مررت على هذا الكتاب متثاقلة الخطى، فلست معتادة على تناول وجبات الأدب مع تفاصيل حياتي اليومية، ولأنني جديدة على المشاركة بندوة اليوم السابع، فقد أخذت على عاتقي، قراءة هذا الكتاب كي أشارك في نقاشه، كان الأمر جدياً بالنسبة لي، وكان مني الإلتزام، فأنهيت قراءتي خلال سبعة أيام في ساعات متقطعة، قطعت بها مسافات جغرافية وفكرية شاسعة المدى من خلال تصفح ما يقارب ثلاثمئة صفحة وبعض. شعرت بها كأنَّني أصعد جبلاً، وما أقسى القاع، وما أجمل قمته! بدأت مشواري بحماس، أبحث عن "ضحى"، فوجدت نفسي ضالة ما بين مئة صفحة لا تشبهني ولا تشبه ذاك الإسم، وقد وجدت في هذا الإسهاب بتلك التفاصيل، التي تسرد وقائع حدثت والرَّاوي عندما كان في روسيا، والإفراط بتناول جزئياتها، أمراً لا ضرورة له، إذ كان بإمكان الكاتب، أن يكتب عن ذلك في سطرين وصفحتين، لا في مئة صفحة. وكان حرياً بالكاتب أن لا ينسى بأنه عربي، ومسلم، وقد راودني السؤال: ما جدوى كتابة هذا الأمر، أن نكتب عن الجنس!؟ وماذا بعد قراءته، أوليس ما نقرأه، نهدف لأن نستزيد به لأقلامنا من كاتب سبقنا بامتلاك الثروة الأدبية، وأتقن فن جواهر اللغة، في كتابتها، وصياغتها، وتقديمها لنا، كوجبة لضيف عزيز، يختصر الوقت عنا، والحكمة، والتجربة، ما بين أسطر، في كتاب أو كتيِّب، حظيت به الكلمات في حضن دافئ تسكنه، أوتخلد في كنف رف قد يقدس الكتاب هناك عليه متربعاً، أو يمر ما بين يدين وعينين، وفكر، وقلب، وعقل. شعرت بغضب في بعض الصفحات، وخدش حيائي في البعض الآخر، أهذا الكتاب الذي قررت مناقشته؟ كنت لأتركه إلاَّ أن عنادي قد منعني فأتممت بثبات متجاهلة ما لم يعجبني من الأحداث. ما بعد ذلك فتنتني العبارات اللغويَّة التي صوَّر بها الكاتب، رحلته عبر سنين طويلة، فمن الغربة، والحنين، والشوق، على بساط الوفاء، عاد باكياً يشكو بؤس الحال، ويؤطر القضية الفلسطينيَّة، خارج نطاقها المعهود، وجدت في الكتاب أسلوباً سردياً، تارة كان تاريخياً، وتارة أخرى إجتماعياً، وقد تخلل المشهد أحداث سياسية كثيرة، كنت بها فقيرة، قد جعلت مني كقارئة متخمة بالكم من المعلومة، أحببت في هذه الرواية وطني، وقد عشت السطور هنا وهناك كأنها مشهد مرئي، وقد أبدع الكتاب في لغته التصويرية، فمرة كان بروايته شاعراً، ومرة خاطراً، وحينا روائيا، تساءلت عن سبب تسمية الرواية " ضحى " بعد انهائها إذ وجدت دور ضحى بها قد يفقدها حق العنوان، لكنني سعدت بإتمامها، ومن أجمل العبارات التي مررت عنها واستوقفتني متأملة، ما كتبه عن الحب والحنين والوطن، فقال: "ليس من الحكمة، أن نطيل القلق، فالحبُّ لايحتمل القلق"، " نحن باقون هنا، غيثاً يستنبت البقل، ويمنع التصحر، ويعيد تتابع الفصول، والمعنى يعود للأصول، هنا باقون، نمدُّ الصَّبر صبراً، يصون مهبط الوحي ومهد الرِّسالات ومقام الأنبياء، ويسقي ذاكرة الجماعة"، " كم كان الوطن جميلاً وكبيراً"، " أستعيد الحنين إلى ملاعب طفولتي في متاهات الدروب، أستعيد ذكرياتي بمزيج من الأسى والفرح، فالذكريات لاتختبئ من وعي الإنسان دون سبب"، " الحاضر لا يقوم إلا على نسيان الماضي"، " من يفقد حلمه، لاتعنيه اتجاهات الرِّياح، الحلم أجمل من الواقع، لم نفقد إيماننا بالشفاء من جرح التاريخ، فخلفنا ماض مدون يقرأه، بلا منا صوت الضحيَّة"، " يبوس اسمها، أورسالم اسمها، إيليا اسمها، بيت المقدس اسمها، القدس تختصر المعاني وتؤرخها". متصفحك لا يدعم الجافاسكربت أو أنها غير مفعلة ، لذا لن تتمكن من استخدام التعليقات وبعض الخيارات الأخرى ما لم تقم بتفعيله. ما هذا ؟ Bookmarks هي طريقة لتخزين وتنظيم وادارة مفضلتك الشخصية من مواقع الانترنت .. هذه بعض اشهر المواقع التي تقدم لك هذه الخدمة ، والتي تمكنك من حفظ مفضلتك الشخصية والوصول اليها في اي وقت ومن اي مكان يتصل بالانترنت للمزيد من المعلومات مفضلة اجتماعية