يصادف اليوم 12 ديسمبر الذكرى ال 37 لإنشاء مؤسسة الكويت للتقدم العلمي التي تمثل إحدى واجهات البلاد الحضارية والعلمية وتضطلع بمهامها ومسؤولياتها في خدمة العلم والعلماء ودعم الأبحاث العلمية والابداع. وجاء إنشاء المؤسسة عام 1976 تتويجا لرؤية ثاقبة أطلقها الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه حينما كان وليا للعهد بدعوته القطاع الخاص إلى مشاركة الحكومة في رعاية ودعم النهضة العلمية الناشئة في البلاد آنذاك. وحظيت الدعوة باستجابة سريعة من شركات القطاع الخاص متمثلة بغرفة تجارة وصناعة الكويت وتم إنشاؤها فعلا كمؤسسة غير ربحية لتصبح نموذجا للتعاون والمشاركة الناجحة بين القطاعين العام والخاص لدعم البحث العلمي والباحثين وتحقيق مفهومي المجتمع العلمي والبنية التحتية العلمية. وتعنى المؤسسة التي تتشرف بترؤس صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد لمجلس إدارتها، بالنهوض بالوعي العلمي لبناء كويت المستقبل بمبادرتها في إنشاء المشاريع والمؤسسات العلمية وتقديم المنح والجوائز وإقامة المؤتمرات المتخصصة. ويأتي مجمل ذلك تنفيذا لفكرة إنشائها المتمثلة في الاستثمار في تنمية القدرات البشرية للسعي نحو بناء قاعدة صلبة للعلم والتكنولوجيا والابداع بتمويل من الشركات المساهمة الكويتية كجزء من مسؤوليتها المجتمعية والبالغ حاليا 1% سنويا من صافي أرباح تلك الشركات. ومنذ إنشائها تدعم المؤسسة التطور العلمي والتكنولوجي، حيث مولت 543 مشروعا بحثيا تنوعت بين العلوم المختلفة وانتجت 19 فيلما ثقافيا علميا سلطت الأضواء من خلالها على قضايا علمية معاصرة واجتماعية وتربوية علاوة على دعمها المالي والاداري للوفود المشاركة في الأولمبياد العلمي الدولي. ورصدت المؤسسة ووزعت أيضا نحو 500 جائزة حتى الآن بما فيها جائزتا الكويت والانتاج العلمي كحافز للمضي قدما في البحث والتميز علاوة على قيامها بنشر الوعي العلمي من خلال الكتب والمجلات والموسوعات. ومن ذلك صدور أول ترجمة لمجلة العلوم العالمية وتحويلها الى مجلة إلكترونية هي (مجلة التقدم العلمي) فضلا عن الموسوعة العلمية للتربية وموسوعة الكويت العلمية للرياضيات وقاموس الكيمياء وقاموس النبات والمعجم الموحد الشامل للمصطلحات الفنية للهندسة والتكنولوجيا ومعجم الرياضيات والقاموس الجيولوجي. ودعمت المؤسسة ايضا البنية التحتية لمؤسسات علمية وطنية مختصة بالثقافة العلمية والابحاث فأسست ودعمت العديد من المنشآت والتجهيزات العلمية منها مرصد العجيري وربطه بمبنى القبة الفلكية في النادي العلمي والمركز العلمي الذي أنشئ عام 2000 لتقديم خدمات التعليم الترفيهي للجمهور حيث بلغ عدد زائريه حوالي ثمانية ملايين زائر حتى الآن ويجري حاليا الاعداد لتوسعته ليضم مركزا للدلافين. وكخطوة رائدة منها تم إنشاء معهد دسمان لأبحاث وعلاج امراض السكر عام 2006 ليواجه بالعلم مرضا مزمنا ترتفع نسبة الاصابة به في الكويت ليكون احد المراكز الشاملة والرائدة للابحاث والعلاج وفي المحافظة على صحة الأجيال المقبلة في الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي. وفي موازاة ذلك تم إنشاء مركز الشيخ جابر الأحمد للطب النووي والتصوير الجزيئي الذي سيفتتح قريبا ويدار بالتعاون بين المؤسسة ووزارة الصحة وجامعة الكويت ويعنى بتعزيز الامكانيات في اعداد الجرعات اللازمة لمراكز الطب النووي وزيادة طاقة استيعاب المرضى. كما يقدم المركز خدمة التصوير البوزيتروني للمرضى مع التركيز على أمراض السرطان والمخ والقلب والأوعية الدموية باستخدام نظائر مشعة فريدة خليجيا ويوفر أيضا الاحتياجات الأكاديمية للقيام بالأبحاث العلمية بمجال التصوير الجزيئي. وتتبنى مؤسسة الكويت للتقدم العلمي رؤية واعدة ورسالة طموحة ضمن استراتيجيتها (2012 2016) تقوم على دعم البحث والتطوير في المجالات ذات الأولوية في البلاد كالمياه والطاقة البديلة والبيئة ونشر الثقافة العلمية والتقنية. ويتمثل الهدف الرئيسي للاستراتيجية بالتوصل إلى أحدث نتاج فكري يعنى باحتياجات العلوم والتكنولوجيا والابداع وبناء قدرات علمية وتكنولوجية وفق أولويات محددة بأربعة محاور تعالج قضايا التنمية واحتياجات الموارد البشرية لمنظومة العلوم والتكنولوجيا والإبداع. واتساقا مع مبدأ التواصل مع العلماء والباحثين فتحت المؤسسة قنوات اتصال وتواصل بين باحثي الكويت ونظرائهم في العالم من خلال توقيعها لاتفاقيات عدة ودعمها للعديد من المشاريع مع عدد من مراكز البحث والجامعات العالمية المتميزة بما يخدم أهداف التنمية العلمية في البلاد. ومن ابرز الاتفاقيات برنامج الكويت لدى جامعة هارفرد والمركز الدولي للفيزياء النظرية ومركز الكويت (ام اي تي) للموارد الطبيعية والبيئة وبرنامج الكويت لدى جامعة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية وبرنامج الكويت مع جامعة «سيانس بو» في فرنسا. وعلاوة على ذلك هناك مكتبة الرئيس الأميركي جورج بوش بجامعة تكساس الأميركية وبرنامج التدريب التنفيذي لقياديي الكويت ودول مجلس التعاون مع كلية «جون اف كنيدي» لشؤون الحكم بجامعة هارفرد، إضافة الى البرنامج العلمي الكويتي للدراسات الإسلامية في مركز اكسفورد للدراسات الإسلامية ببريطانيا والمدرسة العربية للعلوم والتكنولوجيا. وفي منتصف العام الحالي قدمت المؤسسة دعما لمشروع بحثي متعدد الاغراض لتعزيز «استدامة المباني الحديثة في الكويت» بالتعاون مع معهد ماساتشوستس (ام اي تي) للتكنولوجيا ومعهد الكويت للأبحاث العلمية وجامعة الكويت. وشرعت المؤسسة هذا العام في تنفيذ عدد من المشاريع النموذجية للتعجيل باستخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء بالتعاون مع معهد الكويت للأبحاث العلمية ووزارة الكهرباء والماء تشمل مباني جمعيتي كيفان والزهراء التعاونيتين و150 منزلا سكنيا خاصا.