شبام نيوز . الاتحاد منعت جماعة الحوثي المسلحة في شمال اليمن، أمس الأحد، لليوم الثاني على التوالي، فرق إغاثة تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر، ولجنة وساطة رئاسية من الوصول إلى بلدة "دماج" بمحافظة صعدة، حيث تدور منذ أيام معارك عنيفة بين "الحوثيين" وأقلية دينية سلفية تتمركز هناك منذ عقود. وكان الرئيس اليمني الانتقالي، عبدربه منصور هادي، شكًل، يوم الجمعة الماضي، لجنة وساطة جديدة لإنهاء الاشتباكات الطائفية في محافظة صعدة الخاضعة بالكامل لسيطرة جماعة الحوثي . واتهم متحدث باسم الجماعة السلفية في "دماج"، في اتصال هاتفي مع "الاتحاد"، "الحوثيين" بمنع فرق الإغاثة التابعة للصليب الأحمر ولجنة الوساطة من الوصول إلى البلدة الواقعة على بعد سبعة كيلومترات من مدينة صعدة من جهة الجنوب. وقال عبدالقادر الشرعبي، "الحوثيون يحاصرون دماج منذ أسابيع ويمعنون وصول الغذاء والدواء"، محملاً إياها مسؤولية إعاقة جهود وقف القتال الذي نشب الأربعاء الماضي. من جانبه، قال رئيس لجنة الوساطة الرئاسية، يحيى أبو إصبع، "منعنا نحن والصليب الأحمر من دخول بلدة دماج"، مشيرا إلى أن جماعة الحوثي واصلت، الأحد، ولليوم الخامس على التوالي، قصف مناطق متفرقة في البلدة، التي قال إن سكانها "محاصرون وبلا غذاء". وذكر أبو إصبع أن الرئيس الانتقالي، عبدربه منصور هادي، أمر أعضاء لجنة الوساطة بالبقاء في مدينة صعدة، دون أن يضيف تفاصيل بشأن محادثات تدور مع جماعة الحوثي للسماح للوسطاء وفرق الإغاثة الطبية بدخول بلدة دماج. وفي اتصال آخر مع رويتزر، اتهم أبو إصبع "الحوثيين" بعرقلة تنفيذ وقف إطلاق النار، الذي أعلنته وزارة الدفاع، يوم الجمعة الماضي، مشيرا إلى أن "الحوثيين" طلبوا نقل ستة من أنصارهم اختطفهم مقاتلون مؤيدون للسلفيين من قبيلة الأحمر في محافظة عمران المجاورة بطائرة هليكوبتر عسكرية إلى صعدة قبل السماح بإخلاء نحو 70 مصابا بجراح خطيرة من دماج. بدورها، أكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أمس الأحد، منع بعثتها في اليمن من دخول بلدة دماج "لنقل الجرحى وإيصال المساعدات الإنسانية". وقالت ماري كلير، المتحدثة باسم بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في صنعاء، "الوضع لم يتغير منذ أمس (الأول). نواصل التفاوض مع جميع الأطراف للسماح لنا بالدخول إلى دماج بنقل الجرحى من الطرفين". وأضافت ، في تصريح لمحطة تلفزيونية يمنية، "نحن في محادثات مع الأطراف المعينة. المحادثات لن تستمر إلى الأبد إذا لم نتمكن من الدخول إلى دماج فلن نتردد بكشف أسماء الأطراف" المعيقة، محذرة من أن تأخر وصول المساعدات الطبية سيضاعف أعداد القتلى جراء الصراع بين "الحوثيين" والسلفيين. وأردفت :"نحتاج إلى الأذن بالدخول الفوري وغير المشروط لنقل الجرحى وإيصال المساعدات الطبية".