وقفتُ الساعة التاسعة صباحًا متسمّرة في مكاني أرقب المكان.. فكل ما حولي، ومن حولي يحتل المكان ومن فيه. الأرض.. الأركان.. الأسقف.. والجدران.. متى جاءوا؟ ومنذ متى وهم متواجدون؟ هل كانوا هنا منذ الليلة الماضية؟! تنبّهت بعدها أنه عليَّ أن أخرج عقلي من حالة الذهول إلى حالة التحرك سريعًا، وبما أن الإجراءات الأولية في مثل هذه البقعة ومثيلاتها تكاد تكون واحدة، فقد كنتُ أتتبّع من يقف قبلي مشكورًا، وأفعل ما يفعله بالضبط، حتى انتهيت منها ولله الحمد. مكبرات الصوت تتدفق علينا من كل مكان، وأنقذني منها صوت نابع من أحدها ينادي باسمي.. ومرحلة أخرى من الضياع والتوهان!! أين مصدر الصوت؟! توجهتُ إلى القاعة التي أشار إليها أحد المراجعين!! فوجدت أني أمام مرحلة أخرى مختلفة كليًّا أقل ما يُقال في وصفها أنها الحشر بعينه!! هانت الحمد لله!! وجدتُ نفسي مدفوعة اتخذ لنفسي مقعدًا، هذا إن وُجِد داخل عالم من المربعات والمكعبات المحشوّة بالبشر!! وما أحد أحسن من أحد.. حشر مع الناس عيد!!، وكي أُخفِّف من ثقل الانتظار؛ أطلقتُ العنان لمخيّلتي لتربط بين هذه المربعات وبين متاهات أليس في بلاد العجائب.. لم أكن أدرك معاناتها المسكينة!! فالمخرج الآمن من هذه المتاهة بعيد، وعليَّ أن أنتظر دوري أمام الباب رقم ثلاثة.. وأنا وحظي.. يا صابت يا خابت! بعد ساعتين من الانتظار ومعي البقية الباقية من عالم المربعات.. يفتح الباب لتبلغنا إحدى الموظفات معتذرة.. لا يوجد أي مسؤول في هذه الغرفة!! طيِّب أين نتوجه؟! توجهت إلى مربع حشر آخر في الطابق العلوي، ولم يكن أقل سوءًا عن المربعات السابقة، وهنا كانت أصوات الموظفات تعلو وتتدفق أيضًا من كل صوب، وتتنقل بين مربعي الرجال والنساء لتنادي بالأسماء.. وكأننا في حراج!!. مرصد: هذا هو مقتضى الحال في مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة في مدينة جدة.. كيف الحال؟! [email protected] للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (76) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain