د. عبد العزيز حسين الصويغ يقول الأديب الكبير الدكتور مصطفى محمود أنه لولا تجلى الله على مخلوقاته لما كان هناك شيء يستحق الحب في الدنيا، لا وجه ولا صوت ولا صورة ولا مذاق ولا سلوك ولا فعل ولا كلمة ولا نغمة، فالله نور السموات والأرض، وهو الذي نراه في الوجود فنحبه، وهو نور العقول ونور الضمائر ونور البصائر، وهو الحق وهو العدل وهو الجمال الذي يسبي في كل طلعة جميلة، وهو البهاء الذي يخطف القلوب في كل حضرة بهية.. فهو سبحانه ما نُحب في كل ما نحب، وهو المعبود في كل ما نعبد بلا شريك ولا ند، فأينما ولّينا وجوهنا فليس ثمة إلا وجهه. ***** ومن خلال حبنا لله تعالى نحب ما حولنا من مخلوقات.. ولا يحد من هذا الحب كماً وكيفاً إلا الأنانية التي تجعل البعض لا يُحب إلا نفسه فهو مركز الكون.. الكل يجب أن يدور حوله. فالأنانية هي جدب في الروح تعيش فيها بعض القلوب في صحراء تعزلهم عن غيرهم من البشر.. حتى عن أقرب الناس إليهم. ***** ولقد لفت نظري في برنامج ديني كنت أتابعه على أحد القنوات الفضائية سؤال من طفلة صغيرة تسأل فيه الشيخ ضيف البرنامج وتقول: «والدتي زعلانة مع جدتي ولا تزورها، وهي تمنعني أنا أيضاً عن زيارتها.. فهل هنا أي ذنب يقع عليَّ لعدم زيارة جدتي»؟ هذا السؤال يحمل في طياته أكثر من نقطة: 1- أن هناك من يذهبون في الخصومة إلى مقاطعة الوالدين أو أحدهما، فيقاطعهما ولا يزورهما، بل ولا يسمح لباقي أفراد أسرته من واجب التواصل. 2- ألاّ تقتصر الخصومة على «زعل» مؤقت يزول عندما تزول أسبابه ولكن يستمر إلى حد «الفجور» في الخصام مع الغير، دون مراعاة لحق القربى خاصة مع الوالدين. 3- إن الأطفال يُدركون أحياناً ما لا يُدركه البالغون، فالطفلة الصغيرة ترى الخطأ من جهة.. وتخاف من غضب الله مع أنه لا يد لها في الخصومة ولا في التحكم في أسبابها. ***** لا أدري بالطبع سبب الخصومة بين أم الطفلة السائلة وجدّتها، لكن ما أعرفه أنه مهما بلغ الخصام أو الغضب فإنه لا يمكن أن يصل إلى حد القطيعة خاصة مع الوالدين، إذ يقول الله سبحانه وتعالى في حق الوالدين: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً. وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) الإسراء – 23/24. لكن أصحاب مثل هذه القلوب مجبولة قلوبهم على حب النفس والأنانية التي تمنعهم من حب الغير أو تمني الخير للآخرين! فهؤلاء لا يملكون القدرة على المحبة التي لا تُفتح أبوابها إلا من الداخل.. داخل نفسك. فالحب والسعادة تحضرنا من خلال نظرتنا إلى العالم حولنا. فإذا خلت القلوب من المحبة جدبت. * نافذة صغيرة: (الدين الحقيقي هو أن تُعبِّر عن حبك للروح الأعظم، بحبك لأطفاله.. وحينما تنسى ذاتك وتتعاظم في التركيب والقوة.. بالعمل والمحبة وخدمة الآخرين، تعبد إلهك، وتشعر بجماله.) د. مصطفي محمود. [email protected] [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (6) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain