كتب / عبدالله أحمد السياري أّمل ان يكون هذا أول مقال من عده المقالات التي آمل كتابتها عن المرحوم محمد علي لقمان ولطالما كنت دائما مفتونا بانجازات السيد محمد علي لقمان وسماته الشخصية كان السيد محمد علي لقمان رجل فريد في نوعه . وقد كتبت العديد من المقالات بل الكتب -في الواقع عنه-. ولا أظنني سأضيف الكثير إلى ما هو معروف عنه.وليس غرضي هنا تمجيده ، فهو ليس في حاجه لذلك مني وأنا حين اكتب هذا المقال افعل ذلك- في المقام الأول - لنفسي كاحتفالية ذاتيه وتهنئة ذاتيه لشخصي باعتباري عدنيا جنوبيا عربيا فخورا بهذه الشخصية الواسعة ا الإنجاز واجزم انه اثر في حياتي مباشرة بطريقة إيجابية من خلال ما دعا إليه وحققه.. أنتجت عدن عدد مذهل من النوابغ وكانت تربه خصبه لإنجابهم إلا إنني على يقين أن هذه المجموعة العدنية المؤثرة سوف تقر-وبارتياح جم- بأن السيد محمد علي لقمان كان الأكثر بروز والأشد تأثير بينهم. ويرجع ذلك –حسب ما أرى- جزئيا إلى عمق واتساع اهتماماته وانجازاته - التي سأشير إليها في وقت لاحق في هذا المقال و مقالات أخرى في المستقبل ان شاء الله-ولكن ربما أساسا، في وجهة نظري الشخصية، لان عظمه انجازاته تأتي من كونه فعل كل ما فعله دائما وعدن -المكان والناس- في أقصى اعتباراته ذهنيا. وبعبارة أخرى لم يكن الدافع لأفعاله أكاديميا في المقام الأول بقدر ما كان يحركها شعور غامر بأداء واجب محتوم عليه يبدو لي ان الأمر كما لو كان السيد لقمان مدفوعا بحبه لعدن باعتبارها-البوصلة الذاتية التي وجهت طريقه ودربه . وأعتقد أيضا أنه كان يدرك-بذكائه الفطري والحنكة التي كان يتسم بها بان عليه مسئوليه تاريخية قدريه للعب دور في تاريخ عدن. وبالتالي عزم الأمر ان يؤدي هذا الواجب على أجمل وجه ، وقد فعل ذلك بامتياز اسمحوا لي أن أسلط بعض الضوء على بعض الجوانب المثيرة للاهتمام لمكانته وشخصيته الفريدة في نوعها والتوسع في ذلك في مقالات أخرى في المستقبل ان شاء الله. كان رجل موسوعي الإدراك والمعرفة. ووفقا لقاموس ميريام وبستر الشخص الموسوعي هو "الشخص الواسع المعرفة والتعليم" ووفقا لقاموس الانترنت الشخص الموسوعي هو "الشخص الواسع والمتنوع الإدراك" .. وفي مقال لاحق سأحاول ان أثبت وأبين مدى موسوعيه السيد لقمان.ومن المثير للاهتمام،ان بعض القواميس تستخدم مصطلح "الموسوعي" كمرادف ل "رجل النهضة" وذلك وصف ينطبق على السيد لقمان أيضا كما سأشرح لاحقا. كان مصلحاً الاجتماعياُ بامتياز . يشٌخص السيد لقمان بشكل واسع على انه أيضا رجل التنوير العدني بامتياز وفي اعتقادي أن كتاباته وفلسفته كانت محصله لأفكار "تنويرية" "ونهضوية" في أّن واحد. والذي يجب التأكيد عليه انه لم يكن "منظرا تنويريا" وحسب بل كان "تنويريا عملياً" ، وهناك فرق كبير بين الاثنين. السابق يخبرنا لماذا يرى ان التنوير شئ جيد، والأخير يؤدي وينفذ ويصنع التنوير على أرض الواقع. ومصطلح "التنوير" في الأصل مصطلح يوظف لوصف التغييرات الاجتماعية والثقافية والعلمية التي حدثت في أوروبا في قرني السابع عشر والثامن عشر والتي يُعتقد أنها بلغت ذروتها في الثورة الفرنسية. و كان من بين المدافعين لهذه النظرية فلاسفة كثر وكبار من بينهم الفرنسي فولتير، و البريطاني ديفيد هيوم والألماني كانط . وعرف هذا الأخير "التنوير" بأنه " يفرج البشرية من افتقارها إلى النضوج- وذلك الافتقار تفرضه على نفسها بنفسها و عدم النضج هذا في أساسه هو عدم القدرة على فهم المرء للأمور والقضايا دون توجيه من آخرين غيره" أنا أذكر هذا لأن هذا ببساطه كان أسلوب السيد لقمان وطريقة للوصول إلى التنوير في المجتمع العدني وبالتحديد من خلال مناشدته المتكررة للعدنيين –بل للعرب- لاستخدام عقولهم، ومن خلال إدراكه أن التنوير سيكون ممكنا فقط إذا انتشر التعليم والثقافة بين المجتمع وفي هذا هو لم يفرق بين الرجال والنساء . . أود أن أنوه إلى أن أفكار التنوير الغربية تجنح إلى و تشمل التخلي عن الفكر الديني. إلا ان السيد لقمان، بالمقابل كرس تعاليم الإسلام الصحيحة والمنصوص عليها للانطلاق لدفع عجله التنوير. فقد تتفاجاواء ان انا أخبرتكم بان السيد لقمان في كثير من الأحيان تحدث عن الإسلام انقي الصافي من على منابر المساجد في كريتر، والتواهي والشيخ عثمان بل ان احد المصادر الانجليزية وصفته بأنه سلفي المنحى لخصومته للشعوذة والبدع وقد أعود إلى ذكر هذا المصدر في مقال لاحق كما –ان شاء الله سأعود وبتفصيل أكثر إلى منهجه التنويري.. 3. كان خطيبا مفوها وكاتب يعتد به. في مقال لاحق في المستقبل، أمل أعطي توضيحا لهذا الجانب من قدراته. فكتاباته –حتى السياسية والاجتماعية بينها-تأخذ لشكل الروائي السردي بشكل آسر ومثير للدهشة وقدرته في اختيار المفردات الصحيحة المعبرة والمؤثرة في المكان الصحيح في الجملة كان مذهلا ولكونه كان محاميا كان لا يترك موضوعا أو قضيه يدعو إليها أو يتبناها إلا واستخدم ولجاء ضمن سرده له إلى استخدام كل الحجج المنطقية والبراهين المقنعة لدعمها كما انه يعرض ويتعرض –في ذات الوقت- إلى كل الحجج المعارضة المحتملة لقضيته ومن ثم دحضها وإلغائها بحجج مضادة قوية مدمره. 4.كان عاشقا للغة العربية والتراث العربي. في الواقع ان هذا الجانب من شخصيته كان محوريا وراء تفكيره وفلسفته واتجاهاته وطالما أعرب عن اعتقاده بأن التعليم بشكل عام وازدهار اللغة العربية أساسيان في عملية التنوير وعند تأسيسه لجريدته "فتاه الجزيرة" - أول صحيفة عربية في شبه الجزيرة العربية – أشار في افتتاحيه العدد الأول منها إنه يود لها أن تكون لسان حال ومنبر لشباب شبه الجزيرة العربية و لكتابها ولمثقفيها.. وكان-رحمه الله دائما يؤكد أن الصحف النشطة والحيوية (كونها كانت حامله المعلومات والوسيط الإعلامي وقتها) هي أدوات مهمة في سبيل الرقي والتنمية الوطنية والثقافية والأدبية والاقتصادية . ولد المرحوم –بإذن الله- محمد علي لقمان في عدن يوم 6 نوفمبر 1898 وتوفي في 24 مارس 1966 بينما كان في الحج في مكةالمكرمة وقد دفن فيها )الجزء الثاني) ا بد لي من تكرار ما بدات به مقالي الاول عن السيد محمد علي لقمان كي اضع الامور في نصابها ولاعلان تضارب في المصالح يعتريني فان قال قائل بعدها ان شهادتي ي مجروحه في شخ صالاستاذ لقمان لاعترفت بذلك من البدايه دون جدل او جدال قلت ما يلي: "كان السيد محمد علي لقمان رجل فريد في نوعه . وقد كُتبت العديدُ من المقالات بل الكتب -في الواقع عنه-. ولا اظنني ساضيف الكثير إلى ما هو معروف عنه وليس غرضي هنا تمجيده ، فهو ليس في حاجه لذلك مني وأنا حين اكتب هذا المقال افعل ذلك- في المقام الاول - لنفسي كاحتفالية ذاتيه وتهنئة ذاتيه لشخصي باعتباري عدنيا جنوبيا عربيا فخورا بهذه الشخصيه الواسعه الإنجاز واجزم انه اثر في حياتي مباشرة بطريقة إيجابية من خلال ما دعى اليه وحققه ." يوصف الاستاذ محمد علي لقمان –العدني الجنوبي العربي- بانه كان قائدا للتنوير في عدن بل في الجزيرة العربية كلها وقد انتبه الى مسئوليته على التعليم على مستوى الجزيره العربيه وبين الرجال والنساء ولذا سمى جريدته التي اصدرها في 1940 "فتاه الجزيره" ولم يسمها "فتاة عدن" او "فتى الجزيره" مثلا وفي اول اصدار للجريده نوه في افتتاحيتها عن امله ان تكون تلك الجريده ( وهي الاولى على مستوى الجزيرة العربية على ما اظن) على تطلعاته ان تكون نبراسا ومنارا للعلم والفكر لكل شباب الجزيره العربيه. دعوني ابيَن في هذا المقال ( الثاني من سلسله مقالات اكتبها عن السيد محمد علي لقمان) لماذا توصفيه "بالتنويري" هو في الحقيقة توصيف دقيق وصحيح له ولكن لابد قبل ذلك ان اعٌرف ماذا افهم – انا شخصيا- من كلمه "التنوير" والى أي مدى ودرجه يمكن أسقاط هذا الوصف على استاذنا لقمان بالنظر الى تعريف المفهوم والى الموسومين بهذا الوصف من غيره من العرب. دعني ابداء بتوضيح وتصويب لفهم شائع –اراه خاطئا- حول مكنونه التنوير الذي يشوبه عند البعض من العرب والمسلمين من س-خطئا- مسحه من شك وارتياب. فكثيرون يساوون "التنوير" ب "التغريب" والعلمانية" و"محاربه الدين" وذلك قول لا يستقيم مع حال ما فعله وقام به الاستاذ لقمان واستحق- كما سابين لاحقا- توصيفه برائد التنوير ايجابيا الخلط في هذه المفاهيم والريبه في دلاله كلمه "التنوير" يأتي لسببين على الاقل اولهما يتعلق بمعنى هذه الكلمة وبداياتها في التاريخ والفلسفة الغربية وتحديدا في فرنساوبريطانيا بل انها اسست للثوره الفرنسيه – وحتى قيل –ان الدستور الامريكي -في روحه- مقتبس من هذه الفلسفه وهذه الفلسفه – او كما تسمى ايضا –العصر التنويري كانت في اوجها مع نهايات القرن السابع عشر وبدايات الثامن عشر واساسها هو تغليب العلم والفكر على التقليد والتبعيه وعدم خلط الدين والسياسه ولذا وجه الفلاسفه التنويرون وقتها ( وكان هذا اكثر وضوحا في فرنسا منه في بريطانيا ) انتقادا شديدا للكنيسه الكاثيولكيه التي اعتبروها عائقا للتقدم والتطور الحضاري ومن اشهر الفلاسفه الذين نظروا عنها جون لوك الانجليزي وفولتير الفرنسي. بمعنى اخر يربط كثير من الناس في العالم الاسلامي فكره التنوبر بالعلمانيه والالحاد هنا يجب ان اتوقف لانوه ان كثيرا من تنويري مصر هم في الاساس علماء دين او ازهريين ومنهم الطهطاوي ومحمد عبده وجمال الدين الافغاني والغريب الملفت حقا ان الفيلسوف العربي المسلم ابن رشد –وهو فقيه المالكيه- كان له تأثيرا واسعا على الفكر على أوروبا الغربية الى الحد الذي وصُف فيه بأنه "الأب المؤسس للفكر العلماني في أوروبا الغربية" ما اود ان اوصل عليه ان هناك سبل ممكنه للتنوير مع الحفظ على الدين وهذا هو المسلك الذي سلكه استاذنا محمد علي لقمان ولهو في ذلك مقولات واضحه ساسرد بعضها لاحقا. وثانيهما ان احد عناصر التفكير التنويري هو اعتقاد البعض ان التنويرين ينحون الى "تغريب" المجتمه وذلك خلطا للحقيقه فشتان بين الدعوه للتغريب وبين الحث على اقتباس اشياء ايجابيه مفيده من الغرب وفي ذلك كتب السيد محمد علي لقمان ما يلي : " وأنى لنا أن نصل إلى ما وصلت إليه الأمم ألعظيمة في الغرب ونحن نفقد كل عناصر ألرقى : ألهمة القعساء والنشاط ألبدني والعقلي والقدوة ألصالحة والاتحاد والثقة بألنفس , ومعرفة الشر واجتنابه"" . لاحظ ان كل هذه العناصر التي ذكرها الاستاذ لقمان والتي من شأنها- ان نحن طبقناها- ان توصلنا الى ما وصل اليه الغربيون عناصر ايجابيه كلها وليس فيها دعوى لان نقلد الغرب في مالا يستقيم مع ديننا او تقاليدنا بل العكس هو الصحبح وهو ان نصائحه تلك منسجمه مع الدين الاسلامي. بل –اكثر من ذلك- بالعكس من كونه تغريبيا كان السيد لقمان شديد الفخر بوطنه ومواطنيه ولغته العربيه وكان له دورا مركزيا مؤثرا في تعريب الوظائف وتعريب كثيرا من المناهج الدراسيه وااتترجمه من والى اللغه العربيه. للأستاذ محمد علي لقمان جوانب عده تعكس شخصيته التنوريه ومن ذلك فهمه الكامل لمجتمعه وتشخيصه الدقيق لمصادر ضعفه واقتراح الحلول لذلك وفي ذلك قال "كيف نرقى ونحن لا نفكر فيما يعود على بلادنا وعلى أنفسنا بألخير .. نقضى ألساعات ألطويلة فى مبارز القات من غير فائدة نجنيها أو علم ننتفع به , نصرف ألذهب ألأحمر فى ملاذ مضرة بدل إنفاقها على تعليم ألبنين وألبنات وعلى إصلاح ألمساكن وألعمارات. لأ رقى بلا علم, ولا علم بلا إنفاق , ولا أنفاق بلا إقتصاد ولا إقتصاد بلا عمل مثمر مجد" لاحظ انه –وفي 63 كلمه فقط – حط اصبعه على العلل في مجتمعه ولخصها في مضيعه الوقت والمال دون فائده ترجى او علم ينتفع به واقترح للنهوض المجتمعي حلولا عل راسها اهميه التعليم ( وقد بين ان ذلك يجب يكون للبنين والبنات) وبناء المساكن واكد ان الرقي في المجتمع لا يتأتى دون علم الذي بدوره يحتاج الى اموالا مصدرها في المحصلة الأخيرة هو اداء العمل المثمر. اذا استاذنا الجليل ركًز – وكان يركز على ذلك باستمرار – على ثلاث عناصر رائا اساسيه في بناء المجتمع – التعليم والعمل المجدي والابتعاد عن صرف المال في ما لايفيد -وهذا –لعمري- اساس العمران والحضارات على مر التاريخ وللفيلسوف العربي ابن خلدون اقوالا رائعه في ذلكز لو كان اكتفى السيد لقمان بنشر فلسفته في التنوير عبر التنظير فقط لكان ذلك امرا يُشكر عليه كثيرا ولكنه قام بخطوات عمليه رسخت التفكير التنويري في المجتمع العدني. ومن تلك الخطوات خطواته الفاعله التي اختارها بدقه وذكاء وفطنه للاسراع في التطور النهضوي في المجتمع ( وبالمناسبه كلها –في جوهرها- تثبت ارتباط دوره التنويري باعتزازه بعروبته واسلامه" وساتوسع في هذه الجزئيه في الجزء الثالث من المقال والذي سانشره بعد فتره قصيره ان شاء الله )الجزء الثالث) ادرك لقمان مبكرا ان مفتاح الولوج الى التنوير يكمن في تطوير التعليم وايقاظ المعارف