يخوض عشرات من طلبة الجامعات في الإمارات التجارب الأولى لهم في الإبداع السينمائي هذا العام، عبر الدورة السادسة لمهرجان الخليج السينمائي، الذي تمتد فعالياته حتى 17 من أبريل الجاري في «دبي فيستفال سيتي»، وتتنوع التجارب الإخراجية ضمن مسابقة أفلام الطلبة التي دارت حول مضامين متعددة، تناول بعضها مناقشة قضايا مرتبطة بالمجتمع المحلي. وأشارت طالبات قدمن أعمالاً جاء معظمها ضمن مشروعات دراسية، إلى عزمهن مواصلة الإخراج السينمائي بعد التخرج، مؤكدات أنهن حظين بتشجيع ومساندة، سواء من الأهل، أو من الجهات التي تعاونت معهن أثناء تصوير الأفلام. وانعكست ثقافة مشاركة الشباب في المهرجانات المختلفة، التي أسست لها مسابقة أفلام من الإمارات، قبل انطلاقة المهرجانات السينمائية الثلاثة دبي وأبوظبي والخليج، على ثقة الشباب والمجتمع معاً، بالأعمال الشابة، وأصبحت إنجازات الشباب السينمائية مصدر فخر بوجود الأفلام ضمن المهرجانات السينمائية المختلفة، صُنّاعها من الطلاب. سجين سابق حضور الفهد.. وغياب نجوم أثار ظهور الفنانة حياة الفهد في «دبي فيستفال سنتر» على عربة صديقة للبيئة، تقدير كل من رأوها، حيث حرصت الفهد على تلبية دعوة المهرجان بالحضور، على الرغم من حالتها الصحية، وعدم قدرتها على السير سوى لخطات على قدميها. موقف الفهد، التي كرمها المهرجان في دورته الأولى، جاء خلافاً لفنانين خليجيين ومحليين، كثيرين غابوا عن المهرجان، حيث أكد المذيع الإماراتي محمد سالم، أنه تم التواصل مع 120 شخصية فنية إماراتية لحضور فعاليات المهرجان، عبر دعوات لم يلبها كثيرون. وأطلع سالم «الإمارات اليوم» على اعتذارات رسمية من بعض الفنانين، في حين أشار إلى أن البعض الآخر لم يكلف نفسه عناء الاعتذار. وجاءت صيغ اعتذارات نجوم مثل جابر نغموش وعبدالعزيز جاسم، وغيرهما بشكل يقدر دعوة المهرجان، بسبب الانشغال بالتصوير لدراما رمضان، في حين أن بعض النجوم الذين تصور أعمالهم حالياً في دبي، يؤثرون الغياب حتى الآن في مهرجان الخليج السينمائي، على الرغم من أنهم ينادون في تصريحاتهم الإعلامية بمساندة «السينما الخليجية». شراكة ينظم مهرجان الخليج السينمائي، ومؤسسة روبرت بوش، مساء غد، مؤتمراً صحافياً حول الشراكة بين المؤسستين في قاعة المؤتمرات، في فندق «إنتركونتيننتال» في «دبي فستيفال سيتي». تتيح الشراكة بين المهرجان والمؤسسة الخيرية التي تموّل مشروعات الأفلام في ألمانيا والشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، فرصة للسينمائيين الخليجيين لتقديم أفكارهم ومشروعاتهم للمنتجين في المؤسسة التي تقدّم ثلاث جوائز لإنتاج أفلام مشتركة لمخرجين شباب من ألمانيا والوطن العربي سنوياً. وتمنح الجائزة التي تصل قيمتها إلى 60 ألف يورو، في فئات أفلام التحريك القصيرة، والأفلام الوثائقية القصيرة والطويلة، والأفلام القصيرة. اختارت الطالبتان فاطمة عبدالرحيم، وحنين الحمادي، من جامعة الشارقة، رصد معاناة «سجين سابق»، والصدمة المجتمعية الهائلة التي تعرض لها بعد أن فوجئ برفض المجتمع لعودته فرداً طبيعياً بعد قضائه فترة العقوبة، من خلال فيلم وثائقي، احتاجا خلاله إلى إجراء مقابلات مختلفة، أكثرها محورية مع سجين أنهى فترة عقوبته. وقالت فاطمة: «سارعت مختلف الجهات التي تعاملنا معها بالتعاون وتقديم كل التسهيلات التي طلبناها ، حيث قمنا بالتصوير في القيادة العامة لشرطة دبي، والسجن المركزي في الشارقة، ومصرف الشارقة، دون أدنى صعوبة، بل إن النموذج الذي وقع عليه اختيارنا نفسه، وهو سجين سابق، تعاون معنا إلى أقصى تقدير، اقتناعاً بأهمية ما نقوم به». وأكدت أيضاً انها «حصلت على دعم وتشجيع من أهلها»، وهو ما أكدته زميلتها حنين، التي أضافت: «قمنا بجهدي الإخراج والتصوير معاً، ورغم أنه العمل الأول لنا، إلا أننا