يحتفظ كل بلد بحق سيادة النظام، وقرار مجلس الوزراء أخيراً بتخليص الوطن من العمالة السائبة لم يكن سياسياً ولم يستهدف جنسية دون أخرى أو يستثن عاملاً عن آخر، بل كان تنظيمياً حماية لاقتصاد بلد من عمالة مجهولة الهوية، ولا أدل على ذلك من القرار الإنساني الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين والقاضي بمنح فرصة ثلاثة أشهر لتصحيح أوضاع العمالة المخالفة.طوال تاريخها عانت المملكة وما تزال من طوفان العمالة السائبة التي تتسلل من نوافذ عدة من بينها القدوم بتأشيرة الحج والعمرة ثم التخلف وكذلك المتاجرة في التأشيرات والهروب من الكفلاء نظراً لارتفاع العائد المادي الذي يمكن أن يتحقق نتيجة العمل في منشأة أخرى.قرار الملك الإنساني والذي ينتهي بعد 90 يوماً، يجب أن تصاحبه ضوابط حازمة وصارمة ليس في شأن المخالفين والهاربين والمتسترين، وإنما أيضاً في حق المنشآت الاقتصادية كبيرة كانت أو صغيرة التي تؤوي أو تتستر أو تشغل عاملا على غير كفالتها، لأن ثغرة واحدة ينفذ منها مخالف لنظام الإقامة يعني المزيد من المعاناة لاقتصاد البلد وأمنه الاجتماعي وتركيبته السكانية، فضلاً عن المهددات الحقيقية المتمثلة في مقاومة هذه العمالة، ومن يتسنمون منهم مواقع قيادية لمبادرات ومشاريع التوطين، حتى أصبح اندماج مواطن في أعمال القطاع الخاص معاناة يصعب فهمها، فالموظف السعودي يواجه مقاومة إدارية ومضايقة شديدة من بعض العمالة التي تناست أن عملها وتكسبها يجب أن لا يكون مهدداً لفرص وأعمال التوطين، التي تسخر لها الدولة أقصى طاقاتها وإمكانياتها.