نجم المكلا – كتب : أشرف باعلوي قال لي شقيقي الأكبر : أتحدى أكبر محقق ، أو ضابط أمن في العالم ، يستطيع إستنطاق الناس ، مثلما تستنطقهم مواقع التواصل الإجتماعي ، وتجعلهم يُخرجون كل ما في بالهم بكل أريحية ودون أية ضغوط !! إنطلاقاً من مقولة شقيقي كتبت هذهِ القراءة التأملية !! . شهد القرن الحادي والعشرون ثورة تكنولوجية عارمة ، وولج العالم إلى عصر العولمة ، وأصبح هذا العالم بمثابة قرية صغيرة ، سرعان مايتم تواصل البشر مع بعضهم البعض ، وكذا يتم إخبارهم بالأحداث الجارية في اللحظة ، وتزويدهم ومدهم بالذخائر المعلوماتية ، يعود كل هذا الفضل بعد الله سبحانة وتعالى ، إلى ظهور الوسائل الإعلامية ، وخاصة الوسائل الحديثة ، أو ماتسمى بالإعلام الجديد ، كالمواقع الإلكترونية ، ومواقع التواصل الإجتماعي وغيرها. إن فكرة إنشاء الفيس بوك كانت عبارة عن مشروع تخرج لأحدِ الطلاب الدارسين في جامعة هارفارد الأمريكية ، وفي نشأته كان التواصل عبره في نطاق محدود جداً ، وكانت عضوية الإشتراك في الموقع مقتصرة في بداية الأمر على طلبة جامعة هارفارد، ولكنها امتدت بعد ذلك لتشمل الكليات الأخرى في مدينة بوسطن الأمريكية ، وجامعتين أُخرى في أمريكا، ومن ثم اتسعت دائرة الموقع لتشمل أي طالب جامعي ، ثم طلبة المدارس الثانوية ، وأخيرًا أي شخص يبلغ من العمر 13 عامًا فأكثر ، إلى أن وصل الموقع حاليًا يضم أكثر من مليار مستخدم على مستوى العالم . يعتبر الفيس بوك مُحرر الشعوب من إحتكار القنوات الفضائية ، والإذاعات المسموعة ، والصحف المطبوعة ، وليس مُحررها من حكامها كما يظنُ البعض ، وبفضل الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام أتاح الفيس للشعوب خدمة الحصول على المعلومات من أكثر من مصدر وبشكل سريع وآني ، وأصبح بإمكان أي شخص أن يكون مراسلاً ، وصحفياً ، ومحرراً ، وناشراً ، في نفس الوقت ، فقط ما يحتاجه هو صفحة في الفيس بوك ومجموعة من الأصدقاء ، وكلما كان عند الشخص عدد كبير من الأصدقاء ، كألف صديق ، أو أكثر فأنهُ بذلك سيكون أفضل من الصحفية التي من الممكن أن تصل نسخ أعدادها أقل من الألف ، ويمكن للشخص بمجرد أن ينشر خبر أو خاطرة أو معلومة معينة ، يمكن أن يقرأها عدد كبير من الأشخاص ، وذلك حسب عدد الأصدقاء ومجاناً ، بعكس الصحيفة التي تحتاج ميزانية لإنشائها ، وتوزيعها ، ومن ثم بيعها، وبعدها يصبح الخبر لا قيمة له – إنتهى أوانه – في حين أن المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الإجتماعي ، لا تخلو من السلبيات ، وذلك عندما تكون المعلومة التي تنشر غير دقيقة ونسبة المصداقية أقل ، يعود هذا لعدم وجود رقابة لتلك المواضيع التي تُطرح وتنشر في تلك المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الإجتماعي . إن البدايات الأولى لإنطلاقة الفيس بوك كان الغرض والهدف الأساسي منها هو التواصل الإجتماعي ، ومن ثم بدء يتطور شيئاً فشيئاً ، فتعددت أهدافه