في مرحلة البلوغ يُستدعى الجهاز العصبي للذكور والإناث للقيام بأعمال استثنائية غير تلك الأعمال المعتادة التي يقوم بها منذ مرحلة التكوين حتى البلوغ. فما إن يسمع هذا الجهاز الذي لايشبهه ولايضاهيه جهاز آخر في الكون كله، ما إن يسمع النداء من لدن الصانع الحكيم الذي أوجده على ذلك النحو المميز حتى يبادر إلى إعطاء التوجيهات اللازمة والضرورية للغدد الصماء المتواجدة في أماكن مختلفة أن تصب ماتصنعه من هرمونات في الدم لكي تتوجه هذه الهرمونات إلى أعضاء معينة في الجسم،فتحدث فيها تغيرات فسيولوجية أساسية فإذا بالفتى وقد تغير صوته فأصبح خشناً، وإذا بعضلاته وقد اكتسبت متانة وصلابة وهو كل يوم يشاهد تغيرات مختلفة في أماكن متعددة من جسمه وإذا بالفتاة وقد بدأ صدرها يمتلئ وبدأت الدهون تغطي سائر جسدها وإذا بشيء جديد غير مألوف يبدأ الظهور، لم يكن لها به سابق معرفة فتخبرها أمها أو أختها الكبيرة بأنها قد وصلت سن البلوغ ومن علاماته أن تحيض الفتاة. أثناء هذه الفترة تتعرض الفتاة لبعض الانفعالات والتقلبات في المزاج.. وهي أيضاً تفقد كمية من الدم لايلبث جسمها أن يعوضها خيراً منه، لكنها تكون بحاجة إلى من يفهمها ويتجاوز عن أخطائها ويتغاضى عن انفعالاتها وسرعة غضبها ويُقدر السيكولوجية العارضة التي تنتابها فلا تلبث غير فترة قصيرة حتى تزول. هناك حقيقة يجب أن نفهمها جميعاً وهي أن فهمنا القاصر للنصوص ليس حجة على النص الذي نقرؤه وإنما حجة على فهمنا القاصر.. فيأتي فهمنا للنص منسجماً مع قلة فهمنا لمقاصد الشرع ومع ثقافتنا الدينية الهزيلة ومادرجت عليه أخلاقنا وعاداتنا وتقاليدنا في تعاملنا مع المرأة، التي نجدها في البيت أماً أو أختاً أو بنتاً، أو كما نجدها زوجة نسكن إليها وتسكن إلينا، قد يكون وجودها في البيت بمثابة البلسم الذي يداوي الجروح ويشفي النفوس، وذلك عندما تكون نشأتها نشأة مستقيمة مبنية على الأخلاق الحميدة والسلوك القويم، وقد يكون وجودها في البيت بمثابة «الانفجار العظيم» والدمار الشامل، بسبب سوء تربيتها وبسبب نوع التجارب في الحياة التي مرت بها قبل الزواج، وربما يكون السبب في سوء أخلاق أبيها أو أمها أو هما معاً، وربما يكون السبب زوجها أو أمه أو أخواته أو هن جميعاً..عوامل كثيرة تؤثر في المرأة قبل زواجها وبعد الزواج تجعلها نعمة أو نقمة على نفسها وعلى زوجها ومن حولهما أما عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنهن ناقصات عقل ودين» فقد جاء في سياق الحديث عن أمور ليس لها علاقة في التمايز العقلي بين الرجال والنساء. إنه من أخطر المسائل أن يتحدث الإنسان عن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم معطياً لنفسه الحق أن يشرح النصوص ويأولها، فليس من حق عاقل أن يفعل ذلك إلا إذا كان من أهل الاختصاص، أما أن نقول إن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه مع أصحابه عن النساء، لم يكن يتحدث عن المفاضلة بين عقل الرجل وعقل المرأة، بل كان يتحدث عن فرائض كتبها الله على كليهما، فإن علينا أن نرجع هذا الأمر لذوي الاختصاص من أهل العلم والمعرفة، لكن ذلك لايمنعنا من القول إن المرأة تتعرض أثناء الحيض لتقلبات مزاجية ليست سهلة ولاهينة، كما أنها تتعرض أثناء الحمل والولادة والنفاس وفترة الرضاعة إلى تقلبات عاطفية شديدة تتفاوت في شدتها من امرأة إلى أخرى، ورحمة بها أسقطت عنها فريضة الصلاة في فترة الحيض والولادة والنفاس، دون أن يحملها الشرع على القضاء، كما أسقط عنها الصيام لتقضي مافاتها منه. ومن المحتمل جداً أن يكون لهذه الظروف النوعية علاقة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنهن ناقصات عقل ودين» والذي يؤكد فهم الحديث على هذا النحو هو أن الواقع يرينا نماذج من البشر رجالاً ونساءً يتفاوتون في عقولهم وذكائهم وفطنتهم، كما يتفاوتون في غبائهم وبلادتهم وطيشهم ونزقهم، فهناك من الرجال أو بالأصح «من الذكور» من يتفوق رعونة وطيشاً ونزقاً على أسوأ النساء.. وهناك من النساء من يتفوقن علماً وذكاءً وفطنة أو يتمتعن بحكمة وروية أقدر الرجال وأحكمهم. يقول مفكر ألماني «هوفمان» أعلن إسلامه وصار من كبار الدعاة للإسلام يقول: «ليس هناك من سبيل للدعوة إلى الإسلام أفضل من أن نحياه.. فكيف نحياه؟؟.. أن نظل نتبادل الاتهامات أيّنا أكثر فطنة وأيّنا أكثر بلادة؟ أو أينا أكثر ديناً وعقلاً وأينا أقل أليس في ذلك مضيعة للوقت وانصراف عن جادة التفكير السليم. لقد وصف الله سبحانه وتعالى نبيه الكريم بأحسن الصفات وأجملها وأرقها قال: «وإنك لعلى خلق عظيم» وقالت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها «كان خلقه القرآن» «وكان قرآناً يمشي على الأرض» فأين نحن من سلوك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكوراً وإناثاً؟ رجالاً ونساءً؟ شباباً وشيوخاً؟ فلماذا لانقتدي بسيرته وأخلاقه وجهاده، وصبره على المكاره وعلى أذية قومه وأعدائه؟ لماذا لانقتدي به في صدقه وأمانته وعفة نفسه وتسامحه ولماذا لانقتدي به في علو نفسه وشموخ همته وعزمه؟ تركنا كل الخصال الحميدة وتعلقنا بالترهات والتفاهات.. ألا ما أشد غباء أولئك «الذكور» الذين يقترنون بطفلة لم تبلغ الحلم زاعمين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك!!! فأين أنتم من رسول الله وأين بناتكم من السيدة عائشة رضي الله عنها؟!!