وتوسيعها وقد استعمل عده اساليب في ذلك منها اهتمامه الكبير والعجيب فعلا في تطوير وانشاء النوادي الثقافيه الفكريه مثل النادي الأدبي العربي وكان ذلك في عام 1924 ونادي الإصلاح العربي ( 1930) و "مخيم أبي الطيب المتنبي" (1938) وقد بارك له المهاتما غاندي هذه الخطوه عندما اُخبر عنها واكد على فاعليتها على الطريق النهضوي. واستعمل السيد لقمان هذه الشبكه من النوادي في امور شتى عدى استعمالها الاساسي لشئون الثقافه والمحاضرات الدينيه والسياسيه ذات الطابع التنويري التحفيزي الا ان النوادي تلك- الى جانب ذلك- كانت نشطه في الاعمال الخيريه ومن ذلك انها جمعت التبرعات للاجئين الليبين في مصر و ساعدت في جهود الحجر الصحي أثناء تفشي الجدري في عدن في 1929 وثمه استعمال اخر لتلك النوادي التي اسسها او شارك في تاسيسها السيد لقمان وهي القيام بفتح مدرسه للتعليم الديني ليس فقط لابناء اعضائها بل لكل الاطفال المسلمين وعيُن الشيخ احمد العبادي مديرا لها واختيار هذا الشيخ – الذي كان شيخا واستاذا للشيخ البيحاني - ملفتا في حقيقه الامر لانه كان سلفي المنحى عمل بجد ضد التوجه الصوفي في عدن وكذلك ضد ما كان يراه خاطئا من التصرفات والممارسات باسم الدين وقتها مثل "الزار" وزيارات الاولياء وغير ذلك. واحد الوسائل الي استعملها محمد علي لقمان بفاعليه هي ابرازه اهميه ومركزيه الدين الاسلامي في التقدم والحضاره وفي هذا المنحى كتب الاستاذ محمد علي لقمان كلاما جميلا يدل على اهتمامه بعوده الدين الاسلامي الى نقائه "أما الجهل بين النساء فحدث عنه ولا حرج ، فإنهن يعتقدن بسفاسف الأمور من زار وحروز وتمائم ونذور وزيارات وأضرحة ؛ ولطالما شددن الرحال إلى البلدان المجاورة ليتداوين من العقم أو الهستيريا أو حتى من الداء السكري والتدرن الرئوي عند أضرحة الأولياء !! وقد يظن بعض المتسرعين أنني أحمل على هذه السخافات تطرفاً مني ولكن ليعلم كل من له ذرة من عقل أو إدراك أنني من المحبين لأولياء الله والأخيار الصالحين رغم ما في العالم اليوم من إلحاد ونظريات كفرية وشيوعية جارفة ، ولكني لا أحب قوماً يجعلون لله شركاء ." ومن اجل ايجاد وسيله و وعاء مستديم وسهل المنال من افراد المجتمع لنشر افكاره التنويريه قام الاستاذ لقمان بانشاء واتسيس جريده "فتاه الجزيره" باللغه العربيه و"ايدن كرونيكل" ( سجل وقائع عدن) باللغه الانجليزيه والحقيقه ان هاتين الجريدتين تعتبران حتى يومنا هذا من اهم اجود المراجع لمجتمع وتاريخ عدن من 1940 الى سنه الاستقلال في 1967ويُرجع اليهما حتى في البحوث ذا الصبغه الاكاديميه. وادرك السيد لقمان ايضا انه من اجل النجاح في توطين المدارك و المعرفه لا بد من تعريبها فقام بحركه ترجميه واسعه من والى اللغه العربيه كما كان فاعلا في تعريب كثير من المناهج في المدارس العدنيه. وكان له رأي بشان ارسال العدنيين الى الخارج للدراسه ( وقد ساعد في ذلك- هو شخصبا- عبر اصدقائه الكثر المؤثرين في مناطق عديده في العالم) مفاده انه بالرغم من فائده ذلك لا يمكن التعويل عليها وشدد –في المقابل-على ضروره انشاء مراكز للدراسات العليا في عدن عوضا عن ذلك. ونلاحظ ايضا ان حتى النوادي التي كان الاستاذ نشطا في تاسسيسها وحركيتها وسمها بالعروبه (مثل النادي الأدبي "العربي" ونادي "الإصلاح العربي") ولو كان تغريبيا في فكره ومنهجه لما اضفى اليها تلك الصفه ولكان سماها –مثلا- "النادي الأدبي الثقافي" و "نادي الإصلاح الحضاري" ولكان اختار مسمى"مخيم فولتير" (مثلا) عوضا عن "مخيم أبي الطيب المتنبي" كان السيد محمد لقمان يفهم ان الاتصال بالفكر المستنير من خارج عدن مهم لبرنامجه التنويري وبناء على ذلك كان يتواصل بشكل مستمر مع شبكه من الاصدقاء البارزين من مختلف انحاء العالم ومنهم غاندي من الهند و عبد العزيزالثعالبي من تونس و وشكيب أرسلان من لبنان وعبدالكريم الخطابي من المغرب والفيلسوف برتراند رسل من بريطانيا. لم يكن السيد لقمان تغريبيا ميالا للغرب من الناحيه السياسيه او الاجتماعيه بل كان يربط مستقبل التنوير بالاستقلال وحق تقرير المصير لعدن وكان تواقا للتحرير من الغرب على مستوى العالم العربي كله وكان قد سال المهاتما غاندي عن رايه في فرصه حصول العالم العربي على استقلاله فنصحه بالتحرك نحو هذا الهدف بحذر وتأني كون القوى الاستعماريه-حسب قوله- لا زالت قويه الا انه اضاف ان ليس في امكان هذا الوضع ان يستمر كثيرا. حتى في ابداعته الادبيه كان هاجسه التنويري حاضرا دائما فقد الف الاستاذ لقمان ما يعتبره النقاد الادبيون أول عمل جدي في شكل روايه خياليه من قبل مؤلف عدني وتلك هي روايه "سعيد" التي سرد فيها نضالات سعيد بن سلمان وعائلته في الحقبه الاستعماريه في عدن وفي مقدمته للروايه القى السيد لقمان باللائمه في التراجع الذي اصاب المجتمع – على الاقل جزئيا – على انه اضحى مجتمعا استهلاكي غير منتج. ومما ذكر فب مقدمه الروايه "كانت عدن في يسر في أوائل هذا القرن ، فقد كان أهلها العرب قابضين على زمام التجارة ، يملكون عشرات الآلاف من حيوانات النقل والأبقار والماعز والضأن ، يصرفون ما يكسبونه على راحتهم ورفاهيتهم ويدخرون أموالاً طائلة لأبنائهم . أما اليوم فقد تبدلت الحال وأصبح الناس في عدن في حالة هي أقرب إلى الفقر منها إلى الغنى لكثرة ما تستنفذه الكماليات من أموالهم التي تتسرب إلى الخارج ثمناً للسيارات والبنزين ، وكهرباء وثلج وسينما وملاهٍ وأثواب ؛ لا تعيش إلا أياماً معدودات ثم تصبح موضة قديمة ، ومشروبات روحية ومكيفات أخرى ." وبعد ان اعترف بالتقدم المحسوس الذي حصل في عدن اردف بالقول "....ولكن كل هذه الإصلاحات لاتزال ناقصة نقصا فاضحا لعدم اقترانها بتوفير وسائل الكسب وأسباب الرخاء ، فكانت النتيجة أن المسلمين من سكان عدن أصبحوا غالبا يتضورون جوعاً واستثمر خيرات البلاد الرأسماليون من الأجانب .".. وقد آن لعدن أن يكون لها مجلس تشريعي ومدرسة عالية وبنك قومي وشركات تجارية وطنية تنهض بالبلاد من كبوتها وتنافس الدخلاء الذين أرهقوا البلاد وابتلعوا مصالحها قلت في الجزء الاخير من المقال ان هناك سبل ممكنه للتنوير مع الحفظ على الدين وهذا هو المسلك الذي سلكه استاذنا محمد علي لقمان ولهو في ذلك مقولات واضحه. فعلى سبيل المثال ركز لقمان على مناقشه مع المهاتما غاندي تعكس فخره بدينه الاسلامي ونشرهاو يقول قلت (لغاندي): "إن