وكثرت مآربه ، إلى أن وصل إلى الشؤون السياسية – ونحن في غفلة – وخلق أحداث عظيمة ، ودخل الفيس بوك التاريخ من أوسع أبوابه ، وذلك منذُ أن أطلق أول شرارة له في مايسمى بثورات الربيع العربي التي راح ضحاياها الشعوب العربية ، التي لم تُفِق من سباتها ، والغريب في الأمر أنَّ سنوات الربيع العربي هي السنوات التي لم نقرأ التاريخ فيها بل رأيناه بأم أعيننا ، ظننا إنهُ بعدها ستكون هناك صحوة عربية – ولكن للأسف مازالت غفلتنا في حالة نمو وإزدياد – وكأنهم لم يروا كل هذه الأحداث بأعينهم . إن الفيس بوك أصبح وسيلة إستخباراتية غير مباشرة ، وذلك من خلال قياس مدى ثقافة الشعوب ومدى طرحهم للمواضيع الذي يتم نشرها وعرضها فمن خلالها يتم تحديد المستويات لديهم الثقافية و الإجتماعية والسياسية ، ونحن مازلنا نرفع وننشر صورنا ومنتظرين الكومنت واللايك ، وإستمرارنا لرفع تلك الكلمات الهزلية والتافهه ، ويتم تخصيص لها العديد من الاماكن ، كالصفحات ، والقروبات التي لم تحرك ساكنا وإنما تحرك إبتسامة فم !! بل وصل الحد إلى رفع روابط تلك الأغاني التي لوكان للأذن لسان لقالت أُحشوني بصنّ ، حتى لا أسمع مثل هذا !! ومازال إستخدامنا للفيس يزداد سوءًا بعد سوء إلا من رحم ربي !! وأصبحت الكلمات العاطفية تحتل حيزاً كبيراً من نصيب الفيس البوك فهي كلمات لاتوجد بها إطلاقاً أية فائدة ، أو قيمة علمية ، سوى إنها تعمل على دغدغة المشاعر والأحاسيس ، وكأننا ننتقص إلى من يتلاعب بمشاعرنا وأحاسيسنا. هناك مراقبة شاملة تُحاك من قبل أجندة خارجية ، تهدف إلى تنفيذ سياسات التدخل في الشان الداخلي للبلاد ، بحيث تعمل على المراقبة الحثيثة لكل ماينشر ويعرض على الصفحات ، فترسم لها من خلال تلك المراقبة أشياء للتوصل إلى عمل إستراتيجيات لغزو أفكار الشعوب والسيطرة عليهم، والتحكم بهم كيفما يشاؤون ، وهذا ما لاحظناه من خلال متابعتنا لتلك الأحداث والمجريات الحاصلة في حياتنا اليومية ويكون منبعها أو المدبر لها هو الفيس بوك . إن إستخبارية الفيس بوك تظهر أيضاً من خلال إمكانيته لتحديد المواقع الجغرافية التي يوجد بها الأشخاص ، وكذلك يتم المعرفة إذا كان الشخص سجّل دخوله من موبايل أو من جهاز كمبيوتر ، وكذا تقديمه للمعلومات المجانية عنهم وذلك عبر عرض الملفات الشخصية الخاصة بهم ، وتسجيل أسمائهم ووضع أعمارهم وأعمالهم وأماكن إقامتهم ، وأضف إلى ذلك القدرة على المعرفة التامة للإنتماءات والميول والإتجاهات للأشخاص وهذا يظهر من خلال إعجابتهم بالمواضيع والمنشورات التي تعرض في تلك الوسيلة ، أليس كل هذا من وسائل العمل الإستخباراتي؟ افقهوا يامتفسبكين !! . ومن هذا المنطلق يجب على شعوبنا أن ترتقي بمستواها الثقافي والإجتماعي كي لا تقع أسيرة الفخ الذي ينصبونه لها ، وحتى لاتكون دائماً سهلة الإفتراس للأخر ، ووفق الله المتفسبكين لما فيه الخير والصلاح، في مقالاتهم ، وكتاباتهم ، للأمتين العربية الاسلامية ، وجعلهم ذخراً لها .