لن تكون مجرد مباراة أو بطولة وكأس قادم يتلاقى طرفاها الهلال والنصر فقط، ففي عمقها وتيرة من التحدي تقاوم هذا العمق وتجاهد للخروج منه نحو فضاء أوسع وأشمل وأنجح فالمهر تاريخ منتظر والداعم جماهير نصف الأرض السعودية والعلامة ستصمد طويلا بالسجلات. شاء القدر أن يأتي المدرب الخمسيني خوسيه دانييل كارينهو من بلاد الأورغواي ليحط رحاله بالعاصمة الرياض مدربا للنصر والسبب هو الهلال، فقد نفد الصبر على الكولومبي ماتورانا من قبل النصراويين حتى أتت هزيمة دورية من الهلال لتقتلع جذوره نهائياً. ومنذ عام ونصف والارغوياني كارينهو يقدم عملاً رائعاً ومتميزاً لكنه لم يظفر ببطولة حتى اليوم، بالرغم من أنه المدرب الوحيد الذي لم يخسر فريقه منذ حوالي العام، بعد أن خرج من دون خسائر في اخر تسع جولات من الدوري المنصر، مكملا طريقه هذا الموسم حتى الجولة الثامنة عشرة دون هزيمة، محققا خمسة عشر انتصاراً وتعادلين ويتربع بالقمة وحيدا بفارق ست نقاط عن مطارده الهلال. يأمل كارينهو الذي يكره سقوط لاعبيه على الأرض بدون داع ويصرخ بوجوههم كما يحب أن يحتضن لاعبيه طوال فترة المباراة كلما سنحت لهم الفرصة ويطل بملابس أنيقة تعطيه كاريزما مختلفة مع شعره الكثيف الأشقر، أن يحقق بطولة مع النصر وهو اليوم على مشارف ذلك بعد أن وصل فريقه الى نهائي مسابقة كأس ولي العهد الذي سيقام في الأول من فبراير أمام الهلال بالعاصمة الرياض، وتحديداً بإستاد الملك فهد الدولي حيث لم يذق النصراويون طعم أي بطولة منذ أكثر من ربع قرن من الزمان. في المقابل يطل طرف المباراة الآخر والمولود الجديد بعالم التدريب بالسعودية الذئب سامي الجابر، والذي حظي برهان رئيس ناديه ليكون المدير الفني منذ أول الموسم الحالي، حاملاً حلم تحقيق أول بطولة بحياته التدريبية، مواجهاً كارينهو للمرة الثانية، طامعاً بأن لا يتجرع مرارة الهزيمة كما حصل بالدور الأول من الدوري لأن المهر هنا مختلف فهو كأس غال حققه الهلاليون اثنتي عشرة مرة ويطمعون برقم قياسي لا ينتهي. طلة أوروبية الجابر الذي حضر بطلة أوروبية خالصة الشكل والملابس سرعان ما خلع عباءته الأوروبية ليكون أكثر ديناميكية بعد أن لسعه فريق النصر والرائد بخسارتين موجعتين بالدوري واجه خلالهما انتقادات كبيرة لكنه حافظ على اتزانه عابرا بفريقه نحو شاطئ الوصافة بثلاثة عشر فوزاً وثلاثة تعادلات وهزيمتين. لكنه قاوم أيضا ليصل بالفريق نحو نهائي أولى المسابقات السعودية (كأس ولي العهد) مواجهاً كارينهو ورفاقه للمرة الثانية لكن هذه المرة سيكون الثمن باهظاً والمهر كذلك غالياً. في الأول من فبراير ستمتلئ مدرجات درة الملاعب بأكثر من سبعين ألف متفرج وملايين عبر الشاشات، سيكون التاريخ حاضرا ليسجل ويدون فالأمور ستكون مرتبكة فالتلميذ سامي الجابر يخوض أول امتحان حقيقي له مع النهائيات وكارينهو يأمل أن يحتضنه الحظ ولو مرة ليجسد براعته ببطولة تحفظ له العمل الجبار الذي يقوم به. وبين هذا وذاك لن يرحم التاريخ الخاسر ففي التاريخ عبر وقصص ومآس لأن مباريات الهلال والنصر ليست مجرد مباريات عابرة بل ضحاياها دائما يتوزعون على أكبر الرؤوس وأصغرها فالجماهير والإعلام لا يهتمون، فكل الأمور مهضومة إلا الهزيمة من الهلال فهي محرمة والعكس صحيح فالهزيمة من النصر للهلاليين كارثة. البيان الاماراتية