تعاليمك خير مرشد لطلاب الحقوق" قال: "ان لكم في القرآن هداية ورشاداً" قلت: "وهل تحبون القرآن؟" قال: " نعم لأنه كلام الله". ولعل كثيرون لا يعرفون ان محمد علي لقمان – في سن المراهقه- درس الفقه وفروع اخرى من علوم الدين على يد علماء عدنيين بمن فيهم قاضي عدن قبل الحرب العالميه الاولى الشيخ السيد محمد الحازمي كما كان يمدح رشيد رضا ومحمد عبده والافغاني كونهم كانوا مدافعين عن مبادئ وتعاليم القرآن الأصوليه وقد اطلعت على مقال نشر في العام الماضي (2012 ) (كتبه سكوت ريس الاستاذ المشارك في التاريخ في جامعه اريزونا الشماليه في الولابات التمحده بعنوان "التحولات السلفية المتغيره :عدن وادوات الإصلاح الديني بين الحربين العالمتين في المحيط الهندي" وقد نُشر هذا المقال في "المجلة الدولية لدراسات الشرق الأوسط" المجله الاكاديمبه المعتبره الصادره من دار كيمبرج للطباعه وفيه نقراء عن مجهودات اصلاحيه كبيره قام بها السيد لقمان مع زميله العدني السيد احمد الاصنج في ( في المقال ابرز المؤلف مجهود الاثنين لقمان والاصنج ) تجاه تنقيه ممارسة الدين الاسلامي من الشوائب وفي ذلك قاما بحمله مشتركه مع الشيخ العبادي وغيره من الشيوخ السلفيين في هذا الاتجاه "السلفي" مع التنويه بانه بينما كان الشيوخ ينطلقون من اساس عقائدي فقهي كان الاستاذان لقمان والاصنج ينطلقان على اساس اصلاحي اجتماعي وفي منتصف عام 1931 قام السيد لقمان بالقاء خطب في مساجد الشيخ عثمان والتواهي التي كانت نموذج للخطاب الإصلاحي. وفي احد تلك الخطب انتقد السيد لقمان المجتمع لتغاضيه عن "السكر،والزنا، والفضائح" في وسطه وانتقد بشدة من "يسخرمنهم من دين النبي صلى الله عليه وسلم ويتجاهل القانون الديني" . كما حثهم فيها على"التخلي عن عادات الكسل واللامبالاة" وعلى إصلاح المجتمع من خلال "ممارسة التقوى الذي هو المرشد الرئيسي للمعروف والحماية من المنكر. أوكان يدين وبشكل قاطع الخرافات التي كان يرى انها كابحه لتقدم المجتمع وتطوره. في سنه 1939 ايضا ألقى الاستاذ لقمان سلسلة من المحاضرات لنادي الاصلاح عن "محاسن الإسلام". انهي بشهاده قالها الاديب/الشاعر الكبير علي احمد باكثير في محمد علي لقمان فيها تلخيص فطن لحياه واعمال السيد محمد علي لقمان مؤسس النهضه الشماء في عدن*****مُقيمها غير هياب ولا وان كأنه ملك مولاه ارسله لينفخ ***** الروح في ابناء قحطان مافي السريرة من غش ومن ذخل *** وعامر القلب من تقوى وإيمان وفي شعر القاه باكثير في نادي الاصلاح العربي قال: بني الاصلاح حييتم**بأنفاس التحيات وحسبكم بلقمان**زعيما طاهر الذات وحسبكم بلقمان**خطيبا في الجماعات يقيم النهضة الكبرى**بعزم قاهر عات وانهي للمره الثانيه بمرثاه ابنه علي محمد لقمان عن ابيه التي تلخص بشكل اكثر بلاغه واتم نصوريا ما اردت ان اقوله عن استاذي العدني الجنوبي الاستاذ محمد علي لقمان وتهتف بالدين الحنيف مجلجلا ***** وما فيه من فضل ومن حسنات وتابى حياه الدجل والقوم هجع ****ايعتز قوم في دوام سبات تعاف خضوع الناس في الظلم والخنا ** فتنصرهمُ من ذله وشتات ولولاك تاه القوم في الفلوات ** وتبني عقولا في الشعوب معلما