د. سعود كاتب أكاد أجزم أن الإجابة على هذا السؤال في مجتمعنا ستكون كاسحة لصالح المرأة، فهي "الملاك" الذي يفيض عاطفة ورقة وحناناً، في حين أن الرجل السعودي هو شخص أبعد ما يكون عن الرومانسية والعاطفة، بل إننا لو حكمنا عليه وفق ما نقرأه من قصص وتعليقات "فيسبوكية" أو "تويترية"، فإننا دون تردد سوف نتخيل أنه أقرب لإبليس من الإنسان بقسوته وغلظته و"زوغان" عينيه.. فهل هذا هو الواقع فعلاً؟ دعوني أولاَ أشير إلى دراسة غربية أجريت مؤخراً عبر الإنترنت على عشرة آلاف شخص من مختلف دول العالم طرحت عليهم 1300 سؤال بغرض التعرف على سلوكهم تجاه شؤون الحب والعلاقة مع الجنس الآخر، والهدف منها هو إيضاح وتصحيح التصورات الخاطئة السائدة عن العلاقة بين الرجل والمرأة والمساعدة في جعل تلك العلاقة أكثر رضا للطرفين. إحدى نتائج هذه الدراسة توصلت إلى أنه بالرغم من أن الرجال أكثر نسياناً لأعياد زواجهم ولتاريخ ميلاد زوجاتهم وكون كثير منهم يلجأون في آخر لحظة يوم عيد الحب لشراء الورود من بقالات محطات الوقود، إلا أنهم أكثر رومانسية من النساء. فعلى سبيل المثال ذكر 48% من الرجال المشاركين أنهم وقعوا في الحب من أول نظرة، وذلك مقابل 28% فقط من النساء. مع ملاحظة أن المقصود هنا هو الوقوع الفعلي في الحب وليس مجرد الإعجاب أو النزوة العابرة. ولأكون عادلاً ومنصفاً مع المرأة فإن الرجل السعودي قد يكون أكثر رومانسية، لكنها رومانسية لا تدوم طويلاً بسبب طبيعة المجتمع الذكوري السائدة التي تعطي الرجل -بعد أن تستقر له العلاقة- إحساساً بالتفوق وبأن العلاقة مع الطرف الآخر أمر مضمون لا يستلزم الحفاظ عليها أي مجهود إضافي، وهنا في اعتقادي يكمن الخطأ الذي يتسبب في انهيار كثير من العلاقات، فالحب علاقة لا تنمو في الصحراء المجدبة بل تحتاج إلى سقيا وتغذية مستمرة بجميل العبارات والتصرفات، وهو مالا يحسنه كثير من الرجال السعوديين وربما الشرقيين عموماً. الحقيقة أن قليلاً جداً منا –رجالاً ونساء- من يكررون كلمة "أحبك" أو "وحشتني" بشكل يومي لشريك حياتهم، بل وحتى لأبنائهم وبناتهم. إن الحفاظ على علاقة صحية ومتطورة لا يتطلب مجهوداً كبيراً، حيث توصلت الدراسة الى ان هناك علاقة قوية بين بعض الممارسات التي يقوم بها الزوجان وبين كونهما يتمتعان بعلاقة حب قوية، ومن تلك الممارسات: الخروج معا مساء في مواعيد غرامية، دعوة كل منهما للآخر بأسماء محببة، الإمساك بأيدي بعضهما، ترديد كلمة "أحبك". أخلص مقالي هذا بنتيجتين، الأولى: هي أن الرجل السعودي ليس بتلك الدرجة من الجلافة وعدم الرومانسية التي يتم تصويره بها إعلامياً واجتماعياً، بل إنه يحمل في أعماقه قدراً كبيراً من العاطفة ربما تزيد عن تلك التي لدى المرأة. النتيجة الثانية، هي أن الحب كائن حي يتغذى وينمو بالاهتمام والحنان والتفاهم، وتقتله القسوة والإهمال والجفاء. التالي، بعض من النصائح التي أوردتها الدراسة للحفاظ على علاقة دائمة وسعيدة: عبرا عن عواطفكما, تشاركا في اهتماماتكما, تعلما فنون التنازل والاتصال, لا تأخذ شريكك على أنه أمر مضمون, احرصا على مظهركما في كل وقت وعلى مر الزمن. كم نحن بحاجة الى دراسات مماثلة تغور في أعماق رجالنا ونسائنا بجرأة وصدق، بعيداً عن التابوهات والتحيزات.. دراسات تقدم نصائح واقعية وعملية لردم الفجوة المسببة لحالات الطلاق المتفاقمة وضعف الثقة بين الجنسين في مجتمعاتنا.