ميزانية الخير عمت.. وكان للصحة منها نصيب وافر 54 مليار ريال لهذا العام. هناك جوانب تطويرية في الصحة لا يمكن أن تتم في عام واحد وإنما عبر سنوات لا تقل عن خمس سنوات وقد تزيد. ولأن سعر البترول قد يقل أو ينقص في السنوات القادمة تبعا للعرض والطلب العالمي. فإني أتمنى لو أن 20% من ميزانية هذا العام أي نحو 10 مليار ريال خصصت لبرنامج يطلق عليه (برنامج تطوير الأداء) يصرف منها على مدى الخمس سنوات القادمة. أعرف مسبقا أن هذا الرأي قد يقف عقبة أمامه النظام.. ولكنها فكرة لها مبرراتها.لو أني سئلت رأيي عن البرامج التي يمكن أن تحقق التطوير الحقيقي للرعاية الصحية لقلت إنها خمسة.. ألخصها في هذه الحلقة والحلقة التالية:أولا: الدراسات والبحوث التطبيقية: وأخص منها بالذكر الدراسات التي يمكن أن تجيبنا على سؤالين هما: ماذا وكيف. ما الأهداف الصحية التي نسعى لتحقيقها بعد ربع قرن من الآن وكيف نصل إليها. وبدون تحديد هذه الأهداف وطريقة الوصول إليها لن يكون هناك تطوير حقيقي للصحة. تحديد الأهداف والوسائل يتطلب منا إجراء دراسات عن القوى البشرية الصحية التي سنحتاجها بعد ربع قرن من.. أنواعها، ودرجة تدريبها وتوزيعها المهني والجغرافي. ودراساتي تساعدنا على الوصول إلى التوازن المطلوب بين الطب الوقائي والعلاجي وبين المستشفيات والمراكز الصحية.. ودراسات تدلنا على الطرق المثلى لإدارة المستشفيات. وتفعيل مشاركة المجتمع في الخدمات الصحية، والخروج بخدمات الرعاية الصحية إلى خارج جدران المستشفيات والمراكز الصحية، والتوفيق بين المركزية واللامركزية. وأخيرا وليس آخرا، كيفية التغلب على بعض أوبئة العصر مثل السكر، وأمراض القلب، والسمنة، وحوادث السيارات.ثانيا : تطوير أداء المستشفيات: كتبت في أكثر من مناسبة أن إجمالي عدد أسرة المستشفيات الحكومية والأهلية في المملكة نحو من 54.000 سرير أي بمعدل 22 سريرا لكل (10.000) نسمة وهو معدل مقارب للمعدل العالمي بل هو معدل مرتفع بكثير من الدول النامية، أما الذي نعتمد إليه فهو عدالة توزيعها وحسن إدارتها.كثير من الدول بدأت تنحو إلى بدائل أخرى للمستشفيات أقل تكلفة وأكثر جدوى. من هذه البدائل الارتفاع بمستوى الوقاية من الأمراض، واستحداث مستشفيات اليوم الواحد (لا يبقى فيها المريض غير جزء من نهار ) والتركيز على الرعاية الصحية المنزلية، وجعل المستشفيات أقرب ما تكون إلى أماكن إقامة المرضى، وربط المستشفيات بالرعاية الصحية الأولية.ما نحتاجه فعلا هو إعادة النظر في التوزيع الجغرافي للمستشفيات، وتطوير وسائل تشغيلها وتنمية القوى البشرية العاملة فيها، وإعطاء مديريها المزيد من حرية التصرف ومحاسبتهم على النتائج... وللحديث بقية.