بعد الجزرة جاءت الخطوات التصحيحية الحالية لسوق العمل كعملية جراحية تستوجب التعاون لمصلحة الوطن والجميع، ولو حدث هذا من قبل دون تحايل ولا تجارة التأشيرات والتستر، لما وجدنا عمالة سائبة غير مؤهلة (بتاع كله) فالكهربائي هو نفسه سباك ونجار ومبلط ومبيض وحمال، وصغار سن امتهنوا البيع عند الإشارات والتسول، وفئات تعمل في أوكار الممنوعات والرذيلة، مما شكل عبئا على الأجهزة الأمنية وغيرها من الجهات المعنية التي تسهر على أمن المجتمع وأخلاقه ضد الجريمة بكل أشكالها وأساليبها.لكن لابد من الصراحة حتى وإن كانت مؤلمة كمشرط الجراح، فقبل أن نحصر الغضب على فوضى مخالفي الإقامة وأنظمة العمل، علينا كمواطنين أن نلوم أنفسنا بنفس القدر الذي تلام فيه الأجهزة الرسمية المعنية لتطبيق الأنظمة، فهذه الملايين من المخالفين والمتخلفين لم يكن ليعملوا لولا مواطنون باعوا لهم تأشيرات، ويشغلونهم وينقلونهم ويؤجرون لهم المساكن، ويتسترون على أنشطة في مصالح شخصية استفحلت، قابلها استفادات طفيلية للمخالفين من الاقتصاد ومشكلات ترهق الأجهزة وتسيء للأنظمة. فالأخطاء والمخالفات مشتركة، والحكمة تقول (من أمن العقاب أساء الأدب).الآن سوق العمل سيشهد خللا عارضا لفترة لأننا اعتدنا في كثير من الخدمات والإنشاءات على عمالة غير نظامية، والدليل شركات المقاولات التي بدأت تعاني مع تطبيق (نطاقات) رغم إيجاد مخارج لمشكلاتها وسيؤثر ذلك على تكلفة ومواعيد تسليم المشاريع، وكذا ماحدث من رهاب مخالفين بمدارس وكليات أهلية وسائقي وايتات المياه إثر إشاعة حكاية قص الإقامة.إن المهلة المتاحة فتحت الباب للتصحيح وهي فرصة جادة بالفعل، لكن ثلاثة أشهر مهلة قد لا تكفي قياسا بحجم العمالة، وعموما لكل حادث حديث على ضوء معدلات التصحيح، وقدرة الجوازات ومكتب العمل على استيعاب تلك الأعداد. ومن الطبيعي أن تصدر إجراءات لاحقة، استجابة لمتطلبات الواقع، فالمهم لا ضرر ولا ضرار في مجمل العلاج..وحتى تصدر آليات التصحيح المنتظرة هذا الأسبوع، فإن الأمر قد لا يتطلب مشرط جراح دائما وإنما علاج بالمنظار لتقنين سوق العمل، وإذا كان الاستغناء عن عمالة وخبرات وافدة يصعب تحقيقه عمليا في مدى معلوم، فعلاج البطالة لدينا ليس مستحيلا وهذا حال الدنيا. المهم أنظمة متكاملة وتطبيق دقيق.