يعتبر بناء الدولة هو الجانب المحوري في الانطلاق إلى المستقبل ليس بما يمثله شكل الدولة النظام السياسي من إطار عام يحدد بوصلة مستقبل اليمن بل بما تمثله الدولة من قاعدة صلبة لبناء نهضة اليمن في ضوء رؤى ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني. عضو مؤتمر الحوار الوطني، في فريق بناء الدولة - عن منظمات المجتمع المدني - الناشطة الحقوقية فائدة محمد عبد الله الأصبحي تحدثت في حوار صحفي ل(الثورة) عن الأجواء التي سار فيها عمل فريق بناء الدولة في مؤتمر الحوار الوطني خلال المرحلة الماضية وما توصل إليه، وما قدمته منظمات المجتمع المدني في إطار هذا الفريق، ورؤية المجتمع المدني تجاه شكل النظام السياسي وكذاك علاقة القبيلة بالدولة المدنية الحديثة وتطلعات المجتمع تجاه بناء الدولة وقضايا أخرى.... إلى نص الحوا ر حاورها / محمد محمد إبراهيم - ■ هل لكم أن تعطونا صورة مختزلة عن ما شهده فريق بناء الدولة من أعمال خلال الفترة الماضية ؟ - فريق بناء الدولة شهد في المرحلة السابقة من أعمال الحوار الوطني تفاعلاً خلاقاً عكس مدى الجدية لدى المشاركين.. واختزالاً لما دار خلال برنامجه الزمني فالفريق ناقش (7) محاور أساسية وهي: شكل الدولة، هوية الدولة، ونظام الحكم، والنظام الإداري، والنظام الانتخابي، ونظام السلطة التشريعية، ونظام السلطة القضائية.. فكل المكونات السياسية قدَّمَتْ رؤاها بعد اتمام نقاش المحاور الأساسية المذكورة، فيما مكون المرأة والمجتمع المدني لم تصدر عنه رؤية موحدة بل قدم ممثلوه رؤية فردية مستقلة، باعتبارهم أعضاء في المؤتمر وليس عن قوى أو أحزاب.. وقدمت الرؤى في البدء بشكل انفرادي، ومن ثم قدمت الأوراق المختصرة عن كل محور من محاور عمل الفريق.. ثم تم النقاش في هذه المحاور ولكن لم نصل إلى قرار نهائي لأنه ليس علينا اتخاذ القرار في هذه المرحلة فنحن معنيون بتقديم الرؤى صحيح إنها متشابهة ومتقاربة جداً إلا أن معظمها توافقية.. كما أن الفريق قد سلم التقرير النهائي لعمل المرحلة الأولى، وتم عمل خطة عمل للفترة القادمة.. ■ وماذا عن التقرير النهائي الذي تم تسليمه مؤخراً.. ؟ - التقرير النهائي تضمن مصفوفة من التوصيات المختلفة والمتوافق عليها حول المحاور السبعة التي ذكرتها لك في سياق الإجابة على السؤال السابق، ولا يتسع المجال هنا لسرد هذه التوصيات، لكن يجب الاشارة إليها هو أن جوهرها كله تضمن الحلول والتوصيات التوافقية ذات البعد الوطني الشامل لحل كل القضايا المتعلقة بمحاور بناء الدولة من شكل النظام والدولة ومرتكزات العمل التشريعي الدستوري التي سيبني عليها الفريق في مرحلته القادمة أسس الدستور ومبادئه، وغيره من مواضيع عمل الفريق، والأهم هو ما سيتمخض عن الاجتماعات والنقاشات لهذه التوصيات واقراررها بشكلها النهائ بعد حل الاشكالات التي تضمنها التقرير النهائي، وفق خطة العمل القادمة. الخطة القادمة ■ على ذكر العمل في المرحلة القادمة.. ماذا عن ملامح خطة عمل فريق بناء الدولة في الفترة التي ستعقب الجلسة العامة النصفية..؟ وما هي آليات عمل الفريق في المرحلة القادمة.. ؟ - بالنسبة لملامح خطة عمل الفريق في الفترة المستقبلية التي ستعقب الجلسة العامة النصفية.. هناك مسودة خطة عمل تم نقاشها وإقرارها.. تضمنت هذه الخطة الهدف العام من فريق بناء الدولة المتمثل في وضع مشروع بناء الدولة (أسس الدستور ومبادئه)، كما تضمنت الأهداف الفرعية للمرحلة الثانية من إعداد مصفوفة العناصر التي سيتضمنها الدستور، من خلال تعميق المناقشة حول الرؤى المقدمة من مجاميع الفريق السبع، وفي ضوء نتائج الجلسة العامة الثانية والتوصل إلى توافقات إزاء المحاور المختلفة وكذا تحديد معايير اختيار لجنة صياغة الدستور . أما آليات عمل الفريق خلال المرحلة القادمة فهي ترتكز على استيعاب المشاركة المجتمعية والاستفادة منها لكل محور من محاور بناء الدولة، ولعل ما سيتم التركيز عليه هو الاتفاق بين كل المكونات الممثلة بالحوار على نظام الحكم للدولة وكذا الاتفاق حول هوية وشكل الدولة واستيعاب قرارات الجلسة العامة النصفية في المحاور المختلفة لأسس ومبادئ الدستور، إضافة الى النظام الانتخابي والسلطة التشريعية والقضائية والنظام الإداري.. الدولة وبناء المجتمع ■ برأيكم إلى أي مدى سيسهم نجاح بناء الدولة في بناء المجتمع اليمني والتغيير نحو الأفضل في المرحلة القادمة ؟ - أعتقد أن بناء الدولة هو المحور الأساسي لنهضة اليمن سياسياً وتنموياً واجتماعياً، وهي محور التغيير الايجابي، كما أن النجاح في بناء الدولة وجوهر الدستوري هو من سيطبق آليات العمل النهضوي وفقاً لمسارات العقد الاجتماعي اليمني الجديد.. بالتالي عندما نقول نحن في مرحلة تغيير نحن بحاجة بناء دستور .. ربما قد يكون دستوراً جديداً وربما قد يكون دستوراً معدلاً.. هذا يتوقف على ما سيتوافق عليه أعضاء التسع الفرق في الحوار الوطني بشكل كامل.. ولكن من خصوصيات فريق بناء الدولة والدور الملقي على عاتقه هو أين يخرج بمحددات هذا الدستو، أو كما هي موضحة بين قوسين (بناء الدستور) العقد الاجتماعي الذي يتفق عليه اليمنيون ليشكل نظام الحياة مستقبلاً... غياب الدولة ■ يرى كثير من المحللين السياسيين أن ما شهدته البلاد هو نتاج غياب الدولة في المراحل السياسية الماضية... ؟ كيف تنظرون لذلك كأعضاء في فريق بناء الدولة هل كان واقع الدولة غير نصوص دستورها؟ - غياب الدولة بدون أي شك ولا يختلف اثنان في انها أساس كل معضلة، ونحن عشنا ونعيش حتى الآن اللادولة .. فلم يتم حتى الآن قيام الدولة، وإن وجدت مكوناتها الدستورية والتشريعية والقانونية، فهي هشة ولا وجود للدولة الموجودة في القانون على أرض الواقع، وحلت القبيلة محل الدولة، وفي علم الاجتماع وعلم السياسة في التاريخ وكل العلوم عندما تبرز القبيلة تضعف الدولة وليس العكس.. وهذا ما عنيناه في اليمن.. ■على ذكر القبيلة.. هل نفهم من هذا أن الغاء القبيلة ضروري لقيام الدولة ؟ - لا .. هذا لا يعني إننا نريد الغاء القبائل كما يقال أو يفهم لدى البعض، فهم من نسيج المجتمع اليمني، وما نعنيه هو تصحيح مسار وبناء الدولة.. والادراك الواقعي والعملي لكل ما يجب أن تقوم عليه الدولة.. فهي تقوم على دستور يحتكم له الجميع القبيلي والدكتور والمسئول والمواطن البسيط.. ويطبق على أرض الواقع وليس موجود نصاً فقط، كما يجب الادراك ما هو للقبيلة وما هو للدولة، ما هي المدنية وما هي المظاهر المسلحة والعشوائية العيش في اللادولة.. مفارقة فارقة ■ لكن المفارقة أن القبيلة هي من تدعو للدولة المدنية الحديثة وهي أول من يتمترس بالمرافقين والأسلحة وغيرها.. كيف تنظرين لذلك ؟ - قد نقول أن السلاح موجود لدى جميع الشعب اليمني، ولكن المشيخات القبلية هي أكثر من يمتلك السلاح الثقيل من القبيلة هذا الذي هو القائم.. لكن لماذا ما نسأل أنفسنا ما الذي أدى بنا إلى هذا الوضع؟.. بالتأكيد هذا هو اللادولة الذي نعيشه.. فلو وجدت الدولة ما استطاع القبيلي يمتلك الدبابة والبازوكة والمدفع.. فبروز القبيلة بشكل غير متوقع أو مظهر من مظاهر غياب الدولة .. وأكرر أننا لسنا ضد القبيلة بل ضد الممارسات التي يسلكها بعض المشايخ وبما يسيء للقبيلة ويسيء للبلد.. فعندما تكون هناك دولة مدنية حديثة، لا يمكن أن تجد قبيلي يتوسط بين قبيلتين ويقول أنا أسعى إلى حلول.. فهناك قانون يحكم بين الناس ويتوسط الجميع.. ■ برأيكم ما سبيل إلى التغيير الايجابي في ثقافة القبيلة إلى الأفضل وإلى ما يخدم الدولة ؟ - لا سبيل إلا بزخم اعلامي وطني مستنير وهذا ما ينقصنا، فعتبي كثير على الاعلام الذي لم يؤد دوره بالشكل المطلوب، أتمنى من الاعلام المرئي كان أو المسموع أو المقروء وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي، بأن يوصل الرسالة كما يجب أن تصل سواء حول مؤتمر الحوار الوطني، وما يدور حوله من مفاهيم جديرة بالتوقف عندها كونها المخرج الأنسب لفضاء أوسع بالتعايش والتنوع، وما يجب أن يكون عليه الجانب الاعلام من قرة على تحمل مسئولية رفع وعي القبيلة.. وصولاً إلى الشيخ الذي دائماً يستفزه الحديث المباشر عن القبيلة والسلاح والعصبية، فمهمة الاعلام والتثقيف غير المباشر وحدها من يقدر على الوصول إليها وبأسلوب يركز نقل تجارب الدول المتقدمة التي تعيش في ظل القانون والمواطنة المتساوية.. ■ لكن المختلف الآن أن القبيلة والشيخ صار يمتلك الاعلام.. فمعظم المشايخ صاروا يمتلكون قنوات وصحف ومواقع الكترونية وغيرها.. ما هي دعوتكم لمن يمتلكون وسائل الاعلام تجاه الدولة المدنية الحديثة؟ - ندعو كل من يملك وسائل الاعلام سواء كانوا مستثمرين أو مشايخ أو غيرهم إلى تحمل المسؤولية الوطنية في رسالة الاعلام الذي يصل إلى كل مفاصل المجتمع، وأن يدركوا أن المرحلة التي يمر بها الوطن عصية جداً، وتتطلب تضافر كل جهود أبنائه.. وما طالبنا به في فريق بناء الدولة وركزنا عليه في نقاشاتنا هو استقلالية الاعلام وحياديته فإذا كان هذا الاعلام مستقل وحيادي لا يمكن يتجه مع القبيلي أو يحتمي به.. صحيح أن لا يحق لأي حد في هذا الوطن الحبيب والجميل- بجمال أفكار أبنائه إذا فهموا معنى الدولة التي نعيش ونتعايش فيها فالتسامح شيء مهم وتقبل الرأي، والرأي الآخر والتنوع شيء مهم- منع أحد من امتلاك الاعلام.. لكن عندما تكون هناك دولة حقيقية وقانون سيسير الاعلام لصالح المجتمع، لأنه يعرف بالقانون والتعليم كيف يساهم في تنوير المجتمع وليس في تضليله، أما في ظل غياب القانون وغياب الدولة سيستخدم الاعلام في تدمير المجتمع وإثارة الفتنة... دور الاعلام الرسمي ■ برأيكم هل أدى الاعلام الرسمي دوره، في ظل هذا الواقع..؟ - كل وسائل الإعلام لم تؤد دورها.. وأنا في نظري أنه لا يوجد إعلام مستقل بتاتاً، وإذا كان هناك قناة مستقلة لا يمكن أن تكون سياستها مستقلة فهي منحازة إلى الجهة التي تملكها فكيف يمكن أن أصفها بالمستقلة التصنيف رسمية صحيحة... ونحن نطالب الآن باستقلال الاعلام وحياديته فهو جوهر الدولة المدنية الحديثة.. ■ كلمة أخيرة تودون قولها ؟ - أود أن أقول لأعضاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل نحن في مرحلة تاريخية فاصلة، واعتقد أننا متقاربون جميعاً في الرؤى حتى وان برز خلاف فهو طبيعي أن نختلف في رؤانا لأنه لا يوجد أمر متفق عليه 100% والديمقراطية تعني اختلاف آراء وجهات النظر والتوجهات.. أما كلمتي لأبناء اليمن بشكل عام أتمنى أن نعيش في المستقبل كما خرجنا حالمين بدولة مدنية حديثة ونتمنى أن نصل إلى بناء هذه الدولة المدنية الحديثة بنجاح.