نعتزم أن نتعاون معاً في تجربة أخرى». وقالت: «حالة التشجيع التي لمسناها من الأهل، ومن المؤسسات التي تعاملنا معها تدفعنا إلى مواصلة العمل، والدخول إلى آفاق أخرى من الإبداع السينمائي». وأشارت حنين إلى أن« العمل يتجاوز رصد تجربة بعينها، ليقدم رسالة مؤداها أننا يجب أن نتعلم كيف نصفح، ونقلب صفحة سيئة من حياة شخص تعرض بالفعل للعقاب جراء خطأ ارتكبه، ويجب ألا يظل طول حياته يدفع ثمن هذا الخطأ، لأن لا يوجد بيننا من لا يخطئ». وأضافت أن «الدفعة المعنوية الهائلة التي حصلتا عليها سيدفعانهما إلى تصوير أفلام أكثر جرأة»، موضحة: «سنبدأ العام المقبل تصوير فيلم عن غلاء المهور، وهو مقدمة لمجموعة أفلام أخرى جريئة نقترب فيها بشكل أكبر من الواقع الإماراتي». الواقع الاقتراب من الواقع الإماراتي هو شاغل إبراهيم الناجم، الطالب في كلية التقنية برأس الخيمة، الذي يشارك بفيلم «لحظات»، في حين تولى التصوير زميله عبدالله الجعيدي، حيث أكد أنه «يفخر بكونه مهتماً بعالم صناعة الأفلام، وأنه سعيد بلقب مخرج»، مضيفاً: «الأسرة تشجعني على الاستمرار في التعبير عن هذه الموهبة». واشار الناجم إلى أنه «على الرغم أن المحتوى المباشر للفيلم الذي تدور أحداثه بين صديقين، يحملان لمسات من الكوميديا، عبر رحلة يقومان بها، إلا أن خصوصية البيئة المحلية تبدو حاضرة في العمل، فيما يظل البعدان الفلسفي والإنساني أيضاً حاضرين، من خلال اكتشاف أن صديقهما الثالث في تلك الرحلة الذي يذهبان إليه، هو صديق رحل أصلاً عنهم، وأن هذه الرحلة يكررانها كل يوم». مدفوعاً بالتشجيع المجتمعي والاعتراف بموهبته، من خلال قبول فيلمه في المسابقة الرسمية للطلبة في «الخليج السينمائي»، قال الناجم إنه «حسم اختياره الإخراج مساحة لعمله بعد التخرج»، مضيفاً «أرغب في اكتشاف مزيد من عوالم الإبداع، والتعبير عن القضايا المختلفة برؤى شبابية معاصرة، فليس أقدر من الشباب على رصد القضايا الحقيقية المعاصرة من دون الخضوع لإشكالية القوالب الجاهزة، وكذلك الحلول المعلبة التي يُكتشف دائماً أنها غير ناجعة». وقال إن «كلية التقنية برأس الخيمة تشارك بثلاثة أعمال هي: (لحظات) و(صدمة) و(وادي(»، مؤكداً أن «جميع زملائه، على الرغم من تطلعهم للجوائز، إلا أنهم سعداء بمجرد وجودهم في هذا المحفل الذي ينقلهم إلى مساحة هائلة من الاحتكاك بخبرات جديدة». تصوير في حين قرر الناجم أن يعمل في مجال السينما بعد التخرج، من زاوية الإخراج، فإن زميله الجعيدي اختار التصوير السينمائي أيضاً كي يكون تخصصه المهني. وقال: «أشعر بالفخر حينما أحمل الكاميرا، وأهلي يترقبون أخباري، وما ستؤول إليه المشاركة بأفلام من تصويري». شغف تشارك الطالبتان ميرة عبدالله المطوع، ومريم شهاب خانجي، بفيلم «أجمع شغفي»، وهو مشروع جمعهما على الرغم من أنهما في كليتين مختلفتين، حيث تدرس (ميرة) في كلية الصحة العامة بقسم التغذية في جامعة زايد، فيما تدرس (مريم) الإعلام والاتصال الجماهيري بقسم الاتصال المرئي في جامعة زايد. وعلى الرغم من أن الطالبة ميرة تدرس التغذية، ولا يرتبط تخصصها الأكاديمي بالإعلام أو عالم صناعة الأفلام، إلا أن هذا الاهتمام جمعها بزميلتها مريم خانجي ليخرجا فيلم «أجمع شغفي». وأشارت الطالبتان إلى أن تجربتهما الإبداعية الأولى جاءت مصحوبة بدعم وتشجيع ملحوظين، وهو ما تعضد أكثر بعد أن تأكد ترشيح الفيلم للمشاركة في مهرجان الخليج السينمائي، حسب (مريم) التي تخطط بتجربة أخرى مع (ميرة). وقالت مريم إن «فيلم (أجمع شغفي) ذو خطوط رئيسة ثلاثة، وهو يبقى على صلة بالبيئة المحلية، من خلال هوية الشخوص الرئيسة، فيما يبقى حاملاً هماً انسانياً عبر مناقشة فكرة أن لكل شخصاً هويته الخاصة التي تحدد حلمه، وتصوغ طموحاته، وحينما يصل إليها يبقى أكثر قدرة على الوصول إلى هدفه».