عبدالمحسن الشمري يبدو أن إعادة بعض العروض المسرحية، التي سبق لها المشاركة في المهرجانات المحلية والخليجية، يمنحها بعدا فنيا آخر، ويقربها من الجمهور، وهذا بالضبط ما حدث مع مسرحية «نرفانا» التي سبق لها المشاركة في مهرجان الكويت المسرحي الثالث عشر، وهي من تأليف فاطمة المسلم، وبطولة عبدالله التركماني، وإبراهيم الشيخلي وميثم بدر وراوية، إلى جانب عدد من العناصر الفنية الأخرى، ديكور حسين بهبهاني، انتاج فرقة مسرح الخليج العربي. تجربة أولى المسرحية هي التجربة الأولى للفنان يوسف البغلي في مجال الإخراج للمسرح، قدمت المسرحية مساء أمس الأول على مسرح الدسمة وسط حضور غفير استمتع بالعرض. النص يعتمد على فلسفة هندية يمارسها البوذيون للتخلص من المعاناة، وإبعاد الذهن والجسد عن العالم الخارجي لتحقيق السعادة القصوى والقناعة وقتل الشهوات، والابتعاد عن المشاعر السلبية من الاكتئاب والحزن والقلق وغيرها. رحلة طويلة ويؤدي الفنان ميثم بدر الدور الرئيسي للشخصية الباحثة عن السعادة الأبدية من خلال رحلته الطويلة، حيث يوجد الكاهن الأكبر الذي يطلب منه اتباع الوصايا الخمس دون مناقشة أو اعتراض. لكنه يصدم في نهاية رحلته بموت والدته ثم حبيبته، ويكتشف أن تلك الرحلة لم تحقق له ما كان يصبو إليه من سعادة أبدية. في النص المحلي إشارات إلى ممارسة بعض المتطرفين الذين يسعون لغسل عقول الناشئة والشباب. تصاعد الأداء يبدو أن إعادة عرض المسرحية ساهم بتقريب النص، بعد أن أعاد المخرج يوسف البغلي قراءته للنص، حيث استفاد من الملاحظات التي أثيرت في الندوة التطبيقية له خلال عرضه في مهرجان الكويت المسرحي الثالث عشر، فعمل على تقريب النص من الجمهور، وابتعد عن «الحشو» غير المبرر، وهذا ما جعل العرض أكثر تماسكا. وعلى الرغم من هبوط الأداء في بداية العرض، فإنه تصاعد شيئا فشيئا، خصوصا مع دخول شخصية الكاهن التي أداها الفنان عبدالله التركماني. العرض المسرحي يكشف عن قدرات ممثل قادر على تقمص الشخصية بسلاسة ودون تشنج، فقد كان الفنان ميثم بدر في حالة اندماج مع الشخصية التي يؤديها على الخشبة، وهي شخصية يانا الباحث عن السعادة، وهو مكسب حقيقي للمسرح في الكويت، وعليه أن يختار الأدوار التي تضيف إليه وتقدمه بصورة أفضل. الفنان عبدالله التركماني أحد نجوم العرض البارزين، بذل جهدا كبيرا في تقمص شخصية الكاهن، وساعده في ذلك عمق الأداء الصوتي له، وهو أداء لا يقدر عليه إلا النجوم، يذكرنا ببعض رواد المسرح لدينا. شخصيات هامشية وأرى أن الفنان إبراهيم الشيخلي يمتلك موهبة فنية لم تستغل على خشبة المسرح، ولم يمنحها النص ما تستحقه من عمق، لذا وجدته تائها على الخشبة. أما الممثلة راوية، التي أدت دور مايا، فقد بذلت ما في وسعها، لكن النص لم يقدمها بشكل عميق، شأنها شأن إبراهيم الشيخلي، لأن النص عمل على إظهار الشخصية المحورية التي تبحث عن السعادة الأبدية والخلاص من العذاب، وكان ذلك على حساب تهميش الشخصيات الأخرى.