تتفاعل قضية سجن الفتيات الإخوانيات 11 عامًا في الشارع المصري، ويؤكد محامي تلك البنات وليد سليم ل"إيلاف" أن هذا الحكم انتقامي، بعدما بات القضاء أداة بأيدي من سماها ب"سلطة الانقلاب"، مؤكدًا أن العقوبات لا تتناسب مع التهم رغم نفيها كلها. صبري عبد الحفيظ من القاهرة: أثار الحكم بالسجن لمدة 11 عامًا بحق 14 فتاة منتميات إلى الإخوان المسلمين في الإسكندرية، وإيداع الفتيات السبع القصر دار رعاية الأحداث، غضب المصريين. وقال محامي الفتيات، في تصريحات خاصة ل"إيلاف"، إن التهم الموجّهة إلى الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 13 و21 عامًا، لا تتناسب مع تلك الأحكام. كما إن العديد من ضباط الشرطة وقياداتها، فضلًا عن الرئيس السابق حسني مبارك، لم ينالوا الحكم نفسه، رغم إتهامهم في جرائم قتل متظاهرين. فيما دعا سياسيون الرئيس المصري المؤقت عدلي منصور إلى إصدار عفو رئاسي عنهن. وأصدرت محكمة الإسكندرية الإبتدائية حكمًا بالسجن لمدة 11 عامًا بحق 14 فتاة إخوانية، متهمات بإتلاف الممتلكات والتجمهر، إضافة إلى إيداع سبع أخريات قصر في إحدى دور الرعاية الاجتماعية. قضاء انتقامي ووصف محامي الفتيات، وليد سليم، بأن الحكم قاس، ويؤشر إلى أن القضاء صار أداة في أيدي من وصفه ب"النظام الانقلابي"، للإنتقام من المعارضين وأبنائهم. وقال ل"إيلاف" إن المعارضة في مصر وسائر الشعب المصري لا يرضى بأن يتحوّل القضاء إلى مخلب قط في أيدي السلطة للانقضاض على المعارضين، مشيرًا إلى أن هذا الحكم سياسي بالدرجة الأولى. وأضاف سليم أن الأحكام الصادرة بحق الفتيات لا تتناسب مع الاتهامات الموجّهة إليهن، لافتًا إلى أن النيابة وجّهت إليهن أربعة اتهامات، ثبتت براءتهن منها جميعًا. خدش باب ورمي حجارة وأوضح أن التهمة الأولى هي إتلاف الممتلكات، وهي عبارة عن باب زجاجي لعمارة في منطقة رشدي في الإسكندرية، وحدثت فيه خدوش، منوهًا بأنه عند سؤال حارس العقار، أفاد بأن الفتيات لم يخدشن الباب، بل خدشه شباب آخرون. كما لفت إلى أن الاتهام الثاني هو إستخدام السلاح في التعدي على المارة، مشيرًا إلى أن محضر التحريات كتب أن تلك الأسلحة عبارة عن حجارة (طوب)، ولم تثبت إصابة أي من المارة نتيجة استخدام الحجر، ولم يقدم شاهد واحد دليلًا على قذف الفتيات له بالأحجار. التجمهر وتعطيل المرور في ما يخص الاتهامين الثالث الرابع، قال سليم، إنهما يتمثلان في التجمهر وقطع الطرق، موضحًا أن النيابة إستدعت مسؤولين في هيئة النقل العام في الإسكندرية، للإستعلام عن ارتكاب الفتيات تلك الجريمة. وأفاد المسؤولون أن المرور كان يسير في الشارع، الذي قبض عليهن منه بطريقة سهلة، ولم يتم تعطيل الطريق. ونبه إلى أن الإفادة نفسها أجاب بها مسؤولو إدارة مرور الإسكندرية عند استدعاء النيابة إياهم. 154 سنة سجن شكك البعض في الحكم، وقالت صفحات تابعة لوزارة الداخلية المصرية، إن مجموعة الأحكام الصادرة بحق جميع الفتيات 11عامًا، وليس 11 عامًا لكل فتاة، وهو ما نفاه محامي الفتيات. إذ قال ل"إيلاف" إن مجموع الأحكام الصادرة بحق كل فتاة 11 سنة، مشيرًا إلى أن النائب العام أصدر بيانًا، قال فيه إن مجموع الأحكام بحق الفتيات يصل إلى 154 عامًا. وأوضح سليم أن القاضي عاقب كل فتاة في عريضة الاتهام من الأولى حتى الرابعة عشر بالسجن لمدة ست سنوات في التهمة الأولى، وهي إتلاف الممتلكات، والسجن لمدة 4 سنوات في التهمة الثانية، وهي استخدام الطوب في التعدي على المارة، والسجن لمدة شهر في الاتهام الثالث، وهو التجمهر، والسجن لمدة سنة عن الاتهام الرابع، وهو قطع الطرق. محاكمة الأطفال عند البلوغ وذكر المحامي أن القاضي أصدر حكمًا