ينشأ معظم أطفالنا على مبادئ الدين القويم، ومعتقدات الإسلام الصحيحة، ولكن ما نلبث إلا أن يتلاشى ذلك عند كثيرين في مرحلة المراهقة، وخصوصًا مع عولمة الإعلام، والانفتاح، ومواقع التواصل وشبكات الإنترنت. تندثر الهوية المسلمة غالبًا في مرحلة المراهقة إلا من رحم الله، ففي هذه المرحلة يكثر التقليد، وغالبًا ما يكون «تقليدًا أعمى»، والتقليد الأعمى هو اتباع سلوكيات معينة دون وعي أو إدراك بأنها تختلف عن عاداتنا وثقافاتنا وشريعتنا، وأيضًا هي اتباع الغير في اعتقادات أو أقوال أو أفعال أو عادات أو مظاهر أو قيم مع جهل ضررها ومصادماتها للفطرة النقية والعقل السليم، والسنّة المطهرة. وأبسط مثال لما أسلفنا هي الموضات العجيبة التي تكون من مدخلات الغرب في الملابس التي يتبعها كثير من شبابنا بلا وعي أو إدراك. جميل أن نتعرّف على عادات الشعوب وتقاليدهم ولغاتهم، ولكن هذا لا يعني أن ننسلخ من عاداتنا ومبادئنا الإسلامية التي نشأنا عليها. إن الله ميّز الإنسان بعقله، حيث يعقل ما يفعل، ولا يتبع كل ما كان جديدًا بلا بحثٍ أو تنقيب، مع الأسف أصبح بعض شبابنا المسلم، لا يتحلّى بأفعال المسلمين بتاتًا، فهو يتبع الغربيين بشتى أنواع الجهل والتفاهات، ويجعل نفسه إمعة، تصطنع عادات غربيّة غريبة فاسدة! صحيح أن لدى الغرب عادات إيجابية منيرة يمكن الاقتداء بها، لكن الاقتداء بهم على الوجه الأكمل من حيث: الملبس والتصرف وكل شيء، أمر مهيب يجب الابتعاد عنه. لنا في سيّر الصالحين أسوةٌ حسنة، فهذه فتاة تُدعى (أمة بنت خالد) عاشت في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكنها لم تره، فهي وُلدت في بلدٍ يختلف تمامًا عن موطن أهلها ونشأتهم وعاداتهم، فإن موطنها الحقيقي هو (الحجاز)، ولدت أمة في الحبشة، بلدٌ معظم سكانه نصارى، بيئة مختلفة من جميع النواحي، (لغة، دين، عادات، ثقافة، طقس، كل شيءٍ كان مختلفًا)، ولكن أسرتها داخل المنزل بَنَت هويتها الإسلامية من الصفر، فكان حُبها للرسول الأعظم جزءًا من هويتها ومشاعرها ونظرتها لنفسها كمسلمة عربية تعيش في بلد إفريقي نصراني، مع حبها للرسول -صلى الله عليه وسلم- إلا أنها تفاعلت مع المجتمع الذي عاشت فيه، تعلّمت لغته من دون أن تفقد هويتها أو تذوب في المجتمع، أو تقلد الناس تقليدًا أعمى بحجة أنه مجتمع الأغلبية! إذًا فلنجدد هويتنا الإسلامية التي فُطرنا عليها، فلا نكون باسم ديانة الإسلام، ولكن منسلخين من قيم المسلمين. أتساءل: هل أصبح كثير من شبابنا يتبع الغربيين بلا تعقل، أم أن الغربيّين احتلّوا هويتهم المسلمة؟! شهد عبدالعزيز الحازمي – ينبع صحيفة المدينة