وحول مدى خطورة الوضع الإنساني في دماج جراء استمرار الصراع ومنع الطواقم الطبية من الوصول إلى المدنيين، قالت المتحدثة باسم "الصليب الأحمر" في اليمن، :"لم نتمكن من دخول دماج منذ 24 أكتوبر، وبالتالي لا نستطيع تقييم الوضع الطبي والإنساني". ويوجد في بلدة "دماج" مستشفى وحيد أُغلق مؤخراً بعد تعرضه للقصف "وتعطل كل الخدمات الصحية والطبية المقدمة فيه نهائيا"، حسب تقرير أصدرته إدارة المستشفى التي استحدثت قسماً للطوارئ في مكان أرضي "لتفادي" هجمات مليشيات جماعة الحوثي، التي استهدفت، أمس الأول، شبكة المياه الرئيسية في البلدة.وأشار التقرير الطبي الرسمي، حصلت "الاتحاد" على نسخة منه، إلى أن العمل في قسم الطوارئ المستحدث "محصور في تقديم الإسعافات الأولية فقط وبإمكانيات محدودة وبصورة تقليدية". وحذًر التقرير من "كارثة انسانية بكل المقاييس" في حال استمر حصار وقصف بلدة "دماج"، لافتا إلى مخاوف من انتشار العديد الأوبئة بسبب انعدام الدواء وتناثر المخلفات في الشوارع، إضافة إلى د"دخول فصل الشتاء والذي فيه تزداد المعاناة بسبب البرد، وتنتشر حالات الالتهابات الرئوية وأزمات الربو". ولفت التقرير إلى تزايد حالات الإجهاض لدى النساء الحوامل في "دماج" بسبب القصف المدفعي والصاروخي الذي يطال البلدة، مشيرا إلى أن بعض الحالات، وذكر منها خمس حالات، تعاني من "مضاعفات خطيرة يصعب على الكادر الصحي التعامل معها لانعدام الإمكانيات الطبية". وسقط قتلى وجرحى، أمس الأحد، جراء قصف جماعة الحوثي مناطق متفرقة في بلدة دماج"، حسب بيان أصدرته الجماعة السلفية، الأحد، ونُشر على شبكة الانترنت.وذكر البيان أن "بعض الجرحى يموتون من جراحهم ولا أحد يسعفهم لعدم الامكانيات"، موضحا أن القصف بدأ صباح الأحد وأسفر عن تدمير وإحراق عدد من المنازل المأهولة بالسكان. وقال سكان ومصادر في الجماعة السلفية ل"الاتحاد" إن القصف استهدف خصوصا مركز "دار الحديث"، الذي يدرس العلوم الشرعية، ويقصده سنويا مئات الطلاب بعضهم يأتون من دول عربية وأجنبية. كما استهدف القصف منازل عدد من رجال الدين في الجماعة السلفية في دماج. وكانت اشتباكات عنيفة دارت على مشارف بلدة ، ليل السبت الأحد، بين مسلحين سلفيين ومقاتلين حوثيين حاولوا مجددا اقتحام بلدة "دماج". وقالت مصادر في الجماعة السلفية إن الاشتباكات أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين، دون أن تذكر إحصائية محددة لعدد قتلى السلفيين "لأن لدينا قتلى لم نتمكن من انتشال جثثهم"، حسب قولها. وقال مسؤول محلي أن ثلاثة اشخاص على الأقل قتلوا، الأحد، في معارك بين الحوثيين والسلفيين، حسبما أفادت رويترز التي أحصت 58 قتيلا منذ اندلاع المعارك. إلا أن روايات سكان ومقاتلون في الجماعة السلفية تؤكد مقتل أكثر من مائة شخص، غالبيتهم من المسلحين، في الاشتباكات المستمرة منذ خمسة أيام في دماج، حيث معظم سكان البلدة مهددون بالموت برصاص قناصة حوثيين في حال أرادوا النزوح إلى خارج البلدة المحاصرة منذ منتصف أكتوبر الماضي. وتلقي الاشتباكات الطائفية في الشمال بظلالها على مساعي المصالحة الوطنية التي انطلقت هذا العام بعدما ارغمت انتفاضة شعبية في 2011 الرئيس علي عبدالله صالح على التنحي. وطالب البرلمان اليمني، أمس الأحد، بوقف المعارك الطائفية في محافظة صعدة و"الحفاظ على دماء اليمنيين"، حسبما أفادت وكالة الأنباء الرسمية.