرتبط مفهوم التعلم مدى الحياة لمهنة التعليم بجهود التنمية المهنية المستدامة التي تقودها مؤسسات إعداد المعلمين ووزارات التربية والمدارس، ويتطلب هذا الأمر شراكة فاعلة بين هذه المؤسسات لتحقيق تواصل واستمرارية بين برامج الإعداد قبل الخدمة وأثنائها، وعمل منظم يقوم على دراسة واعية لمتطلبات إعداد المعلمين قبل الخدمة واحتياجاتهم التنموية ووفق مستجدات العمل في المهنة». وتابعت «بالرغم مما تبذله المؤسسات التعليمية المختلفة في قطر من جهود متواصلة لتجويد برامج التنمية المهنية المستدامة للمعلمين إلا أن هذا الموضوع لا يزال بحاجة إلى مزيد من العناية ولا تزال برامج التنمية المهنية تشكل عبئا إضافيا على المعلمين؛ فالكثير منها ينظم بعد نهاية اليوم الدراسي كما أن جدوى هذه البرامج وجودتها وأثرها على تحسين مهارات المعلمين غير واضحة، ولا تزال بعض المدارس تنظم هذه البرامج لأنها ملزمة بطرحها ويشيع النمط التقليدي في برامج التنمية المهنية المتمثل في حضور ورش العمل داخل المدرسة أو خارجها كما أن بعض برامج التنمية المهنية تخلو من التصميم القائم على التحديد الدقيق للاحتياجات التدريبية ولا تزال بعض البرامج تطرح كأنشطة منفصلة عن خطة تطوير المدرسة». وأضافت الدكتورة حصة «مما لا شك فيه أن تطوير أداء المعلم ورفع كفاءته وإنتاجيته من خلال برامج التنمية المهنية بوصفها عملية تحسين مستمرة، جزء من البرامج التطويرية المعمول بها حاليا في عدد من المؤسسات التربوية في دولة قطر، وعلى رأسها الجهود التي تبذلها كلية التربية من خلال برنامج تطوير المعلمين والقيادات التربوية الذي يقدمه المركز الوطني لتطوير التربويين NCED والذي سيكون له حضور كبير في الفعاليات التي ينظمها المؤتمر في دورته الحالية سواء من خلال جلسات مناقشات الطاولة المستديرة أو من خلال ورش العمل والعروض الأخرى المصاحبة للمؤتمر». وأشارت الدكتورة حصة إلى أن الجامعة تتطلع لهذا المؤتمر لتبادل الخبرات مع الزملاء في الميدان التعليمي حول أفضل الممارسات في مجال التنمية المهنية، وقالت «نحن كأصحاب مهنة واحدة معنيون بإنتاج المعرفة المهنية وتطوير ونشر الممارسات المتميزة في الميدان أملا في أن ينعكس كل ذلك على تحسين مخرجات النظام التعليمي». وأكدت أن انعقاد المؤتمرات يأتي من قناعة الكلية بأنه إحدى الوسائل المهمة لتعلم المهنة وترقيتها وخلق علاقات شراكات مهنية مع العديد من المعلمين وأعضاء الهيئة التدريسية من العديد من المؤسسات». وقالت «المؤتمر يستقطب مشاركين من داخل قطر ودول الخليج العربي وبعض الدول العربية، حيث يحضره هذا العام أكثر من 300 مدعو، ومن المتوقع أن تسهم فعاليات المؤتمر من الحلقات النقاشية، أوراق العمل، وورش عمل في نشر الممارسات المتميزة لتنمية المعلم مهنيا». وفي كلمتها بالمناسبة قالت الدكتورة غدنانة البنعلي- مقرر عام المؤتمر: «أود بداية أن أعبر عن شكري وتقديري للأعضاء المنظمين للمؤتمر والمشاركين في لجانه الذين عملوا بكل جهد وتفان لتنظيم فعاليات المؤتمر الثالث لإصلاح التعليم (المعلم الناجح متعلم دائم) بأفضل صورة». وأضافت أن كلية التربية تعمل بصفة دورية سنوية على تنظيم مؤتمر إصلاح التعليم من منطلق التزامها بالشراكة المجتمعية ووفاء منها لمتطلبات مبادرة إصلاح التعليم «تعليم لمرحلة جديدة» وإسهاما في تحقيق تطلعات رؤية قطر 2030. وذلك فيما يتعلق بالمعلم إعداده وتطوير أدائه ورفع كفاءته الإنتاجية من خلال برامج إعداد وتدريب ذات مواصفات عالية الجودة ومعتمدة من قبل هيئات عالمية لضمان الجودة. وقالت الدكتورة غدنانة البنعلي إن تنظيم المؤتمر يأتي استجابة لرغبة المشاركين في مؤتمرات إصلاح التعليم في السنوات السابقة. وتابعت «بمجرد الإعلان عن موضوع المؤتمر ومحاوره، وصلت اللجنة المنظمة العديد من المشاركات من باحثين وأكاديميين ومعلمين من داخل قطر وخارجها علما بأن عدد المشاركات بعد مراجعتها بلغت حوالي (33) ورقة عمل و(6) ورش عمل، وكان لطالباتنا مشاركة من خلال مناظرة بعنوان (المعلم بين الموهبة والإعداد) بالتعاون مع مركز مناظرات قطر بالمدينة التعليمية وعلى هامش فعاليات المؤتمر تشارك عدد من المؤسسات التربوية ودور النشر في قطر بعروض لأنشطتها ومطبوعاتها». وأكدت أن كلية التربية بالتعاون مع مؤسسة Qsience قطر للعلوم ستقوم بنشر ملخصات الأوراق البحثية إلكترونيا، وذلك على موقع منشورات «Qsience Proceeding «. تحدث في الجلسة الأولى للمؤتمر متحدثون رئيسيون هم: عبدالعزيز سعود العمر أستاذ بكلية التربية- جامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية، عضو اللجنة العلمية لمركز التميز البحثي لتعليم العلوم والرياضيات، وعضو اللجنة الوطنية لإعداد المعلم بالمملكة العربية السعودية، ولدية إصدارات عديدة من بينها كتاب مترجم بعنوان «مهنة التدريس» تطويرها وتعزيز ممارساتها.. إطار نموذجي. وطرح المتحدث مفهوم المعلم المتعلم مدى الحياة وعلاقته بالنمو المهني وبرامج تطوير الأداء المهني، وخطة التنمية المهنية الشخصية للمعلم، ومهارات القرن الحادي والعشرين للمعلم. وقال العمر «من المهم أن تكون هناك ممارسات وبرامج وأنشطة منهجية تصب في تطوير الأداء المهني للمعلمين والقيادات التربوية مما يعمل على تحفيز كل من المعلمين والمسؤولين إلى بذل الجهود نحو تطوير الأداء ليقابل متطلبات منح الرخصة لمزاولة المهنية بما يسهم في رفع مستوى الأداء المهني». وحذر من خطر ابتعاد المعلم عن الدرس بمجرد انتهاء الحصة، مؤكداً أن وظيفة المعلم أبعد من ذلك بكثير مما يحتم عليه البقاء دائما قريبا من طلابه لتوجيههم أو تحضير الدروس لهم والرد على استشكالاتهم كما تحدث عن ثقافة العيب التي تصاحب عملية التدريس على مستوى الوطن العربي حيث يجد الكثيرون أن مهنة التعليم غير مشرفة لهم، وبالتالي لا يلجؤون إليها إلا إذا فشلوا في الحصول على وظائف أخرى. أما المتحدث الثاني في المؤتمر فهو السيد هيتوشي سوجيموكو أستاذ التعليم المدرسي بكلية التربية- جامعة كيوتو باليابان والذي تحدث عن التطوير المهني للمعلمين اليابانيين واستخدام ملف التدريس وكذلك عن نظام الرخص المهنية للمعلمين، كما تناول الشروط الأساسية لمهنة التدريس التي يجب على أي معلم أن يتحلى بها ومنها روح القيادة والمبادرة والقدرة على الإقناع وتوصيل المعلومات وغيرها من الصفات الشخصية المهمة لأي مدرس لأداء مهنته، كما تحدث عن التعليم المستمر للمدرس على مدار مساره المهني. ويهدف المؤتمر من خلال ما ستطرحه البحوث، وأوراق العمل، وورش العمل من أطر فكرية نظرية، وتجارب عملية، وخبرات مهنية إلى خلق مناخ أكاديمي ثري لتبادل الأفكار والخبرات والتجارب بما سينعكس بطبيعة الحال على تحسين وتطوير السياسات والممارسات في المؤسسات التربوية المعنية بالمعلم وبالتنمية المهنية له ولغيره من القيادات سواء من خلال برامج التدريب أو من خلال آليات واستراتيجيات التطوير الذاتي للأداء واستراتيجياته. ويسعى المؤتمر إلى تحقيق أهداف التعريف ببرامج التنمية المهنية للمعلمين والأكاديميين والقيادات التربوية على مستوى مؤسسات التعليم العام/ العالي والتأمل في آليات واستراتيجيات تنفيذ برامج التنمية المهنية ومناقشتها والتأمل في آليات واستراتيجيات متابعة وتقويم الأداء المهني بصفة مستمرة ومناقشتها وتبادل الخبرات الناجحة في مجال التنمية المهنية للمعلمين والأكاديميين والقيادات التربوية وتبادل المقترحات لتحسين وتطوير الممارسات والبرامج الموجهة للتنمية المهنية للمعلمين والأكاديميين والقيادات التربوية.