قالت صحيفة "ذا كريدل" الأمريكية إن تل أبيب وواشنطن شنتا حربًا استخباراتية سرية على اليمن لسد الفراغ الاستخباراتي الهائل بشأن القوات المسلحة اليمنية.. لكن مجتمعًا غارقًا في المقاومة، مقرونًا بعقيدة الصمت التي تتبناها صنعاء، أثبت أنه من الصعب اختراقه أكثر مما كان متوقعًا. وأكدت أنه بعد انخراط صنعاء في معركة طوفان الأقصى، تصاعدت محاولات التجنيد والاختراق الإلكتروني في اليمن من قبل أجهزة استخبارات إسرائيلية وأميركية لتعويض الفجوة المعلوماتية.. شملت هذه المحاولات رسائل من أرقام أجنبية، عروض عمل وهمية، واستهداف صحفيين وناشطين عبر وسائل التواصل، إضافة إلى تجنيد عملاء تحت غطاء منظمات دولية وشركات توصيل. وذكرت أن هذه الحرب لا تتضمن طائرات مُسيّرة أو صواريخ باليستية..إنها غزو صامت ومستمر ورقميّ يهدف إلى زعزعة التماسك الداخلي لحكومة صنعاء من خلال التجسس والتلاعب النفسي وأساليب الاختراق الناعمة.. ومع ذلك، تصاعدت الجهود الاستخباراتية السرية بسرعة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عندما انضمت اليمن إلى المعركة في دعم عسكري مباشر لغزة، مما دفع تل أبيب وواشنطن إلى التركيز على صنعاء كهدف استخباراتي أولوي. وأفادت أن الضربات اليمنية لم تتوقف عند حدود البحر الأحمر، بل تجاوزت ذلك نحو العمق الإسرائيلي، مستهدفة مصالح استراتيجية كبرى في فلسطينالمحتلة مثل مطار بن غوريون.. هذا التصعيد النوعي، أربك المؤسستين العسكرية والأمنية في تل أبيب، وكشف فجوة استخباراتية في الجبهة اليمنية، التي لطالما اعتُبرت بعيدة وغير مؤثرة في حسابات الكيان. وأوردت أنه حتى 18 نوفمبر 2023، تاريخ انخراط اليمن رسميًا في معركة الإسناد لغزة، لم تكن اليمن حاضرة على خريطة الأولويات لدى "الموساد" أو شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان".. لكن ما تبعه من هجمات متكررة وموجعة، فرض واقعًا جديدًا.. بدأ الحديث داخل دوائر صنع القرار الإسرائيلي عن ضرورة الانفتاح الاستخباري على اليمن، في محاولة لتقليص هامش المفاجأة..برزت هذه الدعوات علنًا، كما في تصريح وزير الحرب السابق أفيغدور ليبرمان، الذي دعا إلى فتح مسارات اختراق وتجنيد داخل اليمن، وتحديدًا عبر دعم قوى محلية بالمال والسلاح لإشغال القوات المسلحة اليمنية. بالاضافة إلى ذلك، اعترف مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق يعقوب عميدرور بفشل أجهزة الاستخبارات في تقييم المشهد اليمني، مؤكدًا أن غياب فهم حقيقي لعقلية القوات المسلحة اليمنية ساهم في عنصر المفاجأة.. هذا التحرك المتأخر جعل الكيان عرضة لمفاجآت ميدانية أربكت ميزان الردع، وأجبرته على توسيع نشاطه الاستخباري باتجاه ساحة تم تجاهلها لعقود. الصحيفة كشفت أن في ظل العجز المعلوماتي الإسرائيلي عن الواقع اليمني، بدأت تل أبيب تعوّض هذا النقص بمحاولات اختراق وتجسس معقدة.. إذ كانت بداية المحاولات بالبحث عن يمنيين من أتباع الديانة اليهودية يجيدون اللهجة الصنعانية، أو يتكلمون اللغة المحلية، لتجنيدهم كعملاء وتوكيلهم بتجميع معلومات من الداخل اليمني..وإلى جانب هذه الطرق، تبرز الإعلانات كإحدى أبرز الوسائل: إعلانات بكميات هائلة، تظهر خلال تصفحك لمواقع التواصل الاجتماعي، أغلبها يعد بجوائز مالية كبيرة تصل إلى مليون دولار مقابل التبليغ عن أي معلومات تفيد في الوصول إلى قياديين من "حكومة صنعاء"، أو أي معلومة تخص ملف "الإسناد البحري". وأوردت أن بعض الجواسيس الذين تم القبض عليهم تبيّن أنهم تلقّوا تدريبات استخباراتية متقدمة في دول أوروبية، وعادوا إلى اليمن تحت غطاء منظمات دولية ومؤسسات إعلامية وتنموية، مما منحهم هامش حركة يصعب رصده في الظروف العادية.. وتشمل مهامهم رصد مواقع عسكرية حساسة، وجمع معلومات استخباراتية مفصلة عن القوات البحرية، إلى جانب البيانات التقنية والفنية المتعلقة بالصواريخ والطائرات المسيرة. كما شملت مهامهم الأساسية تنفيذ عمليات اغتيال وتخريب، وإرسال إحداثيات دقيقة لتسهيل الغارات الجوية.. ولتأمين عمليات التواصل، استخدموا أجهزة إرسال مشفرة، وبرامج تجسس متطورة، بالإضافة إلى نظم اتصال عبر الأقمار الصناعية يصعب تعقبها بالطرق التقليدية..ومن أبرز الأساليب المستخدمة: رسائل من أرقام أجنبية، بعضها يظهر عليها "إسرائيل" أو دول أوروبية..حسابات وهمية تنتحل صفات أكاديمية أو مهنية..عروض عمل مغرية في مؤسسات إعلامية أو منظمات دولية..الاستشهاد بأسماء معروفة لبناء الثقة..طلبات للحصول على معلومات دقيقة حول مناطق أو شخصيات أو شبكات علاقات.