بحق سبع فتيات قصر بإيداعهن في دار رعاية الأحداث، حتى يبلغن السن القانونية، ثم يعرضن على المحكمة مرة أخرى، للنظر في أمر إصدار أحكام أخرى بالسجن، أو الإكتفاء بهذه العقوبة. وأشار إلى أن المتعارف عليه قانونًا هو أن مجموع الأحكام القضائية في قضايا الجنح، ينبغي ألا يزيد على سبع سنوات، حتى ولو تعددت التهم. ولفت إلى أن هيئة الدفاع عن الفتيات، حصلت على قائمة بالأحكام التي أصدرها القاضي في دائرته، مشيرًا إلى أن أقصى حكم أصدره هو السجن لمدة سنتين، واعتبر سليم أن ذلك يؤكد أن الأحكام سياسية، وليست جنائية. طفلة تطلب عروستها تتمتع الفتيات بعزيمة وصبر قويين، رغم أنهن يتوقعن صدر مثل تلك الأحكام بحقهم قبل جلسة الحكم. وقال محاميهن ل"إيلاف" إن الفتيات رغم صغر أعمارهن، إلا أنهن كن يتوقعن أن يكون الحكم قاسيًا، مشيرًا إلى أنهن في بداية الجلسة قلن له إنهن يتوقعن صدور أحكام السجن بحقهم مثل الأحكام الصادرة بحق طلاب جامعة الأزهر. ولفت إلى أن محكمة أخرى في القاهرة أصدرت أحكامًا بالسجن لمدة 17 عامًا بحق 12 طالبًا، بتهمة التجهمر أمام مشيخة الأزهر. وأشار إلى أن الفتيات القصر مازلن أطفالًا، ولا يدركن خطورة الوضع الذي فرض عليهن. وقال إن إحدى الطفلات طلبت من محام آخر في هيئة الدفاع أن يحضر لها عروستها اللعبة، لأنها لا تستطيع النوم إلا وهي في حضنها. كما إن طفلة آخرى تدعى يمنى، كانت تقول له في كل زيارة: "ليه ماما لا تتصل بي؟، إحنا هنقعد هنا كتير يا عمو؟". ونبه إلى أن الفتيات جميعهن متفوقات جدًا، مشيرًا إلى أن إحداهن مهندسة نووية، وشاركت في أول مشروع محاكاة للمشروع النووي المصري، وأخرى فنانة تشكيلية، وشاركت في فعاليات دولية. البراءة لقتلة المتظاهرين وقال المحامي، منقدًا قسوة الأحكام، إن القضاء أنزل عقوبة السجن لمدة 11 عامًا بحق الفتيات، في الوقت الذي صدر فيه حكم السجن لمدة 3 سنوات، بحق الضابط قناص العيون، الذي فقأ أعين أكثر من 14 من المتظاهرين في أحداث محمد محمود، كما حصل الضابط وائل الكومي على حكم بالبراءة، رغم الإثبات بأنه قتل 37 مواطنًا في الإسكندرية أثناء ثورة 25 يناير. وأضاف أن هيئة الدفاع عن الفتيات بدأت في إجراءات إستئناف الحكم الصادر بحقهن، مشيرًا إلى أن المحامين غير متفائلين كثيرًا. دعوة إلى عفو رئاسي أثار هذا الحكم غضب المصريين. فعقد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي مقارنات بين الأحكام الصادرة بحقهن، والأحكام التي صدرت بحق آخرين ارتكبوا جرائم أكثر خطورة، ومنها صدور حكم بالسجن ثلاثة أعوام بحق ضابط الشرطة المتهم بإصابة 14 من المتظاهرين في عيونهم، والتسبب لهم بعاهات مستديمة، وهو المعروف ب"قناص العيون"، فضلًا عن الإفراج عن الممثلة إنتصار، رغم ضبطها متلسبة بالتعدي على ضباط الجيش في كمين أثناء حظر التجوال، إضافة إلى أنها كانت في حالة سكر مع أربعة مواطنين كويتيين، كما عقدوا مقارنة مع قضية ضبط الممثلة دينا الشربيني، متلسبة بتجارة المخدرات، ورغم ذلك صدر بحقها قرار بإخلاء السبيل. كما عقدوا مقارنة مع القضية الكبرى، المعروفة باسم قتل المتظاهرين، التي حوكم فيها قيادات وضباط الشرطة، إضافة إلى الرئيس السابق حسني مبارك، وجميعهم حصل على أحكام بالبراءة، باستنثناء مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي، اللذين صدر بحقهما حكم بالسجن لمدة 25 عامًا، بسبب المسؤولية السياسية، وتم نقض الحكم، وأفرج عن مبارك. وأثارت الأحكام تعاطف المصريين مع الفتيات، وطالب المرشح السابق لرئاسة الجمهورية حمدين صباحي، رئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور بإصدار قرار رئاسي بالعفو عن الفتيات.