تعقد إيران والقوى الكبرى اليوم الجمعة اجتماعًا في كازاخستان، على أمل إحراز تقدم في مفاوضاتهما حول البرنامج النووي المثير للجدل، بعد المؤشرات الأخيرة «الإيجابية» التي تحدثت عنها طهران. ويأتي الاجتماع الجديد بعد 5 أسابيع على جولة المفاوضات السابقة بين إيران ودول مجموعة 5+1 (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين إلى جانب ألمانيا) في الماتي، كبرى مدن كازاخستان. وكانت المحادثات استؤنفت في نهاية فبراير بعد 8 أشهر على تعليقها. وقدمت مجموعة 5+1 في الماتي عرضًا جديدًا لطهران يطالبها «بتعليق» بدلًا من «وقف» أنشطة تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في إيران، ويقترح في المقابل تخفيف بعض العقوبات على تجارة الذهب وقطاع البتروكيميائيات التي تضر كثيرًا بالاقتصاد الإيراني. وتنتظر روسيا أن يستخدم هذا الاقتراح قاعدة لإحراز تقدم في المفاوضات المرتقبة حتى بعد غدٍ السبت في الماتي في آسيا الوسطى، كما أعلن دبلوماسي روسي أمس الأول الأربعاء. وكانت إيران وصفت اللقاء السابق بأنه شكل «منعطفًا» فيما أكدت القوى الكبرى على طابعه «المفيد»، معبرة عن أملها في أن تدرس طهران عرض المجموعة «بجدية». وعبر وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي في نهاية مارس عن أمله في أن يتواصل «التقدم» الذي تحقق في الماتي خلال المحادثات الجديدة، مؤكدًا أن «المشكلة لن تحل في يوم واحد». فيما تقول تريتا فارسي رئيسة المجلس الوطني الأميركي - الإيراني في واشنطن إن «الخطاب المتعلق بالمفاوضات تحسن من الجانبين». وتضيف «لكن عملية التفاوض لا تزال هشة، ويمكن بسهولة أن تنهار، خصوصًَا إذا سجل انطباع بأنه لا يتم إحراز تقدم». وإذا كانت طهران بدت في فبراير شبه مؤيدة لتعليق تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، إلا أنها رفضت المطالب الأخرى من الغربيين، لا سيما إغلاق موقع فوردو لتخصيب اليورانيوم، والذي يعتبر الوحيد في البلاد الذي لا يمكن ضربه عسكريًا، أو إرسال مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% إلى الخارج. وتشتبه الدول الغربية وإسرائيل في سعي إيران إلى صنع قنبلة نووية تحت غطاء برنامج نووي مدني، لكن إيران تنفي ذلك قطعيًا. وفرضت الأممالمتحدة على طهران مجموعة من العقوبات، عززها الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة من جانب واحد بحظر مصرفي ونفطي. وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما أعلن في مارس أنه يقدر بأن إيران بحاجة إلى «ما يزيد بقليل عن عام» للحصول على السلاح النووي، ملمحًا إلى أنه لا يزال هناك مجال لإيجاد حل دبلوماسي، فيما هددت إسرائيل عدة مرات باللجوء إلى الخيار العسكري. ويرى محللون أنه من غير المرجح إحراز تقدم في المحادثات بين طهران والقوى الكبرى قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 14 يونيو في إيران، والتي لا يمكن للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن يترشح فيها بعدما شغل ولايتين متتاليتين. وقال مارك فيتزباتريك من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إن «الانطباع العام هو أنه قبل الانتخابات الرئاسية في إيران في يونيو، لن تكون هناك فعليًا قاعدة لإيجاد توافق حول نوع التسوية أو التنازلات التي ستكون لازمة من أجل التوصل إلى اتفاق مع الغربيين». وأضاف «السبب الوحيد الذي يمكن أن يدفع للاعتقاد باحتمال إحراز تقدم، هو أن يكون أحمدي نجاد راغبًا بأن يكون هو الشخص الذي يحققها». وفي هذا الإطار فإن اللقاء الثنائي المحتمل بين كبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي ونظيره الأميركي ويندي شيرمان قد يكون حاسمًا كما يرى محللون. وإيران التي كانت ترفض حتى الآن فكرة عقد مثل هذا اللقاء الذي كانت ترغب به واشنطن منذ سنوات، وجهت إشارة تهدئة في نهاية مارس حين أعطى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي للمرة الأولى موافقته على إجراء محادثات مباشرة مع الولاياتالمتحدة حول الملف النووي، يمكن أن تمهد الطريق أمام إحراز تقدم كما يقول خبراء. وقال خامنئي «لست متفائلًا إزاء مثل هذا الحوار لكنني لا أعارضه».